Skip links
رسم توضيحي لجنين ضمن الرحم وحوله فيروسات

داء المقوسات الخلقي للأطفال – التشخيص والعلاج

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » داء المقوسات الخلقي للأطفال – التشخيص والعلاج

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يحدث داء المقوسات الخلقي (Congenital Toxoplasmosis) نتيجة انتقال العدوى من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، وهو اضطرابٌ مرضيٌّ ينتج عن الإصابة بطفيلي المقوسات القندية (Toxoplasma gondii)، وينتقل الطفيلي عادةً من خلال ملامسة براز القطط المصابة، أو استهلاك اللحوم والمأكولات البحرية النيئة، أو غير المطبوخة جيداً، أو تناول الفواكه، أو الخضروات الملوثة، أو حليب الماعز غير المبستر، أو المياه الملوثة بالطفيلي.

وتؤدي ما يقارب من 30 بالمئة من حالات الإصابة بداء المقوسات عند النساء الحوامل إلى انتقال الإصابة إلى الأجنة، وتحدث العدوى الخلقية في الغالب بعد العدوى الأولية عند المرأة الحامل. مع ذلك، فقد تحدث حالات انتقال العدوى من النساء المصابات قبل فترةٍ قصيرةٍ من الحمل أو في حال إعادة تنشيط الإصابة عند النساء المثبطات مناعياً، ونسبة الإصابة الجنينية تتناسب طرداً مع عمر الحمل، فهي أكبر في الثلث الأخير من الحمل.

ولكن المضاعفات والتشوُّهات الجنينية تتناسب عكساً مع عمر الحمل، فتكون أكثر تواتراً وشدةً إذا أصيبت الأم خلال الثلث الأول أو الثاني من الحمل، مما قد يؤدي إلى الوفاة داخل الرحم، أو الإجهاض التلقائي، أو الولادة المبكرة، وينخفض خطر الإصابة بالثالوث الكلاسيكي لداء المقوسات الخلقي (تكلسات داخل الجمجمة، واستسقاء الرأس، والتهاب المشيمية والشبكية) من 61 بالمئة في الأسبوع 13 من الحمل، إلى 9 بالمئة في الأسبوع 36.

يختلف الانتشار المصلي لداء المقوسات بشكلٍ كبير حسب المنطقة الجغرافية، وأعلى المعدلات في دول أمريكا اللاتينية، بينما تمّ الإبلاغ عن أدنى المعدلات في جنوب شرق آسيا، وربما يُعزى هذا المعدل المنخفض إلى العادة المحلية المتمثلة في تناول اللحوم المطبوخة جيداً، والعدد المنخفض نسبياً من الأسر التي تربي القطط، كحيواناتٍ أليفة، ويبلغ معدل الإصابة العالمي المقدر بداء المقوسات الخلقي حوالي 190 ألف حالة سنوياً، مع معدل حدوث يبلغ حوالي 1.5 حالة لكل 1000 ولادة حية. [1]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بداء المقوسات الخلقي عند حديثي الولادة؟

 1- في المرحلة الجنينية

يتمُّ إجراء اختباراتٍ لتشخيص الإصابة بداء المقوسات الخلقي عند الجنين في حال تأكيد وجود إصابةٍ أولية للأم خلال الحمل، أو عند وجود تكلساتٍ داخل الجمجمة، أو استسقاءٍ دماغي عند التصوير بالأمواج فوق الصوتية للجنين، ويعدُّ وجود الطفيلي في السائل الأمنيوسي أو أنسجة الجنين إما باستخدام تقنية البولميراز المتسلسل (PCR)، أو تلوين المستضد، أو الفحص المجهري، أو عزل الكائن الحي تشخيصاً لداء المقوسات الخلقي، والطريقة المختبرية الأكثر استخداماً والمقبولة لتشخيص داء المقوسات أثناء الحمل هي استخدام تفاعل البولميراز المتسلسل في السائل الأمنيوسي، وتكون نتيجة الاختبار الإيجابية تأكيداً للتشخيص.

 2- عند الأطفال حديثي الولادة والرضع

يجب الاشتباه بالإصابة بداء المقوسات الخلقي عند الأطفال حديثي الولادة في الحالات التالية:

● عدوى الأمهات الأولية بالمقوسات القندية أثناء الحمل.

● الأمهات اللاتي يعانين من نقص المناعة مع عدوى سابقة بالمقوسات القندية.

الأطفال حديثي الولادة مع المظاهر السريرية التي تشير إلى داء المقوسات الخلقي (استسقاء الرأس، صغر حجم العين).

● الأطفال حديثي الولادة الذين لديهم نتائج إيجابية عند إجراء مسحٍ لداء المقوسات.

تشخيص داء المقوسات الخلقي عند الأطفال حديثي الولادة والرضع

يتمُّ التشخيص نتيجةً لمجموعةٍ من الفحوص المخبرية والشعاعية، وتشمل: 

1- التحاليل المخبرية

تحليل أضداد المقوسات

إن الطريقة المختبرية الأكثر شيوعاً واستخداماً في جميع أنحاء العالم لتشخيص داء المقوسات الخلقي عند الأطفال حديثي الولادة والرضع هي الكشف المصلي لأنماط مختلفة من الأجسام المضادة للمرض في الدم المحيطي، وعلى الرغم من أن المختبرات تختلف في اختيار الطريقة المحددة للكشف عن الأجسام المضادة الخاصة بالمقوسات، إلا أنه يجب دائماً اختبار أضداد المقوسات من نوع الغلوبولين المناعي IgG ، وIgM، وIgA، وذلك نظراً لأنها معاً تعطي حساسيةً أكبر من أي اختبار بمفرده.

للكشف عن أضداد المقوسات من نوع IgG، فإن اختبار صبغ سابين فيلدمان (Sabin Feldman dye test)‏ يعتبر الطريقة المرجعية الأفضل، وهو اختبارٌ مصلي يعتمد على أساس وجود أجسام مضادة معينة تمنع دون دخول صبغة أزرق الميثيلين (Methylene Blue) إلى سيتوبلازما طفيلي المقوسات القندية، ويكون هذا الاختبار إيجابياً في حال لم تصبغ الشريحة نهائياً، مما يدل على وجود الأضداد، وبالتالي وجود الطفيلي، ومع ذلك لا يمكن إجراؤه إلا في مختبراتٍ خاصة بسبب اعتماده على استخدام الطفيليات الحية.

وتعتمد الطرق الأخرى الأكثر استخداماً على مقايسة الامتصاص المناعي المرتبط بالإنزيم (ELISA)، والمقايسات المشابهة لـ ELISA، والتراص، والتألق المناعي غير المباشر. للكشف عن أضداد الغلوبولين المناعي من نوع IgM، فبالإضافة إلى نفس الطرق المستخدمة في الكشف عن أضداد IgG، يتمُّ استخدام مقايسة التراص المناعي (ISAGA)، وهي معروفةٌ بحساسيتها العالية بشكلٍ عام مقارنةً بـ ELISA والمقايسات الشبيهة بها. وتعتبر الطريقة المفضّلة للكشف عن أضداد IgM عند الرضع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر.

أما للكشف عن أضداد المقوسات من نوع IgA، فيتمّ اعتماد ELISA عادةً، ومع ذلك يتمُّ إجراء مقايسة التراص المناعي (ISAGA) أيضاً في عددٍ قليلٍ من المختبرات. وخلال فترة ما بعد الولادة، يمكن أن يكون تشخيص الإصابة بداء المقوسات أمراً مربكاً، فالأضداد الوالدية من نوع IgG تمرُّ من الأم إلى الجنين خلال فترة الحمل عبر المشيمة، بالإضافة إلى ذلك، فإن دم الجنين قد يتلوث أثناء المخاض.

وبالتالي فالأضداد الوالدية من نوع IgM وIgA التي تمرُّ أثناء ذلك، يمكن أن تؤدي إلى إعطاء نتائج إيجابية كاذبة، وذلك لمدة 5 أيام بالنسبة لأضداد IgM، ولمدة 10 أيام بالنسبة لأضداد IgA، وللتغلب على ذلك، تمّ تطوير طرقٍ لمقارنة أضداد IgG، وIgM، و I gAللأمهات والرضع.

مثل: لطخة ويسترن (Western blotting)، وهي وسيلةٌ لاكتشاف بروتينٍ محدّدٍ في عينةٍ أو مستخلص أنسجة، وتعدُّ من التقنيات الحيوية المخبرية، ويتمُّ من خلالها تمييز الأجسام المضادة التي مصدرها مصل الأم عن تلك التي يتمُّ إنتاجها بشكلٍ ذاتي من قبل الرضيع.

تفاعل البولميراز المتسلسل (PCR)

يعتبر PCR في السائل الدماغي الشوكي (CSF)، والدم المحيطي، والبول أداةً مختبريةً أخرى، يمكن استخدامها للتشخيص المبكر لأضداد داء المقوسات الخلقي، وهو مفيدٌ بشكلٍ خاص في المناطق التي لم يتمّ فيها تنفيذ برامج الفحص والعلاج قبل الولادة، وإن معايير التشخيص المخبرية المؤكدة للعدوى هي واحدة مما يلي:

● وجود الأجسام المضادة IgM أو IgA الخاصة بداء المقوسات بعد 10 أيام من الولادة.

● عيار IgG المستمر أو المتزايد دون علاج لدى الرضيع عند عمر سنة واحدة أو أكثر.

● تفاعل البولميراز المتسلسل (PCR) إيجابي لــ DNA المقوسات القندية، أو وجود الأجسام المضادة لداء المقوسات من نوع IgM أو IgA في السائل الدماغي الشوكي.

2- التصوير الشعاعي

تشمل النتائج الرئيسية للتصوير بالموجات فوق الصوتية للجمجمة أو التصوير المقطعي للرأس تكلساتٍ منتشرةً داخل الجمجمة حول البطينات، أو ضمور الدماغ، أو استسقاء الرأس.

3- اختبارات أخرى

يكون بزل السائل الدماغي الشوكي (CSF) غير طبيعي مع مستوياتٍ عاليةٍ من البروتين (أكثر من 1 غرام / ديسيلتر)، وارتفاعٍ طفيفٍ في تعداد الكريات البيضاء مع غلبة الوحيدات، وقد يظهر تعداد الدم الكامل فقر الدم أو نقص الصفيحات، وقد يتمّ إجراء اختباراتٍ أخرى، مثل: وظائف الكبد، والكلى. [2] [3]

كيف يتمُّ علاج الإصابة بداء المقوسات الخلقي عند حديثي الولادة؟

يتمُّ إعطاء علاجٍ طويل الأمد خلال السنة الأولى من الحياة باستخدام: [4]

1- بيريميثامين (Pyrimethamine)

بجرعة 1 ميلي غرام/ كيلو غرام (1ميلي غرام لكل كيلوغرام من جسم الطفل) كل 12 ساعة لمدة يومين، ثم 1 ميلي غرام/ كيلو غرام يومياً لمدة 6 أشهر، ثم 3 مرات في الأسبوع حتى عمر 12 شهر.

2- سلفاديازين (Sulphadiazine)

بجرعة 50 ميلي غرام لكل كيلوغرام عن طريق الفم، مرتين يومياً.

3- حمض الفولينيك (Folinic acid)

يعطى بجرعة 10 ميلي غرام، ثلاث مرات في الأسبوع لمدة 12 شهر لمنع تثبيط نقي العظم، وينبغي أن يتمّ الاستمرار به لمدة أسبوعٍ واحد بعد التوقف عن استخدام البيريميثامين، ويمكن استخدام نظامٍ بديلٍ يهدف إلى تقليل السُّمّية الكبدية، وهو عبارةٌ عن:

● أربع دورات من البيريميثامين، والسلفاديازين، وحمض الفولينيك كل منها لمدة 21 يوم.

● ويستخدم بينها سبيراميسين (Spiramycin) بجرعة 50 ميلي غرام/ كيلو غرام، ويعطى فموياً مرتين يومياً، ويستخدم لمدة 30 يوماً.

وقد تمّ اقتراح إضافة السيتروئيدات (Steroids) في حالات العدوى الشديدة، ولكن لا يوجد دليل على فعاليتها في تخفيف شدة الإصابة.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بداء المقوسات الخلقي عند حديثي الولادة؟

لا يوجد لقاح، والإصابة تعطي مناعةً دائمة، ولا تتكرر في الحمول اللاحقة، ولكن في حال كانت المرأة حامل، ولم تصب سابقاً بداء المقوسات، فيجب اتباع ما يلي: [2] [5] [6]

1- طهي اللحوم جيداً قبل تناولها، وخاصةً لحم الضأن ولحم الغزال، ولا يجوز أكل اللحوم والمأكولات البحرية النيئة، أو غير المطبوخة جيداً، أو اللحوم المعالجة خلال الحمل.

2- يجب استخدام مقياس حرارة الطعام (Food thermometer) لقياس درجة الحرارة الداخلية للحوم المطبوخة، فاللون ليس مؤشراً موثوقاً على أن اللحوم قد تمّ إعدادها على درجة حرارةٍ عالية بما يكفي لقتل مسبّبات الأمراض الضارة، مثل: المقوسات القندية، وتوصي وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) بما يلي لإعداد اللحوم:

● بالنسبة لقطع اللحوم الكاملة (باستثناء الدواجن)، فيجب إعدادها بدرجة حرارةِ لا تقل عن 145 درجة فهرنهايت (63 درجة مئوية)، ويتمُّ قياسها باستخدام مقياس حرارة الطعام، والذي يجب أن يوضع في الجزء الأكثر سمكاً من اللحم، ثم ترك اللحم يرتاح لمدة ثلاث دقائق قبل التقطيع أو الاستهلاك.

● بالنسبة لجميع الدواجن (القطع الكاملة والمطحونة)، فتحتاج إلى الطهي حتى درجة حرارة لا تقل عن 165 درجة فهرنهايت (74 درجة مئوية)، ويجب فحص درجة الحرارة الداخلية في الجزء الأعمق من الفخذ، والجزء الأعمق من الجناح، والجزء الأكثر سمكاً من الصدر، والدواجن لا تحتاج إلى وقت راحة.

● اللحوم المفرومة (باستثناء الدواجن)، فيجب القيام بطبخها بدرجة حرارة لا تقل عن 160 درجة فهرنهايت (71 درجة مئوية)، ولا تتطلب اللحوم المفرومة وقت راحة.

3- الطلب من شخصٍ آخر سوى المرأة الحامل إطعام، وتنظيف، وتغيير فضلات القطط، وفي حال اضطرت الحامل إلى القيام بهذه المهمة، فيجب ارتداء القفازات أثناء تغيير القمامة، وأن تغسل يديها جيداً بعد ذلك.

4- غسل اليدين جيداً قبل تحضير الطعام وتناوله.

5- غسل الفواكه والخضروات جيداً للتخلص من أي آثار للأتربة.

6- عدم تناول حليب الماعز غير المبستر أو أي منتجاتٍ مصنوعةٍ منه.

7- لا يجب إطعام القطط المنزلية اللحوم النيئة أو غير المطبوخة جيداً، وإنما يجب إعطاؤها فقط الأطعمة التجارية المعلبة، أو المجففة، أو طعام المائدة المطبوخ جيداً.

8- غسل اليدين والسكاكين وألواح التقطيع جيداً بعد تحضير اللحوم النيئة.

9- ارتداء القفازات أثناء أعمال البستنة، وغسل اليدين جيداً بعد ذلك لأن الطفيلي يمكن أن يعيش في تربة الحديقة.

10- ليس بالضرورة التخلص من القطة التي تمّ اقتناؤها سابقاً، ولكن لا ينبغي للمرأة الحامل أن تشتري قطةً جديدة أو تقتني أي حيوانٍ أليفٍ ضال.

المراجع البحثية

1- HKMJ. (2020, April 17). Congenital infections in Hong Kong: an overview of TORCH. Retrieved April 22, 2024

2 -Kota, A, S. Shabbir, N. (2023, June 26). Congenital Toxoplasmosis. StatPearls. Retrieved April 22, 2024

‌3- Pomares, C. Montoya, J. G. (2016, October). Laboratory diagnosis of congenital toxoplasmosis. Journal of clinical microbiology. Retrieved April 22, 2024

‌4- Safer Care Victoria. (2023, June). Toxoplasmosis in neonates. Retrieved April 22, 2024

5- NHS Choices. (2023, August 25). Toxoplasmosis. Retrieved April 22, 2024

6- Centers for Disease Control and Prevention. (2018, September 27). Toxoplasmosis – Prevention & Control. Retrieved April 22, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.