Published in: طب الأطفال

رباعي فالوت عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 5 أكتوبر، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ رباعي فالوت (Tetralogy of Fallot) أشيع الآفات القلبية المُزَرِّقة عند الأطفال، ويعاني طفل من أصل كل 2500 مولود في الولايات المتحدة الأمريكية منه، ويتمُّ العلاج من خلال جراحة القلب المفتوح بعد الولادة مباشرةً أو في وقت لاحقٍ من مرحلة الرضاعة.

وذلك اعتماداً على صحة الطفل، ووزنه، وشدة التشوُّهات والأعراض، وفي حال عدم الإصلاح الجراحي سوف يعيش 30 بالمئة من الأطفال المصابين برباعي فالوت حتى عمر 10 سنوات، و5 بالمئة يعيشون حتى عمر 40 سنة، أما بالنسبة للأطفال الذين خضعوا للعلاج، فتتراوح معدلات البقاء على قيد الحياة لمدة 30 عاماً من 68 إلى 90 بالمئة تقريباً. ^{[1] [2]}

ما هو رباعي فالوت عند الأطفال؟

آفةٌ قلبيةٌ ولاديةٌ مُزرّقة أي إنه يتواجد منذ الولادة، ويجعل بشرة الطفل تبدو بلونٍ أزرق، ويتكون من مزيجٍ من أربعة عيوبٍ خلقيةٍ تحدث معاً، وهي: ^[2]

1- عيبٌ في الحاجز بين البطينين (الفتحة بين البطينين)

عبارةٌ عن ثقبٍ في الحاجز أو الجدار الذي يفصل بين الحجرتين السفليتين من القلب (البطينين)، وفي الحالة الطبيعية يعمل هذا الحاجز على منع اختلاط الدم الغني بالأوكسجين الموجود في البطين الأيسر مع الدم الفقير به الموجود في البطين الأيمن، ولكن وجود هذا الثقب يسمح باختلاط الدم المؤكسد (الغني بالأوكسجين) مع الدم غير المؤكسد، وبالتالي تقلُّ كمية الدم الغني بالأوكسجين الواردة إلى أنحاء الجسم.

2- تضيُّق الصمّام الرئوي

مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط ضمن البطين الأيمن، ويعوق مرور الدم منه إلى الرئتين عبر الشريان الرئوي، وقد يحدث عند بعض الأطفال رتقٌ في الصمّام الرئوي أي أنه ينغلق بشكلٍ تام.

3- تراكب مخرج الشريان الأبهر

هو عبارةٌ عن الشريان الذي ينقل الدم المؤكسد من البطين الأيسر إلى باقي أنحاء الجسم، وذلك في الحالة الطبيعية، ولكن في حال التراكب يكون متوضّعاً خارج مكانه الصحيح، ويكون مفتوحاً على الفتحة بين البطينين، وبالتالي يصبح للبطين الأيمن مخرجان، وتقلُّ كمية الدم الغني بالأوكسجين الواردة إلى الجسم.

4- ضخامة البطين الأيمن

تحدث سماكةٌ في الجدران العضلية للبطين الأيمن، وذلك لأنه يضخُّ الدم في مواجهة مقاومة مرتفعة ناتجة عن تضيُّقٍ أو انسداد الصمّام الرئوي.

ما هي أسباب الإصابة برباعي فالوت عند الأطفال؟

أسباب الإصابة غير محددةٍ بشكلٍ كافٍ، وغالباً ما تحدث العيوب الخلقية في قلب الجنين خلال الأسابيع الأولى من الحمل، وتشمل عوامل الخطر للإصابة ما يأتي: ^[3]

1- الأسباب الوراثية: إصابة أحد الوالدين أو أشقاء الطفل برباعي فالوت تزيد من احتمال حدوث الإصابة لديه.

2- إصابة الطفل ببعض المتلازمات: مثل متلازمة داون أو دي جورج.

3- إصابة الأم بالحصبة الألمانية أو غيرها من الأمراض الفيروسية خلال الحمل.

4- سوء التغذية، أو التدخين، أو تعاطي الكحول، أو إصابة الأم بالداء السكري خلال الحمل.

5- عمر الأم أكبر من 40 سنة عند الحمل.

ما هي أعراض الإصابة برباعي فالوت عند الأطفال؟

1- الزرقة

الرضع الذين لديهم درجات خفيفة من تضيُّق الصمام الرئوي غالباً لا توجد لديهم زرقة عند الولادة، ولكن مع نمو الطفل، وازدياد شدة التضيُّق، فتظهر الزرقة بشكلٍ متأخرٍ خلال السنة الأولى من العمر، وأكثر ما تكون واضحةً في الشفاه، والأغشية المخاطية للفم والأنف حيث تبدو بلونٍ أزرق داكن بشكلٍ ملحوظ، أما في حال وجود انسدادٍ شديدٍ في مخرج البطين الأيمن، فيتمُّ ملاحظة اللون الأزرق مباشرةً عند الولادة، وأما بالنسبة للأطفال الأكبر سناً، والذين لم يخضعوا للعمل الجراحي، فيبدو الجلد بلونٍ أزرق عاتم، والصلبتين بلونٍ رمادي.

2- نوب فرط الزرقة أو تُسمّى أيضاً نوب نقص الأكسجة أو (Tet Spells)

وهي تحدث للأطفال الصغار خلال أول سنتين من العمر مع ذروة حدوث بين عمر شهرين إلى أربعة أشهر، وتقلُّ عند الأطفال الأكبر سناً لأنهم يجلسون بشكلٍ غريزي بوضعية القرفصاء مما يساعد على إيقاف النوبة، وتحدث النوبة عندما ينخفض ​​مستوى الأوكسجين لديهم دون سابق إنذار.

وذلك عند الاستيقاظ في الصباح، أو أثناء الرضاعة، أو بعدها، أو بعد البكاء لفتراتٍ طويلة، أو التبرز، أو في حال الحمَّى، أو التجفاف، أو الإنتان، ويمكن أن تستمر بضع دقائق أو قد تصل مدتها إلى عدة ساعات، وتتظاهر بزلةٍ تنفسيةٍ شديدةٍ بشكلٍ مفاجئ (تنفس سريع وعميق) مع هياجٍ، وبكاءٍ شديد، وازدياد شدة الزرقة، ويبدو الطفل متعطشاً للهواء، وقد يصاب بالإغماء، والنوب القصيرة، وتتبع عادةً بتعبٍ ونوم، أما النوب الشديدة، فقد تؤدي إلى رخاوةٍ في الجسم مع نوبٍ اختلاجية، وخزلٍ شقي (شلل نصف الجسم)، وغيابٍ عن الوعي، وقد تصل إلى الوفاة في بعض الحالات النادرة.

3- أعراض أخرى

صعوبةٌ أو تسرُّعٌ في التنفس خاصةً أثناء الرضاعة، وصعوبةٌ في كسب الوزن، ونقص نمو، والتعب بسرعة أثناء اللعب أو ممارسة التمارين الرياضية، والهياج والبكاء لفتراتٍ طويلة، والنفخة القلبية، وفقدان الوعي، وتعجُّر (تبقرط) الأظافر أي تصبح قاعدة الظفر بشكلٍ مستديرٍ غير طبيعي، وذلك في أصابع اليدين والقدمين. ^{[1] [3] [5]}

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة برباعي فالوت عند الأطفال؟

1- قبل الولادة

يمكن تشخيص رباعي فالوت باستخدام مخطط صدى القلب للجنين (التصوير بالأمواج فوق الصوتية)، وعند التشخيص يتمُّ إعداد خطة للولادة، والرعاية بعد الولادة مباشرة.

2- بعد الولادة

أثناء الفحص الروتيني للمولود قد يسمع الطبيب نفخةً قلبيةً أو يرى لوناً أزرقاً على الجلد، أو شحوب أو عدم انتظام دقات القلب، أو هياج مفرط، فيطلب المزيد من الاستقصاءات، وتشمل الاختبارات التشخيصية:

قياس التأكسُج النبضي

هي طريقةٌ سريعةٌ غير مؤلمةٍ لمراقبة محتوى الأوكسجين في الدم كما يقيس عدد نبضات القلب، ويتمُّ ذلك بواسطة جهازٍ طبي صغير يوضع على إصبع اليد، أو شحمة الأذن، أو إصبع القدم (غالباً عند الرضيع).

مخطط القلب الكهربائي (ECG)

إجراءٌ سريعٌ وغير مؤلمٍ، وغير جراحي يتمُّ من خلاله تسجيل النشاط الكهربائي في القلب، وفي حال رباعي فالوت يبدي علامات ضخامة البطين الأيمن، وانحراف محور القلب نحو اليمين، وقد يظهر ضخامة أذينة يمنى.

مخطط صدى القلب (التصوير بالأمواج فوق الصوتية)

تقوم الموجات الصوتية بإنشاء صورةٍ للبنية الداخلية للقلب حيث يبين التشوُّهات التشريحية الموجودة من ضخامة البطين الأيمن، وتضيُّق الصمّام الرئوي، والفتحة بين البطينين، وتراكب الشريان الأبهر.

التصوير بالأشعة السينية للصدر

يبدو القلب بمظهر الحذاء، والشريان الأبهر يبدو غير طبيعي التوضُّع، كما تبين الصورة نقص تروية الرئتين.

التصوير بالرنين المغناطيسي للقلب

يعطي صورةً ثلاثية الأبعاد تظهر تشوُّهات القلب.

قسطرة القلب

يتمُّ إدخال أنبوبٍ رفيع (قسطرة) إلى القلب من خلال وريدٍ كبيرٍ في الساق، وتوجيهه إلى القلب لرؤية البنية الداخلية له، كما تستخدم في بعض الحالات لعلاج التضيُّق أو الانسداد. ^{[4] [5]}

كيف يتمُّ علاج نوب نقص الأكسجة عند الأطفال المصابين برباعي فالوت؟

1- يتمُّ وضع الطفل على ظهره في وضعية الركبة إلى الصدر، وذلك لزيادة المقاومة في الشريان الأبهر مما يؤدي ارتفاع الضغط فيه، وضمن البطين الأيسر، وبالتالي يقلُّ اندفاع الدم عبر الفتحة بين البطينين إلى البطين الأيمن، ويزداد الدم الوارد إلى الرئتين، وبالتالي يصل المزيد من الدم الغني بالأوكسجين إلى مختلف أنحاء الجسم.

2- يمكن إعطاء الطفل الأوكسجين من خلال قناع الوجه لزيادة كمية الأوكسجين في الدم (رغم أن فائدته قليلة).

3- وقد يتمُّ إعطاء الطفل مورفين (Morphine)، وذلك لتهدئته، وتخفيف الزلة التنفسية.

4- كما يمكن إعطاء بروبرانولول (Propranolol)، ويقوم بإبطاء معدل ضربات القلب، وإرخاء مخرج البطين الأيمن.

5- وفي الحالات الشديدة قد يتمّ إعطاء فينيل إفرين (Phenylephrine). ^[4]

كيف يتمُّ علاج الإصابة برباعي فالوت عند الأطفال؟

العلاج الجراحي هو الحلُّ النهائيُّ لعلاج التشوُّهات الخلقية الموجودة في رباعي فالوت، وذلك اعتماداً على عمر الطفل، وحالته العامة، وشدة الزرقة، ونقص الأكسجة، ومن الممكن أن يتمّ على مرحلةٍ واحدة (إصلاح كامل) أو يتمُّ على مرحلتين جراحة تلطيفية ثم إصلاح كامل: ^{[4] [5]}

1- الإصلاح الكامل

حيث يقوم الجراح بتوسيع التضيُّق بين البطين الأيمن والشريان الرئوي لتحسين تدفُّق الدم إلى الرئتين، ويقوم بتصحيح عيب الحاجز البطيني لوقف اختلاط الدم عالي الأوكسجين مع الدم منخفض الأوكسجين بين البطينين، وتعمل هذه الإصلاحات أيضاً على إصلاح التشوُّهين المتبقيين (تراكب الشريان الأبهر، وضخامة البطين الأيمن).

وذلك نظراً لأن البطين الأيمن لا يحتاج إلى العمل بجهدٍ كبيرٍ لضخّ الدم إلى الرئتين بعد إصلاح التضيُّق، فسوف يقلُّ سمك جداره، وتمنع الرقعة التي تغلق الفتحة بين البطينين تدفُّق الدم الذي يحتوي على نسبةٍ منخفضةٍ من الأوكسجين إلى الشريان الأبهر.

2- الجراحة المؤقتة أو الملطفة

يمكن للإصلاحات البسيطة أن تحسّن تدفُّق الدم إلى الرئتين، ويتمُّ ذلك فقط عندما يكون الطفل ضعيفاً أو صغيراً جداً بحيث لا يمكن إجراء عملية جراحية كاملة له، فيقوم الجراح بإنشاء طريقٍ ثانوي لنقل الدم إلى الرئتين للحصول على الأوكسجين، وذلك عن طريق وضع أنبوبٍ صغير يُسمّى تحويلة بين شريانٍ كبيرٍ متفرّع من الشريان الأبهر والشريان الرئوي، ومن ثم يتمُّ الإصلاح الكامل لاحقاً عندما ينمو الطفل.