تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ الحمَّى المالطية أو ما يُعرف بداء البروسيلا (Brucellosis) واحدةً من أكثر الأمراض شيوعاً، والتي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، ويصاب بها حوالي 500 ألف شخص سنوياً، وتشكل خطراً على الصحة العامة العالمية، وتعدُّ سبباً هاماً للعديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية في العديد من البلدان، وبشكل خاص البلدان النامية.

تُصيب الحمَّى المالطية جميع الفئات العمرية، وحوالي ثلث المصابين يكونون من الأطفال، وتتفاوت نسبة إصابة الأطفال بين منطقة وأخرى، وتكثر في البلدان النامية بسبب نقص بسترة الحليب، وتدنّي مستوى الوعي الصحي، وعدم الاهتمام بقواعد النظافة العامة إضافةً إلى التعرُّض للحيوانات في المجتمعات الزراعية.

تتفاوت التظاهرات السريرية للحمَّى المالطية، فقد تكون عدوىً بدون أعراض، وقد تُسبّب مضاعفاتٍ خطيرةٍ ومميتة، مثل: التهاب الشغاف، والتهاب السحايا، والدماغ. ^{[1] [2]}

ما هي الحمَّى المالطية عند الأطفال؟

هي عدوى جرثومية ناتجة عن الإصابة بأنواع مختلفة من جرثومة البروسيلا، وتُصيب الحيوانات بشكل أساسي (الأبقار، الماعز، الأغنام، الخنازير، الكلاب)، وتنتقل من الحيوان إلى الإنسان عن طريق تناول اللحم النيّء، أو الحليب غير المُبستر، أو تناول منتجات الألبان، أو التّماس مع الحيوانات المُصابة، أو مخلفاتها، وعن طريق الرذاذ المتطاير في الحظائر والإسطبلات.

يمكن أن تنتقل بشكل أقلَّ شيوعاً عبر المشيمة من الأم إلى الطفل أثناء الحمل أو عن طريق الرضاعة الطبيعية بسبب نقص حموضة المعدة عند الوليد، وبالتالي فإن كميةً قليلةً من الجراثيم تكفي لحدوث العدوى، أو قد تنتقل عند زرع نقي العظم من شخصٍ مُصاب، أو عن طريق الاتصال الجنسي. ^{[1] [3]}

ما هي الأعراض السريرية للإصابة بالحمى المالطية عند الأطفال؟

قد تظهر الأعراض السريرية بعد الإصابة بالعدوى بعدة أسابيع أو أشهر، وقد تكون الأعراض حادةً أو تحت حادة مع الإزمان: ^[4]

1- أعراض الإصابة الحادة

تكون خلال أول ثمانية أسابيع من حدوث تجرثُم الدم بالبروسيلا، وقد تتشابه مع أعراض الإصابة بالأنفلونزا، وتشمل:

1- الحمَّى المُتموّجة، وقد تكون في البداية خفيفةً ثم مع تقدم المرض قد تصل إلى 40 أو 41 درجة مئوية، وعادةً ما ترتفع ليلاً ثم تعود إلى وضعها الطبيعي أو شبه الطبيعي صباحاً.

2- القشعريرة والتعرُّق الغزير.

3- آلامٌ مفصلية، وبطنية، وألم في العضلات والظهر.

4- الصُّداع.

5- نقصٌ في الشهية مع إمساك.

6- الحالة العامة تكون عادةً جيدةً مع بعض الشعور بالتعب والإرهاق.

7- ألمٌ في الخصية.

8- قد يحدث ضخامةٌ في الكبد، والطحال، والعقد اللمفاوية.

2- أعراض الإصابة تحت الحادة مع الإزمان

قد تختفي أعراض الحمَّى المالطية لعدة أسابيع أو أشهر ثم تعود لتظهر، وتصبح الإصابة مُزمنة، وقد تستمر الأعراض عند بعض المرضى لسنوات رغم العلاج، وتشمل:

1- الحمَّى المُتموّجة المتكررة.

2- الشعور بالإرهاق.

3- الألم المفصلي، والتهاب المفاصل المتكرر، وبشكل خاص المفصل الحُرْقُفي العجزي.

4- فقدان الشهية، ونقص في الوزن.

5- الاضطرابات النفسية والعاطفية: كالهياج، والقلق، والاكتئاب.

ما هي مضاعفات الإصابة بالحمَّى المالطية عند الأطفال؟

1- التهاب شغاف القلب: يُعتبر أخطر مضاعفات الحمَّى المالطية، ويمكن لالتهاب الشغاف غير المُعالَج أن يُسبّب تخريب صمامات القلب، ويُعتبر التهاب الشغاف السبب الأشيع للوفيات عند الأطفال المصابين بالحمَّى المالطية.

2- التهاب المفاصل: تتظاهر بألم، وتورم، واحمرار، وتحدُّدٍ بحركة المفصل، ويصيب مفاصل الركبتين، والكاحل، والمفصل الحُرْقُفي العجزي، والوركين، وقد يصعب علاج المفصل الحُرقفي العجزي، ومن الممكن أن تصبح الأذيّة دائمة.

3- التهاب الخصية والبربخ: وقد تكون الأعراض شديدةً، وتُسبّب ألماً شديداً في الخصية مع تورُّم.

4- التهاب الكبد، وضخامة في الكبد والطحال.

5- إصابة الجهاز العصبي المركزي، والتي تتظاهر بالتهاب سحايا أو التهاب دماغ.

6- التهاب القزحية والتهاب العصب البصري.

7- نقص كريات الدم الشامل، وفقر الدم المزمن.

8- التهاب القصبات والرئة، وقد يحدث التهاب جنب. ^{[2] [4]}

كيف يتم تشخيص الإصابة بالحمى المالطية عند الأطفال؟

1- تعداد الكريات البيضاء

تعداد الكريات البيضاء يكون طبيعياً أو ينخفض مع ارتفاع نسبة اللمفاويات في المرحلة الحادة.

2- الزروع

– زرع الدم: يفيد في المراحل الباكرة من المرض، أما في المراحل المتقدمة تصبح إيجابيته قليلة.

– زرع عينة من نقي العظم.

– زرع السائل الدماغي الشوكي في حال وجود أعراض عصبية أو شك بوجود التهاب سحايا بالبروسيلا.

3- الفحوص المَصلية

يتمُّ اللجوء إليها في حال غياب التشخيص بالزرع، حيث يتمُّ معايرة أضداد البروسيلا، أو يتمُّ إجراء تفاعل رايت، أو التألق المناعي غير المباشر.

4- التصوير الشعاعي

– التصوير بالأشعة السينية: حيث تبين وجود التغيرات التي حدثت للعظام والمفاصل.

– ومضات العظام قد يكون أدقَّ من التصوير بالأشعة السينية.

– التصوير الطبقي المحوري والتصوير بالرنين المغناطيسي: للبحث عن وجود خراجات دماغية، أو كبدية، أو في غيرها من الأنسجة.

– تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية: بحثاً عن أي أذيّة تُصيب العضلة القلبية. ^{[1] [6]}

كيف يتمُّ علاج الإصابة بالحمَّى المالطية عند الأطفال؟

يعتمد العلاج على مشاركة عدة صادّات حيوية معاً، لأن الصادّ الوحيد يؤدي إلى فشل العلاج، ويجب ألا تقلّ مدة العلاج عن 8 أسابيع، ويشمل العلاج الدوائي: ^[6]

– في حال كان الطفل بعمر أقلّ من 8 سنوات

1- يتمُّ إعطاء كوتريمكسازول (Co-trimoxazole) مع ريفامبيسين (Rifampicin).

2- أو كوتريمكسازول (Co-trimoxazole) مع جنتامايسين (Gentamicin).

– في حال كان الطفل بعمر أكبر من 8 سنوات

1- يتمُّ إعطاء دوكسي سيكلين (Doxycycline) مع ريفامبيسين (Rifampicin).

2- أو دوكسي سيكلين (Doxycycline) مع جنتامايسين (Gentamicin).

ما هي التدابير الوقائية للحماية من الإصابة بالحمَّى المالطية عند الأطفال؟

1- بسترة الحليب قبل تناوله أو غلي الحليب بشكل فعّال عندما لا يمكن إجراء عملية البَسترة.

2- تجنُّب الأطعمة التي تحتوي على منتجات الألبان والأجبان غير المُبسترة.

3- طهي اللحوم جيداً قبل تناولها.

4- ارتداء قفازات مطاطية ونظارات واقية عند التعامل مع الحيوانات.

5- غسل اليدين جيداً بعد التعامل مع الحيوانات أو منتجاتها.

6- تطعيم الحيوانات.

7- لا يوجد لقاح يُعطى للبشر حيث إن اللقاح يُسبّب الإصابة بالعدوى لديهم. ^{[5] [6]}