الفحوصات الجينية – استطباباتها، ما هي أنواعها وتقنياتها؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
تُعتبر الفحوصات الجينية أو (Genetic Tests) من أدقّ الفحوص الاستقصائية التي تكشف عن الأمراض الوراثية لدى حديثي الولادة، ومعرفة وجود المرض لدى الأشخاص الذين لا تتظاهر عليهم الأعراض، وتتمّ الفحوصات في مراكز خاصة، وتكثر في الدول الصناعية نظراً لكلفتها العالية، ويوجد أكثر من سبع وسبعين نوعاً لهذه الفحوصات، وما زالت التطورات جاريةً لإيجاد أنواعٍ جديدة، وتحديث الموجود منها.
ما هو الجينوم؟
إن جسم الإنسان مكونٌ من أنسجةٍ مكونةٍ من مجموعةٍ من الخلايا، وكل خليةٍ منها تحوي السيتوبلازما، والنواة التي تُعتبر مركز التحكم بالوظائف الحيوية، كالتكاثر، وذلك عن طريق الحمض النووي الموجود داخلها.
الحمض النووي DNA مكون من تتالي أربعة أحماضٍ نووية، وهي الغوانين (Guanine) الذي يقابل السيتوزين (Cytosine)، والأدينين (Adenine) الذي يقابل التيمين (Thymine)، وقد تمّ تحديد السلسلة الكاملة ل DNA منذ عام 1990، وانتهى عام 2003، وذلك رغبةً من العلماء بمعرفة كيفية تحسين الحمض النووي، وإيجاد طريقةٍ لفحصه.
للكشف عن الأمراض بالمقارنة بين الحمض النووي للشخص المفحوص، والشخص الطبيعي المعياري، وتُدعى هذه السلسلة الكاملة من الأحماض النووية، والتي تعبر عن صفات الجنس البشري ككل بالجينوم البشري (Genome)، ويسعى العلماء لتحديد جينوم جميع الكائنات الحية. [1]
ما هي استطبابات إجراء الفحوصات الجينية؟
للفحوصات الجينية أهميةٌ تشخيصيةٌ وعلاجية، كما أظهرت الدراسات في الآونة الأخيرة، ومن أهمّ الاستطبابات هي: [2] [3]
● يُستطبُّ إجراء الفحوص الجينية لدى جميع الأعمار، وخاصةً الأجنة قبل الولادة للتحري عن العيوب والتشوُّهات الخلقية، مثل: تناذر داون (Down’ Syndrome)، وترنر (Turner Syndrome)، والتناذرات العصبية والقلبية، ليبقى الخيار للأهل في إبقاء الجنين لحين الولادة، وأخذ التدابير العلاجية والوقائية اللازمة أو اتخاذ قرار إجهاضه.
● تجرى الفحوصات الجينية أيضاً عند أفراد عائلة المصاب بمرضٍ جينيٍّ سواءً أكان وراثياً أو غير وراثي، لأن هناك احتمال كبير لوجود المرض نفسه عند الأقارب من الدرجة الأولى، فيسمح ذلك بمعالجة المرض في وقتٍ مبكر، مثل: بعض حالات الأورام التي يتحسن إنذارها إذا تمّ علاجها قبل ظهور الأعراض.
● يعدُّ اختبار الأبوة أو فحص الحمض النووي لدى الأب والطفل من أكثر الفحوص المطلوبة في الدول الغربية لتحديد أب الطفل الحقيقي، ودرجت في الفترة الأخيرة في الدول الأوروبية ظاهرة اختيار صفات المولود عبر إضافة مورثاتٍ جديدة، مثل: العيون الزرقاء، أو البشرة البيضاء اعتماداً على نتيجة الفحوصات الجينية.
● تستخدم الفحوص الجينية في مجال الصيدلة الجينية، وذلك بمعرفة قابلية التحسُّس لدى الأشخاص من صنفٍ دوائيٍّ معين لتجنُّب إعطائه في الحالات المستطبة، ويهدف ذلك لمنع التأثيرات الناتجة عن الحساسية، والتي قد تكون مميتة، مثل: حساسية بعض المرضى من مركب البنسلين.
● يمكن معرفة جنس الطفل في الأيام الأولى من الإلقاح، وذلك بمعرفة نمط الصبغيات الجنسية إذ تدل الصيغة XX على الجنين الأنثى، والصيغة XY على الجنين الذكر.
● يستفيد أخصائيو الطب الشرعي في دراسة الحمض النووي لكشف المجرمين، وتحديد تفاصيل الحادث.
ما هي أنواع الفحوصات الجينية؟
تُجرى الفحوص الجينية على عينة الدم، أو الشعر، والأظافر، أو السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين، إذ تؤخذ هذه العينة بواسطة إبرةٍ تخترق جدار رحم الأم الحامل، لتصل إلى السائل الأمنيوسي، وأنواع هذه الفحوصات حسب الجزء المفحوص هي: [4]
1- الجينات (Genes)
يتحرى هذا النوع الطفرات النقطية التي تطرأ على المورثات الموجودة في الصبغيات، وقد تكون هذه الطفرة موروثةً من الوالدين أو ناتجةً عن تحريض عوامل خارجية، ومن أشيع الأمثلة على الأمراض الناتجة عن طفرةٍ جينيةٍ معزولةٍ هو مرض التليُّف الكيسي (Cystic Fibrosis).
2- الصبغيات (Chromosomes)
هذه الفحوصات تهتمُّ بالطفرات التي تحدث على صبغيٍّ كاملٍ، مثل: تثلُّث الصبغي الواحد والعشرين الذي يتظاهر بتناذر داون، أو انتقال الصبغي، أو حذف ذراعه الطويلة، أو القصيرة، ويمكن أن يكون التثلُّث أو الحذف حاصلاً في الصبغيات الجنسية لدى الذكر أو الأنثى.
3- البروتينات (Proteins)
تصنع البروتينات في الجسيمات الريبية أو الريبوزومات بعد حدوث عدة عملياتٍ على مستوى الحمض النووي الريبي RNA، وتتألف البروتينات من اجتماع الأحماض الأمينية المختلفة، وأي خللٍ في التركيب ينتج عنه بروتينات مشوهة لا تكون فعالةً وظيفياً، مما يُحدث خللاً في منظومة الجسم، لذا تسعى الفحوص الجينية إلى كشف هذه الثغرات وتداركها.
4- الحمض النووي DNA
يتكون الحمض النووي من تقابل الغوانين مع السيتوزين، والأدينين مع التيمين، وهذا التقابل ضروريٌّ في بناء حمضٍ نوويٍّ سليم، وظهور صفات الإنسان من لون العيون، والطول، وغيرها من الصفات الجسدية، لذا تُطلب الفحوص الجينية للتأكد من عدم وجود خللٍ في السلسلة.
ما هي تقنيات الفحوص الجينية؟
توجد عدة طرقٍ لعمل الفحوص الجينية حسب إمكانيات المركز المختار، وخبرة الطبيب الفاحص، وحالة المفحوص الصحية والعائلي، ومن أبرز هذه التقنيات هي تقنية تسلسل البوليميراز ((PCR) Polymerase Chain Reaction) الذي يعمل على أخذ جزءٍ بسيطٍ من الحمض النووي، وعمل مئات النسخ منه بهدف تضخيمه، وكشف الطفرات النقطية التي تصيب الجينات.
وقد انتشرت هذه الطريقة كثيراً في تأكيد بعض الأوبئة الحديثة، مثل: فيروس الكورونا أو Covid-19، والتقنية الثانية تعنى بتسلسل الحمض النووي (DNA Sequencing)، وهي دراسة الأحماض النووية الأربعة المكونة له، والمذكورة سابقاً من أجل مساعدة الأطباء على ملاحظة التغييرات في هذه السلسلة، والشذوذات التي تطرأ على تقابل الأحماض النووية، كما ابتكرت طريقةٌ خاصّةٌ لفحص الحمض النووي عبر صبغاتٍ ملونة، حيث يتمُّ صبغ الأحماض النووية بها، وتدعى هذه التقنية بتسلسل سانغر (Sanger Sequencing) أو الجين المفرد (Single Gene).
أما الطريقة الأكثر شيوعاً، والتي تُعتبر أسهل من الطرق الأخرى تدعى (Karyotyping)، والتي تختصُّ بدراسة أزواج الصبغيات التي يبلغ عددها عند الإنسان الطبيعي ثلاثةً وعشرين شفعاً من الصبغيات، وتكشف التثلُّثات الصبغية، والحذف الصبغي، ويحدد عن طريقها جنس المولود.
كما يمكن إضافة مادة مفلورة (ملونة على شكل إشعاع) لهذه التقنية كي تزداد دقة تصوير الصبغيات، وتحديد شذوذاتها، وتوجد عدة أمثلةٍ أخرى على هذه التقنيات، مثل: فحص عملية التعبير الجيني (Gene Expressing) التي يشارك فيها العديد من العضيات داخل الخلايا، ومجموعة من الأحماض النووية DNA، والأحماض النووية الريبية RNA وفق آلياتِ معقدةٍ لتصنيع بروتيناتٍ مهمةٍ للجسم. [5]
المراجع البحثية
1- What is a genome? (n.d.). Healio.com. Retrieved January 14, 2024
2- What is genetic testing? (n.d.). Medlineplus.gov. Retrieved January 14, 2024
3- Alliance, G. (2010, February 17). Indications for a genetic referral. Understanding Genetics – NCBI Bookshelf. Retrieved January 14, 2024
4- DNA test – genetic testing overview. (n.d.). Cleveland Clinic. Retrieved January 14, 2024
5- Genetic testing techniques. (2019, January 17). Testing.com. Retrieved January 14, 2024
Comments are closed.