تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يمرُّ الطفل خلال مراحل نموه بعدة مشاكل صحية، يمكن أن تقلق الأهل وتخيفهم، فيسعون جاهدين لمعرفة أبعاد هذه المشاكل التي تواجه صغيرهم، ليتمكنوا من حلها، والاطمئنان بأن طفلهم ينمو بسلامٍ وأمان، ولعل أحد هذه المشاكل هي (فواصل انحباس التنفس) التي تصيب الأطفال، وسنتعرف عليها من خلال المقال التالي.

ما هي فواصل انحباس التنفس؟

هي فتراتٌ قصيرةٌ من انقطاع التنفس أثناء النوم، وهي ليست أحد الاضطرابات النفسية كما يشاع، إنما تعدُّ واحدةً من اضطرابات النوم، وتعتبر شائعةً جداً عند الأطفال الصغار، وخاصةً الرضع، حيث تتنوع فترات انحباس التنفس من حالاتٍ طفيفة إلى شديدة، وقد تستمر لثواني أو دقائق قليلة، وتنقسم فواصل انحباس التنفس إلى نوعين رئيسيين:

1- انحباس التنفس المركزي (Central Sleep Apnea)

ويحدث عندما يتوقف الدماغ عن إرسال إشاراتٍ للعضلات المسؤولة عن التنفس بسبب مشاكل في الجهاز التنفسي، أو الجهاز العصبي المركزي، ومن الممكن أن يكون له تأثير على الأطفال الرضع الذين يعانون من هذه المشاكل، وفي الحالات الشديدة، قد يتوقف التنفس لفتراتٍ طويلة تصل إلى عدة ثوانٍ أو دقائق قبل استئنافه مرةً أخرى.

2- انحباس التنفس الانسدادي (Obstructive Sleep Apnea)

يحدث عندما يصعب مرور الهواء من خلال المسالك التنفسية بسبب انسدادها جزئياً أو كلياً، ويمكن أن يكون الانسداد نتيجة تضخم اللوزتين، كما قد ترافقه أعراض أخرى، مثل: الشخير الشديد، والاستيقاظ المتكرر خلال الليل.

ما هي أعراض فواصل انحباس التنفس عند الأطفال؟

فواصل انحباس التنفس عند الأطفال يمكن أن تكون مصحوبةً بعدة أعراض، ومن الأعراض الشائعة:

1- انقطاع التنفس أثناء النوم

يكون هناك انقطاعٌ مؤقتٌ في التنفس يمكن أن يستمر لبضع ثوانٍ أو أكثر، كما يمكن أن يصاحبه شهيقٌ شديد.

2- الاستيقاظ المتكرر

قد يستيقظ الطفل مراراً وتكراراً خلال الليل بسبب الانحباسات التنفسية، كما يبدو غير مرتاح ومتقلباً في النوم، وتظهر عليه علامات قلق أو استيقاظ غير طبيعي.

3- تشنجات الجسم

يمكن أن يصاحب انحباس التنفس تشنجات في الجسم، وخاصةً في الفك أو اللسان.

4- قلق أو ضجر خلال النهار

قد يكون الطفل متهيجاً وغير مرتاح خلال النهار نتيجة الاضطراب في النوم، كما يبدو متعباً، ويعاني من نعاس شديد.

5- صعوبة في الأكل

قد يعاني الرضع المصابون بانحباس التنفس المركزي من صعوبةٍ في الرضاعة ونقصٍ في الوزن.

6- تغيرات في السلوك والمزاج

يمكن أن يُظهر الطفل تغيراتٍ في السلوك، مثل: الاستيقاظ باكياً بكاءً شديداً بدون سبب واضح.

7- الشعور بالخدر

قد يشعر الطفل بالخدر في الوجه أو الأطراف.

8- التهيُّج والاحتقان

يمكن أن يصاحب انحباس التنفس احتقان في الأنف والتهيُّج في الحلق.

9- تأثير على النمو والتطور

في بعض الحالات الشديدة يؤثر الانحباس المتكرر للتنفس على نمو الطفل وتطوره العام،وذلك لعدة أسباب أبرزها:

انخفاض مستوى الأوكسجين

خلال فترات انحباس التنفس ينخفض مستوى الأوكسجين في الدم، وانخفاض مستوى الأوكسجين الطويل الأمد على الجسم يمكن أن يؤثر على نمو الأنسجة والأعضاء بشكلٍ عام.

التأثير على النوم العميق

فواصل انحباس التنفس قد تؤدي إلى تشويشٍ واضطرابٍ في النوم العميق، حيث يعتبر النوم العميق هاماً لنمو الطفل السليم والصحيح، فإذا كان الطفل لا يحصل على كميةٍ كافيةٍ من النوم العميق بسبب هذه المشكلة، فقد يؤثر ذلك على نموه وتطوره.

إن هذه الآثار غالباً ما تحدث في حالات انحباس التنفس الشديدة والمتكررة، لكن ليس كل الأطفال الذين يعانون من فواصل انحباس التنفس يواجهون مشاكل في النمو والتطور، لذا من الضروري استشارة الطبيب لتقييم حالة الطفل، وتوجيه العلاج المناسب إذا كانت هناك مخاوف بشأن التأثير على النمو.

ما هي العوامل الفيزيولوجية المؤثرة في حدوث فواصل انحباس التنفس؟

هناك عدة عوامل فيزيولوجية يمكن أن تؤثر على حدوث فواصل انحباس التنفس عند الأطفال، ومن بين هذه العوامل:

1- التشوهات التنفسية البسيطة

بعض الأطفال قد يكون لديهم تشوُّهاتٍ في الجهاز التنفسي تؤثر على تدفق الهواء، مثل: تضخم اللوزتين كما ذكرنا سابقاً.

2- العوامل الوراثية

هناك بعض الاضطرابات الوراثية التي قد تزيد من احتمالية حدوث فواصل انحباس التنفس، مثل: متلازمة داون ومتلازمة بيير روبن (Pierre Robin sequence).

3- العمر والتطور الجسدي

قد تكون فواصل انحباس التنفس أكثر شيوعاً عند الرضع والأطفال الصغار نظراً لكونهم في مرحلة تطور أجهزة التنفس الخاصة بهم ونموها.

4- العوامل الكيميائية والهرمونية

بعض الاضطرابات الهرمونية، مثل: عدم انتظام إفراز هرمون النمو، التي قد تسهم في حدوث فواصل انحباس التنفس، كما يمكن أن تؤثر بعض المواد الكيميائية والأدوية على نشاط الجهاز التنفسي.

5- الاضطرابات العصبية

بعض الاضطرابات العصبية، مثل: التوحد، واضطراب فرط الحركة، واضطرابات الجهاز العصبي المركزي قد تتسبّب في انحباس التنفس.

6- السُّمنة

السُّمنة لدى الأطفال يمكن أن تؤدي إلى زيادة احتمالية حدوث انحباس التنفس، حيث تؤثر الدهون الزائدة على تدفق الهواء في المسالك التنفسية.

هل يمكن علاج فواصل انحباس التنفس عند الأطفال؟

نعم، يمكن علاج فواصل انحباس التنفس عند الأطفال والعلاج يعتمد على سبب وشدة الحالة، وعلى تقييم الأطباء المتخصصين في اضطرابات النوم قد تشمل طرق العلاج الخيارات التالية:

1- تغييرات في نمط الحياة

قد يكون من المفيد تطبيق بعض التغييرات في نمط الحياة وعادات النوم للأطفال، ومن الممكن أن يتضمن ذلك ضبط جدول النوم، وتهيئة بيئة نومٍ مريحة وهادئة.

2- إزالة العوامل المُسبّبة للحالة

إذا كان انحباس التنفس ناتجاً عن انسداد في المسالك التنفسية، كما في حالة تضخم اللوزتين أو انحراف الحاجز الأنفي، قد يوصي الأطباء بإجراء عملية جراحية لإزالة هذه العوامل.

3- علاج العوامل المرافقة

إذا كان هناك أي عوامل مرافقة، مثل: السُّمنة، أو الحساسية، فقد يوصي الأطباء بتلقي العلاج المناسب لضبطها، والتخلص منها.

4- العلاج الدوائي

في بعض الحالات، يمكن أن يوصي الأطباء بتجربة العلاج الدوائي لتحسين نوعية النوم، وتقليل فواصل انحباس التنفس، حيث يتمُّ اختيار الدواء المناسب بناءً على تقييم الحالة، وتوصيات الأطباء. في النهاية، يجب أن نذكر أن انحباس التنفس لدى الأطفال يعتبر حالةً طبيةً قابلةً للتشخيص والعلاج، وتتطلب تقديم الرعاية اللازمة، والاهتمام المبكر، والتدخل المناسب من الأطباء المتخصصين، ومن خلال اتباع التوجيهات العلاجية المناسبة يمكن للأطفال المعانين من انحباس التنفس الاستمتاع بحياةٍ صحيةٍ وسعيدة. ^[1]