تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ جراحة البدانة من الجراحات الشائعة في عصرنا هذا، وهي تتمُّ بعدة تقنياتٍ حسب حالة المريض، والإمكانيات المتوافرة في المستشفيات، وتُجرى إما تنظيرياً، أو بالجراحة المفتوحة لدى الأشخاص البدينين وفق معايير محددة.

ما هي معايير القيام بجراحة البدانة؟

1- تُجرى الجراحة لدى الأشخاص البدينين المصابين بالسُّمنة المرضية، والسُّمنة المرضية بالتعريف هي كل مريضٍ يزيد مؤشر كتلة جسمه BMI عن 45 أو عن 30 شريطة أن يكون الشخص مصاباً بمرضٍ مزمنٍ متعلقٍ بسمنته، مثل: نوب انقطاع التنفس أثناء النوم، وذلك حسب التوصيات التي تمَّ تحديثها عام 2022.

2- يجب أن تُجرى جراحة البدانة بعد استنفاذ كافة الحلول الأخرى، لتخفيف الوزن، مثل: القيام بالحميات الغذائية، وإجراء التمارين الرياضية، واتباع علاجاتٍ دوائية باستشارة طبيب التغذية، ولا يُسمح بتعريض المريض لخطر الجراحة لمجرد اكتشافه أنه زائد الوزن.

3- لا يمكن القيام بجراحة البدانة في حال عدم استقرار وضع المريض الصحي والنفسي، مثل: مرضى القلب، وخاصةً المصابين بقصور القلب، وارتفاع الضغط غير المضبوط، والمصابين باعتلالات التخثُّر، وبعض الأمراض التي تحدث خلال التخدير العام، لذلك يتمُّ استشارة الطبيب المسؤول عن حال الشخص المرضية، وبعدها يُقرّر إجراء العمل الجراحي.

4- تُجرى جراحة البدانة لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النمط الثاني مع مؤشر كتلة جسمٍ أكبر من 30 إلى 34.9 كيلوغرام / متر مربع.

5- يجب مراعاة إجراء هذه العمليات في مراكز مختصة ذات إمكانياتٍ تقنية وصحية جيدة، وبوجود طاقمٍ طبي مختص، ويتألف من اختصاصي جراحة البدانة، وطبيب تخدير، وممرضين خبراء، وطبيب تغذية، واختصاصي جراحة تجميلية.

6- لا ينُصح بإخضاع المرضى الأطفال لجراحة البدانة دون وجود سببٍ مرضي خطيرٍ متعلّقٍ بحالتهم، ويتمُّ اللجوء للحلول البديلة للتخفيف من وزن المريض، لأن معظم الحالات تستفيد من نمط الغذاء والحركة. ^{[1] [2]}

ما هي الإجراءات الواجب القيام بها قبل العمل الجراحي؟

بعد اتخاذ القرار بإجراء العملية الجراحية للبدانة، يجب على الطبيب والمريض القيام بعدة أمور لضمان سلامة سير العملية، وخلوها من الاختلاطات التي تحدث عادةً في فترة الاستشفاء، ومن أهمّ هذه الإجراءات: ^{[3] [4]}

1- طلب الطبيب القيام ببعض التحاليل الدموية، وخاصةً تعداد الدم الكامل، للتأكد من عدم وجود حالة فقر دم، ومشاكل في تعداد الصفيحات الدموية، لأنها تزيد من خطر النزف أثناء العمل الجراحي.

2- التأكد من سلامة الوظيفة الكبدية، والكلوية، والبنكرياسية بالقيام بتحاليل كيميائية لناقلات الأمين الكبدية ALT، AST، وقياس مستوى البولة والكرياتينين المتعلقين بالحالة الصحية للكلية، وقياس الأميلاز والليباز البنكرياسي (المعثكلي).

3- يجب معرفة مستوى الشحوم الثلاثية والكولسترول الضار في الدم، وإجراء فحوصٍ شاملةٍ للغدد، لأن الأمراض الغدية تُسبّب السُّمنة في كثيرٍ من الحالات.

4- يطلب الطبيب من المريض إجراء صورةٍ بسيطةٍ للصدر، وتخطيط القلب الكهربائي، للتأكد من إمكانية إخضاع المريض للعمل الجراحي.

5- يجب تنبيه المريض إلى وجوب اتباعه حميةٍ غذائية بعد العملية وقبلها، وتجنُّب الأطعمة الحاوية على كثيرٍ من الملح، والتوابل، والدهون المُشبَعة، والسكريات، بالإضافة إلى إيقاف أي دواء مُميّع للدم لتجنُّب خطر النزف.

6- يتمُّ فتح خطين وريديين للمريض قبل إجراء التخدير العام، وذلك لتزويده بالسوائل والأدوية اللازمة أثناء العمل الجراحي، كما يتمُّ إجراء التنبيب الرغامي للمساعدة على التنفس.

ما هي الأساليب المُتّبعة في جراحة البدانة؟

تختلف طبيعة الأساليب التي يتبعها الطبيب الجراح حسب حاجة المريض ورغبته، وخبرة الطبيب بالطريقة المختارة، ويتمُّ أخذ رأي الأهل، وموافقتهم في حال كان المريض طفلاً، وتقسم الطرق إلى عنوانين أساسيين، وهما:

– الجراحة الهادفة إلى تصغير حجم المعدة (Restrictive procedure)، ليشعر المريض بالشبع بعد تناوله كميةً صغيرةً من الطعام.

– الجراحة التي تعمل على تقليل امتصاص السعرات الحرارية أو (الكالوريز) (Malabsorptive procedure) الذي يحدث في الأمعاء الدقيقة، وهذه الطرق بدءًا من الأشيع هي: ^{[1] [4] [5]}

1- المجازاة المعدية (Gastric Bypass)

هي من أشيع الإجراءات الجراحية في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ يتمُّ فيها قطع الجزء القريب من المعدة، وربطها من الأسفل مع جزءٍ من الأمعاء الدقيقة لتصغير حجمها، مما يجعل المعدة تمتلئ بسرعة بكمية قليلة من الطعام (حوالي 20 ميلي أي ما يعادل كوباً واحداً من الطعام)، أما القطعة الأخرى من المعدة، فتبقى للاستفادة من عصاراتها الهاضمة عبر ربطها مع قسمٍ آخر من الأمعاء الدقيقة، وتُصنّف هذه العملية على أنها تُصغّر من حجم المعدة، وتُقلّل أيضاً من السعرات الحرارية الممتصة.

2- ربط المعدة (Gastric Banding)

يقام هذا الإجراء في أوربا، وأمريكا الجنوبية، وأستراليا في الغالب، إذ يتمُّ ربط المعدة بتقنية التنظير باستخدام أداةٍ خاصة تطبق في القسم القريب منها، لتُبطئ من عملية تناول الطعام وهضمه، ويتمُّ التحكم بالرباط المستخدم عبر حقن محلول فيزيولوجي (محلول ملحي)، لشدّ الرباط أو تفريغه بقسطرةٍٍ موصولةٍ بخزانٍ احتياطي يوضع تحت جلد بطن المريض، ويتمُّ التحقُّق من سلامة ونجاح تركيب الرباط عبر جعل المريض يمضغ بعض الطعام، ومراقبة عملية البلع والهضم دون مشاكل.

3- قصُّ المعدة على شكل كم القميص (Gastric Sleeve Surgery)

تتمُّ هذه الجراحة بواسطة الأذرع الروبوتية في دول العالم المتقدم، وفيه يتمُّ ثقب جدار البطن الأمامي، وحقن غاز فيه ليمتلئ الجوف، وتصبح ساحة العمل الجراحي أفضل للرؤية، وبعدها يتمُّ وضع كاميرا عن طريق الثقب ذاته، وإجراء ثلاثة أو أربعة ثقوبٍ أخرى، لإدخال أذرع الروبوت فيها، ويتحكم فيها الطبيب عن بعد، ليقوم بقصّ جزءٍ من قاع المعدة، وجسمها بهدف تصغير حجمها لحجم كم القميص، وتزال القطعة المتبقية عبر الثقوب نفسها، ويتمُّ خياطة الجلد خياطةً تجميلية، لكيلا تترك ندباتٍ في المستقبل.

يجب بعد القيام بأي طريقة من الطرق السابقة أن تُعطى للمريض مجموعة من التوصيات، مثل: أخذ الصادات الحيوية بالجرعة الموصوفة ولمدةٍ زمنيةٍ كافية لتجنُّب حدوث الإنتانات، والتقيُّد بكمية الطعام ونوعيته لتجنُّب مشاكل الطريق الهضمي، مثل: التخمة، والإمساك، والالتصاقات، وغيرها.

وأخيراً إن جراحة البدانة علمٌ قائمٌ بحدّ ذاته، وهو خاضعٌ للتطور باستمرار، حيث إنه حسّن من حياة الكثير من الأشخاص، وخاصةً النساء من الناحية التجميلية والصحية، ولكن يبقى للعمل الجراحي مخاطره، لذلك يُفضّل اتباع الخطوات الصحيحة لإنقاص الوزن لدى كل شخصٍ يعاني من السُّمنة أو الزيادة في الوزن.