Published in: طب الأطفال

التهاب شغاف القلب عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 15 أكتوبر، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ التهاب شغاف القلب (Endocarditis) من الأمراض النادرة الحدوث عند الأطفال، حيث يبلغ معدل الإصابة تقريباً (0.4 إلى0.7) حالة لكل 100 ألف طفل، وتُعتبر الأمراض القلبية الخلقية هي عامل الخطر الأكثر شيوعاً لحدوثه، وعلى الرغم أنه في السنوات الأخيرة أصبحت العديد من العوامل المُكتسبة مؤهِّبةً لحدوث التهاب الشغاف.

مثل: وجود صمامات قلبٍ صناعية عند الطفل، أو استخدام القساطر الوريدية المركزية، أو الإصابة بالأمراض المزمنة، وأيضاً تمَّ تشخيص عدد من الحالات عند أطفال أصحاء سابقاً، وليس لديهم تاريخٌ مرضيٌّ سابق، وبعد أن يتمّ تشخيص الإصابة يجب البدء بالعلاج مباشرةً أبكر ما يمكن بالصادات الحيوية المناسبة، وذلك للوقاية من المضاعفات الخطيرة التي يمكن أن تحدث. ^[1]

ما هو شغاف القلب؟

عبارة عن نسيجٍ رقيق يُبطّن أجواف القلب الأربعة الأذينتين، والبطينين، وصمامات القلب (مثلث الشرف، والتاجي، والرئوي والأبهري)، والأوعية الدموية القريبة من القلب، ويتكون الشغاف من ثلاث طبقات فرعية، وهي: ^[2]

1- البطانة

هي الطبقة الأعمق، التي تتحكم في تبادل أي مواد بين مجرى الدم وعضلات القلب، وتتكون من خلايا بطانية متخصصة، وهي نفس النوع الموجود في بطانة الشرايين والأوردة.

2- النسيج الليفي المرن

وهو عبارة عن طبقةٍ رقيقةٍ مكونةٍ من مزيجٍ من الألياف المرنة، وألياف الكولاجين، بالإضافة إلى بعض العضلات الملساء.

3- النسيج الضام تحت الشغاف

وهي الطبقة الخارجية للشغاف، وتتكون من الأوعية الدموية، والأعصاب، وألياف الكولاجين التي توفر البنية والاستقرار، وألياف بوركنجي التي تنقل الإشارات الكهربائية عبر عضلة القلب.

ما هي أسباب التهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

تعيش بعض أنواع الجراثيم بشكلٍ طبيعي في الجسم (في الفم، والجهاز التنفسي، والهضمي، وعلى الجلد)، وفي بعض الأحيان يمكن أن تصل هذه الجراثيم إلى مجرى الدم أثناء العمليات الجراحية لاستئصال اللوزتين، والناميات، أو الإجراءات العلاجية التي يقوم بها أطباء الأسنان، أو العمليات الجراحية على الجهاز الهضمي، أو التنفسي، أو البولي.

ومن ثم تصل إلى بطانة أو صمامات القلب مُسببةً التهاب الشغاف، ولا يمكن لجميع أنواع الجراثيم أن تُسبّب هذا النوع من العدوى، وهناك نوعان من البكتيريا يُسبّبان معظم حالات التهاب الشغاف الجرثومي، وهي المكورات العنقودية (Staphylococci)، والمكورات العقدية (Streptococci).

ويكون الطفل أكثر عرضةً للإصابة بالتهاب الشغاف الجرثومي في حال كان يعاني من عيوبٍ معينة في صمامات القلب، لأنها تمنح الجراثيم مكانًا أسهل لتترسخ وتنمو، ومن النادر أن يصاب الطفل ذو القلب الطبيعي بالتهاب الشغاف، وفي حالاتٍ نادرة قد يحدث التهاب الشغاف نتيجة الإصابة بالفطور، وذلك عند مُدمني المخدرات، وفي حال تركيب صمامات صناعية. ^[3]

ما هي عوامل الخطر للإصابة بالتهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

1- الأطفال المصابون بالأمراض القلبية الخلقية، مثل: الفتحة بين البطينين، والقناة الشريانية السالكة.

2- قصور أو تضيُّق صمامات القلب، مثل: الصمام التاجي والأبهري.

3- وجود سوابق عملٍ جراحيٍّ على القلب متضمناً استخدام مواد صناعية، وفي حال وجود عيبٍ قلبي مُتبقٍ بعد الجراحة.

4- في حال تمَّ وضع جهازٍ علاجي عن طريق قسطرة القلب.

5- في حال تمَّ استبدال صمام القلب أو إصلاحه باستخدام مواد صناعية.

6- سوابق الإصابة بالتهاب الشغاف.

7- في حال خضع الطفل سابقاً لعملية زرع قلب.

8- إصابة الطفل بالحمَّى الرثوية.

9- وجود ضعف مناعةٍ عند الطفل.

10- في حال تركيب قسطرةٍ وريديةٍ مركزيةٍ للطفل.

11- سوء نظافة الأسنان.

12- التحال (غسيل الكلية) عند الأطفال المصابين بالقصور الكلوي. ^[3]

ما هي أعراض التهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

قد تتطور أعراض التهاب الشغاف ببطء أو بشكلٍ مفاجئ، وتُعتبر الحمَّى، والقشعريرة، والتعرُّق من الأعراض المتكررة، وقد يسبق ظهورها باقي الأعراض، ويمكن أن تكون أشدَّ ليلاً، وقد يحدث أيضاً تعب، وفقدان الوزن، وفقدان الشهية، وغثيان، وإقياء، وألم في العضلات أو المفاصل، ويمكن أن تشمل العلامات الأخرى ما يلي:

1- مناطق صغيرة من النزيف تحت الأظافر.

2- بقع جلدية حمراء غير مؤلمة على راحتي اليدين والأخمصين تُسمّى بقع جانواي (Janeway lesions).

3- عقد حمراء ومؤلمة في باطن أصابع اليدين والقدمين تُسمّى عقد أوسلر (Osler nodes).

4- نزوف تحت الملتحمة، وتحدث بقعٌ صغيرةٌ من النزف ذات مركزٍ أبيض في شبكية العين تُسمّى بقع روث (Roth spots).

5- ضخامة الطحال.

6- بيلة دموية (خروج دم مع البول).

7- نمشات في الأغشية المخاطية.

8- ضيقٌ في التنفس.

9- تراكم السوائل (وذمة) في القدمين، أو الساقين، أو البطن. ^[4]

ما هي مضاعفات التهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

1- قصور القلب: قد يحدث تمزّقٌ، أو انثقابٌ في الصمام الأبهري، أو التاجي، مما يُسبّب قصوراً صمامّياً حاداً، ومن ثم قصور قلبٍ مفاجئ.

2- إطلاق صمات (جلطات دموية) أو خراجات انتقالية (كتل من البكتيريا) إلى أجزاءٍ مختلفةٍ من الجسم، مما يُسبّب احتشاءً في الكلية، أو الدماغ، أو القلب، أو الطحال، أو الأمعاء، أو الذراعين.

3- انتقال العدوى إلى أجزاءٍ أخرى من القلب.

4- قد يحدث ضعفٌ في جدار الأوعية الدموية، مما يُسبّب تمدداً في جدارها، وبالتالي يتشكل نتيجة ضغط الدم على الجدران توسّعٌ بشكل بالون يُدعى أمهات الدم، والتي قد تتشكل في الدماغ.

5- وقد تحدث الوفاة.  ^[5]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بالتهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

1- الفحص السريري

قد يلاحظ الطبيب أثناء إجرائه وجود نفخةٍ قلبيةٍ جديدة، أو تغييرٍ في نفخةٍ قلبيةٍ موجودة سابقاً.

2- فحص وتنظير قعر العين

 يمكن رؤية النزوف تحت الملتحمة أثناء فحص العين، كما قد يظهر تنظير قعر العين بقع روث في الشبكية.

3- التحاليل المخبرية

1- تعداد الدم الكامل (CBC): يحدث ارتفاع في تعداد الكريات البيضاء، ونقص في الصفيحات الدموية، وفقر دمٍ سوي الحجم والصباغ.

2- البروتين الارتكاسي C (CRP): يرتفع في حال وجود التهاب شغاف جرثومي.

3- سرعة تثفُّل الكريات الحمراء (ESR): قد ترتفع في حال وجود التهاب شغاف القلب.

4- زرع الدم، وذلك للمساعدة في تحديد نوع العامل المُمْرض المُسبّب سواءً أكان جرثومياً أو فطرياً.

4- تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية (مخطط صدى القلب)

يبين البنية التشريحية للقلب، ويكشف وجود التشوُّهات القلبية، ويبين قصور أو تضيُّق الصمامات، بالإضافة إلى سلامة وظيفة العضلة القلبية. ^{[4] [5]}

كيف يتمُّ علاج الإصابة بالتهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

يعتمد العلاج على سبب العدوى، وأعراض الطفل، وعمره، وصحته العامة، ومدى خطورة حالته، ويشمل العلاج: ^{[5] [6]}

1- الصادات الحيوية

يتمُّ إعطاؤها عن طريق الوريد في المستشفى، وتستمر مدة العلاج من 4 إلى 8 أسابيع للقضاء على جميع الجراثيم الموجودة في حجرات القلب والصمامات.

2- العلاج الجراحي

يتمُّ في حال وجود قصورٍ شديدٍ في الصمامات، أو في حال وجود صمامٍ صناعي، وفي حال وجود خراجاتٍ مُعنّدة على الصادات الحيوية، وفي حال وجود تدنٍ في وظيفة العضلة القلبية، وفي حال وجود احتشاءٍ دماغي أو وجود انسدادٍ في الشرايين الأخرى.

كيف يتمُّ الوقاية من التهاب شغاف القلب عند الأطفال؟

1- تعليم الطفل كيف يعتني جيداً بأسنانه ولثته.

2- أخذ الطفل إلى طبيب الأسنان للتنظيف، والقيام بالفحوص المنتظمة.

3- الالتزام بقواعد النظافة العامة جيداً. 

4- كما توصي الجمعية الأمريكية لأمراض القلب بإعطاء الصادات الحيوية الوقائية للأطفال المعرضين لخطر الإصابة بالتهاب الشغاف مثل: المصابين بالأمراض القلبية الخلقية، أو وجود آفاتٍ قلبية مُكتسبة، أو وجود صماماتٍ صناعية، أو سوابق الإصابة بالتهاب الشغاف، أو في حال خضع الطفل سابقاً لعملية زرع قلب).

متى تُعطى الصادات الحيوية للأطفال؟

1- الإجراءات الطبية على الأسنان، والتي من المُحتمل أن تُسبّب النزيف.

2- العمليات الجراحية على الفم، واستئصال اللوزتين، والناميات.

3- الإجراءات التي تنطوي على تداخلاتٍ على الجهاز التنفسي، مثل: التنظير القصبي، وأخذ الخزعات.

4- الإجراءات التي يتمُّ فيها التداخل على السبيل البولي.

5- الحالات التي يتمُّ فيها إجراءات تشخيصية وعلاجية على الجهاز الهضمي.

6- إجراءات علاج التهابات الجلد، والتهابات الأنسجة الرخوة، وتصريف الخرّاج. ^{[5] [6] [7]}