تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عند التحدُّث عن آلام الرأس، يتبادر إلى الذهن غالباً الشقيقة أو الآلام الناتجة عن الضغوط النفسية، إلا أنه يوجد الكثير من الأسباب الأخرى التي تُسبّب ألماً وصداعاً مزمناً في الرأس، ومن بينها الصداع العنقودي (Cluster headache) الذي على الرغم من عدم شيوعه يُسبّب صداعاً شديداً أكثر من أنواع الصُّداع الأخرى.

ما هو الصُّداع العنقودي؟

هو أحد أنواع الصُّداع المزمن في الرأس يكون فيه الصّداع شديداً في أحد نصفي الرأس، وخاصةً حول كرة العين، وقد يكون في بعض الحالات النادرة ثنائي الجانب، وعادةً ما يكون سريعاً وشديداً جداً على شكل هجماتٍ متتالية (عناقيد) لدرجةٍ تمنع الشخص من أداء مهامه اليومية أو توقظه من نومه. تشيع هذه الآلام عند الذكور أكثر من الإناث، ويبدأ الألم بالتظاهر عادةً بعد سن الثلاثين، لكن بشكلٍ عام يُعتبر الصُّداع العنقودي من أقل أسباب صداع الرأس شيوعاً حوالي 0.1 بالمئة من مجمل سكان العالم. ^{[1] [2] [5]}

ما هي أعراض وعلامات ألم الصُّداع العنقودي؟

بالإضافة للصّداع، فإن المصابين بالصداع العنقودي يعانون من مجموعةٍ من الأعراض الأخرى، والتي قد تساعد في تأكيد الإصابة بالصداع العنقودي، يراجع المريض الطبيب بمجموعة من الأعراض منها:

1- ألمٌ طاعنٌ حاد شديد حيث يصف المريض الألم كطعن السكاكين في الرأس، ويكون مركزاً في أحد جانبي الرأٍس خاصةً حول كرة العين.

2- قد تبدأ هجمة الألم في أحد جانبي الرأٍس (النصف الأيمن)، وتنتهي لتبدأ مباشرةً بعدها هجمة جديدة في الجانب الآخر من الرأس (النصف الأيسر).

3- الإدماع بشدة (إفراز كمياتٍ كبيرة من الدمع).

4- احمرارٌ حول العين في الجانب المؤلم من الرأس.

5- التعرُّق في الجانب المؤلم من الرأٍس.

6- انسدال الجفن في الجانب المؤلم.

7- تغيّرٌ في لون الجلد في الجانب المؤلم من الرأس.

من الجدير بالذكر أنه في بعض الهجمات الشديدة قد يمتدُّ الألم للعنق ولأعلى الظهر، فإن الألم في الصّداع العنقودي شديدٌ جداً لدرجةٍ قد تجبر المريض على الجلوس، والانحناء إلى الأمام والخلف. ^[2]

فترة النوبات (فترة العناقيد)

عادةً ما تحدث الهجمات (العناقيد) مجتمعةً في أوقاتٍ معينةٍ من السنة لتستمر عدة أسابيع أو أشهر ثم تزول الأعراض بشكلٍ تام لفترة من الزمن (فترة الهجوع)، قد تدوم فترة الهجوع لعدة شهور أو تدوم لعدة سنين، كما يمكن أن تختفي الأعراض تماماً، ولا تعاود الظهور طيلة حياة المريض (يهجع الألم مدى الحياة).

ما ميزات فترة النوبات؟

1- قد تدوم من 45 دقيقة لثلاث ساعات، وغالباً ما تكون حوالي 45 دقيقة.

2- تبدأ بشكلٍ مفاجئ، وتزول فجأةً.

3- تظهر فترة النوبات بنفس الوقت من اليوم، وغالباً ما تكون ليلاً.

بعد انتهاء فترة الهجمات تزول الأعراض بشكلٍ تام، ويزول الصّداع لكن قد يظهر على المريض علامات التعب والإجهاد بسبب الهجمات. ^[2]

ما هي الآلية المرضية للصُّداع العنقودي؟

لا يوجد سببٌ مثبتٌ للألم الذي يعاني منه مرضى الصّداع العنقودي، ويتوزع الألم في الرأس والوجه، ويُحتمل مشاركة مسارات الألم في العصب ثلاثي التوائم بتوليد هذا الصداع، وكما أن تكرار الألم في الأوقات ذاتها من اليوم يقترح ارتباط الألم بالساعة البيولوجية للمريض التي يتمُّ تنظيمها ضمن المادة الرمادية للوطاء.

اقترح في السابق أن سبب الألم قد يكون بسبب التوسُّع الوعائي، وزيادة التروية الدموية في منطقة الوطاء، إلا أن الدراسات الموجودة حول هذا الترابط غير حاسمة، كما أن التوسُّع الوعائي الملاحظ في منطقة الوطاء يحدث فقط عند بداية الألم، وقد تبين حديثاً أن التوسُّع الوعائي الحاصل هو استجابةٌ للألم وليس المُسبِّب له.

توجد أدلةٌ على دور الهيستامين في تحريض بدء الهجمة، وكما أنه يمكن الاعتماد على الارتفاع البسيط للهيستامين المُشاهد عند مرضى الصداع العنقودي للتنبُّؤ بزمن بدء هجمة الصداع، إلا أن مضادات الهيستامين لا تؤثر على بدء الهجمة، والدراسات المتعلقة بكمية الهيستامين في الجلد في الطرف المؤلم من الرأس غير حاسمة. ^[3]

ما هي عوامل خطورة الصُّداع العنقودي؟

قد يتحرَّض الألم عند مرضى الصّداع العنقودي أو يزداد حدةً بتأثر عدة عوامل منها: ^[2]

1- العمر

يزداد احتمال ظهور الصُّداع العنقودي عند البالغين من 20 إلى 50 عاماً.

2- التدخين

يُلاحظ الصُّداع العنقودي بشكلٍ أشيع عند المدخنين، إلا أن إيقاف التدخين عند مرضى الصّداع العنقودي لا يساهم في العلاج.

3- شرب الكحول

يعاني مرضى الصُّداع العنقودي الذين يشربون الكحول من هجمات ألم أشدّ من تلك التي يعاني منها المرضى غير المدمنين على الكحول.

4- السوابق العائلية

كيف يُشخّص الصُّداع العنقودي؟

يعتمد تشخيص الصّداع العنقودي بشكلٍ أساسي على القصة التي يراجع فيها المريض الطبيب، فتكرار الألم الدوري، وأماكن توزُّع الألم قد تكون كافيةً لتشخيص الإصابة بالصُّداع العنقودي، إلا أن بعض الحالات قد يعاني المريض من أعراض صداعٍ غير نموذجيةٍ تستدعي طلب المزيد من الاستقصاءات الشعاعية التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، والتصوير الطبقي المحوري للدماغ CT لنفي أي سببٍ آخر محتملٍ للصداع. ^[4]

ما هو علاج الصُّداع العنقودي؟

لا يوجد علاجٌ نهائيٌّ للصّداع العنقودي، بالإضافة إلى أن تدبير الصّداع قد يكون صعباً بسبب بداية الألم السريعة، ويعتمد التدبير على نمطين من المعالجة:

1- العلاج سريع المفعول

وهي الأدوية التي تستخدم في تدبير الألم أثناء الهجمة، وتشمل: ^[4]

1- الأوكسجين.

2- المخدرات الموضعية.

3- التريبتان (Triptans).

4- أوكتريوتيد (Octreotide).

2- العلاج المُثبّط

وهي الأدوية التي تعمل على إيقاف الهجمة بعد بدايتها، وتشمل: ^[4]

1- حاصرات قنوات الكالسيوم.

2- الستيروئيدات القشرية.

3- أملاح الليثيوم.

4- تنبيه العصب المُبهم.

5- حاصرات العصب

يذكر أنه في بعض الحالات المُعنّدة غير المستجيبة على الأدوية، يمكن التفكير بالعلاج الجراحي الذي يعمل على تعديل سبل الألم في العصب مثلث التوائم، ولهذا النمط من المداواة آثارٌ مباشرة وفورية، إلا أن هذا التداخل الجراحي قد يُسبّب اختلاطاتٍ وأعراضاً جانبيةً خطيرةً مثل ضعف في الفك، وانعدام الإحساس في أجزاء من الوجه. ^[4]