Skip links
فتاة ممددة في السرير تظهر ملامح الخوف على وجهها ويقوم شخص يجلس بجانبها بوضع يده على رأسها ويمسك بيده الأخرى يدّ الفتاة

تشخيص وعلاج التسمُّم بالباراسيتامول عند الأطفال

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » تشخيص وعلاج التسمُّم بالباراسيتامول عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُستخدم الباراسيتامول (Paracetamol) على نطاقٍ واسع، ويتوفر بسهولةٍ دون وصفةٍ طبية، كما يدخل في العديد من المستحضرات المختلفة، ويمكن أن يتسبّب بحدوث تسمُّمٍ عند أخذ جرعةٍ زائدةٍ سواءً بشكلٍ عرضي أو مُتعمّد، وقد يؤدي إلى حدوث القصور الكبدي والموت.

وتوجد مجموعات خطرٍ معينة معرّضةٍ بشكلٍ أكبر لخطر التسمُّم الكبدي، مثل: الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، أو اضطرابات الأكل، أو التليُّف الكيسي، أو الالتهابات الفيروسية الحادة، ويُعتبر دواء N أسيتيل السيستئين الترياق الفعّال للتسمُّم بالباراسيتامول، ففي حال بدأ العلاج به خلال ثماني ساعات من أخذ الجرعة الزائدة، فسيمنع تقريباً معظم الإصابات الكبدية الخطيرة. [1]

كيف يتمُّ تشخيص التسمُّم بالباراسيتامول عند الأطفال؟

يتمُّ التقييم عن طريق الحصول على قصةٍ مرضيةٍ مُفصّلة، والفحص البدني، والتحاليل المخبرية: [2] [3]

1- القصة المرضية

– يجب معرفة في أي وقتٍ تمّ أخذ الجرعة الزائدة، وتحديد كميتها، ومن المهمّ معرفة ما إذا كان تناولها قد تمّ دفعةً واحدةً أم بشكل جرعاتٍ متكررةٍ مزمنة.

– كما يجب معرفة إذا كان الدواء على شكل أقراص، أو كبسولات، أو شراب، أو معلق، أو نقط فموية، أو مستحضرٍ مديد المفعول (يمكن أن يُسبّب تأخيراً في ذروة تركيز الباراسيتامول في المصل).

– ومن المهمّ البحث عن وجود علاماتٍ تدلُّ على خطر الانتحار، مثل: رسالة، أو ملاحظة مكتوبة، وهذا ضروريٌّ بشكلٍ خاصٍّ عند المراهقين.

– ومن الضروري أيضاً السؤال عن أخذ أي مواد أخرى، مثل: أدوية مضادات الكولين (Anticholinergic)، أو المواد الأفيونية (Opioids) التي يمكن أن تُسبّب تأخير امتصاص الباراسيتامول.

– كما يتمُّ البحث عن وجود عوامل الخطر بما في ذلك سوء التغذية، وأمراض الكبد، لأن هذه العوامل تؤدي إلى انخفاض مخازن الجلوتاثيون (Glutathione)، وبالتالي تزيد من خطورة التسمُّم بالباراسيتامول.

– كما يجب السؤال عن أخذ الأدوية التي يمكن أن تُحفّز إنزيم CYP2E1، وبالتالي تزيد من خطر التسمُّم الكبدي، ومن هذه الأدوية: أيزونيازيد (Isoniazid)، والفينوباربيتال (Phenobarbital).

2- الفحص البدني

يتمُّ إجراء فحصٍ كاملٍ للطفل، وقد لا يوجد أي شيء في المراحل الباكرة، وبمجرد حدوث أذيةٍ للكبد، فقد يحدث يرقان وألم في الربع العلوي الأيمن من البطن، بالإضافة إلى باقي الأعراض السريرية، ومع تقدم الحالة المرضية تظهر علامات إصابة الدماغ (اعتلال الدماغ الكبدي)، ولسوء الحظ غالباً ما يكون الوقت قد فات لفعل أي شيء في هذه المرحلة بخلاف عملية زرع الكبد.

3- التحاليل المخبرية

قياس مستويات الباراسيتامول

وذلك وفق ما يلي:

– في حال تناول الجرعة الزائدة من الباراسيتامول دفعةً واحدة، فيجب فحص مستوى الباراسيتامول بعد أربع ساعات من وقت أخذ الجرعة الزائدة، وإذا كان الوقت غير معروف أو مضى أكثر من أربع ساعات يتمُّ أخذ العينة على الفور.

– في حال تناول الباراسيتامول على مدار عدة ساعاتٍ أو أيام، ويُطلق على ذلك اسم (جرعة زائدة متداخلة)، فيتمُّ قياس مستوى الباراسيتامول على الفور والبدء بالعلاج، والمستوى في هذه الحالة يدلُّ فقط أنه قد تمّ تناول الباراسيتامول.

اختبارات وظائف الكبد

هي مجموعةٌ من اختبارات الدم التي تكشف كيفية عمل الكبد، وفي المراحل الأولى من التسمُّم بالباراسيتامول قد تكون طبيعية، وعندما يحدث اضطرابٌ في نسبتها، فهذا يدلُّ على أن خلايا الكبد قد بدأت بالنخر والتخرُّب، وأن قصور الكبد أصبح محتملاً، وتشمل الاختبارات الأولية التي تكشف عن قصور الكبد الحاد ما يلي:

– تطاول زمن البروثرومبين.

– ارتفاع INR ( النسبة الدولية المعيارية)، لتصبح أكبر من 1.5.

– ارتفاع مستويات البيليروبين، ونقص الصفيحات.

– وجود مستوياتٍ مرتفعةٍ من الأمونيا واللاكتات، وتكون مستويات إنزيمات الكبد بالآلاف.

اختبارات وظائف الكلى

وهي عبارةٌ عن تحاليل دموية لتحديد سلامة وظيفة الكلية، ومن علامات أذية الكلية أو وجود القصور الكلوي ما يلي:

– ارتفاع البولة والكرياتينين.

– اضطراب شوارد الدم.

– اضطراب التوازن الحمضي القلوي.

مستويات السكر في الدم

يمكن أن يحدث نقصٌ في سكر الدم عند حدوث قصور الكبد، ويجب إجراء اختبار الوخز بالإصبع لقياس مستوى السكر كل ساعة.

غازات الدم الشرياني

يتمُّ أخذ عينةٍ من الدم الشرياني (عادةً من المعصم، حيث يتمُّ جسُّ النبض)، ومن ثم يتمُّ الكشف عن مستويات الحمض في الدم، وفي حالة تناول جرعةٍ زائدةٍ من الباراسيتامول، فيمكن أن ترتفع مستويات الحمض مبكراً في عددٍ من الحالات، ومن المحتمل أن تكون شدة الإصابة أكبر عند هؤلاء الأطفال، وسيصاب بعضهم بقصور الكبد.

كيف يتمُّ علاج التسمُّم بالباراسيتامول عند الأطفال؟

1- الإنعاش القلبي الرئوي

إن المخاطر الفورية التي قد تصيب المجرى الهوائي والتنفس والدورة الدموية تُعتبر نادرةً في حالات التسمُّم المعزولة بالباراسيتامول، وتكون الأولوية للإنعاش على إزالة المادة السامة أو تقديم الترياق، فيجب تأمين مجرى الهواء، وإعطاء الأوكسجين، والقيام بالتهوية الآلية، وقد يتمُّ اللجوء إلى التنبيب الرغامي إذا لزم الأمر، ويتمُّ دعم الدورة الدموية حسب الحاجة.

2- الرعاية الداعمة

في حالاتٍ نادرةٍ من التسمُّم المعزول بالباراسيتامول، قد يحدث انخفاضٌ مبكرٌ في مستوى الوعي، بالإضافة إلى الحماض اللبني، وبالتالي يحتاج الطفل إلى رعايةٍ داعمةٍ جيدة تتضمن المراقبة اللصيقة، والإماهة، والحفاظ على درجة حرارة الجسم، وتصحيح نقص السكر في الدم.

3- إزالة المادة السامة

 وذلك من خلال ما يلي:

غسيل المعدة (Stomach Pumping)

يتمُّ إجراؤه في حال أخذ الجرعة الزائدة قبل أقل من 30 دقيقة من طلب العلاج، ويتمُّ ذلك باستخدام أنبوبٍ يتمُّ إدخاله عبر الفم أو الأنف، مروراً بالبلعوم، ومنه إلى المريء فالمعدة، ومن ثم يتمُّ ضخُّ كميةٍ من المحلول الملحي (حوالي 10 ميلي ليتر) ضمنه، وبعد حوالي دقيقةٍ إلى دقيقتين يتمُّ سحب السائل باستخدام حقنة، أو بشكلٍ ميكانيكي، أو تركه يخرج بتأثير الجاذبية، ويتمُّ تكرار العملية حتى يصبح السائل الذي يعود من المعدة نظيفاً.

الفحم الفعال (Activated charcoal)

يعمل عن طريق الارتباط بالمواد الكيميائية السامة في الجهاز الهضمي، ومن ثم يمكن لهذه المواد أن تمرّ عبر الأمعاء، وتخرج من الجسم دون أن يتمّ امتصاصها، ويُعطى بجرعة 1 غرام/ كيلو غرام فموياً، ولا يعدُّ علاجاً منقذاً للحياة، ولكنه قد يمنع أو يُقلّل من الحاجة إلى العلاج باستخدام N أسيتيل السيستئين في حال تمّ استخدامه بشكلٍ مناسب.

ويوصى بالفحم الفعّال بشكلٍ روتيني فقط للأطفال المتعاونين الذين تزيد أعمارهم عن ست سنوات، وذلك خلال ساعة أو ساعتين من الابتلاع الحاد للباراسيتامول، ويمكن إعطاؤه خلال ما يصل إلى أربع ساعات بعد تناول الجرعات الكبيرة جداً، أو في حال أخذ مستحضرات الباراسيتامول المديدة التأثير.

4- إعطاء أسيتيل السيستئين (N-acetylcysteine)

يُرمز له اختصاراً NAC، وهو شكلٌ من أشكال الحمض الأميني السيستئين (Cysteine)، وأحد مضادات الأكسدة القوية، وله دورٌ مضادٌّ للالتهابات، وهو عاملٌ حالٌّ للبلغم، مما يعني أنه يساعد على حلّ المخاط في الجهاز التنفسي، ويُعتبر العلاج المُفضّل والترياق النوعي للتسمُّم بالباراسيتامول. وهو يُقلّل من التأثيرات السامة الكبدية للجرعة الزائدة عن طريق تجديد مخازن الجلوتاثيون، وبالتالي تعزيز إنتاج المستقلبات غير السامة.

كما يرتبط بحدّ ذاته بالمستقلبات السامة، ويؤدي إلى التخلص من الجذور الحرة، ويُعتبر مفيداً للأطفال الذين يعانون من القصور الكبدي الناتج عن إعطاء عقار الباراسيتامول، لأنه يحسّن تدفُّق الدم والأوكسجين إلى الكبد والأعضاء الحيوية الأخرى، ويُقلّل من الوذمة الدماغية، ومنذ إدخال واعتماد الاستخدام الروتيني لـ NAC في علاج التسمُّم بالباراسيتامول، انخفض معدل الوفيات عند الأطفال الذين أخذوا جرعةً زائدةً من العقار من 3 إلى 0.7 بالمئة.

ومن الناحية المثالية، يجب أن يبدأ العلاج باستخدام NAC​​ خلال 8-10 ساعات من الابتلاع الحاد، ومع ذلك وجدت الدراسات إمكانية الحصول على التأثيرات المفيدة حتى لو تمّ بدء العلاج لمدة تصل إلى 24 ساعة بعد تناول الدواء، ويمكن إعطاؤه إما ​​عن طريق الفم أو عن طريق التسريب في الوريد، ويوجد جدلٌ حول الطريقة المفضلة للإعطاء، ولا توجد دراساتٌ تقارن بين طريقتي العلاج، وكلاهما يُعتبران فعالان، ويرتبط الإعطاء ​​عن طريق الوريد بعددٍ أقلّ من التأثيرات الضارة التي تظهر عند تناول المستحضر عن طريق الفم، مثل: الغثيان، والقيء، وآلام البطن، والإسهال، والطفح الجلدي، ولكنه يحمل خطراً أكبر للتفاعلات التأقانية، وتكون الجرعات وفق ما يلي:

فموياً

يتمُّ إعطاء NAC بجرعة التحميل 140 ميلي غرام/ كيلوغرام، تليها جرعة 70 ميلي غرام/ كيلو غرام، وتكرر 17 مرة بفاصل 4 ساعات (المدة الإجمالية للعلاج 72 ساعة)، ويُفضّل مزجه مع العصير لتعزيز الاستساغة، ويجب إعادة تناول أي جرعةٍ تمّ تقيؤها.

وريدياً

يوجد ثلاث مراحل للعلاج:

1- يتمُّ بدايةً إعطاء جرعة تحميلٍ أولية من NAC قدرها 150 ميلي غرام/كيلوغرام ممددةً في 200 ميلي من الغلوكوز بتركيز 5 بالمئة، وتسرب خلال 60 دقيقة.

2- ثم يتبع ذلك بإعطاء جرعةٍ أقل من NAC، ويتمُّ تسريبها ببطءٍ أكثر، حيث تُعطى بجرعة 50 ميلي غرام / كيلوغرام على مدار 4 ساعات ممدّدةً في 500 ميلي من الغلوكوز بتركيز 5 بالمئة (أي 12,5 ميلي غرام/ كيلوغرام/ ساعة).

3- ثم يُعطى بجرعة 100 ميلي غرام / كيلو غرام ممدّدةً إلى 1000 ميلي من الغلوكوز خلال 16 ساعة التالية (أي 6,25 ميلي غرام/ كيلوغرام/ ساعة)، وبالتالي فإن مرحلة العلاج الأولية تستغرق 21 ساعة.

ويجب أن يستمر العلاج ب NAC حتى تصبح مستويات الباراسيتامول غير قابلةٍ للاكتشاف في المصل، ويكون زمن البروثرومبين وINR قريباً من الطبيعي، ويتمُّ تدبير الاعتلال الدماغي، وتصبح إنزيمات الكبد طبيعيةً أو في اتجاه الانخفاض، ويكون AST (ناقلة أمين الأسبارتات) أقل من 1000 وحدة دولية / لتر، وعندها يمكن إيقاف العلاج، وفي البروتوكول الوريدي يجب إجراء اختبار مستويات الباراسيتامول ومستوى إنزيمات الكبد بعد 20 ساعة، بينما يتطلب البروتوكول الفموي التحقُّق من هذه القيم خلال 24 ساعة.

وإذا كان هناك مستوى باراسيتامول يمكن اكتشافه أو لا يزال AST مرتفعاً، فتتمُّ إعادة إعطاء NAC بمعدل 6.25 ميلي غرام / كيلوغرام في الساعة (للبروتوكول الوريدي) أو 70 ميلي غرام / كيلو غرام كل أربع ساعات (للبروتوكول الفموي)، ويمكن أن يستمر ذلك حتى يعود الطفل إلى الحالة العقلية الطبيعية، ويكون INR أقل من 2.

5- زراعة الكبد

في حال كانت إصابة الكبد شديدةً جداً، فيتم اللجوء إلى زراعة الكبد، وهو إجراءٌ جراحيٌّ يتمُّ فيه استبدال الكبد المصاب بالقصور بكبدٍ سليمٍ يأتي من جسم شخصٍ آخر، ويمكن الحصول على كبدٍ كاملٍ من متبرع تمَّ إعلان وفاته مؤخراً، أو يمكن الحصول على جزءٍ من الكبد من متبرّعٍ حي، ويمكن للكبد المنقسم أن ينمو مرةً أخرى إلى الحجم الكامل في كل من جسم الطفل وجسم المُتبرّع الحي. [3] [4] [5]

كيف يمكن منع التسمُّم بالباراسيتامول عند الأطفال؟

1- اتباع تعليمات مقدم الرعاية الصحية الخاص بالطفل فيما يتعلق بطريقة إعطاء الباراسيتامول، ومقدار الجرعة المناسبة بناءً على وزن الطفل وعمره، وعدد الساعات الفاصلة بين الجرعات.

2- عدم إعطاء الباراسيتامول لفتراتٍ طويلة، وعدم تقديم جرعاتٍ قريبة جداً من بعضها البعض، ووضع جدولٍ زمني يتمُّ فيه تسجيل التوقيت الذي تمَّ إعطاء الدواء، وكمية الجرعة المعطاة.

3- في حال كان الدواء من الشكل السائل، فيجب استخدام أداة القياس الموجودة في العبوة لإعطاء الجرعة الصحيحة، وتجنُّب استخدام الملاعق المنزلية لتحديد الجرعة، لأنها غير دقيقة ومختلفة القياس والأحجام.

4- إعطاء جرعة الدواء في منطقةٍ مضيئةٍ جيداً، وذلك لأن الغرف المظلمة تزيد من خطورة إعطاء جرعةٍ خاطئة.

5- تخزين الأدوية بعيداً عن متناول أيدي الأطفال، وفي عبواتها الأصلية، والتأكد دائماً من إغلاقها بإحكام، وعند تقديم دواء الباراسيتامول للطفل، فيجب عدم إخباره بأن هذا عصير أو حلوى، وإنما دواء.

6- عدم إعطاء أكثر من منتجٍ يحتوي على الباراسيتامول في نفس الوقت.

7- يجب عدم إعطاء الطفل تركيبة باراسيتامول خاصةً بالبالغين. [5] [6]

المراجع البحثية

1- Children’s Health Queensland. (2023, October 18). Paracetamol ingestion – Emergency management in children. Children’s Health Queensland. Retrieved December 21, 2023

2- Hazell, T. (2023, July 4). Paracetamol overdose. Patient.info. Retrieved December 21, 2023

3- Ershad, M. Naji, A. Vearrier, D. (2023, February 19).  N-Acetylcysteine. StatPearls. Retrieved December 21, 2023

4- Starship. (2022, May 2). Paracetamol Poisoning. Retrieved December 21, 2023

5- Cleveland Clinic. (2020, April 13 ). Acetaminophen Toxicity In Children and Adolescents. Retrieved December 21, 2023

6- Mayo Clinic. (2022, June 30). Acetaminophen and children: Why dose matters. Retrieved December 21, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.