Published in: أمراض

متلازمة كابجراس

Author د. عبد الرحمن الدخيل

Published on: 23 أكتوبر، 2023

د. عبد الرحمن الدخيل

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

قد يعاني بعض المرضى المصابين بأمراض الدماغ التنكُّسية (الزهايمر والخرف) من طيفٍ واسعٍ من الأعراض، مثل: ضعف في الذاكرة، وانخفاض بعض القدرات الذهنية، كالتركيز، والمحاكمة العقلية، والقدرة على اتخاذ القرار، إلا أن بعض الأعراض الفريدة من نوعها تجعل المريض يظنُّ أن كل من حوله قد تمَّ استبدالهم بأشخاصٍ آخرين، وتلك الأعراض تظهر ضمن ما يُسمّى بمتلازمة كابجراس (Capgras syndrome).

ما هي متلازمة كابجراس؟

هي حالةٌ طبيةٌ نادرة يظنُّ فيها المريض أن الأشخاص الذين يعرفهم قد تمَّ استبدالهم بأشخاصٍ مختلفين تماماً، فهو يظن أنه يتكلم مع أشخاصٍ يشبهون الأشخاص الذين يعرفهم، ولكن المريض يكون واثقاً تماماً أنهم قد استبدلوا الأشخاص الذي يعرفهم. ولهذه الحالة أسماءٌ متعددة كوهم الدخلاء (Imposter delusion) أو توهُّم كابجراس، وقد تصيب أي شخصٍ بشكلٍ منفصل وبهذه الحالة تكون إصابة النساء أشيع أو تكون عرضاً مرافقاً لبعض الأمراض العصبية.

وعلى الرغم من كون العرض نفسياً إلا أن الترابط بين ظهور العرض، وإصابة بعض أنسجة الدماغ لا يزال قيد الدراسة، وهذا العرض قد يتفاقم مع مرور الزمن ليعتقد المريض أن جميع من حوله هم أشخاص بدلاء أو دخلاء، مما قد يجعل حياة المريض معقدةً جداً، وخاصةً على الوسط المحيط به من أصدقاء وأفراد عائلة. ^{[1] [3]}

ما هي أعراض متلازمة كابجراس؟

الأعراض التي تظهر على مريض متلازمة كابجراس قد تؤثر على المريض والأشخاص المحيطين به، وذلك بسبب التصرفات غير المتوقعّة للمريض بالقرب من الأشخاص الذين يعتقد أنهم بُدلاء، مما قد يدفعه للتصرف بالغرابة أو الشعور بالخوف منهم، كما أنه من الملاحظ بعض التصرفات العدوانية لدى بعض المرضى تجاه من حوله. وقد يلاحظ للمريض الهوس المستمر للبحث عن النسخة الحقيقة عن الأشخاص الذين يعرفهم.

من الجدير بالذكر أن القشرة المُخّية المسؤولة عن تفسير البيانات البصرية في الفصّ القفوي تكون سليمةً، ولا يكون فيها أي آثار تخريب، فالمريض يستطيع تفسير جميع التنبيهات البصرية بشكلٍ طبيعي، ويكون على درايةٍ أن هؤلاء الأشخاص لهم نفس الشكل، ولكنهم أشخاصٌ غرباء أي أن لهم نفس الصورة لكن بمضمونٍ مختلف. ^{[1] [3]}

الآلية المرضية لمتلازمة كابجراس

لا توجد آليةٌ مرضيةٌ محددة مثبتة لمتلازمة كابجراس، وندرة النسبية لهذه الحالة يصعب دراستها بشكلٍ مفصل، إلا أن الاعتقاد السائد هو أن هذه الحالة تظهر كعرضٍ ضمن أمراض الدماغ التنكسية الأخرى (كالخرف، والزهايمر، والصرع، وغيرها) أو تظهر ضمن بعض الأمراض النفسية الأخرى كالفِصام.

ظهور متلازمة كابجراس كعرضٍ وحيدٍ عند بعض المرضى الذين لا يعانون من أي من أمراضٍ عصبيةٍ أخرى وجهٌ لاحتمالٍ آخر، وهو اضطراب السبل المسؤولة عن نقل البيانات البصرية في الدماغ. بالإضافة لإمكانية ظهور المتلازمة نتيجة بعض الإصابة الرضّية في الدماغ.

وفقاً للدراسات الحديثة، فإن الإصابة المتوضّعة ضمن القشرة الرجعية الطحالية (Retrosplenial cortex) وهي القشرة المُخّية المسؤولة عن ربط المعلومات والإدراك الزماني والمكاني يرجح الإصابة بالمتلازمات التوهُّمية، وسوء التعرُّف على الأشخاص كما هو الحال في متلازمة كابجراس. ^{[2] [3]}

تشخيص متلازمة كابجراس

يعتمد التشخيص النهائي على قصة المريض، حيث يزداد احتمال الإصابة بمتلازمة كابجراس لدى المرضى المصابين ببعض الأمراض العصبية الأخرى، وفي حالات الإصابة بمتلازمة كابجراس من دون أي عصبية أخرى يكون التشخيص صعباً، وقد يتطلب التشخيص بعض الصور الشعاعية، وخاصةً صور الرنين المغناطيسي للدماغ لنفي الإصابة العصبية الأخرى. ^[1]

تدبير متلازمة كابجراس

يتضمن تدبير المتلازمة علاج الآفة العصبية الأساسية في حال وجودها، وبشكل عام يمكن تخفيف حدة الأعراض بالاعتماد على عدة أصنافٍ دوائية منها: ^[1]

1- أدوية الخرف: مثل: دونيبيزيل (Donepezil).

2- الأدوية النفسية: مثل: الأولانزابين (Olanzapine).

3- الأدوية المضادة للاكتئاب: مثل: مثبطات عودة قبط السيروتونين الانتقائية SSRI.

ويمكن للعلاج النفسي أن يساعد في تحسين حالة المريض إلا أنه من الجدير بالذكر لا يجوز محاولة إقناع المريض مباشرةً بأن اعتقاده بأنه يتعامل مع بشرٍ دخلاء غير الذين يعرفهم ذلك لأنه قد سيزيد من حدة الأعراض عند المريض.