تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

متى اكتشفت مجرة المرأة المسلسلة وما هو أصل تسميتها؟

مجرّة المرأة المسلسلة (Andromeda Galaxy)، وتُسمّى أيضًا سديم المرأة المسلسلة (M31)، وهي مجرّةٌ ٌ كبيرة تقع في كوكبة المرأة المسلسلة (Constellation Andromeda)، وهي واحدةٌ من المجرّات القليلة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة.

أول من اكتشفها عالم الفلك المسلم عبد الرحمن الصوفي (Al-Sufi) في وقتٍ مبكرٍ من عام 965 م حيث ورد ذكرها في كتابه النجوم الثابتة (Fixed Stars)، وأعيد اكتشافها بعد أكثر من 600 سنة في عام 1612م بعد وقتٍ قصيرٍ من اختراع التلسكوب من قبل عالم الفلك الألماني سيمون ماريوس (Simon Marius).

في البدايات اعتبر علماء الفلك أن مجرّة المرأة المسلسلة أحد مكونات مجرّة درب التبانة، وما هي إلا امتدادٌ لها، وهذا خطأ كبير استمر حتى عشرينات القرن الماضي حيث تمكن عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل من التحديد بشكلٍ قاطع أن المرأة المسلسلة هي مجرّةٌ منفصلة، وتقع خارج مجرّة درب التبانة. ^[1]

وسُمّيت مجرّة المرأة المسلسلة على اسم كوكبة المرأة المسلسلة، والتي تحمل اسم الأميرة الأسطورية اليونانية أندروميدا ابنة الملكة كاسيوبيا، وزوجة البطل اليوناني بيرسيوس، وتُعرف أيضًا باسم العذراء المُقيّدة. ^[2]

كيف نحدّد مكانها في قبّة السماء؟

مجرّة المرأة المسلسلة ليست مشرقة وواضحة بشدة لكن يمكن رصدها في شهري أيلول (سبتمبر)، وتشرين الأول (أكتوبر) حيث تظهر بشكلٍ خافت في السماء الشرقية لنصف الكرة الشمالي بحلول منتصف الليل، ويمكن معرفة مكانها بدقة، وذلك بتحديد موقع كوكبة ذات الكرسي (Cassiopeia) الشهيرة التي تحتوي على خمس نجوم على شكل حرف W، فالجانب الأيمن من الشكل W سيشير للأسفل مباشرةً نحو مجرّة المرأة المسلسلة، وهي تبدو لطخةً بيضاويةً ضبابيةً في السماء. ^[3]

كم تبعد مجرّة المرأة المسلسلة عن الأرض؟

يواصل علماء الفلك المعاصرون حساب المسافة التي تبعد بها مجرّة المرأة المسلسلة عن الأرض، ففي عام 2003 حسب علماء الفلك أنها تبعد عنا 2.57 مليون سنة ضوئية، وفي عام 2004 أعاد علماء الفلك الحسابات، وحددوا أنها كانت على بعد 2.51 مليون سنة ضوئية.

واستخدمت مجموعةٌ أخرى تقنيةً مختلفةً في عام 2005، فوجدوا البعد 2.52 مليون سنة ضوئية، وهناك تقنيةٌ أخرى في عام 2005 حسبت البعد بحوالي 2.56 مليون سنة ضوئية، ولذلك متوسط المسافة المُتفق عليها هي 2.54 مليون سنة ضوئية.

علماً أن هناك عدة مجرّاتٍ أقرب إلى الأرض من مجرّة المرأة المسلسلة، فمجرّة سحابة ماجلان الكبرى (Large Magellanic Cloud) تبعد حوالي 160 ألف سنة ضوئية فقط، بينما تبعد مجرّة كانيس الكبرى القزمة (Canis Major Dwarf) 25 ألف سنة ضوئية فقط عن الأرض، ولكن مجرّة المرأة المسلسلة هي أقرب مجرّةٍ كبيرةٍ (Spiral galaxy) بالنسبة لنا. ^[4]

كم يبلغ حجمها؟

أشارت دراسات قديمة نسبياً إلى أن حجم مجرّة المرأة المسلسلة يبلغ أكثر من ضعفي حجم مجرّة درب التبانة، لكن وفقًا لبيانٍ صادرٍ عن المركز الدولي لأبحاث علم الفلك الراديوي (International Centre for Radio Astronomy Research) ICRAR تبين أن مجرّة المرأة المسلسلة أثقل من الشمس بمقدار 800 مليار مرة تقريباً، وهو ما يعادل تقريباً وزن مجرّة درب التبانة. ^[5]

متى تكونت مجرّة المرأة المتسلسلة، وممَّ تتكون؟

يُعتقد أن مجرّة المرأة المسلسلة تشكلت منذ حوالي 10 مليارات سنة، من خلال انهيار الجاذبية لسحابةٍ كبيرةٍ من الغاز والغبار، وبمرور الوقت تجمّعت هذه المواد معًا لتشكل النجوم، وفي النهاية الأذرع الحلزونية التي نراها اليوم. على الرغم من أن العمليات الدقيقة التي أدت إلى تكوين مجرّة المرأة المسلسلة لا تزال غير مفهومةٍ تمامًا، إلا أنه يتمُّ إجراء الكثير من الأبحاث لمحاولة كشف أسرار تكوين المجرّات.

مرَّ تطور مجرّة المرأة المسلسلة بعددٍ من التغييرات المُهمّة، فعلى سبيل المثال: منذ ما يقارب من 2 مليار سنة، شهدت المجرّة فترةً مكثفةً من تكوين النجوم، مما أدى إلى تكوُّن العديد من النجوم التي نراها في سماء الليل اليوم. يبلغ قطر هذه المجرّة حوالي 220.000 سنة ضوئية بينما عدد النجوم فيها حوالي 1 تريليون نجم، وهي مجرّةٌ حلزونية الشكل، وهيكلها مشابهٌ لهيكل مجرّتنا درب التبانة مع انتفاخٍ مركزي محاطٍ بقرصٍ مسطحٍ من النجوم، والغاز، والغبار.

تدور مجرّة المرأة المسلسلة أيضًا حول مجرّتين مرافقتين هما M32 وM110، بالإضافة إلى ذلك تحتوي المجرّة على حلقةٍ بارزةٍ من الغاز والغبار حول مركزها، والتي يُعتقد أنها تشكلت نتيجة اصطدامها بمجرةٍ أخرى منذ مليارات السنين. كما أنها غنيةٌ بالعناصر الثقيلة، مثل: الكربون، النيتروجين، الأوكسجين، وهذه بعض العناصر الأساسية لتكوين الكواكب والحياة كما نعرفها.

ما أهمية مجرّة المرأة المسلسلة في علم الفلك؟

تلعب مجرّة المرأة المسلسلة دورًا رئيسيًا في فهمنا للكون سواءً من حيث خصائصها أو علاقتها بالمجرّات الأخرى، فأحد الجوانب المُهمّة لدراستها هو علاقتها بمجرّة درب التبانة، ولأنها أقرب مجرّةٍ كبيرةٍ لمجرتنا، فهي توفر نقطة مقارنةٍ مهمةٍ لفهم خصائص وتطور مجرة درب التبانة، ومن خلال دراسة المرأة المسلسلة يمكن لعلماء الفلك معرفة المزيد عن تكوين وتطور المجرات بالمعنى العام، بالإضافة إلى خصائص وسلوك النجوم، والغاز، والمكونات الأخرى داخلها. ^[6]

هل تملك المجرّة ثقباً أسود؟

تكشف الصور الفلكية لمسبار هابل أن قلب مجرّة المرأة المسلسلة يتكون من حلقةٍ من النجوم القديمة الحمراء، وقرصٍ مكتشف حديثًا من النجوم الزرقاء الشابة، والقرص محصورٌ داخل مجال جاذبيةٍ لثقبٍ أسود هائل الكتلة أكبر بـ 140 مليون مرةً من كتلة شمسنا. ^[7]

كيف ستفنى مجرّة المرأة المسلسلة؟

تتجه المرأة المسلسلة نحو درب التبانة الآن، وسوف تصطدم بها خلال بضع مليارات من السنين القليلة القادمة، وعندما يحدث ذلك سيتمُّ دمج المجرّتين ثم سيكون هناك حقبة جديدة تمامًا من تكوين النجوم حيث يختلط الغاز في كلتا المجرتين معًا، ويتمُّ استهلاكه.
وفي نهاية المطاف جميع المجرّات المرتبطة ببعضها في هذه المنطقة سوف تندمج وتفنى لتشكل مجرّةً إهليلجيةً عملاقة. ^[8]