Published in: أمراض

سرطان الغدة الدرقية – كيف يحدث؟ أنواعه، أعراضه وطرق علاجه

Author د. سوزين بلال

Published on: 1 أكتوبر، 2023

د. سوزين بلال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعدُّ سرطان الغدة الدرقية من السرطانات التي تُصيب النساء أكثر من الرجال بنسبة ثلاثة أضعافٍ بعمر الثلاثين أو المُسنين في عمر الستين، وله أنواعٌ كثيرةٌ تختلف حسب طبيعة الخلايا، وقد تكون ذات أعراض مُهمّة أو لا عرضية تُكتشف صدفةً بالوسائل الاستقصائية المختلفة.

كيف يحدث سرطان الغدة الدرقية؟

الغدة الدرقية هي عضوٌ على شكل الفراشة تتوضَّع في قاعدة العنق وظيفتها الحفاظ على استقلاب الجسم، يحدث فيها السرطان عن طريق تغييرات في الحمض النووي للخلايا الموجودة في نسيج الغدة، فتحرُّضها على التكاثر بشكل عشوائي وسريع، وتحوُّلها إلى خلايا ورمية، فيتغيَّر شكل النواة، وتصبح مشوهةً، وتختلف مكونات بلازما الخلية، ويتفعَّل موت الخلايا الأساسية السليمة بفعل الجهاز المناعي للجسم.

وقد تنتشر الخلايا الورمية إلى مناطق أخرى، مثل: العقد اللمفاوية حول العنق، فتتضخَّم هذه العقد، وتصبح بارزةً عبر الجلد. إن السبب الأساسي وراء هذه التغييرات أو الطفرات في الحمض النووي غير معروفٍ تماماً لكن توجد عدة عوامل خطورة بيئية إضافةً إلى العوامل الجينية الأساسية. ^[1]

ما هي عوامل الخطورة في سرطان الغدة الدرقية؟

لا توجد عوامل خطورة مباشرة في سرطان الغدة الدرقية، ولكن أثبتت الدراسات العلاقة بين الإصابة وأحد العوامل التالية: ^{[1] [2]}

1- التعرُّض للإشعاع عبر تقنيات التصوير الإشعاعية لمدةٍ طويلةٍ بهدف فحص مرضٍ معين أو لمدة قصيرة، وجلساتٍ متكررة وجرعاتٍ عالية بهدف معالجة سرطانات في منطقة الرأس والعنق.

2- تضخُّم الغدة الدرقية لعدة أسباب، مثل: إصابة المريض بقصورٍ الغدة الدرقية، أو فرط إفرازها للهرمونات في بعض الأحيان، أو ظهور عقيدات سليمة قد تتحول لخبيثة في حالات نادرة.

3- إصابة الغدة الدرقية بالتهاباتٍ بشكل حاد، أو مزمنٍ بسبب فيروسي، أو جرثومي، أو مناعي.

4- وجود سوابق إصابة عائلية بسرطان الغدة الدرقية، وخاصةً عند الأقارب من الدرجة الأولى، مثل: الوالدين، والإخوة.

5- عوامل أخرى، مثل: السُّمنة، وزيادة الهرمونات الجنسية الأنثوية، ونمط الحياة الغذائي، وصحة المريض النفسية، والعادات السيئة، مثل: التدخين، وغيرها التي ما زالت غير مؤكدة.

ما هي أنواع سرطان الغدة الدرقية؟

يختلف نوع سرطان الغدة الدرقية باختلاف نوع الخلايا التي تُفحص تحت المجهر في مخبر التشريح المرضي، وتتدرج هذه الأنواع في الخطورة، وهي: ^[3]

1- السرطان الحليمي (Papillary Carcinoma)

يحدث هذا النوع لدى النساء في سن الثلاثين بشكل أكبر، ويعدُّ من أفضل الأنواع إنذاراً لأن نموّه بطيء، ويستجيب بشكل جيد للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، ويُشكّل 80 بالمئة من مُجمل سرطانات الغدة الدرقية.

2- السرطان الجريبي (Follicular Carcinoma)

يشيع عند المُسنّين بعد عمر الستين، ويُعدُّ أكثر خطورةً من النوع السابق كونه ينمو بشكل أسرع، ولا يستجيب جيداً للعلاج، ويشكل نسبة 8 بالمئة من سرطانات الغدة الدرقية.

3- السرطان النخاعيني (Medullary Carcinoma)

يعدُّ من الأنواع الخطيرة التي تُصيب الخلايا C الموجودة في الغدة الدرقية، والمسؤولة عن إفراز الكالسيتونين مما يؤدي إلى ارتفاعه في الدم.

4- السرطان اللا تنسجي (Anaplastic Carcinoma)

هو من أخطر الأنواع، ومعدل الوفاة فيها مرتفع لأنه يُسبّب صعوبةً في البلع، وضيقاً في التنفس، وينتشر بسرعة، ولا يستجيب للعلاج بشكل جيد. وغيرها من الأنواع النادرة، مثل: السرطان غير المُتمايز، وسرطان الخلية.

ما هي أعراض سرطان الغدة الدرقية؟

قد لا يشعر المريض بإصابته بسرطان الغدة الدرقية حتى مراحل متقدمة لعدم ظهور الأعراض عليه أو يمكن أن تظهر أعراض، مثل: ^[4]

1- تورُّم أو انتفاخٌ في العنق نتيجة تضخُّم الغدة الدرقية، وظهور كتلٍ صغيرةٍ تُدعى العقيدات، وتكون غير متحركة، ويكبر حجمها بالتدريج.

2- ضيقٌ في التنفس، وصعوبةٌ في البلع.

3- خشونةٌ أو بحةٌ في الصوت بشكل مستمر دون الاستفادة على الراحة والأدوية.

4- التهاب في الحنجرة غير مُتحسّن على المعالجة الدوائية.

5- هشاشة في العظام، وظهور كسور عفوية عند انتقال الخلايا الورمية إلى العظم.

6- أعراض تنفسية، مثل: تسرُّع مرات التنفس عند انتقال الورم إلى الرئتين.

ما العلاقة بين سرطان الغدة الدرقية والحمل؟

يُعتبر سرطان الغدة الدرقية ثاني أشيع سرطان الحوامل بعد سرطان الثدي، وهناك ثلاث احتمالات مختلفة: ^[5]

1- تزيد إمكانية تَسرْطُن الغدة الدرقية إذا كانت المرأة الحامل مصابةً بقصورٍ أو تضخمٍ سابق في غدّتها، وذلك بسبب التشابه في البنية بين هرمون (B_HCG) الذي يزداد بشكل طبيعي أثناء الحمل وهرمون (TSH) الذي يُفرَز من الغدة النخامية، ويُحفّز عمل الغدة الدرقية إضافةً إلى وجود مُستقبِلات لهرمون الأستروجين الذي يزيد أثناء الحمل على سطح الغدة.

2- لا تزيد احتمالية الإصابة بسرطان الغدة الدرقية عند النساء السليمات أثناء الحمل بسبب غياب السبب الوراثي الجيني للسرطان لديهن.

3- يسمح بالحمل عند مريضات الغدة الدرقية بشرط المراقبة الدائمة لحالة المريضة من قبل طبيب النسائية والغدد، وتعديل الأدوية حسب وضعها، وأخذ الاحتياطات أثناء عملية الولادة.

كيف يتمُّ تشخيص سرطان الغدة الدرقية؟

يتمُّ التشخيص بالطريقة المناسبة حسب الحالة المادية والصحية للمريض، إضافةً إلى توافر التقنية في المستشفيات أو العيادات، ومن الوسائل المُتّبعة ما يلي: ^[6]

1- الفحص السريري: هو فحص الضخامة في العنق بشكل دقيق بيد الطبيب، إضافةً إلى العقد اللمفاوية الرقبية، وتلك الموجودة في المنطقة فوق الترقوة، وتحت الذقن، والفك، والتحري عن حركتها وقوامها ومدى ارتباطها بالنُّسج المحيطة بها.

2- الفحوص المخبرية: هو تحليل مواد في الدم تُدعى الواسمات السرطانية يتمُّ بها تتبع مراحل العلاج والنكس، والمراقبة بعد المعالجة.

3- تحليل الهرمون المُحرّض للغدة الدرقية TSH، ويجرى هذا التحليل عند كل مريض لديه شكاية في الغدة.

4- التصوير بالأمواج فوق الصوتية أو الإيكوغرافي: يُفيد في تقدير حجم الغدّة ومحتواها عن طريق أخذ صورٍ متكررةٍ بيد الطبيب.

5- خزعة الإبرة الرفيعة FNA (Fine needle Aspiration): يدخل الطبيب المختص بإبرةٍ رفيعةٍ جداً إلى العقدة الموجودة في العنق، ويأخذ منها عيّنةً من السائل الموجود داخلها مع جزء من النسيج، ويرسلها إلى مخبر التشريح المرضي، وتكرر الخزعة ثلاث أو أربع مرات.

6- الخزعة الجراحية: عند فشل الخزعة السابقة يتمُّ إجراء شقّ جراحي في العنق، وأخذ خزعةٍ من الغدة، وفحصها تحت المجهر.

7- يوجد الكثير من الطرق الاستقصائية الأخرى، مثل: التصوير الومضائي، والطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي لكنها غير مُستخدمةٍ كثيراً.

كيف يُعالج سرطان الغدة الدرقية؟

لا تتطلب الأورام الصغيرة معالجة فورية، ويكتفي الطبيب بالمراقبة عبر تقنيات التصوير والتحاليل الدموية أما في حال تضخُّم الورم وتأثيره على المريض، فإن الطبيب يقرّر الإجراء العلاجي المناسب حسب نوع الورم، ومرحلته، وحالة المريض بشكل عام، ومن الطرق العلاجية المتّبعة: ^[7]

1- العلاج الكيميائي: ويكون باستخدام أدوية قاتلة للخلايا السرطانية، وتُعطى عن طريق الوريد بجرعاتٍ مناسبة وجلساتٍ منتظمة.

2- العلاج الهرموني: هو تعويض هرمونات الغدة الدرقية التيروكسين والتيرونين ثلاثي اليود لتخفيف الحمل على إنتاج الغدة الأساسي.

3- العلاج الإشعاعي الداخلي: باستخدام اليود المُشِع عبر الفم على شكل كبسولة أو سائل قد يعاني المريض من جفاف في الفم، وتغيُّر حاسة الشم والتذوق.

4- العلاج الإشعاعي الخارجي: باستخدام الأشعة السينية أو البروتونات عالية الطاقة، وقد يعاني المريض بعد تطبيقها من حروق على الجلد، وضيق تنفس.

5- العلاج الجراحي: باستئصال الغدة الدرقية بشكل كامل أو جزئي مع إزالة العقد اللمفاوية المتأثرة في العنق، ويُنصح بالمراقبة بعد إجراء العملية. الجراحية.