مضاعفات نقل الدم عند الأطفال
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
يرتبط نقل الدم ومنتجاته (Blood transfusion) بعددٍ من المخاطر عند الأطفال، ولا ينبغي إجراؤه إلا عندما تكون الفوائد تفوق الآثار الجانبية السلبية، وتحدث تفاعلات نقل الدم الضارة بنسبة 0.5 إلى 4 بالمئة من جميع عمليات نقل الدم، وقد تكون المضاعفات حادةً أي تحصل أثناء نقل الدم، أو متأخرة، وتحدث بعد عدة أسابيع، وتصنف أيضاً إلى تفاعلاتٍ مناعية وغير مناعية، وتتراوح المضاعفات من خفيفة الشدة إلى خطيرةٍ مهددةٍ للحياة في بعض الأحيان. [1] [2]
ما هي المضاعفات الحادة لنقل الدم عند الأطفال؟
1- التفاعل الانحلالي الحاد (Acute Hemolytic Reaction)
هو تفاعل خطير للغاية يسبّب تحلل أو تدمير خلايا الدم، ويمكن أن يحدث بآليةٍ مناعية، وذلك عند نقل دمٍ غير متوافقٍ مع زمرة الدم ABO، مثل: نقل خلايا الدم الحمراء من زمرة A، أو B، أو AB إلى مريض من فصيلة O، وتنتج معظم الحالات عن خطأ بشري.
مثل: نقل دمٍ تمّ تحديد الزمرة فيه بشكلٍ صحيح إلى مريضٍ غير متطابق، أو تحديد غير صحيح لزمرة الدم قبل نقله، أو يحدث بآليةٍ غير مناعية للعديد من الأسباب، مثل: التخزين المطول لكريات الدم الحمراء، أو درجات حرارة التخزين غير المناسبة، أو الاستخدام غير السليم لمدفئات الدم، أو الضرر الميكانيكي الناتج عن الإعطاء من خلال إبرةٍ ضيقة.
وتشمل أعراض التفاعل الانحلالي الحاد القشعريرة، والحمى، والألم على طول خط الوريد، بالإضافة إلى آلام الظهر والصدر، وتسرع التنفس، وزيادة معدل ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، والبول الداكن، والنزيف غير المنضبط بسبب حدوث التخثر المنتشر داخل الأوعية (DIC)، وفي الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي إلى الصدمة، وحتى الموت.
2- حمى نقل الدم (Febrile Reaction)
يُعتقد أن الحمى والقشعريرة أثناء نقل الدم ناجمتان عن تفاعل الأجسام المضادة لدى الطفل المتلقي مع مستضدات خلايا الدم البيضاء الموجودة في منتج الدم المنقول، أو بسبب السيتوكينات (Cytokines) التي تتراكم في منتجات الدم أثناء التخزين، وتحدث الحمى بشكلٍ أكثر شيوعاً مع نقل الصفيحات الدموية (10-30 بالمئة) مقارنةً بنقل خلايا الدم الحمراء (1-2 بالمئة).
ومن المهمّ التمييز ما إذا كانت الحمى ناتجةً عن نقل الدم، أو عن مرض أو عدوى كامنة لدى المريض، لذلك يجب التحقق من درجة الحرارة قبل نقل الدم، وقد تكون الحمى هي العرض الأولي لمضاعفات أكثر خطورة، مثل: التلوث البكتيري، أو التفاعل الانحلالي.
3- التفاعل التحسسي (Allergic Reaction)
تظهر هذه الحالة في حوالي 1 بالمئة من الأطفال، ويحدث تجاه البروتينات الموجودة في عملية نقل الدم، وتشمل أعراضه: الشري، والعيون الدامعة، والحكة، والصفير الخفيف، وضيق التنفس، وفي حالاتٍ نادرة قد تكون مرتبطةً بوذمة الحنجرة، وتشنج القصبات الهوائية.
4- الحساسية المفرطة (Anaphylaxis)
هي شكلٌ حادٌّ من أشكال ردّ الفعل التحسسي والمهدّد للحياة، وتشمل أعراضها: انخفاض ضغط الدم، وزيادة عدد ضربات القلب وعدم انتظامها، وفقدان الوعي، وضيق التنفس، والصرير الشديد، والزرقة، والشرى الشديد، والصدمة. وفي بعض الحالات، يمكن للمرضى الذين يعانون من نقص الغلوبولين المناعي IgA، والذين لديهم أجسام مضادة لـ IgA (Anti IgA antibodies) أن يصابوا بهذه التفاعلات.
5- فرط الحمل الدوراني (Circulatory Overload)
تتصف هذه الحالة بضائقةٍ تنفسيةٍ ثانوية نتيجةً للوذمة الرئوية القلبية، وهذا التفاعل أكثر شيوعاً لدى المرضى الذين يعانون بالفعل من حالة زيادة السوائل، مثل: قصور القلب الاحتقاني، أو القصور الكلوي الحاد، أو قد تحدث عندما يتمّ نقل السوائل بسرعةٍ كبيرة، مما يؤدي إلى زيادة الحمل على الدورة الدموية، ويعتمد التشخيص على ظهور الأعراض في غضون 6 إلى 12 ساعة من تلقي نقل الدم، والتي تشمل ضيق أو تسرع التنفس، وارتفاع ضغط الدم، وتسارع القلب.
6- نقص الكالسيوم (Hypocalcaemia)
الكالسيوم المؤين ضروري لبدء عملية التخثر بنجاح، والسترات (Citrate) الموجودة في الدم المخزن هي عامل مخلب، وبالتالي فهي تقلل مستوى الكالسيوم، وتمنع تكوين الخثرات، وتعتمد درجة نقص الكالسيوم في الدم على معدل نقل الدم وحالة وظائف الكبد، وهذا يحدث بشكلٍ أكبر مع إعطاء البلازما الطازجة المجمدة لأنها تحتوي تركيزاً أعلى من السترات لكل وحدة حجم.
7- فرط بوتاسيوم الدم (Hyperkalemia)
يمكن أن يحدث إما بسبب نقل كمياتٍ كبيرةٍ من كريات الدم الحمراء بسرعة خلال وقتٍ قصير، وخاصةً عند الأطفال الصغار والرضع، أو بسبب طول مدة تخزين الكريات الحمراء، أو تعريضها للإشعاع، ويمكن أن يتسبّب فرط بوتاسيوم الدم في حدوث عدم انتظام ضربات القلب الشديد والوفاة.
8- نقص المغنيزيوم في الدم (Hypomagnesaemia)
يعدُّ أيون المغنيزيوم ضرورياً للنشاط الكهربي الفسيولوجي الطبيعي للقلب، وقد يحدث النقص بسبب نقل الدم السريع، ويؤدي إلى الرجفان البطيني.
9- اضطرابات التوازن الحمضي القاعدي (Acid base disorders)
يؤدي نقل الدم السريع في البداية إلى حدوث حماضٍ تنفسي واستقلابي مشترك، وبعد ذلك ينتشر غاز ثاني أكسيد الكربون، ويتمّ استقلاب حمض اللاكتيك، فلا يترك أي تأثيرٍ واضحٍ على التوازن الحمضي القاعدي.
10- انخفاض حرارة الجسم (Hypothermia)
الأطفال أكثر عرضةً لفقدان الحرارة بسبب زيادة نسبة مساحة سطح الجسم مقارنةً بالوزن، ويؤدي انخفاض حرارة الجسم إلى انقطاع التنفس، وانخفاض سكر الدم، وزيادة استهلاك الأوكسجين الناتج عن التوليد الحراري، وتفاقم اعتلال تخثر الدم، وزيادة الوفيات.
11- إصابة الرئة الحادة المرتبطة بنقل الدم (TRALI)
تتميز بضائقةٍ تنفسيةٍ حادة ووذمةٍ رئويةٍ متماثلة ثنائية الجانب، مع نقص الأوكسجين الذي يتطور في غضون 2 إلى 8 ساعات بعد نقل الدم، ويُظهر تصوير الصدر بالأشعة السينية ارتشاحاتٍ بينية أو سنخية، ويتمّ التشخيص بالاستبعاد، وذلك عندما لا يوجد سبب قلبي أو سبب آخر للوذمة الرئوية، ويُعتقد أن التأثيرات الوعائية الرئوية تحدث بشكلٍ ثانوي بسبب السيتوكينات في المنتج المنقول، أو من التفاعل بين مستضدات خلايا الدم البيضاء للمريض والأجسام المضادة للمتبرع (أو العكس).
12- التلوث البكتيري (Bacterial contamination)
قد تدخل البكتيريا إلى العبوة أثناء جمع الدم من مصادر، مثل: جلد المتبرع، أو بكتيريا الدم لدى المتبرع، أو المعدات المستخدمة أثناء جمع الدم، أو معالجته، وقد تتكاثر البكتيريا أثناء التخزين، ويمكن أن تكون إيجابية أو سلبية الغرام، ويمكن أن تسبّب ارتفاعاً شديداً في درجة الحرارة، وقشعريرة، وانخفاضاً شديداً في ضغط الدم، وغثيان، وإسهال، وتُعدُّ الصفيحات الدموية أكثر عرضةً للتلوث من خلايا الدم الحمراء. [3] [4] [5]
ما هي المضاعفات المتأخرة وطويلة الأمد لنقل الدم عند الأطفال؟
1- انحلال الدم المتأخر (Delayed haemolysis)
يحدث تفاعل انحلال الدم المتأخر عندما يطور المريض جسماً مضاداً موجهاً ضدّ مُستضد في خلايا الدم الحمراء المنقولة، وقد يتسبّب الجسم المضاد في تقصير مدة بقاء خلايا الدم الحمراء، بالإضافة إلى الأعراض السريرية من حمى، ويرقان، وانخفاض الهيموجلوبين عن المتوقع بعد نقل الدم، وتنتج معظم تفاعلات انحلال الدم المتأخرة أعراضاً قليلة، وقد تمر دون أن يتمّ التعرف عليها، ومع ذلك هناك تقارير عن حدوث عواقب وخيمة عند المرضى المصابين بأمراض خطيرة.
2- التمنيع الخيفي (Alloimmunisation)
استجابة مناعية عند الطفل المتلقي تجاه مُستضدات غريبة موجودة في دم المتبرع، حيث يقوم الجهاز المناعي بمهاجمة الخلية الغريبة التي تحتوي على المُستضد، وتحمي هذه العملية في الحالة الطبيعية من البكتيريا، ولكن عندما يحدث استجابة لمنتجات دم إنسانٍ آخر، فقد يؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة، وبالنسبة لخلايا الدم الحمراء، فإن المرضى المصابين بمرض فقر الدم المنجلي أو التلاسيميا، والذين يتمّ نقل الدم لهم بشكلٍ مزمنٍ هم الأكثر عرضةً لتكوين الأجسام المضادة.
أما بالنسبة الصفيحات الدموية، فهناك أسباب مناعية وسريرية تؤدي إلى لمقاومة العلاج، وتشمل الأسباب السريرية الإنتان، والتخثر المنتشر داخل الأوعية (DIC)، والنزيف، والحمى، وبعض الأدوية، وضخامة الطحال، وتشمل الأسباب المناعية تطور الأجسام المضادة لمُستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA)، أو مُستضدات الصفيحات الدموية البشرية (HPA).
3- مرض الطعم ضدّ المضيف المرتبط بنقل الدم (Ta-GVHD)
يحدث عندما تتكاثر الخلايا الليمفاوية المتبرع بها في منتجات الدم الخلوية عند متلقي نقل الدم القابل للتأثر، وتؤدي إلى أذية الأعضاء المستهدفة، وخاصةً نقي العظم، والجلد، والكبد، والجهاز الهضمي، وتتكون المتلازمة السريرية من الحمى، والطفح الجلدي، وقلة الكريات الدموية، وخلل في وظائف الكبد، والإسهال، وهي مميتة في أكثر من 80 بالمئة من الحالات، وتبدأ الأعراض عادةً بعد 8-10 أيام من نقل الدم، مع وجود فترة أطول بين نقل الدم، وظهور الأعراض عند الرضع.
4- تراكم الحديد (Iron accumulation)
إن تراكم الحديد هو نتيجة متوقعة لنقل خلايا الدم الحمراء المزمن، وتبدأ التأثيرات السميّة بالظهور على أعضاء الجسم عندما تصبح مواقع تخزين الحديد في الشبكة البطانية مشبعة، ويمكن أن تؤدي إلى خلل وظائف الكبد والغدد الصماء، وحدوث اعتلالاتٍ مرضية كبيرة، وأكثر المضاعفات خطورةً هي سمّية القلب التي تسبّب عدم انتظام ضربات القلب، وقصور القلب الاحتقاني.
5- انتقال العدوى (Infections Transmission)
قد تنتقل مجموعة متنوعة من العوامل المعدية عن طريق نقل الدم، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (1 من كل 1.5 مليون تبرع)، وفيروسات التهاب الكبد C (1 من كل 1.2 مليون تبرع)، وفيروس التهاب الكبد B (حوالي 1 من كل 290 ألف تبرع)، والملاريا، وغيرها.
وتتضمن الأدلة لانتقال العدوى عن طريق نقل الدم ظهور الأعراض السريرية والمخبرية في غضون فترةٍ زمنيةٍ مناسبةٍ بعد نقل الدم، ويجب الإبلاغ بشكلٍ عاجل عن أي عدوى بكتيرية، أو فيروسية، أو طفيلية مشتبهٍ بها تنتقل عن طريق نقل الدم من أجل سحب منتجات الدم الأخرى التي يحتمل أن تكون معديةً من نفس المتبرع.
6- التأثيرات المعدلة للمناعة (Immunomodulatory effects)
تشير بعض الدراسات إلى وجود صلة بين نقل الدم وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، وتكرار الإصابة بالسرطان، ومن المحتمل أن يتم ذلك عن طريق خلايا الدم البيضاء أو البلازما المتبرع بها، ولكن لا يُعتبر هذا الأمر مثبتاً حالياً. [5]
متى يجب أن أتصل بالطبيب بعد نقل الدم لطفلي؟
قد تحدث ردود الفعل الناتجة عن نقل الدم في أوقات غير متوقعة، فقد يحدث ردّ فعلٍ أثناء نقل الدم، أو بعده بيوم، أو بعده بعدة أشهر، لذلك اتصل بمقدم الرعاية الصحية الخاص بطفلك على الفور، أو الممرضة إذا كنت لا تزال في المستشفى، وإذا حدث لدى طفلك أي مما يلي: [6] [7]
– وجود نزيف، أو ألم، أو كدمات جديدة في موقع الوريد.
– في حال كان الجلد بارداً ورطباً، أو عند وجود قشعريرة.
– حمى أعلى من 101 درجة فهرنهايت (38.3 درجة مئوية).
– تورم أو احمرار الوجه.
– شرى أو طفح جلدي مع أو بدون حكة.
– وجود صداع، أو دوار، أو غثيان، أو إقياء.
– السعال المستمر، أو التهيج، أو الأرق.
– وجود بول أحمر أو داكن بشكل غير عادي.
– ألم المفاصل.
واتصل بالطوارئ في حال وجود:
– مشاكل في التنفس.
– زرقة الشفاه أو الأظافر.
– ضيق في التنفس أو صفير.
– ألم في الصدر أو البطن.
– ضربات القلب السريعة.
– في حال كان لدى الطفل ميل إلى النوم، ومن الصعب إيقاظه.
– الهياج الشديد.
المراجع البحثية
1- DerSarkissian, C. (Ed). (2023, July 8). What to Know About Transfusion Reaction Symptoms. WebMD. Retrieved August 30, 2024
2- Starship. (2021 June 10). Transfusion Reactions. Retrieved August 30, 2024
3- Lifeblood. (n.d.). Non-immune mediated-haemolysis. Retrieved August 30, 2024
4- Bharadwaj, A. Khandelwal, M. Bhargava, S, K. (2014, September). Perioperative neonatal and paediatric blood transfusion. Indian journal of anaesthesia Retrieved August 30, 2024
5- The Royal Children’s Hospital Melbourne. (n.d.). blood transfusion : adverse effects of transfusion. Retrieved august 30, 2024
6- Cleveland Clinic. (2020, October 29). Blood transfusion: What is it, benefits, risks & reactions, time. Retrieved August 20, 2024
7- Children’s Minnesota. (2018, March). BLOOD TRANSFUSION: CARE AT HOME. Children’s Minnesota. Retrieved August 30, 2024