Published in: الصحة النفسية

التدفُّق النفسي

Author أ. بتول ندة

Published on: 18 مايو، 2023

أ. بتول ندة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

هو حالةٌ من المشاعر الإيجابية التي يشعر بها الفرد عند قيامه بنشاطاتٍ معينة تُعزّز لديه منسوب الطاقة، وتُفرز هرمونات السعادة والفرح لديه، وهو إثارةٌ داخليةٌ، ودافعٌ يُشجّع الفرد على القيام بجميع السلوكيات المُحبّبة لديه، على سبيل المثال: إذا كنت تُمارس مباراة كرة سلة، فإن تركيزك كله سوف يكون مُستغرِقاً في عضلات جسمك وقدميك، وكيف تحرّك يديك لتصيب الهدف.

فإنك في هذا الوقت تعيش النشاط الذي تحبُّه، وتمارسه، وتتعمّق فيه، وعند اقتراب الوقت من الانتهاء يمكن أن تكون متعباً لكنك لا تعطي أهميةً للتعب فقط الأولوية الآن لنشاطك، وما ورد مثال على مفهوم التدفُّق النفسي. ^[1]

ما هي فوائد التدفُّق النفسي؟

1- المتعة

التدفُّق النفسي يجعل النشاط الذي تقوم به ممتعاً ومرغوباً، ويضيف مشاعر الحماس والتحدي لك.

2- تنظيم الحاجات العاطفية

يجعلك تحافظ على طاقتك العاطفية، وتفكر قبل اتخاذ أي قرار، ويجعلك تنظّم حاجاتك العاطفية، فلا تضيّع وقتك، ولا تكبت مشاعرك حتى تظلَّ في حالة توازنٍ نفسي، على سبيل المثال: عندما تكون في حالة حب، وتلاحظ عادات لا تعجبك من الشريك، فإنه من الممكن أن تستغرق وقتاً في التدفُّق، وتفكر مع نفسك أكثر، وأنت في حالة من الارتياح، وكثير من التخيُّلات التي تلمع في ذهنك، فعند ذلك يمكنك أن تدرك إلى أين أنت ذاهب، وما القرارات التي عليك اتخاذها.

3- إضافة مشاعر جميلة

يُضفي عليك مشاعر المحبة، والسعادة، والعزيمة في النشاط الذي تقوم فيه أكثر من أي مهمَّةٍ أخرى أو نشاط لا تكون فيه في حالة تدفُّق، وذلك لأن المهمَّة في التدفُّق تصبح أكثر متعةً، وحماساً، وترفع لديك معدَّل النشاط والتركيز على الفور.

4- الرغبات والدوافع الذاتية

حيث إن حالة التدفُّق ترتبط بالعقل، وهي إيجابية مما يزيد من طاقة الحماس والدافع، فالدوافع الداخلية تتضمّن ممارسة نشاطات للفوز بالمكافآت الداخلية والنفسية، وتحقيق الرضا عن الذات، فتشعر بالفرح عند الفوز بما يقابله من مكافآت خارجية، مثل: الهدايا، والجوائز.

5- يعزز الأداء

يزيد من تعمُّقك وانخراطك بشكل إيجابي في المهمة التي تقوم بها، فهو يُحفّز ويُعزّز الأداء في نشاطات متعددة سواءً أكانت التعلُّم، أو ألعاب اللياقة، أو القوى، أو المسابقات المختلفة.

6- يزيد من الإتقان

يزيد من إتقانك لأداء مهارةٍ معينة، وغالباً ما نشعر بالتدفُّق عندما نمارس نشاطاً إبداعياً، على سبيل المثال: كتابة موضوع تعبير، أو رسم لوحة فنيّة، فإن التدفُّق يساعد في الإلهام، واستدراج الأفكار الإبداعية إلى العقل وتوظيفها. ^[2]  

ما هي خصائص التدفُّق النفسي؟

1- التركيز التام على النشاط المراد تحقيقه.

2- شعور الشخص بالسعادة، ومعرفة الغرض من قيامه بذلك سواءً من ناحية الأهداف أو المكافآت.

3- من المهمّ جداً التركيز على الوقت لتحقيق الهدف والتقدم.

4- التدفُّق النفسي صعبٌ، ولكنه ليس مستحيل التحقيق.

5- يجب أن يتواجد توازنٌ بين المهمَّة والتحدي، فالتدفُّق يعوّض الفشل بعد نشاط صعب، بالتالي يخلق إحساس المثابرة، ويشعر الأشخاص بالحماس مما يدفعهم للاستمرار في أداء المهمَّة.

6- يولِّد شعوراً نفسياً بالقيادة، والسيطرة على المهمَّة. ^[3]

كيف نصل إلى حالة التدفُّق النفسي؟

يمكننا أن نصل إلى حالة التدفُّق عن طريق القيام بالأمور الآتية: ^[4]

1- إزالة جميع المؤثرات الخارجية التي تؤثر على التركيز في أداء المهمَّة

إذا أردنا الدخول في حالة التدفُّق يجب أن نزيل جميع المؤثرات التي تُشتّت أفكارنا عن المهمَّة، لأنه في كل تجربة يتمُّ فيها إخراجك عن التركيز والانتباه سوف تنتقل أفكارك إلى مكان آخر بعيداً عن التدفُّق،

لذلك عليك التحلّي بالانتباه والتركيز الدقيق في النشاط لمدة لا تتجاوز 10 الى 15 دقيقة لتتمكن من الدخول في حالة التدفُّق، لذلك من الضروري إغلاق هاتفك، وإيقاف جميع الإشعارات الواردة إليه حتى لا يكون مصدراً للإزعاج وتشتيت الانتباه، وإبقاء الجو هادئ من حولك، ويعدُّ عنصر التركيز المفرط من أهمّ العناصر التي تسمح لك بالدخول في حالة التدفُّق.

2- إزالة التوتر والمُشتتات الداخلية

من المهمّ جداً التخلُّص من المؤثرات الخارجية إلى جانب إزالة العوائق والعوامل الداخلية، فمن الصعب الدخول في حالة التدفُّق وأنت تواجه الكثير من المشكلات الداخلية، وتحمل الكثير من الأشياء في عقلك، وبالتالي من الصعب للغاية أن تبقى على تركيزٍ مباشرٍ في المهمَّة التي تقوم بها، ولن تصل إلى حالة التدفُّق المطلوبة.

3- الاستماع إلى الموسيقى

خاصةً نمط الموسيقا الكلاسيكية أو النغمات الهادئة، فهي تساعدك كثيراً في الدخول في حالة التدفُّق لأنها تبعث في النفس الإحساس بالاسترخاء، وبالتالي تهيئة عقلك للدخول في حالة التدفُّق، وخصوصاً الاستماع للموسيقا باستخدام سماعات الأذن، فذلك يساعدك على منع المؤثرات الخارجية من التأثير عليك.

مثل: الثرثرة الصادرة عن زملائك في العمل، فالموسيقى لها عالمها الخاص، فهي تحافظ على ذهنك من الشرود، وتُبقيه تحت السيطرة لذلك حدّد أغنيةً واحدةً كررها 1 الى 2 ساعة، فإن ذلك يساعدك على دخول أسهل في حالة التدفُّق.

4- المهمَّة يجب أن تكون صعبةً، ولكنها ليست مستحيلة التحقيق

إذا كنت تريد الدخول في حالة التدفُّق، فيجب أن تكون المهمة صعبةً لكي يتمكن عقلك بالكامل من مشاركة المهمَّة، ولكن لا يجب أن تكون صعبةً للغاية لأن ذلك سوف يؤدي إلى دخولك في حالة من التوتر وفقدان الحماس، وهذا ما سوف يُعيق دخولك في حالة التدفُّق، وسوف تشعر بالتعب والإرهاق، ولن تستطيع الوصول إلى درجة اللاوعي المطلوبة لحالة التدفُّق.

أما إذا كانت المهمَّة سهلةً للغاية، فسوف تشعر أيضاً بالملل بشكل سريع، ومن الطبيعي أن تسرح في الشّرود لذلك لن تتمكن من الوصول إلى التدفُّق المطلوب، وكلما كان النشاط متوسط الصعوبة كان مستوى إبقاء عقلك مركزاً ومهتماً أكثر بكثير من الحالات السابقة، فسوف يعطيك ذلك إيحاءً بالمهارة والذكاء والقدرة على مواجهة التحدي دون أن تكون هنالك صعوبةً في الإنجاز.

5- الوصول إلى هدف محدَّد وتحقيق النتيجة المُرادة

على سبيل المثال: عندما لا يوجد وضوحٌ في حياتك حول ما تريد، وما هي أهدافك، فإن عقلك هنا سيحارب لأجل الوصول للانتباه والتركيز الأمثل، لذلك عليك تحديد خياراتك في الحياة لكي تتجنَّب هذه المشكلة، وعندما يتواجد شيءٌ في حياتك واضح ومحدد، فإن ذلك سيمنعك من الدّخول في حالة الشّرود والانحرافات العقلية الداخلية، لذلك عليك دائماً التفكير في المستقبل، وتحديد الأهداف التي تناسبك، وتبديل مهامك من الأصعب إلى الأقلّ وبالتدريج.

أمثلة عن حالات التدفُّق النفسي

يوجد الكثير من النشاطات والمهمَّات التي يدخل فيها الفرد حالة التدفُّق، ولكن يختلف كل فرد عن الآخر في النشاطات التي يختارها حسب الصعوبة، والأقلّ صعوبة إلى الممتعة، والسهلة بالتدريج، وبعض الأمثلة التي تؤدي إلى حالة التدفُّق: ^[5]

1- القيام بالتمارين الرياضية مثل: اليوغا.

2- قراءة الكتب والروايات.

3- التنزُّه في الحدائق.

4- الهوايات الفنية، مثل: العزف، أو الغناء، أو الرسم.

5- الاستماع للموسيقى الهادئة.