Skip links
كيس دم في قسم الطوارئ بجانب مريض ممدد على السرير

إنعاش مريض الصدمة النزفية

الرئيسية » المقالات » الطب » الطوارئ » إنعاش مريض الصدمة النزفية

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عند وصول مريض الصدمة النزفية إلى المشفى لا بدَّ من تطبيق قاعدة ABC (Circulation Breathing Airway) بدعم الطريق التنفسي، وإعطاء أوكسجين 100 بالمئة، وتجهيز التنبيب الرغامي في حال احتاج الأمر، وفتح خطين وريديين كبيرين محيطيين بقثطرة لا يقلُّ قطرها عن (G18) لتأمين التسريب السريع، وإعطاء السوائل الشاردية والغروية ريثما يتمُّ تأمين الدم.

عند التقبُّض الوعائي الشديد، وعدم المقدرة على فتح خطٍّ وريدي محيطي يتمُّ فتح خطٍّ وريدي مركزي بسرعة كقثطرة في الوريد الوداجي الباطن أو وريد تحت الترقوة، وعند فتح الخط الوريدي لابُدَّ من أخذ عينة دم لإجراء الزمرة والتصالب. نبدأ دائماً بالسوائل الملحية لأن النتائج تحتاج لنصف ساعة حتى تظهر، ونتبعها بالغروانية ريثما تظهر نتائج التصالب، وعندما يتجاوز فقد الدم 40 بالمئة من حجم الدم نبدأ نقل دم زمرة O- مع محاولة إيقاف النزف.

وفي حال احتجنا لاستقصاءات كصورة الصدر والإيكو، فلا ننقل المريض لمكان وجود الجهاز، بل نجلب الجهاز إليه، ونبدأ دائماً بالسوائل الملحية قبل الغروانية لأنها أسرع في الإعطاء.

ملاحظات عملية مهمة

1- لزيادة سرعة الجريان لدى المريض، يمكننا الضغط على كيس التسريب أو رفع الكيس للأعلى، أو استخدام قثطرة بقطر أكبر، أو إزالة العوائق في وجه التسريب.

2- نجد سبب تسريب السوائل الشاردية أسرع من تسريب السوائل الغروية التي بدورها تكون أسرع من تسريب الدم، والعامل المُحَدِّد لذلك هو لزوجة كل منها، فالدم هو الأعلى لزوجةً ثمَّ السوائل الغروانية ثمَّ السوائل الملحية.

3- نُفضّل استخدام قثطرة محيطية على استخدام قثطرة مركزية بنفس القطر، فالقثطرة المُستعمَلة للأوردة المركزية تكون أطول من المحيطية، وبالتالي سرعة الجريان فيها أبطأ، فلو أردنا إعطاء الدم نُفضل القثطرة المحيطية.

خطّة إنعاش مريض الصدمة النزفية

إنّ الهدف العام من الإنعاش أثناء الصدمة النزفية هو الإبقاء على أكسجة جيدة للأعضاء، ولا سيما الأعضاء النبيلة (القلب، الدماغ، الكلية)، وللحفاظ على الاستقلاب الهوائي، ومنع الحماض.

تقدير الحجم اللازم للإنعاش

1- تقييم حجم الدم الطبيعي عند المريض BV” (volume blood Normal)” :هو 70 مل دم لكل 1 كغ من وزن الجسم.

2- تقييم نسبة حجم الدم المفقودة: BV of Loss ذلك من خلال العلامات الحيوية لديه.

3- تقييم الحجم الناقص: Deficit VD = BV x %loss of BV.

4- إعطاء الحجم اللازم للإنعاش: Volume Resuscitation.

5- الدم الكامل: VD = RV blood Whole أي نعوض بنفس الحجم.

6- السوائل الغروية: Colloid RV = (1 or 1.5) X VD.

7- السوائل الشاردية: VD x 3 = RV Crystalloid أي ثلاثة أضعاف الحجم الناقص.

من خلال العلامات الحيوية لمريض وزنه 21 كغ، نبضه 130 خيطي، معدل تنفسه 35/د، مُتغيِّم الوعي. نتوجه أنه في الدرجة 3 من صدمة نقص الحجم ذلك يعني أنه فقد تقريباً 30 بالمئة من دمه، بالتالي تقديرياً خسر ما يُقارب 2000 إلى 3000 ملم، وهو ما يجب تعويضه أي يحتاج من 3 إلى 4 وحدات دم، أو ثلاثة أضعاف الحجم من السوائل الشاردية، أو نفس الحجم من سائل غرواني.

يتمُّ التعويض إجمالاً بخليط من السوائل الشاردية، والدم، والسوائل الغروانية، ولكن في البدء يتمُّ بالسوائل الشاردية، ونتبعها بالسوائل الغروانية ثمَّ الدم إن احتاج الأمر، لذلك فتلك القيم جميعها تقريبية، وما يهمنا حقيقة هو تحسّن العلامات الحيوية للمريض.

ما هي السوائل المُستخدَمة في إنعاش مريض الصدمة النزفية؟

1- السوائل الشاردية

تعمل على ملء السائل الخلالي بشكل أساسي، ولتحسين النتاج القلبي يجب إعطاءها بحجوم كبير أي (ثلاثة أضعاف الحجم المفقود).

2- السوائل الغروية

أفضل من الكريات الحمر أو السوائل الشاردية، لأنها تُحسّن الجريان الدموي، وتبقى داخل الأوعية لفترة أطول (جيلاتين، دكستران، نشاء)، ونعطيها بنسبة 1 أو 1.5 مل لكل 1 مل من الحجم المفقود حسب نوع السائل الغروي. مع الانتباه أن الدكستران يمكن أن يُسبب حساسيةً وخللاً في تصالب الزمرة، فعند إعطائه يسبب نوعاً من التراصّ، فلا يُمكننا تحديد زمرة عينة الدم المأخوذة بعد إعطاء الدكستران.

3- الكريات الحمر المركزة

لا تزيد الجريان الدموي (وقد تنقصه)، ولا تستخدم لتعويض الحجم. تستخدم أكثر ما يكون عند مرضى القصور الكلوي أو القلبي كي لا نزيد بشكل كبير من الحجم داخل الأوعية.

4- نقل الدم الكامل (البلاسما + الكريات الحمر)

يُعطَى للمريض الذي فقد أكثر من 25 بالمئة من حجم الدم حتى لو كان خضابه ضمن الطبيعي.

في الدول المتقدمة لم يعُد هناك نقل دم كامل، بل يتمُّ فصل الدم إلى وحدات كريات حمر (ويتمُّ حلها بسيروم ملحي)، ووحدة بلازما ووحدة صفيحات، ويتمُّ النقل منها حسب الاستطباب.

كيف تُعطى السوائل لمريض الصدمة بنقص الحجم؟

رغم أن السوائل الغروانية أفضل في تعبئة الحجم الوعائي إلا أنّ كل الدراسات تقول بأن نبدأ التعويض بالسوائل الملحية لأنّها أقل لزوجةً من بقية السوائل، وهذا ما يجعل جريانها أسرع. نبدأ بإعطاء 2 لتر ملحي أولاً ثمَّ نتبعها حسب الحاجة بالغرواني. التعويض بالسائل الغرواني يكون بمقدار 6مل/كغ/دقيقة، وإذا لم نحصل على الهدف المطلوب من الإنعاش (أكسجة جيدة، نتاج قلبي جيد، ضغط ونبض جيدان، حجم بول جيد)، يُضاف الدم (كريات حمر) حتى نحصل على تروية جيدة وأكسجة جيدة.

أمثلة علمية

1- مريض نازف 1500 مل، ولدينا في الإسعاف 500 مل غروي خطة التعويض تكون بتعويض 2 لتر ملحي (لتعويض اللتر النازف) ثمَّ نتبعها بـ 500 مل غروي.

2- مريض نازف 1500 مل، ولدينا لتر غروي نبدأ بتعويض 1000-1500 ملحي ثمَّ نتبعها بـ 1000 غروي.

مراقبة عملية الإنعاش

إن تحسّن العلامات السريرية هو أهمُّ علامة تدلُّ على حُسن تدبير المريض، لذلك نراقب المريض باستمرار، ونرى ما إذا كان يتحسن أم لا من خلال مراقبة الأمور التالية:

1- تحسن الوعي

كأن يكون المريض مُتغِّيمَ الوعي ثم يستيقظ أو يكون مشوشاً ومتهيجاً بشدة ثمَّ يهدأ.

2- مراقبة الضغط الشرياني

من الأفضل مراقبة الضغط الشرياني عن طريق قثطرة شريانية كعبرية (طريقة باضعة). يجب أن نتذكر دوماً أنه في المراحل الأولى من الصدمة عندما يكون فقد الدم قليلاً لا يحدث هبوط في الضغط نتيجة عمل آليات المعاوضة.

3- مراقبة النبض

التأكد من امتلائه، وقوته، وسرعته، كأن يكون خيطياً ثمَّ يصبح ممتلئاً مجسوساً أو يكون متسرعاً بشدة ثمَّ يتباطأ حتى تعود سرعة النظم إلى الطبيعي.

4- الامتلاء القلبي

إنّ فقد أكثر من 30 بالمئة من حجم الدم يؤدي إلى هبوط الضغط الوريدي المركزيCVP، وهبوط (PAOP) الضغط الشرياني الرئوي . كان يتمُّ اللجوء إلى القثطرة الشريانية المركزية لتقييم نتاج القلب (Cardiac output)، والمشعر القلبي (Index Cardiac)، ولكن حديثاً أصبح قياسهما يتمُّ بطرق غير باضعة عن طريق إلكترودات يتمُّ وضعها على الصدر، وبالتالي يشير تحسُّن قيَم هذه المشعرات وارتفاعها إلى تحسُّن حالة المريض.

5- مراقبة ضغط CO2 في نهاية الزفير

هو مشعرٌ جيدٌ للتهوية، ولنتاج القلب، وللتروية الرئوية أيضاً، حيث ينخفض ضغط ثاني أوكسيد الكربون في نهاية الزفير ETCO2 نتيجة انخفاض النتاج القلبي، ويتحسن بإعطاء السوائل والإنعاش.

6- الحرارة

يتعرّض المريض النازف لهبوطٍ نسبيّ بدرجة الحرارة، ويزيد من ذلك نقل السوائل إليه في الإسعاف، وبالنظر إلى الاختلاطات الناجمة عن انخفاض حرارة المريض في هذه الحالة يلزم أن نقوم بتدفئة الدم والسوائل قبل إعطائها، ومن أهم تلك الاختلاطات هي الدخول بالحلقة المعيبة (انخفاض حرارة، حماض، نقص عوامل تخثر).

7- النتاج البولي

يتحسن النتاج البولي بإعطاء السوائل حتى يعود لمقداره الطبيعي.

8- الهيماتوكريت

إن العيّنة التي تمَّ أخذها عند وصول المريض النازف إلى الإٍسعاف، وقبل إعاضة السوائل لا تدلُّ على مقدار النزف الحاد فَقْد كريات حمراء وبلاسما بنفس الوقت، فتبقى النسبة بين الهيماتوكريت والخضاب طبيعية عند إعطاء السوائل، وإنعاش المريض ينخفض الهيماتوكريت بسبب التمديد،لذلك فإن هدفنا من إجراء تحاليل هيماتوكريت وخضاب مع الزمرة والتصالب ليس لتقييم مقدار النزف، وإنما لتكون قيمةً للمقارنة عندما نعيد إجراءها بعد تسريب السوائل، ونقارن القيمة الجديدة بالقيمة الأولى، فنعرف قيمة الهيماتوكريت الثابتة للمريض.

9- نقل الدم الذاتي

تؤدي وضعية تراندلنبرغ إلى ارتفاع الضغط الشرياني، والضغط الإسفيني، والمقاومة الوعائية المحيطية دون أن تؤثر على النتاج القلبي، وبالتالي فهي لا تحسن العود الوريدي للقلب (وتفسير ذلك هو توسع الأوردة، واحتوائها على الدم بدون تبدل الضغط الوريدي)، ويمكن أن تزيد النزف في حال جروح الصدر النافذة والنازفة، ويتمُّ استخدامها حالياً لنقل المريض للمشفى لتخفيف النزف داخل البطن أو داخل الحوض.

هل نعطي مُقبِّضات وعائية لمريض صدمة نقص الحجم؟

لا يجب إعطاء المُقبِّضات الوعائية والمريض يعاني من وهط دوراني لأنها لن تنفع حيث إن الوهط حدث بعد انكسار المعاوضة الودية، وأصبح المريض بحاجة ماسّة لتعويض النقص الذي حصل في الحيز الوعائي، إن إعطاء المُقبِّضات الوعائية في هذه الحالة قبل إعاضة الحجم سيسبّب تقبضاً زائداً في الأوعية الحشوية (المعوية، الكلوية، القلبية)، وبالتالي زيادة في نقص التروية فيها، فضلاً عن أن المُقبِّضات الوعائية وإن رفعت الضغط، فإنها سترفعه لعدة دقائق ثمَّ يعود لينخفض فوراً نتيجة النقص الوعائي.

استطبابات إعطاء المُقبِّضات الوعائية في صدمة نقص الحجم محدودةٌ جداً حيث تستطبّ عند انخفاض ضغط المريض رغم تعويضه بالسوائل والدم بشكل مناسب نتيجة حالة الحماض التي حصلت، في هذه الحالة يُستطَبُّ إعطاء المُقبٍّضات لمساعدة القلب والأوعية على رفع الضغط (الحماض يُضعِف قلوصية القلب والعضلات).

This website uses cookies to improve your web experience.