الزجاج – مكوناته، وما هي أنواعه؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
تعريف الزجاج
يعرف الزجاج Glass وفقاً لـ (ASTM) بأنه منتجٌ لا عضوي لعملية الانصهار والتبريد حتى التجمد دون حدوث تبلور، وهذا التعريف يشمل معظم أنواع الزجاج التقليدي، وتكنولوجياً يمكن القول بأن الزجاج هو جسم صلب ناتج عن تجمد السائل دون تبلور. أما من الناحية البنيوية، فيعدُّ الزجاج جسماً صلباً غير بلوري.
المواد البلورية والمواد اللابلورية
تقسم المواد الصلبة إلى مواد بلورية ومواد لابلورية وفق ما يلي:
1- المواد الصلبة البلورية (Crystalline)
تحوي صفوفاً من الذرات المجتمعة والمرتبة بشكلٍ دوري مكونة تشكيلة (Pattern) ثلاثية الأبعاد، ولذلك تملك نوعاً من التماثل (Symmetry)، فيكون تركيبها عبارة عن تكرار نموذج أو خلية وحدة (Unit Cell) ثلاثية الأبعاد.
2- المواد الصلبة اللابلورية (Amorphous)
تتجمع ذراتها بشكل عشوائي وبدون نظام أو نسق محدّد، بحيث لا يمكن اعتبار تركيبها تكراراً لأي خلية واحدة مثل: الكربون والزجاج، ويمكن أن يكون للمركب الواحد حالتان بلورية ولا بلورية، مثل: أوكسيد السيليكون أو السيليكا (SiO2)، فإنه يكون لا بلورياً في حالة زجاج السيليكا (Silicate Glass)، وبلورياً في الطبيعة في حالة الكوارتز (Quartz)، وقد تتحول السيليكا إلى أطوار بلورية أثناء التسخين إلى التردمايت (Tridymite) والكرستوبلايت (cristobalite).
مكونات الزجاج
الزجاج ليس مركباً محدداً كيميائياً، بل هو مزيج من الأكاسيد التي يمكن أن تتغير نسبتها بحرية ضمن حدود معينة، ولا تخضع بنية الزجاج لقواعد الارتباط الكيميائي المألوفة، يتكون الزجاج عملياً من صهر أربع مكونات رئيسة: [1]
1- المادة الرئيسة
تدعى بمشكّلات الزجاج (Glass formers)، وتشكل هيكلية الزجاج، وهي التي تسمح بحدوث التصلب دون حدوث التبلور من أهمّ الأكاسيد المشكلة للزجاج (SiO2, B2O3, P2O5).
2- المعدلات (Modifiers)
تضاف لخفض درجة حرارة الانصهار، عن طريق إنقاص اللزوجة، أو لتحسين الثبات الكيماوي للزجاج الناتج، أو لمنع التبلور، مثل: (Na2O, K2O)، أو لزيادة الثبات الحراري للزجاج، مثل: (MgO, CaO, B2O3, Al2O3).
3- المواد المنقية (Refining agents)
تضاف هذه المواد بكمياتٍ صغيرة لإزالة الفقاعات المتشكلة ضمن المصهور الزجاجي وترويقه، مثل: أكاسيد الزرنيخ الثلاثي، وأوكسيد الأنتموان، وكبريتات الصوديوم، وكبريتات البوتاسيوم، وكلوريد الكالسيوم، وكلوريد الألمنيوم، ونترات الصوديوم، ونترات البوتاسيوم، ومركبات الفلور.
4- المواد الملونة والمزيلة للألوان
هي أكاسيد تضاف إلى الخلطة فوق تركيبها المئوي المحسوب، لتضفي على الزجاج مواصفاتٍ إضافية، مثل: اللون، أو إعطاء الزجاج القاتم، أو المسنفر.
ما هي أنواع الزجاج؟
تمّ تصنيف الزجاج وفق طريقتين مختلفتين:
الأولى تعتمد على المكونات الأساسية الموجودة فيه، مثل: السيليكات، الفوسفات، البورات، البورو سليكات. والثانية وفقاً للهدف الذي صنع الزجاج من أجله، مثل: الزجاج المعدني، الزجاج العضوي، والزجاج الضوئي، وزجاج الليزر، وغيره من الأنواع.
1- أنواع الزجاج وفق مكوناته
سنعرض بعض أنواع الزجاج وفق مكوناته:
زجاج السيليكا
زجاج السيليكا (SiO2) هو الأبسط من الناحية التركيبية، والأكثر أهمية من الناحية التكنولوجية، المكون الرئيس لزجاج السيليكا هو (أوكسيد السيليسيوم) SiO2: كتلته الحجمية حوالي 2.65غرام لكل سنتيمتر مكعب ينصهر بدرجة حرارة 1725 درجة مئوية.
يشترط في الرمل المستخدم في تحضير هذا النوع من الزجاج أن يحوي نسبة عالية من أكسيد السيليسيوم، كما يتطلب أن تكون حجم حبيبات الرمل متجانسة، وأن يحوي على نسب قليلة من الشوائب، ولا سيما الملونة مثل مركبات الحديد، وقد يتطلب في بعض الأحيان معالجة للرمل في حال عدم وجوده نقياً أو محققاً للغرض الصناعي.
بشكلٍ عام يؤدي ازدياد نسبة أوكسيد السيليسيوم في الزجاج إلى ارتفاع درجة الحرارة اللازمة لصهره وزيادة لزوجته ومقاومته الكيميائية، في حين يلاحظ تناقص في عامل التمدد الطولي.
زجاج الفوسفات
يعدُّ الزجاج الحاوي على خماسي أوكسيد الفوسفور (P2O5) أحد المكونات الرئيسة لزجاج الفوسفات. يمتلك زجاج الفوسفات فجوةً طاقيةً أعرض من تلك في حالة السيليكا، مما يجعله أكثر نفوذيةً للأشعة فوق البنفسجية (Ultra violet). كما يعدُّ فوسفات الزجاج سهل المعالجة لانخفاض درجة التحول الزجاجي. تمتلك مركبات فوسفات الزجاج التي تحتوي الألمنيوم Al مقاطع عرضية للإصدار للأيونات الأرضية النادرة، ومعاملات ضوئية حرارية منخفضة بالمقارنة مع زجاج السيليكا، وهي مواد مفضلة خاصةً في تطبيقات الليزر.
زجاج البورات
يعدُّ أوكسيد البورون (B2O3) المكون الأساسي لزجاج البورات، ويعدُّ أوكسيد البورون من العوامل الهامة في تكوين الزجاج، إذ يعمل على تحسين الخواص الحرارية للزجاج، حيث يقلل من معامل التمدُّد الحراري، لذلك تستخدم مركبات البور في صناعة أنواع الزجاج المتحمل للحرارة، كما تكسب مركبات البور الزجاج تحسناً في درجة الصهر والليونة، ويستخدم زجاج البورات في تصنيع أواني الطهي، وأدوات المختبرات، وحاويات الأدوية. [2] [3] [4]
2- أنواع الزجاج وفق الهدف من تصنيعه
الزجاج المعدني
كما عرفنا سابقاً الزجاج هو مادة يتمُّ تحويلها من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة بدون أن يحصل لها تبلور، ومن المعلوم أن معظم المعادن تتعرض لعملية التبلور خلال تبردها، وتنظم ذراتها لتشكل نموذج بلوري عالي التنظيم يدعى بالشبكة، الأمر الذي لا يطرأ على الزجاج المعدني الذي يتشكل بالعملية نفسها دون تبلور المعدن، لأن ذرات المعدن هنا تترتب بشكلٍ عشوائي تقريباً. للزجاج المعدني أهمية خاصة بسبب ميزاته المغناطيسية (تباطؤ منخفض وقيم عالية للمغنطة)، مما يكسبه أهمية في تصفيح المحولات.
الزجاج العضوي
قديماً كانت الفكرة السائدة عن الزجاج أنه مادة شفافة، صلبة، مقاومة للحرارة وقابلة للكسر، لكن حديثاً مع تطور استخدام المواد البوليميرية تمّ الحصول على الزجاج العضوي (البلاستيك)، وهو يمتاز بصلابةٍ كبيرة تعزى إلى قوى الترابط بين جزيئات البوليمير.
يتكون الزجاج العضوي من سلاسل كربون – كربون، حيث يمنع التبريد السريع المصهور من إعادة ترتيبه لحالته البلورية، وأبسط مثال لزجاج عضوي هو البولي ايثيلين، ويستخدم لإنتاج العدسات الضوئية، وزجاج البولي فينيل كلوريد (PVC)، وزجاج بولي ميتيل ميتا اكرليت (PMMA).
الألياف الزجاجية والصوف الزجاجي
تعدُّ الألياف الزجاجية والصوف الزجاجي من المنتجات الزجاجية الهامة، وذلك لمجالات استخدامها الواسعة في الكثير من الأغراض الصناعية، فتستخدم في صنع العوازل الصوتية والكهربائية والحرارية، وصناعة الأنسجة المقاومة للحرارة وأنسجة عالية المتانة، ويمكنها أن تدخل في صناعة الإسمنت (لتخفيف الكثافة)، وفي الفلاتر وفي صناعة السجاد والستائر المستخدمة للعزل الصوتي والحراري.
وفي صناعة اللدائن المقواة، مثل: تقوية هياكل السيارات، والقوارب، وفي إطارات النوافذ وأجزاء من المركبات الفضائية، وأيضاً في مجالات الأنابيب المائية، حيث تحقق أداءً عالياً للمواد (لتحملها لدرجة حرارة عالية ومقاومة عالية للتآكل) أي زمن خدمة أطول وخفة الوزن، وتكاليف شراء أقل، ولا حاجة لأساليب الحماية أي أنها مقاومة للتآكل.
الزجاج الضوئي
يعدُّ تصنيع الزجاج الضوئي من أدق عمليات تصنيع أنواع الزجاج لكونه يتمتع بخواص ضوئية محددة، مثل: قرينة الانكسار، والتشتت الضوئي والامتصاص، فتصنيعه يتطلب استخدام مواد أولية ذات درجة نقاوة عالية وخالية من الشوائب الملونة (TiO2, Fe2O3).
زجاج الليزر
هو زجاج يتمُّ إشابته ببعض المواد النشطة بالليزر، وغالباً ما تكون ايونات أرضية نادرة، مثل: Nd3+، Yb3+، كما يمكن الإشابة بأيونات المعادن الانتقالية النشطة بالليزر. تُستخدم نظارات الليزر (على سبيل المثال: في شكل مكعبات أو قضبان أسطوانية ذات وجوه نهائية مصقولة جيدًا، وربما مطلية بطبقة مضادة للانعكاس) كوسائط ربح لبعض أجهزة الليزر ذات الحالة الصلبة والمضخمات الضوئية. يشبه استخدام مثل هذه النظارات من حيث المبدأ استخدام بلورات الليزر ووسائط ربح الليزر الخزفية، حيث يتمُّ ضخها بصريًا بالضوء الذي تكون المادة الزجاجية المضيفة فيه شفافة، ويمكنها بعد ذلك تضخيم الضوء، وتستخدم نظارات الليزر أيضًا في ألياف الليزر ومكبرات الصوت. [5] [6] [7]
المراجع البحثية
1- glass. (n.d.). Lenntech.com. Retrieved August 5, 2024
2- Silicate Glass. (N.d.). Sciencedirect.com. Retrieved August 5, 2024
3- Paschotta, R. (2011, September 9). Phosphate glasses. RP Photonics AG. Retrieved August 5, 2024
4- Aqdim, S., Naji, M., Chakir, A., & Bouari, A. E. (2022). Design, synthesis and structural properties of borate glasses: Towards an alkali-free bioactive glass. Journal of Non-Crystalline Solids, 597(121876), 121876. Retrieved August 5, 2024
5- Materials. (n.d.). Glassimetal Technology. Retrieved August 5, 2024
6- Organic glass, ceramic. (n.d.). Kristallikov.net. Retrieved August 5, 2024
7- Paschotta, R. (2005, July 19). Laser glasses. RP Photonics AG. Retrieved August 5, 2024