تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعتبر جدري الماء (Chickenpox) أو ما يُعرف بالحماق (Varicella)، من الأمراض الشائعة جداً عند الأطفال، وبشكلٍ خاص بين عمر 2 إلى 10 سنوات. رغم أنه قد يحدث أيضاً عند الأطفال الأكبر سناً، أو البالغين الذين لم يُصابوا بالحماق سابقاً، أو الذين لم يتلقوا اللقاح أبداً، ومع تطبيق اللقاح للأطفال في ألمانيا في عام 2004 انخفضت نسبة الإصابة كثيراً من 750 ألف حالة إلى 22 ألف حالة سنوياً.

عادةً ما يُشفى بشكلٍ عفويّ، ويترك مناعةً دائمة، ولكن في بعض الحالات، كالإصابة بجدري الماء عند الأطفال مُضعفي المناعة أو الذين يتلقون علاجاً كيماوياً قد تحدث مضاعفاتٌ خطرةٌ مهددةٌ للحياة، وبالتالي من المهمّ التأكيد على أهمية اللقاح، وإبعاد الطفل المصاب بجدري الماء عن الأشخاص مُضعفي المناعة، أو الحوامل، أو الأطفال الخدج (المولودين قبل تمام الحمل). ^[1]

ما هو جدري الماء عند الأطفال؟

إنتانٌ فيروسيٌّ حادٌّ يحدث فيه بثورٌ مع حويصلات جلدية مُعمّمة وحاكة، ويحدث بسبب فيروسٍ يُسمى الفيروس الحماقي النطاقي (Varicella -Zoster Virus )، وتبقى الحالة العامة في جدري الماء جيدةً عادةً عند الأطفال الأصحاء ذوي المناعة الجيدة، ولكن الإصابة تكون خطيرةً عند الأطفال المُضعفين مناعياً، وعند البالغين، والنساء الحوامل.

في بداية الإصابة يبقى الفيروس في الجسم ضمن العقد العصبية الحسية كامناً دون أعراضٍ سريرية، وعندما يحدث ضعف مناعةٍ في الجسم يتمُّ إعادة تفعيل الفيروس، ويحدث ما يُعرف (Herpes zoster) داء المنطقة. ^[2]

كيف تتمُّ العدوى؟

1- تتمُّ عن طريق الرذاذ (القُطيرات التنفسية).

2- التماس المباشر مع الشخص المصاب، أو لمس الحويصلات، أو البثور، أو السائل الموجود ضمنها.

3- كما ينتشر عن طريق الهواء، وذلك من خلال التواجد في غرفةٍ واحدةٍ مع شخصٍ مصابٍ بجدري الماء.

4- في بعض الحالات قد ينتقل من الأم المصابة بجدري الماء إلى الطفل عن طريق المشيمة.

5- كما يمكن أن ينتقل من الأم المصابة بجدري الماء إلى الطفل الرضيع حديث الولادة. ^[3]

كيف يتمُّ تشخيص جدري الماء عند الأطفال؟

1- يتمُّ التشخيص عادةً اعتماداً على الأعراض السريرية، وغالباً لا يوجد حاجة لتحاليل مخبرية.

2- يمكن عزل الفيروس من الحويصلات في بعض الحالات فقط.

3- لا يوجد داعٍ لإثبات وجود أضداد جدري الماء في المصل إلا في حالاتٍ خاصة. ^[6]

ما هي الأعراض السريرية للإصابة بجدري الماء عند الأطفال؟

يحدث في البداية أعراضٌ عامة من حمى، وصداع، وتعب، ثم يظهر طفحٌ جلديٌّ أحمر اللون، ويُسبّب حكةً، ويتميز الطفح في جدري الماء بأنه يأخذ توزعاً مركزياً في الجسم أي يتواجد بشكل أساسي على الجذع، والوجه، وفروة الرأس، ونادراً ما يتواجد على الأطراف.

يتطور الطفح بسرعة خلال 12 إلى 14 ساعة إلى حويصلاتٍ ومن ثمَّ إلى بثور، وبعد يوم إلى يومين يصبح السائل الموجود في البثور عكراً، ويبدأ بالجفاف والتقشر، وتكون الاندفاعات الجلدية (الحويصلات والبثور) حاكةً بشدة. يمكن أن يستمر ظهور بقعٍ جديدة من الطفح لمدة 3 إلى 5 أيام، وبالتالي قد تظهر جميع مراحل الاندفاعات معاً في وقتٍ واحد. تبدأ القشور بالتساقط بعد حوالي أسبوع إلى أسبوعين، وتترك مكانها ندوباً، وبشكلٍ خاص في حال وجود إنتانٍ جرثوميّ موضعيّ مُرافقٍ لها. ^[4]

ما هي المضاعفات المرافقة للإصابة بجدري الماء عند الأطفال؟

غالباً ما يتمُّ الشفاء عند الأطفال، وفي حالاتٍ نادرةٍ قد تحدث المضاعفات التالية: ^[7]

1- إنتانٌ ثانويٌّ للآفات الجلدية (Secondary infection): ويُعتبر أشيع مضاعفات جدري الماء، ويحدث بسبب جراثيم المكورات العنقودية. تدخل الجراثيم إلى داخل الحويصلات، وقد تنتقل منها إلى الدم مسببةً إنتان دم.

2- ذات (التهاب) رئة حماقية (Pneumonia).

3- التهاب دماغ (Encephalitis).

4- متلازمة راي (Reyes ‘s Syndrome).

5- التهاب العضلة القلبية (Myocarditis).

6- التهاب كبدٍ وكلية (Glomerulonephritis).

7- التهاب بنكرياس (Pancreatitis).

8- التهاب خصية (Orchitis).

9- التهاب مفاصل ( Arthrit).

ماذا يحدث في حال إصابة الحامل بجدري الماء خلال الحمل؟

في حال إصابة الأم في الأشهر الأولى (قبل الأسبوع العشرين للحمل) قد يحدث عند الطفل حديث الولادة ما يُعرف بمُتلازمة الحماق الخلقي، (Congenital varicella syndrome) والتي قد تتظاهر ب: ^[5]

1- ضمورٌّ دماغيٌّ مع اختلاجاتٍ وتخلفٍ عقليّ لاحقاً.

2- صغرٌ في حجم العين مع ضمور في العصب البصري، والتهاب شبكية، وسادٌ عيني.

3- ضمورٌ في الأطراف.

وفي حال إصابة الأم في الفترة الممتدة من 5 أيام قبل الولادة حتى يومين بعد الولادة، يحدث ما يُسمّى الحماق الوليدي (Neonatal varicella)، وهو حالةٌ خطرةٌ مهددةٌ للحياة.

كيف يتمُّ علاج جدري الماء عند الأطفال؟

1- يجب عدم إرسال الطفل إلى الحضانة أو المدرسة حتى تتقشر جميع الآفات.

2- شرب كمياتٍ كافية من السوائل.

3- تناول باراسيتامول (Paracetamol) لتسكين الألم، وخفض الحرارة.

4- قصُّ أظافر الطفل كي لا يقوم بحك الحويصلات وجرحها، وبالتالي يحدث إنتانٌ ثانوي.

5- يمكن إعطاء مضادّات الهيستامين لتخفيف الحكة.

6- الاستحمام بمياه باردة دون استخدام الإسفنجة (الليفة) مع التجفيف دون فرك الجلد.

7-  ارتداء ثيابٍ واسعةٍ فضفاضة.

8- لا يجب استعمال بروفن (Ibuprofen) لأنه يزيد من شدة الإصابة، وقد يسبب تنخراً في الجلد.

9- لا يجوز استعمال الأسبرين (Aspirin) بسبب خطر الإصابة بمتلازمة راي (قصور كبد مع اعتلال دماغ عند الطفل).

10- عدم الاقتراب من الأطفال حديثي الولادة، أو الحوامل، أو الأشخاص ضعيفي المناعة. ^{[7] [8]}

11- يتمُّ إعطاء دواء أسيكلوفير (Acyclovir) وهو مضادٌّ فيروسيٌّ.

متى يتمُّ أعطاء دواء أسيكلوفير؟

1-  الأطفال الذين يعانون من ضعف في المناعة، كالأطفال المصابين بسرطان الدم، أو الأمراض المناعية، أو فيروس نقص المناعة المُكتسب (الإيدز).

2- الأطفال الذين يأخذون أدويةُ كابتةً للمناعة، أو السيتروئيدات القشرية، أو الذين يتلقون علاجاً كيماوياً.

3- الأطفال المصابين بأمراض قلبية أو رئوية خطيرة.

4-  الأطفال المصابين بأعراض جلدية شديدة.

5-  الأطفال بعمر أقل من شهر.

كيفية الوقاية

1- يُعطى اللقاح للأطفال بعمر أقل من 13 سنة، ويُعطى على جرعتين، الجرعة الأولى بين عمر 12 إلى 15 شهر من عمر الطفل، والجرعة الثانية بين عمر 4 إلى 6 سنوات.

2- في حال كان عمر الطفل 13 سنة أو أكثر ولم يحصل على اللقاح سابقاً، فيجب أن يحصل على جرعتين بفارق 28 يوماً بينهما. وفي بعض الحالات لا ينبغي أن يُعطى اللقاح للأطفال وهي:

• وجود حساسيةٍ من اللقاح أو أي جزءٍ من مكوناته.
• وجود اضطرابٍ في جهاز المناعة عند الطفل.
• وجود إصابةٍ فعّالةٍ بالسلّ.
• تمَّ أخذ لقاح حيّ مُضعفٍ منذ مدةٍ قصيرة. ^[9]