تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كان النُّكاف منتشراً بكثرةٍ قبل البَدء بإعطاء اللقاح، حيث كانت تحدث سنوياً أكثر من 180 ألف حالة في الولايات المتحدة الأميركية، وكان يُسبّب العديد من المضاعفات: كالصّمم الدائم، والتهاب الدماغ، وفي بعض الحالات يؤدي إلى حدوث الوفاة. ولكن بعد البَدء باللقاح عام 1967 م انخفضت النسبة إلى عدة مئات من الحالات سنوياً، واستمر ذلك حتى عام 2006 م حيث عادت وحدثت بعض الجائحات، وقد يكون ذلك لعدم أخذ اللقاح بسبب الاعتقاد أن اللقاح يُسبّب التوحُّد عند الأطفال، أو بسبب نقص المناعة لدى الأشخاص، أو بسبب العيش في أماكن الازدحام والمناطق المكتظّة بالسكان.

ثم أصبح يتفاوت عدد حالات الإصابة بالنُّكاف بين عامٍ وآخر من عدة مئات إلى عدة آلاف. وبالتالي لا بدَّ من معرفة أعراض النُّكاف، والوقاية من انتشاره، والتأكيد على أهمية أخذ الأطفال للقاح بكامل جرعاته، وذلك منعاً لحدوث الاختلاطات التي قد تكون دائمةً وخطرة. ^[1]

ما هو النُّكاف عند الأطفال؟

النُّكاف أو التهاب الغدة النكفية الوبائي أو ما يُعرف ب (Mumps)، هو إنتانٌ فيروسيٌّ حادٌّ يصيب بشكل أساسي النسيج الغدي أي الغدة النكفية والبنكرياس، والخصية، وأيضاً النسيج العصبي مُسبباً التهاب سحايا ودماغ. يدخل الفيروس إلى الجسم عن طريق الأنف أو الفم ثم يتكاثر في الأغشية المخاطية للبلعوم، ومنه ينتقل إلى الدم مُسبّباً تَفيْرس الدم (Viremia).

ومن ثم يتجه إلى الأنسجة الغدّية والعصبية. ويُعتبر الإنسان المُضيف الوحيد لفيروس النُّكاف، والإصابة به تعطي الطفل مناعةً دائمة. وتُفيد الأضداد الوالدية التي تنتقل من الأم إلى الجنين خلال فترة الحمل في تأمين حماية الطفل من الإصابة بالنُّكاف لمدة 6 أشهر بعد الولادة. ولا تحدث الإصابة عادةً قبل عمر سنتين. ^[2]

ما هو سبب النُّكاف عند الأطفال؟ وكيف ينتقل؟

السبب هو فيروس النُّكاف، وتتمُّ العدوى عن طريق: ^[3]

1- الرذاذ (القطيرات التنفسية) أثناء السعال والعطاس.

2- التماس المباشر مع الشخص المصاب.

3- استخدام الأدوات الملوثة بلعاب الشخص المصاب، مثل: زجاجات المياه، والأكواب.

يكون مُعدياً قبل ظهور الأعراض بيوم إلى 7 أيام، ويبقى مُعدياً بعد ظهور الأعراض بين 5 إلى 9 أيام. ويكثر في المناطق المكتظة بالسكان، وبشكلٍ خاص في أواخر الشتاء وبداية فصل الربيع.

ما هي أعراض الإصابة بالنُّكاف عند الأطفال؟

تبلغ فترة الحضانة لفيروس النُّكاف 12 إلى 24 يوم، تبدأ بعد هذه الفترة الأعراض العامة من ارتفاع حرارة، وألمٍ عضلي، ونقص شهية، واحتقانٍ في البلعوم مع صداع، ووهن، وقد تستمرُّ هذه الأعراض من 12 إلى 24 ساعة ثم تظهر أعراض العضو المصاب، وأكثر ما يصيب فيروس النُّكاف الغدة النكفية مُسبّباً تورُّماً في منطقة النكفة مع ألم في الأذن، وتغيُّب زاوية الفكّ، وتندفع شحمة الأذن نحو الأعلى والخلف.

وتكون الضخامة ثنائية الجانب عادةً، حيث تبدأ الضخامة بجهةٍ واحدةٍ ثم تتلوها الجهة الأخرى. كما يترافق مع ألمٍ أثناء البلع، وبشكل خاص السوائل الحمضية، وتستمر ضخامة الغدة النكفية حوالي 7 أيام ثم يبدأ الورم بالتراجع. في بعض الحالات تُصاب الغدة تحت الفكّ وتحت اللسان، وقد تكون الإصابة مرافقةً لإصابة الغدة النكفية أو مستقلةً عنها، وهنا يصعب التشخيص. ^[4]

ما هي مضاعفات الإصابة بالنُّكاف عند الأطفال؟

1- التهاب البنكرياس (Pancreatitis)

يتظاهر بألمٍ شديدٍ مفاجئٍ أعلى البطن مع غثيانٍ وإقياء، وغياب الشهية. يحدث ارتفاعٌ في خمائر البنكرياس في التحاليل المخبرية، وارتفاعٌ في سكر البول بشكلٍ عابرٍ عادة.

2- التهاب الخصية (Orchitis)

يصيب الذكور بعد سن البلوغ ونادراً عند الأطفال، ويكون غالباً أحاديَّ الجانب مع تورمٍ واحمرار، وضخامةٍ في الخصية المصابة، وتترافق مع غثيان وإقياء، بعد زوال الضخامة يحدث ضمورٌ في الخصية غالباً، ولكن نادراً ما يحدث عقم لأن الإصابة أحادية الجانب عادة.

3- التهاب المبيض (Oophoritis)

يحدث عادةً عند الفتيات بعد البلوغ، ويترافق مع حرارة وألمٍ بطني، وقد يختلط تشخيصه مع التهاب الزائدة الدودية في حال إصابة المبيض الأيمن.

4- التهاب السحايا والدماغ

يحدث التهاب السحايا (Meningitis) بشكل أشيع من التهاب الدماغ، ويترافق مع حرارةٍ وصداع وإقياءات. أما التهاب الدماغ (Encephalitis)، فيتظاهر غالباً بالاختلاجات واضطراب الوعي.

5- التهاب العصب السمعي (الثامن)

غالباً وحيد الجانب، ويترافق مع اضطرابٍ في التوازن، ونقص سمع، وقد يُسبّب صمماً أحياناً.

6- شلل العصب الوجهي والعصب مثلث التوائم

يُعتبر من الإصابات النادرة.

7- حدوث مضاعفات أخرى نادرة

كالتهاب العضلة القلبية، التهاب الكبد، انحلال الدم مع نقص الصفيحات الدموية، إصابة كلوية. ^[4]

هل تُسبّب إصابة الحامل بالنُّكاف تشوهاتٍ وعيوباً خلقيةً عند الطفل؟

في حال إصابة الحامل في الأشهر الأولى من الحمل (قبل 12 أسبوع)، فإن ذلك قد يترافق مع خطر الإجهاض، ولكن لا يسبب تشوهاتٍ خلقيةٍ عند الأطفال عادةً، ويجب عدم أخذ اللقاح خلال الحمل، وفي حال التخطيط للحمل يجب الانتظار أربعة أسابيع بعد اللقاح قبل الحمل. ^[5]

ما هي الفحوص المخبرية التي يجب إجراؤها عند إصابة الطفل بالنُّكاف؟

يتمُّ التشخيص اعتماداً على القصة المرضية والفحص السريري، ولكن في بعض الحالات يتمُّ إجراء الفحوص المخبرية التالية: ^[6]

1- تعداد الكريات الكلي Complete blood count (CBC): حيث يبين عدد الكريات الحمراء، والكريات البيضاء، والصفيحات الدموية، قد يحدث نقصٌ في  عدد الكريات البيضاء، وتزداد نسبة الخلايا اللمفاوية.

2- عزل فيروس النُّكاف من سوائل الجسم (الدم، أو اللعاب، أو السائل الدماغي الشوكي، أو البول).

3- عيار الأجسام الضدّية للنُّكاف (Antibody Tests).

4- عيار الأميلاز (Amylase) في الدم والبول: ترتفع عند الإصابة بالنُّكاف، وترتفع بشكل أشدّ في حال ترافقت الإصابة مع إصابة البنكرياس.

5- عيار الليباز (Lipase) في الدم: يرتفع في حال إصابة البنكرياس.

كيف يتمُّ علاج النُّكاف عند الأطفال؟

لا يوجد علاجٌ محددٌ للنُّكاف، وإنما تكون المعالجة عرضيةً مع بعض النصائح للوقاية من انتشار المرض، مثل: ^[7]

1- الراحة في السرير.

2- يجب عزل الطفل وعدم إرساله للمدرسة لأن المرض ينتشر بسرعة.

3- يجب تعليم الطفل أن يغسل يديه باستمرار، وأن يغطي أنفه وفمه أثناء العطاس أو السعال.

4- غسل اليدين جيداً بعد التعامل مع الطفل.

5- استخدام أدوات خاصة بالطفل، وعدم مشاركتها مع الآخرين.

6- إعطاء الطفل الأطعمة ذات القُوام الطري، وتجنب الأطعمة الصلبة.

7- إعطاء الطفل الكثير من السوائل مع الغرغرة بالماء الدافئ والملح.

8- تجنُّب إعطاء الطفل الأطعمة ذات المذاق الحامض.

9- استعمال الكمادات الباردة.

10- إعطاء خافضات الحرارة ومسكنات الألم، مثل: (Paracetamol) باراسيتامول، (Ibuprofen ) الإيبوبروفن (لا يُعطى قبل عمر 6 أشهر للطفل). يجب عدم إعطاء الأسبرين خوفاً من حدوث مُتلازمة راي (Reye syndrome)قصور كبد مع اعتلال دماغ، والتي قد تُسبّب الوفاة.

كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالنُّكاف عند الأطفال؟

1- تتمُّ الوقاية عبر إعطاء لقاح MMR (Measles, mumps and rubella) Vaccine وهو لقاحٌ حيٌّ مضعف يشمل لقاح الحصبة الألمانية، والنُّكاف، والحصبة.

2- يتمُّ تلقي اللقاح على جرعتين: الأولى بين عمر 12 شهر و15 شهر، والجرعة الثانية بين عمر 4 و 6 سنوات.

3- يُعتبر اللقاح آمناً وفعالاً، ويمنع الإصابة بالنُّكاف عند 90 بالمئة من المُتلقين له.

4- قد تحدث آثارٌ جانبيةٌ خفيفةٌ بعد إعطاء اللقاح، مثل: الطفح جلدي، أو الترفُّع الحروري، أو الألم الخفيف في مكان الحقن.

5- في حالاتٍ نادرةٍ قد يحدث ردُّ فعلٍ تحسسي من اللقاح.

6- لا يُعطى اللقاح للأطفال الذين لديهم نقصٌ في المناعة (اللمفوما، سرطان الدم، الإيدز).

7- تبعاً لمنظمة الصحة العالمية لا يوجد دليلٌ علميٌّ على وجود علاقة بين إعطاء لقاح MMR وحدوث اضطراب طيف التوحُّد عند الأطفال. ^{[8] [9]}