Skip links
امرأة كبيرة في السن تنظر للعبة البوزل وتضع اصبعا أسفل رأسها

الزهايمر

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

أحد أكثر الأمراض انتشاراً بين كبار السن، ومن أكثر الأسباب المُسبّبة للوفيات عند المُسنّين، يُشكل داء الزهايمر أحد الأمراض المُستعصية، والتي تجعل حياة الشخص المُصاب صعبةً.

ما هو داء الزهايمر؟

الزهايمر أو العته الشيخي هو مرضٌ عصبيٌّ مترقٍّ يصيب بشكلٍ رئيسي المُسنين من عمر 65 وما فوق، ينتج عن هذا المرض أعراضٌ عصبيةٌ مختلفةٌ تُحدّد مقدرة المريض على القيام بالمهامّ اليومية الاعتيادية، وكما يُشكل أحد أهمّ أسباب الوفاة عند المُسنين حالياً، ويُشكّل سابع أشيع سببٍ للوفاة في الولايات المتحدة الأمريكية.

وقد شهدت السنين السابقة تزايداً ملحوظاً في أعداد المصابين الأمر الذي يُعزى لتزايد متوسط عمر الفرد الأمر، والذي بدوره يؤدي إلى تزايد احتمال الإصابة بالمرض، ولم تترافق هذه الزيادة بالإصابات بزيادةٍ في حالات التعافي، وذلك لكون العلاج الأساسي للمرض هو علاجٌ تلطيفيٌّ لتخفيف الأعراض دون علاج الأسباب الكامنة وراء هذا المرض. [1]

ما هي أعراض وعلامات داء الزهايمر؟

تختلف الأعراض بشكلٍ واضحٍ من شخصٍ إلى آخر، لكن يمكن أن يراجع المريض الطبيب بأحد الشكايات التالية:

1- ضعفٌ في الذاكرة، وصعوبةٌ في تذكُّر المعلومات الحديثة (أشيع الأعراض وأسرعها ظهوراً).

2- صعوبة تكوين الكلمات والجمل.

3- ضعف المحاكمة العقلية.

4- مشاكل متعددة في الرؤية.

5- ضعفٌ في حاسّة الشم.

6- صعوباتٌ في الحركة.

وذلك بالإضافة إلى الأعراض النفسية المختلفة، كالاكتئاب، والهلوسة السميعة، والأوهام، وغيرها من الأعراض التي غالباً ما تشير إلى مراحل متقدمةٍ من الإصابة بالمرض، إلا أن بعض هذه الأعراض قد تكون طبيعيةً عند المُسن دون وجود سببٍ مرضيّ لها خاصةً مشاكل الذاكرة حيث إنها تحدث بسبب التخرُّب الطبيعي لمكونات الدماغ عند المُسنين، وبسبب هذه الأعراض يتمُّ التشخيص بشكلٍ خاطئٍ بالإصابة بداء الزهايمر، ووصف الأدوية اللازمة لعلاج هذا المرض. [1]

ما هي مُسبّبات داء الزهايمر وعوامل الخطر المُتعلقة؟

تنتج الأعراض التي تظهر على مرضى المصابين بداء الزهايمر نتيجة اجتماع عدة عوامل تصيب النسيج العصبي للدماغ، فيُلاحظ وجود تكوّن معيبٍ للبروتينات ضمن الدماغ على شكل لويحاتٍ يُطلق عليها اسم لويحات أميلويدAmyloid) plaques)، بالإضافة إلى وجود تشكيلاتٍ ليفيةٍ خيطيةٍ متشابكة سُمّيت تشابكات تاو (Tau tangles) بالإضافة لعدد من التغيرات الأخرى التي تُصيب النسيج الدماغي.

والتي يُعزى إليها جزئياً حدوث الإصابة بداء الزهايمر حيث إن هذه التشكيلات المعيبة للبروتينات تؤدي إلى تخرُّب النسيج الدماغي العصبي المحيط بها، وهذا الأمر يؤدي إلى أعراض داء الزهايمر حيث تختلف الأعراض باختلاف مكان تشكُّل هذه البروتينات. تمَّت الملاحظة حديثاً أن مكان تشكُّل هذه اللويحات يحدث أولاً ضمن منطقة من الكرة المُخيّة تُدعى بحصان البحر الحصين (Hippocampus).

بالإضافة إلى تشكُّلها في القشرة الداخلية المُخّية، وكلا المنطقتين تلعبان دوراً أساسياً في تكوين الذكريات وتخزينها، الأمر الذي يُفسّر ظهور أعراض اضطرابات الذاكرة أولاً لدى مرضى الزهايمر، ولكن مع تقدُّم المرض تزداد تجمُّعات البروتينات المعيبة، وتتجمع في أماكن أخرى ضمن الدماغ، ويحدث المزيد من التخريب في الكرة المُخيّة مما يزيد الأعراض سوءاً.

ما هو سبب التشكُّل المعيب للبروتينات ضمن الدماغ؟

لا تزال العوامل المُحرّضة لتشكُّل هذه البروتينات غير محددةٍ بشكلٍ دقيقٍ إلا أنه يمكن القول إن تشارك بعض العوامل الوراثية، والبيئية، والاجتماعية، والصحية يمكن أن يُسرّع عملية تشكُّل هذه البروتينات، وتشمل هذه العوامل:

1- الإصابة بالأمراض الوعائية القلبية، وارتفاع الضغط.

2- البدانة.

3- الإصابة بداء السكري.

4- عدم اشتراك المُسنين بالنشاطات الاجتماعية، والرياضية المختلفة.

يسعى العلماء حديثاً إلى تحديد مجموعةٍ من الجينات والمورثات التي قد تكون السبب في تشكُّل البروتينات المعيبة، فإن النجاح في تحديد هذه العوامل الوراثية يساعد في وضع التشخيص في عمر مبكر، والبدء في العلاج قبل ظهور الأعراض، وبالنتيجة تخفيف آثار المرض وتأخير ظهوره قدر المُستطاع.

حتى الآن تمَّ تحديد أكثر من 70 مورثة ذات صلةٍ بداء الزهايمر وأعراضه ثلاثة من هذه المورثات فقط تمّ ربطها مباشرةً بتشكل البروتينات المعيبة، والإصابة بداء الزهايمر إلا أن العديد من المصابين بداء الزهايمر لم تظهر لديهم أي من هذه المورثات. [1]

ما هي الوسائل التشخيصية لداء الزهايمر؟

يعتمد التشخيص على المعلومات والأعراض التي يراجع بها المريض الطبيب، كضعف الذاكرة، والمشاكل الحسية، والحركية المختلفة، بالإضافة إلى الفحوص المخبرية (دراسة عينات من الدم والسائل الدماغي الشوكي)، والصور الشعاعية (صور الرنين المغناطيسي MRI، والطبقي المحوري CT)، والتي تشكل عاملاً داعماً في تأكيد الإصابة بداء الزهايمر حيث يظهر الدماغ في الحالات المتقدمة على جهاز الرنين المغناطيسي بضمورٍ مُعمّم للقشرة المُخيّة، وتخريبٍ واسعٍ في جميع أجزاء الدماغ.

إن وضع التشخيص الباكر يساعد في منع حصول التدهور السريع للحالة الذهنية للمصاب، وخاصةً أن التشكلات المعيبة قد تظهر في الدماغ قبل عشرة سنين أو أكثر من ظهور أي عرضٍ من أعراض الزهايمر، وعليه فإن الكشف الدوري عن أي تجمُّعاتٍ ليفيةٍ أو تجمُّع بروتينات معيبة تساعد في وضع التشخيص المبكر، والبدء بالعلاج المناسب أبكر ما يمكن. [1]

ما هو تدبير داء الزهايمر والأدوية المُستخدمة؟

حالياً، لا يوجد دواءٌ واحدٌ قادرٌ على إيقاف تقدُّم المرض أو إصلاح التخريب الحاصل في الدماغ، حيث تعمل معظم الأدوية الحالية على تحسين حياة المصاب، وتأخير ظهور الأعراض قدر المستطاع، وتشمل هذه الأدوية: [2]

1- أدوية من النمط ACHE

يشمل هذا النمط (Donepezil ،Galantamine ،Rivastigmine)، وهذه الأدوية تعمل على زيادة الناقل العصبي أستيل كولين (Acetylcholine) داخل الدماغ، وهو ناقلٌ عصبيٌّ ضروريٌّ للتواصل بين أجزاء الدماغ المختلفة، واستخدام هذه الأدوية في الحالات المُشخّصة باكراً أثبت دوره في تأخير ظهور الأعراض، وإبطاء عملية التخريب للمخ عند المصابين لذلك تظهر فعالية هذه الأدوية بشكلٍ أفضل لدى المرضى المُشخَّصين بداء الزهايمر الخفيف إلى المتوسط، بينما الجدوى من استخدام هذه الأدوية في الحالات الشديدة لا تزال غير مثبتة.

2- ميمانتين Memantine

هذا الدواء يعمل على تخفيف تأثير مادة تُدعى (Glutamate)، والتي لها دورٌ في تخريب البنية العصبية عند مرضى الزهايمر، أثبت هذا الدواء فعاليته في الحالات الشديدة والمتوسطة الأمر الذي يجعله الخط الثاني للعلاج عند المرضى غير المستفيدين من أدوية ACHE.

3- الأدوية النفسية

الأعراض النفسية المختلفة (الهلوسة، والاكتئاب) التي تظهر في الحالات الشديدة من داء الزهايمر تتطلب وصف أدويةٍ نفسيةٍ لتخفيف هذه الأعراض دون أن تساهم في إبطاء تطوّر المرض. حديثاً يتمُّ اختبار أدويةٍ مرخصةٍ من قبل FDA آخرها (Leqembi)، وهو دواءٌ يعمل كعاملٍ معاكسٍ للبروتين (Amyloid)، والذي يعدُّ أحد العوامل الرئيسية في تخرُّب الدماغ، حيث يشكل هذا الدواء الأول من نوعه، والذي يستهدف هذا البروتين. [3]

وتتركز الاختبارات حالياً على تحديد الفوائد المرجوَّة من هذا الدواء عند المرضى في الحالات المتقدمة من داء الزهايمر، فقد يشكل هذا الدواء قفزةً نوعيةً في تحسُّن حياة المرضى. وهنا يجب الذكر أن أحد أهم جوانب مواجهة داء الزهايمر هو ممارسة الرياضة، والاشتراك بالنشاطات الاجتماعية المختلفة، وخاصةً في الأعمار المُتقدمة حيث إن هذه الفعاليات لها دورٌ مثبتٌ في تحسين صحة الدماغ، وتخفيف الأعراض النفسية لداء الزهايمر.

المراجع البحثية

1- Alzheimer’s Disease fact Sheet. (n.d.). National Institute on Aging. Retrieved July 21, 2023

2- Website, N. (2023a, April 27). Treatment. nhs.uk. Retrieved July 21, 2023

3- FDA Advisory Committee Confirms Efficacy of Leqembi. (n.d.). Alzheimer’s Disease and Dementia. Retrieved July 21, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.