تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ فتق الحجاب الحاجز أو الفتق الحجابي (Diaphragmatic Hernia) من الفتوق النادرة التي تصيب الإنسان، ولها نوعين أولية تحدث عند الأطفال حديثي الولادة، وثانوية تحدث لدى البالغين لأسبابٍ رضّيةٍ غالباً.

ما هو الحجاب الحاجز؟

الحجاب الحاجز هو بنيةٌ عضليةٌ ليفية ينشأ جنينياً من أربعة أقسام تلتحم مع بعضها لتشكل البنية الكاملة، وهي الحاجز المُستعرض، وبنىً تتعلق بالمريء، وغشاء الجنب الذي يُغلّف الرئة، وبنىً عضليةً خاصةً بجدار الصدر، وهو يفصل بين جوف الصدر، وجوف البطن. يحوي الحجاب الحاجز فتحاتٍ طبيعيةٍ تساعد على مرور بنىً من البطن إلى الصدر والعكس، مثل: المريء، والوريد الأجوف السفلي، والشريان الأبهر البطني، والقناة اللمفية الصدرية.

يلعب الحجاب الحاجز دوراً في عملية التنفس، فهو يسمح للرئتين بالتمدُّد أثناء الشهيق بتقلصه ونزوله إلى مستوى الورب الثامن (المسافة تحت الضلع الثامنة) أما أثناء الزفير يصعد الحجاب الحاجز للأعلى إلى مستوى الورب الرابع أو الخامس (المسافة تحت الضلع الرابعة أو الخامسة)، وهو يتعصَّب بالعصب الحجابي، وتأتي ترويته من شرايين عديدة، ويكون طرفه الأيمن أعلى من الأيسر بسبب وجود الكبد في الجهة اليمنى بشكلٍ طبيعي. ^[1]

ما هو فتق الحجاب الحاجز؟

هو صعود أعضاءٍ من جوف البطن إلى جوف الصدر نتيجة وجود تمزُّقٍ أو خللٍ في بنية عضلة الحجاب الحاجز مما يُسبّب أعراضاً صدريةً وهضمية مختلفة، ويحدث الفتق في الجانب الأيسر أكثر من الأيمن لوجود الكبد الذي يدعم الطرف الأيمن ويحميه من التمزُّق، وأكثر الأعضاء التي تصعد نحو جوف الصدر هي المعدة عبر الفتحة الطبيعية للمريء، وقد يصعد الطحال، وجزءٌ من الأمعاء الدقيقة، واللفافات المحيطة بها.

ما هي أسباب حدوث فتق الحجاب الحاجز؟

تنقسم الأسباب إلى أسباب خلقيةٍ وراثيةٍ تحصل خلال التطوُّر الطبيعي للجنين، وهي تشوُّهاتٌ متعلقةٌ بالجينات، وغالباً تأتي مع مشاكل أخرى في القلب أو الصدر، ونادراً ما تأتي بمفردها، وتُكتشف بعد ولادة الطفل مباشرةً، وإنذارها خطيرٌ جداً أما عند البالغين، فيحدث فتق الحجاب الحاجز غالباً لأسباب رضّيةٍ على الحجاب مباشرةً، أو على الصدر، أو البطن، ومنها:

1- حوادث الدراجات النارية هي السبب الأشيع في إصابة الحجاب الحاجز بشكلٍ مباشر.

2- حوادث السقوط من المرتفعات يؤدي إلى أذيّةٍ شديدة، وتُعتبر ثاني أشيع سببٍ رضّي لفتق الحجاب الحاجز.

3- أثناء القيام بعملياتٍ جراحيةٍ في الصدر أو البطن قد يُصاب الحجاب الحاجز بأذيّةٍ وتمزُّقٍ نتيجة خطأ طبي أو لأسباب تتعلق بالمريض، وأشيع العمليات هي زرع الكبد، وعمليات الكولون، والمريء في سياق الأورام.

4- محاولات القتل باستخدام طلقات المسدس، أو الطعن في الصدر، أو البطن قد يُسبّب تمزقاً للحجاب الحاجز. ^{[2] [3]}

ما هي أعراض فتق الحجاب الحاجز؟

تكون الأعراض الصدرية واضحةً بسبب فشل تمدُّد الرئتين بشكلٍ كامل، فينتج عنه الأعراض التالية: ^[4]

1- الزلة التنفسية

أو ضيق النفس، وتتمثل عند الأطفال بالبكاء الشديد، واستخدام عضلات البطن للمساعدة في عملية التنفس.

2- تسرُّع التنفس

ذلك بزيادة عدد مرات التنفس بالدقيقة فوق العشرين عند البالغين، وفوق الستين عند الأطفال.

3- الزرقة

هي تحوُّل لون البشرة إلى اللون الأزرق نتيجة نقص الأوكسجين في الأنسجة المحيطة.

4- تسرُّع ضربات القلب

وذلك لتعويض نقصان الأوكسجين في الدم.

كيف يُشخّص فتق الحجاب الحاجز؟

تُعتبر التقنيات الشعاعية التصويرية من أهمّ طرق تشخيص فتق الحجاب الحاجز، وتقسم هذه التقنيات حسب نوع الفتق وعمر المريض على الشكل التالي:

1- الجنين في مرحلة قبل الولادة

يُكتشف فتق الحجاب الحاجز لدى الجنين أثناء المراقبة الدورية للأم الحامل خلال الأسبوع 18 إلى 22، وقد لا تظهر فتحة الفتق بشكلٍ واضحٍ نتيجة زيادة سائل السلوى المحيط بالجنين، وعندها يُشخص الطبيب الفتق حسب غياب الأعضاء داخل البطن ووجودها في الصدر.

2- الطفل بعد الولادة

يجب الاستقصاء عن الفتق عند ظهور ضيق النفس والازرقاق على بشرة الطفل بعد الولادة، ويتمُّ ذلك بتصوير الصدر بالأمواج الراديوية، وقد يلاحظ فيها طبيب الأشعة وجود أجزاءٍ من الأمعاء، وغياب نسيج الرئة، وقد يشاهد معه تغيّرٌ في موقع القلب، ويمكن إجراء صورة صدرٍ بسيطة مع وضع الأنبوب الأنفي المعدي (أنبوب التغذية) الذي يعمل كدليلٍ لتوضُّع المعدة في هذه الحالة.

3- عند البالغين

يتمُّ التشخيص بواسطة الصورة البسيطة للمريض بوضعية الاستلقاء، ويجب أن تشمل الصورة جوف الصدر والبطن، ولا يُنصح باستعمال الطرق التي تستغرق وقتاً، مثل: الطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي كونها حالةٌ إسعافيةٌ مُهدّدةٌ للحياة. ^[5]

كيف يُعالَج فتق الحجاب الحاجز؟

يُعالَج فتق الحجاب الحاجز بإجراء العمل الجراحي الفوري، ويستخدم الطبيب الجراح تقنية التنظير أو الجراحة المفتوحة عبر الخطوات التالية: ^[6]

1- يتمُّ تخدير المريض بطريقة التخدير العام مع الانتباه للمشاكل التي قد تحدث أثناء التخدير، مثل: متلازمة فرط الحرارة الخبيث.

2- تسحب تحاليل الزمرة والخضاب لتعويض الدم المفقود في حال النزف أثناء العملية.

3- يوضع أنبوب التغذية للمريض عن طريق الأنف أو الفم حتى المعدة لتفريغها من السوائل، والطعام، أو الغازات.

4- يتمُّ العمل الجراحي بإجراء شقٍّ في البطن إذا كانت الحالة إسعافيةً أما في حال تأخُّر التشخيص يفتح الجراح الشقّ في جدار الصدر بشكلٍ مائلٍ وموازٍ للأضلاع، وفي حالاتٍ نادرةٍ يتمُّ فتح شقٍّ كبيرٍ من الناتئ الرهابي (أسفل عظم القص) إلى عظم العانة.

5- يقوم الجراح بردّ العروة المعوية إلى داخل البطن، وتخييط مكان التمزُّق في حال كانت الفتحة صغيرةً أما إذا كانت كبيرةً يضطر الجراح إلى وضع رقعةٍ صنعية، وتخييطها من الحواف.

6- قد تستمر العملية مدة ساعتين إلى ثلاث ساعات، ويبقى المريض في المشفى لأسابيع.

7- يوصى بوصف الصادّات الحيوية، ومُسكنات الألم، والراحة في الفراش، وعدم حمل الأشياء الثقيلة.

8- تُعاد الصورة البسيطة بعد العملية للاطمئنان على سلامة الحجاب الحاجز في حال وضع الرقعة الصّنعية.