Skip links
رجل يشير للسماء بيده وبجانبه جهاز تلسكوب

الطاقة المظلمة، والافتراضات الأقل شهرةً حولها

الرئيسية » المقالات » الفضاء » الطاقة المظلمة، والافتراضات الأقل شهرةً حولها

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كيف بدأ التفكير بوجود الطاقة المظلمة؟

مثل العديد من النظريات والاكتشافات العلمية، تمّ اكتشاف الطاقة المظلمة (Dark Energy) من خلال النتائج التعاونية لعلماء مختلفين مع مرور الوقت، فلا يُنسب لعالمٍ واحدٍ بعينه، حيث يعود اكتشاف الطاقة المظلمة إلى عشرينيات القرن الماضي.

عندما افترض عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل (Edwin Hubble) الذي سُمّي تلسكوب هابل الفضائي باسمه أن المجرّات تسافر بعيداً عن مجرّتنا (درب التبانة). علاوة على ذلك، افترض أنهم كانوا يتحركون بمعدلات سرعة تتناسب مع المسافة التي كانوا يسافرونها، وبالتالي كوننا لم يعد الكيان المستقر كما كان يُعتقد، وبدلاً من ذلك بدا كياناً متنامياً بشكلٍ كبير.

وبالرغم من إثبات توسُّع الكون، وإثبات أن هذا التوسُّع يتسارع مع مرور الوقت، وجميع ملاحظاتنا الكونية تدعم هذه النتيجة، إلا أننا مازلنا لا نملك تفسيراً حقيقياً لهذا التوسُّع، لكننا نعرف يقيناً أن العامل المُسبّب لهذا التوسُّع سيكون قادراً على أن يتغلب على الجاذبية في الكون، وهذا العامل المبهم هو ما يسمّى الطاقة المظلمة، وهذا المصطلح تمّ إطلاقه لأول مرة في عام 1999، على يد الفيزيائي مايكل تورنر  (Michael Turner). [1]

ما هي الطاقة المظلمة؟

الطاقة المظلمة هي شكلٌ افتراضيٌّ من أشكال الطاقة اقترحه الفيزيائيون لتفسير سبب التوسُّع الكبير جداً للكون، وتمثل ما بين 68 بالمئة إلى 72 بالمئة من إجمالي طاقة الكون والمادة، ما يعني أنها تهيمن بشكلٍ كبيرٍ على كل من المادة (Matter).

ويمكن مجازاً قول إن الطاقة المظلمة هي “النظير الشرير” للجاذبية (Evil counterpart” to gravity) أو لنقل إن الطاقة المظلمة تُعتبر مضادةً للجاذبية، فهي توفر ضغطاً سلبياً يملأ الكون ضمنه نسيج الزمكان (Spacetime)، فتدفع الأجسام الكونية بعيداً عن بعضها البعض بمعدلٍ سريعٍ متزايدٍ بدلاً من تجميعها معاً كما تفعل الجاذبية. ومع ذلك، يعتبر هذا التعريف افتراضياً، ولا يخلو الأمر من افتراضاتٍ أخرى.

ما هي الافتراضات الأخرى الأقل شهرةً عن الطاقة المظلمة؟

البعض يعرف الطاقة المظلمة بأنها طاقة الفراغ للفضاء أو القوة الخامسة المسؤولة عن الضغط السلبي الذي قد يسبّب التوسُّع الكبير المتسارع للكون، والبعض يفترض أن الطاقة المظلمة هي مجموعةٌ من النكهات  (Flavors) المختلفة للحقول.

يعتقد بعض العلماء أن الطاقة المظلمة يمكن أن تكون نوعاً من مائع (Fluid) أو حقل (Field) يملأ الفضاء، ويتصرف بطريقةٍ معاكسةٍ للمادة العادية، ويمكن أن يختلف في كميته وتوزيعه عبر الزمان والمكان، هذه النسخة المفترضة من الطاقة المظلمة أُطلق عليها اسم الجوهر (Quintessence).

وذلك نسبةً إلى العنصر الخامس النظري الذي ناقشه الفلاسفة اليونانيون القدماء حتى أن بعض العلماء اقترحوا أن الجوهر يمكن أن يكون مزيجاً من الطاقة المظلمة والمادة المظلمة، على الرغم من أن الاثنين يعتبران حالياً منفصلين تماماً عن بعضهما البعض.

وهنالك فرضية تشوُّهات النسيج الكوني، حيث تفترض هذه النظرية أن الطاقة المظلمة يمكن أن تكون نوعاً من التشوُّهات أو العيوب (Defect) في نسيج الكون، وهي عبارة عن “تجاعيد” (Wrinkles) افتراضية أحادية البعد يعتقد أنها تشكلت في الكون المبكر. يفترض آخرون أن الطاقة المظلمة ليست شيئاً مادياً يمكننا اكتشافه، بل إنه من الممكن أن تكون هناك مشكلة مع النسبية العامة ونظرية آينشتاين في الجاذبية، وكيفية عملها على نطاق الكون المرئي.

ضمن هذا التفسير، يُعتقد أنه من الممكن تعديل فهمنا للجاذبية بطريقةٍ تشرح ملاحظات الكون دون الحاجة إلى الطاقة المظلمة أصلاً، وذلك بناءً على فكرةٍ لآينشتاين في عام 1919 تسمّى الجاذبية الأحادية (Unimodular gravity)، وهي نسخةٌ معدلةٌ من النسبية العامة. تظل كل هذه التعريفات افتراضيةً بحتة، وبعيدة حتى الآن عن الإثباتات المخبرية. [2] [3]

 ما العلاقة بين الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل والطاقة المظلمة؟

الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل ((WIMPs) Weakly Interacting Massive Particles) هي جسيمات دون ذرية ثقيلة بشكلٍ كبيرٍ جداً، ومحايدة الشحنة، ويُفترض أنها المكون الرئيسي للطاقة المظلمة، ويُعتقد أنها تشكل ما بين 90-95 بالمئة من جميع الجسيمات الموجودة في الكون.

وما يشير إلى أن هذه الجسيمات محايدة هو عدم وجود طيفٍ ضوئي تمتصه أو تبعثه، ولهذا السبب، فهي غير مرئية بالنسبة لنا، بالتالي الجسيمات الضخمة ضعيفة التفاعل تشترك مع الطاقة المظلمة بكونها لا تتفاعل مع الإشعاع الكهرطيسي بأي شكلٍ من الأشكال المعروفة لدينا.

ومن المتوقع أن تتحرك هذه الجسيمات الافتراضية ببطءٍ عبر المكان والزمان بسبب وزنها الكبير بشكلٍ غير طبيعي، ولا يمكن اكتشاف وجودها إلا من خلال أشعة جاما التي يتمّ إطلاقها عندما تقضي على بعضها البعض.

ولا تزال تجري العديد من الأبحاث لقياس خصائص الجسيمات الثقيلة ضعيفة التفاعل من خلال ملاحظة طبيعة تصادماتها، وكيفية إبادة بعضها البعض في مسرعات الجسيمات والسيكلوترونات، وبناءً على كل هذه الخواص يعتقد بوجود صلةٍ بين هذه الجسيمات والطاقة المظلمة، لكن هذا لا يزال قيد الدراسة والبحث. [4]

ما العلاقة بين الطاقة المظلمة والثابت الكوني؟

تمّ اقتراح الثابت الكوني (Cosmological constant) في البداية من قبل ألبرت آينشتاين كجزءٍ من معادلاته في النسبية العامة، لكنه لم يكن مقبولاً أبداً في البداية لأنه يتناقض مع الفكرة السائدة آنذاك عن الكون الثابت، فالثابت الكوني يفترض وجود كونٍ متنامٍ وليس ثابتاً، لذلك تمّ التخلي عن الثابت الكوني.

لكن مع اكتشاف توسُّع الكون يعود الثابت الكوني إلى الظهور لتفسير الطاقة المظلمة، وبذلك يُفترض وفقه أن الفضاء يحتوي على كثافة طاقة ثابتة هي الطاقة المظلمة، وهي في كل منطقة من الفضاء، والتي تسبّب التوسُّع المتنامي للكون.

ومع ذلك، فإن هذا المفهوم في حدّ ذاته لا يمكن أن يفسر الملاحظات بشكلٍ كامل. في الواقع، القيمة المتوقعة للثابت الكوني بناءً على نظرية المجال الكمي (Quantum field theory)  أكبر بنحو 120 مرة من القيمة المرصودة. هذا الانحراف الكبير بين النظرية والملاحظة غير مبرر حالياً، ويشكل مشكلةً كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن توقيت التوسُّع المتسارع لا يزال تساؤلاً كبيراً غير مفسّرٍ بدقة. [5]

المراجع البحثية

1- Energy, J. (2023, September 11). Dark Energy: the biggest mystery in our expanding universe. Just Energy. Retrieved March 18, 2024

2- Lea, R. (2022, November 24). What is dark energy?. Space.com. Retrieved March 18, 2024

3- What is Dark Energy? Inside our accelerating, expanding Universe. (n.d.). Retrieved March 18, 2024

4- Banani, A. (2023, July 2). What is Dark Energy and How is it Affecting Our Universe?. Retrieved March 18, 2024

5- Scottez, V. (2023b, September 15). What is and what could be dark energy?. Euclid Consortium. Retrieved March 18, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.