تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ حمّى البحر الأبيض المتوسط FMF (Familial Mediterranean fever) اضطراباً وراثياً مُتنحّياً ينتقل من الأبوين إلى الطفل، ويستمرُّ معه مدى الحياة، ويحتاج إلى العلاج الدائم للوقاية من النوب، ومنع حدوث المضاعفات الخطيرة كالداء النشواني، والقصور الكلوي. تُصيب حمّى البحر الأبيض المتوسط بعض الأعراق أكثر من غيرها حيث يلاحظ تكرر الإصابة في المجتمعات التركية، العربية، الأرمنية، اليهودية، ومن الناحية الجغرافية، فهو أكثر انتشاراً بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط. ^{[1] [2]}

ما هي حمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

مرضٌ وراثيٌّ يتميز بنوبٍ متكررة من الحمى والتهاب الصفاق، وقد يترافق مع التهاب المفاصل، أو التهاب الجنب، أو إصابة جلدية، وفي حالات قليلة يترافق مع التهاب تامور، وقد ينتج عنه العديد من المضاعفات، منها: الداء النشواني، القصور الكلوي، التهاب المفاصل، والعقم.

تبدأ النوبة الأولى من الحمّى عند الطفل قبل عمر عشر سنوات في حوالي 75 بالمئة من الحالات، وغالباً ما توجد قصة عائلية للإصابة بحمّى البحر الأبيض المتوسط، وعادةً ما تكون عند أحد الأشقاء. ويمكن أن يتمّ تحريض النوبة بكل من: الإنتان، أو التمارين الشاقة، أو الحيض، أو التوتر النفسي.  ^{[2] [3]}

ما هي أسباب الإصابة بحمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

تُعتبر حمّى البحر الأبيض المتوسط مرضاً وراثياً مُتنحّياً تحدث بسبب طفرة في جين MEFV، ولكي يصاب الطفل بها يحتاج إلى وراثة الجين المصاب بالطفرة من الأب والأم معاً (أي نسخة من الجين المصاب بالطفرة من كل واحد منهما)، لكن تبين أنه في بعض الحالات النادرة يكفي نسخة واحدة من الجين المصاب بالطفرة للإصابة بالمرض.

إن جين MEFV مسؤول عن إنتاج بروتين يُسمّى البيرين( Pyrin)، والذي يقوم بدوره بالتحكم بالعمليات الالتهابية في الجسم. عند حدوث طفرة في جين MEFV، فلن يتمّ التحكم بالفعالية الالتهابية بشكل صحيح مما يُسبّب الأعراض السريرية لحمّى البحر الأبيض المتوسط. ^{[2] [4]}

ما هي أعراض حمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

تبدأ أعراض حمّى البحر الأبيض المتوسط بين عمر 5 و15 سنة، ولكن يمكن أن تحدث الأعراض قبل ذلك، وتشمل: ^{[1] [3] [4]}

1- تبدأ النوبة عادةً بترفُّع حروري مفاجئ، وغالباً ما تصل درجة الحرارة إلى 40 درجة مئوية، وعادةً ما يستمرُّ الترفُّع الحروري من يوم إلى ثلاثة أيام.

2- في معظم الحالات تترافق الحرارة مع ألم شديد في البطن، وغالباً ينتج عن التهاب الصفاق (غشاء يُبطن تجويف البطن، ويتألف من وريقتين)، وأحياناً يكون الألم شديداً لدرجة يبدو فيها الطفل وكأنه مصاب بأعراض التهاب الزائدة الدودية، وقد يتمّ في بعض الحالات إجراء عمل جراحي لها ليتبين بأنها سليمة وغير ملتهبة.

3- كما قد يحدث ألم شديد في الصدر، وصعوبة في التنفس ناتج عن التهاب الجنب (غشاء رقيق مكون من طبقتين يغطي الرئتين، ويفصلهما عن جدار الصدر).

4- يمكن أن يحدث التهاب مفاصل، وعادةً تشمل الإصابة مفصلاً واحداً في كل مرة، وغالباً ما يكون مفصل الركبة أو الكاحل، ويصبح المفصل متورماً ومؤلماً، ويُسبّب صعوبةً في الحركة، وعادةً ما تتراجع الإصابة خلال (5 إلى 14) يوم، ولكن في بعض الحالات تستمرّ أكثر.

5- كما قد يحدث طفح جلدي أحمر اللون، ويتوضَّع على الأطراف السفلية، وعادةً بالقرب من الكاحلين والقدمين.

6- عند الأطفال الذكور قد يحدث تورم، وألم، واحمرار في كيس الصفن، وقد يترافق مع التهاب الخصية.

7- عند بعض الأطفال قد يحدث آلام عضلية في الساقين خاصةً بعد الجهد البدني.

8- وفي حالات نادرة يمكن أن يحدث التهاب تامور (غشاء رقيق مكون من وريقتين يحيط بالقلب)، أو يحدث التهاب سحايا (الأغشية المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي). مع الانتباه أن الأطفال بعمر أقل من 5 سنوات قد يعانون من الحمى فقط من دون الأعراض الأخرى.

ما هي مضاعفات الإصابة بحمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

يمكن السيطرة على نوب حمّى البحر الأبيض المتوسط باستخدام دواء الكوليشسين، ولكن في حال عدم العلاج قد تحدث المضاعفات التالية: ^[4]

1- الداء النشواني (Amyloidosis):

هو اضطراب مرضي ناتج عن تراكم بروتين غير طبيعي يُسمّى (A  Amyloid ) أميلوئيد A الذي يتمُّ إنتاجه في الجسم أثناء نوب حمّى البحر الأبيض المتوسط مما يُسبّب تلف وتخرّب أعضاء الجسم المختلفة كالطحال، والكبد، والكلية، والجهاز العصبي.

2- القصور الكلوي:

الأذيّة الكلوية الناتجة عن الإصابة ب FMF تُسبّب اضطراباً في قدرة الكلية على تنقية الدم من الشوائب مما يُسبّب تراكم الخثرات الدموية وحدوث القصور الكلوي.

3- التهاب المفاصل:

يمكن أن تؤدي النوب إلى التهاب، وتآكل، وتخرُّب المفصل.

 4- العقم عند الفتيات:

قد يؤدي عدم العلاج إلى أذيّة الأعضاء التناسلية الأنثوية مما يترتب عليه عقم عند الفتاة مستقبلاً.

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بحمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

1- يتمُّ أخذ القصة السريرية المُفصّلة عن الأعراض (نوب متكررة من الحرارة، ألم مفصلي) بالإضافة إلى الفحص السريري.

2- يتمُّ التحقق من التاريخ الطبي لأفراد العائلة، لأن FMF مرض وراثي ينتقل من الأبوين إلى الطفل.

3- يتمُّ إجراء فحوص مخبرية للدم والبول: حيث قد ترتفع الكريات البيضاء أثناء النوبة، كما قد يوجد بروتين في البول، والذي قد يكون مؤشراً للإصابة بالداء النشواني.

4- التحاليل الجينية: حيث يتمُّ البحث عن وجود طفرة في جين MEFV تُسبّب حمّى البحر الأبيض المتوسط عند الطفل، ولكن التحاليل الجينية ليست كافيةً لتحديد جميع أنواع الطفرات لذلك قد تكون النتيجة سلبيةً كاذبةً (أي النتيجة سلبية، ولكن الطفل مصاب).

5- في بعض الحالات يتمّ إعطاء دواء الكولشيسين (Colchicine) كعلاج تجريبي لعدة أشهر، ويتمُّ مراقبة الاستجابة، في حال توقف حدوث النوب أثناء العلاج، فهذا يدعم تشخيص إصابة الطفل بحمّى البحر الأبيض المتوسط. ^[5]

كيف يتمّ علاج الإصابة بحمّى البحر الأبيض المتوسط عند الأطفال؟

لا يوجد علاج شافٍ لحمّى البحر الأبيض المتوسط إلا أن العلاج يساعد في تخفيف شدة الأعراض، وتقليل حدوث النوب، ومنع حدوث المضاعفات، ويشمل العلاج الدوائي: ^{[2] [5]}

1- الكولشيسين (Colchicine): يستخدم للوقاية من النوب، ومنع حدوث الداء النشواني، ويستمرُّ العلاج مدى الحياة، وتختلف الجرعة تبعاً لحالة واستجابة كل مريض، وتشمل الآثار الجانبية للعلاج بالكوليشسين الغثيان، والإقياء، والألم البطني.

2- في حال كان دواء الكولشيسين غير فعّال، قد يتمّ إعطاء أدوية أخرى تؤثر على عمل الجهاز المناعي، وتُقلّل من الالتهاب مثل: كاناكينيوماب (Canakinumab)، ريلوناسيبت (Rilonacept).