Skip links
رسمة توضيحية لصبغيات متلازمة تيرنر

متلازمة تيرنر عند الأطفال

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » متلازمة تيرنر عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تُعتبر متلازمة تيرنر (Turner Syndrome)، والتي يُشار إليها أيضاً باسم متلازمة نقص تنسُّج المبيض الخلقي (Congenital ovarian hypoplasia syndrome) أكثر شذوذات الصبغيات الجنسية شيوعاً عند الإناث، وتمّ وصفها لأول مرة من قبل الطبيب هنري تيرنر في عام 1938م.

وتظهر متلازمة تيرنر في حوالي 1 من أصل كل 2000 إلى 2500 ولادة أنثى حية، ومع ذلك فإن معدل الانتشار الحقيقي لا يزال غير معروف، حيث إن العديد من الفتيات اللواتي يعانين من النمط الظاهري الخفيف قد يبقين دون تشخيص أو يتمُّ التشخيص في وقتٍ متأخرٍ من مرحلة البلوغ.

وحدوث متلازمة تيرنر هو نفسه تقريباً في مختلف الأعراق والبلدان المختلفة، ومع زيادة الوعي بإجراء الفحص بالأمواج فوق الصوتية قبل الولادة، فإن معدل انتشار متلازمة تيرنر عند الولادة أخذ في التناقص، وذلك لأن بعض الأمهات اللاتي يحملن أجنّةً مصابةً بمتلازمة تيرنر يخترن إنهاء الحمل. [1]

ما هي متلازمة تيرنر عند الأطفال؟

عبارةٌ عن اضطرابٍ صبغيٍّ خلقيّ يصيب الإناث، ولا يؤثر على الذكور، وتنتج عندما يكون أحد الصبغيين X مفقوداً جزئياً أو كلياً، مما يُسبّب مشاكل في النمو، والسمع، والرؤية، والخصوبة، ولا تتأثر عادةً القدرة الفكرية، وغالباً ما يكون عند الإناث المصابات مجموعةٌ واسعةٌ من الأعراض.

والتي قد تختلف من بين طفلةٍ وأخرى، ولكن جميع الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر تقريباً يكون الطول لديهن أقصر من المتوسط مع وجود مبايض غير مكتملة النمو، مما يؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية والعقم، ونظراً لأن الطول والتطور الجنسي هما العاملان الرئيسيان المتأثران.

فقد لا يتمّ تشخيص متلازمة تيرنر حتى يتمّ ملاحظة غياب علامات التطور الجنسي المرتبط بالبلوغ، وعادةً ما يكون ذلك بين سن 8 و14 عاماً، وقد تترافق المتلازمة مع العديد من التشوُّهات الخلقية القلبية، وتشوُّهاتٌ في الهيكل العظمي، واضطراباتٌ كلوية، وهضمية، وغدية، ومناعية ذاتية، وتتمتع معظم المصابات بمتلازمة تيرنر بذكاءٍ طبيعي، ولكن من الممكن حدوث اضطراباتٍ في التعلم، ومشاكل سلوكية. [2] [3]

ما هي أسباب متلازمة تيرنر عند الأطفال؟

العدد النموذجي للصبغيات البشرية هو 46 صبغي، واثنين منها هي الصبغيات الجنسية التي تحدّد الجنس، و44 صبغي جسمي يحدّد العوامل الأخرى، ولدى الإناث عادةً اثنين من الصبغيات الجنسية نفسها يُشار لها بالرمز ،(XX) بينما لدى الذكور يوجد صبغي X، وآخر Y، ويشار لهما بالرمز(XY)، والجينات المقدّرة بحوالي 30.000 جينة ممتدةٌ على طول هذه الصبغيات بدقةٍ وإحكام، وهي اللبنات الأساسية للجسم، والتي تتحكم بشكله، ووظائفه الحيوية، وتكاثر الخلايا، وفي النمو، والتطور، والأداء.

وفي متلازمة تيرنر تفقد الخلايا كلاً أو جزءاً من الصبغي X بشكلٍ عشوائي، وعندما يكون أحد هذه الصبغيات غائباً أو غير طبيعي يؤدي إلى غياب عددٍ من الجينات، وتُسبّب الجينات المفقودة مجموعةً من الحالات الشاذة، والأعراض المرتبطة بها، والعلاقة المباشرة بين الجينات الغائبة، والاضطرابات التي تحدث ليست مفهومةً جيداً بعد. [4] [5]

ما هي أنواع متلازمة تيرنر عند الأطفال؟

يوجد أنواعٌ مختلفةٌ من متلازمة تيرنر بناءً على كيفية تأثُّر أحد الصبغيات X:

1- أحادي الصبغي X

أو يُسمّى متلازمة تيرنر الكلاسيكية،وهذا النوع يعني أن كل خليةٍ تحتوي على صبغي X واحد فقط بدلاً من اثنين، وتشكل نسبته حوالي 45 بالمئة من الحالات، ويحدث شذوذ الصبغيات بشكلٍ عشوائي أثناء تكوين الخلايا التناسلية (البويضات عند الأم أو الحيوانات المنوية عند الأب)، وإذا كانت إحدى هذه الخلايا الإنجابية غير الطبيعية تساهم في التركيب الجيني للجنين أثناء الحمل، فسيكون لدى الطفلة صبغي X واحد في كل خليةٍ عند الولادة.

2- متلازمة تيرنر الموروثة (Inherited Turner syndrome)

في حالاتٍ نادرة، قد تكون متلازمة تيرنر وراثيةً، وتنتقل من جيلٍ إلى آخر، ويحدث هذا النوع عادةً بسبب فقدان جزءٍ من الصبغي X.

3- متلازمة موزاييك تيرنر (Mosaic Turner syndrome)

يشكل هذا النوع حوالي 30 بالمئة من حالات متلازمة تيرنر، وتحتوي بعض خلايا الطفلة على زوجٍ من الصبغيات X، بينما تحتوي الخلايا الأخرى على واحدٍ فقط ، ويحدث بشكلٍ عشوائي أثناء انقسام الخلايا في وقتٍ مبكر من الحمل. [6]

ما هي أعراض متلازمة تيرنر عند الأطفال؟

تؤثر على مختلف أجهزة الجسم والعمليات الحيوية فيه، وذلك وفق ما يلي: [3] [6]

1- النمو (Growth)

● غالباً ما يكون الطول عند الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر طبيعياً خلال السنوات الثلاث الأولى من الحياة، ولكن بعد ذلك يكون معدل نموّهم بطيئاً مقارنةً بأقرانهم، ويصبح قصر القامة واضحاً في عمر الخمس سنوات.

● عند سن البلوغ لن يحدث عند الفتاة المصابة بمتلازمة تيرنر طفرة النمو الطبيعية، حتى مع العلاج ببدائل هرمون الأستروجين الأنثوي (Hormone Replacement Therapy (HRT)).

● عادةً ما تكون الفتيات المصابات قصيرات القامة مقارنةً بطول والديهن، وفي المتوسط تكون النساء البالغات المصابات بمتلازمة تيرنر غير المعالجة أقصر بمقدار 20 سنتيمتر من النساء البالغات غير المصابات بالمتلازمة، والعلاج بجرعةٍ عاليةٍ إضافيةٍ من هرمون النمو (Growth hormone) يُقلّل هذا الفرق بنحو 5 سنتيمتر في المتوسط.

2- المبيضين (Ovaries)

● يعدُّ خلل وظيفة المبيضين شائعاً جداً، ففي البداية يتطور المبيضان بشكلٍ طبيعي أثناء الحياة في الرحم، ولكن خلايا البويضة تموت عادةً قبل الأوان، وتتحلل معظم أنسجة المبيض قبل الولادة.

● في الحالة الطبيعية يبدأ المبيضان عند الفتاة بإنتاج الهرمونات الجنسية (الأستروجين، والبروجستيرون) عند البلوغ، ولكن هذا لا يحدث عند معظم الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر، ولا تبدأ الدورة الشهرية أو ينمو الثدي دون علاجٍ هرموني، ومعظم المصابات غير قادراتٍ على الحمل دون التداخل العلاجي، وتحتفظ نسبةٌ صغيرةٌ منهن بوظيفة المبيض طبيعيةً خلال مرحلة البلوغ، ويكن قادراتٍ على الحمل بشكلٍ طبيعي.

● على الرغم من أن العديد من الفتيات اللاتي لديهن متلازمة تيرنر لديهن مبايض لا تعمل، ويعانين من العقم، إلا أن المهبل والرحم لديهما طبيعيان تماماً.

3- الملامح العامة (General features)

غالباً ما يكون عند الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر سمات جسدية معينة، ومنها:

● وجود طياتٍ إضافيةٍ من الجلد تشبه أقدام الإوز على جانبي الرقبة، وتمتدُّ حتى الأكتاف، وهذا ما يعرف باسم الرقبة المجنحة أو الوتراء (Webbed neck) أو قد تكون الرقبة قصيرةً وواسعة.

● يكون خط الشعر منخفضاً في الجزء الخلفي من الرقبة.

● تكون الأذنان ذات توضّعٍ منخفض.

● صغر الفك السفلي، وتراجعه نحو الخلف، مما قد يؤثر على نموّ الأسنان، وتوضُّعها.

● يكون سقف الفم مرتفعاً مع ضيقٍ في شراع الحنك.

● يكون الصدر واسعاً مع تباعد حلمتي الثدي.

● تكون الأقدام مسطحة، وأصابع اليدين والقدمين قصيرة، والأظافر ضيقة، وملتفةً نحو الأعلى.

● تكون الذراع قابلةً للثني نحو الخارج في منطقة المرفق.

● وجود انتفاخٍ وتورُّمٍ (وذمة لمفية) في اليدين والقدمين.

● ظهور بقعٍ ملونة صغيرة متعددةٍ على الجلد .

ما هي مضاعفات الإصابة بمتلازمة تيرنر عند الأطفال؟

1- أمراض القلب والأوعية الدموية

قد تعاني المصابات بمتلازمة تيرنر من اضطرابات مرضية متعددة في القلب والأوعية الدموية، وتصل نسبة العيوب الخلقية التي تؤثر على بنية القلب إلى 50 بالمئة، وقد يكون بعضها مهدداً للحياة، وتشمل الصمام الأبهري ثنائي الشرف، وتضيُّقاً في الشريان الأبهري، واستطالة قوس الأبهر، كما تزيد متلازمة تيرنر من نسبة حدوث ارتفاع ضغط الدم الشرياني.

2- الاضطرابات العظمية

وتكون شائعةً في متلازمة تيرنر، وتشمل:

– زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام والكسور، خاصةً إذا لم يتمّ تلقّي العلاج بالأستروجين (Estrogen).

– الجنف، وهو انحناءٌ غير طبيعي في العمود الفقري، ويؤثر هذا على حوالي 10 بالمئة من المصابات بمتلازمة تيرنر.

3- اضطرابات التعلم

تتمتع الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر عادةً بذكاءٍ طبيعي، ومهاراتٍ جيدة في اللغة والقراءة، ومع ذلك تعاني بعض الفتيات من مشاكل في الرياضيات، ومهارات الذاكرة، وحركات الأصابع الدقيقة.

4- الاضطرابات النفسية والسلوكية

قد تواجه بعض الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر مشاكل في فهم العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى الشعور بالقلق والاكتئاب، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب الحفاظ على الصداقات، ويؤدي إلى مشاكل في العلاقات في وقتٍ لاحقٍ من الحياة، سواءً في المنزل، أو الدراسة، أو العمل.

5- التأثير على الوعي المكاني

هو القدرة على فهم الشخص لموقعه بالنسبة للأشياء أو الأشخاص الآخرين، وتواجه معظم الإناث المصابات بمتلازمة تيرنر صعوبةً في فهم، وإدراك الوعي المكاني، وقد يتسبّب هذا في حدوث مشكلاتٍ عند تعلم القيادة أو اتباع الاتجاهات على الخريطة.

6- مشاكل الانتباه وفرط النشاط

– عادةً تمرُّ الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر بفترةٍ في مرحلة الطفولة تتضمن فرط النشاط البدني، مثل: التملمُل المستمر والأرق، والتصرف بشكلٍ متهور، مثل: كسر القواعد، أو عدم الشعور بالخطر، ووجود فترة تركيزٍ قصيرة، وسهولة تشتيت الانتباه.

– تبدأ مشكلات الانتباه، وفرط النشاط عادةً عندما تكون الفتاة طفلة صغيرة، ولكنها قد لا تكون مشكلةً خطيرةً حتى تبدأ الفتاة الدخول إلى الحضانة، أو المدرسة، في سن الرابعة، أو الخامسة، فقد تواجه الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر صعوبةً في الاستقرار في الفصل.

– قد لا تكون الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD) فعالةً في حالات متلازمة تيرنر.

– عادةً ما ينخفض ​​فرط النشاط البدني في عمر 11 عاماً، على الرغم من أن مشاكل عدم الانتباه يمكن أن تستمر لفترةٍ أطول حتى مرحلة المراهقة.

7- أمراض المناعة الذاتية

تزيد متلازمة تيرنر من خطر الإصابة ببعض أمراض المناعة الذاتية، بما في ذلك: الداء الزلاقي، والتهاب الدرق المناعي الذاتي (داء هاشيموتو)، وداء الأمعاء الالتهابي، كما تزيد المتلازمة من احتمال حدوث الداء السكري.

8- فقدان السمع

في مرحلة الطفولة المبكرة بين عمر سنة إلى 6 سنوات يحدث عند الفتيات المصابات بمتلازمة تيرنر التهابات متكررة في الأذن الوسطى، مما قد يؤدي إلى فقدان السمع في بعض الحالات، كما قد يحدث صممٌ حسيٌّ عصبيٌّ ناجمٌ عن تنكُّس أعصاب السمع عند 50 بالمئة من الإناث البالغات المصابات بمتلازمة تيرنر.

9- اضطرابات في الرؤية

تشمل الحالات الأكثر شيوعاً الأخطاء الانكسارية (قصر البصر، مد البصر)، والحَوَل، والعين الكسولة، وتدلي الجفون، وتشمل المشكلات الأخرى الأقل شيوعاً عمى الألوان الأحمر، والأخضر، والصلبة الزرقاء.

10- الاضطرابات الكلوية

قد يُظهر التصوير بالموجات فوق الصوتية بعض التشوُّهات الهيكلية في الكلى، ولا تؤثر عادةً على مدى كفاءة وظيفة الكلية، ولكن تزيد من فرصة الإصابة بالإنتانات البولية.

11- التأثير على الخصوبة

أغلب الإناث المصابات بمتلازمة تيرنر يحدث لديهن عقم، ولكن عدد قليل جداً منهن يمكنهن الحمل تلقائياً، وبعضهن يمكنهن الحمل باستخدام تقنيات علاج الخصوبة، كما أن النساء المصابات أكثر عرضةً للإصابة بمضاعفاتٍ أثناء الحمل، مثل: ارتفاع ضغط الدم الشرياني، وتسلُّخ الأبهر، لذلك ينبغي متابعتهن بشكلٍ مكثف من قبل أخصائي في أمراض القلب، وطبيب التوليد، وأمراض النساء. [3] [6] [7]

المراجع البحثية

1- Kikkeri , N, S. Nagalli , S. (2023, August 8 ). Turner Syndrome. StatPearls. Retrieved January 9, 2024

2- MedlinePlus. (2023, August 1). Turner Syndrome. MedlinePlus. Retrieved January 9, 2024

3- NHS choices. (2021, July 7). Turner Syndrome. NHS choices. Retrieved January 9, 2024

4- Hurst, A, C, E. (2021, January 11) .Turner Syndrome. Pennmedicine.org. Retrieved January 9, 2024

5- Better Health Channel. (2003, October 2). Turner’s syndrome.  Better Health Channel. Retrieved January 9, 2024

6- Cleveland Clinic. (2023, October 10). Turner syndrome. Cleveland Clinic. Retrieved January 9, 2024

7- Mayo Clinic. (2022, February 11). Turner syndrome. Mayo Clinic. Retrieved January 9, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.