Skip links
امرأة حامل تحمل بين يديها قطة

داء المقوسات الخلقي – أسبابه وأعراضه

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » داء المقوسات الخلقي – أسبابه وأعراضه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي الإنتانات الخلقية؟

الإنتانات الخلقية (Congenital infections) هي مجموعةٌ من الإنتانات التي تكتسبها الأم، وتنتقل إلى الجنين أثناء الحمل أو الولادة أو في الفترة المحيطة بالولادة عن طريق الرضاعة الطبيعية، مما يؤدي إلى إصابة الطفل حديث الولادة، وتعدُّ هذه العدوى من الأسباب الرئيسية للمرض والوفيات في الفترة المحيطة بالولادة، حيث تمثل ما يصل إلى 50 بالمئة من حالات الإملاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، و10-25 بالمئة في البلدان ذات الدخل المرتفع.

استخدم عالم المناعة أندريس نامياس (Andres Nahmias) لأول مرة الاختصار ToRCH في عام 1971 لوصف الإنتانات الخلقية في الفترة المحيطة بالولادة، وتشمل داء المقوسات (Toxoplasmosis)، والحصبة الألمانية (Rubella)، والفيروس المضخم للخلايا (Cytomegalovirus)، وفيروس الهربس البسيط (Herpes simplex virus)، ويصعب تمييز هذه العدوى عن بعضها البعض سريرياً.

في عام 1975، اقترح هارولد فورست (Harold Fuerst) إضافة مرض الزهري (Syphilis)، وهو عدوى خلقية مهمة أخرى، إلى مجموعة الإنتانات الخلقية، وتعديل الاختصار إلى (STORCH)، وأيضاً في العام نفسه أوصى روجر برومباك (Roger Brumback) باستبدال STORCH بـ TORCHES، حيث تمّ قبول المصطلح الأخير بسهولةٍ أكبر، والاعتراف به من قبل أطباء الأطفال المطلعين على الاختصار الأقدم.

بعد ذلك تمّ توسيع قائمة الأمراض التي يشير إليها حرف “O” في مصطلح (TORCH)، وأصبح الآن يشير إلى كلمة أخرى (Others)، ويشمل مسبّبات الأمراض التالية: الزهري، والبارافيروس (Parvovirus)، وفيروس كوكساكي (Coxsackievirus)، وداء الليستريات (Listeriosis)، والتهاب الكبد الوبائي B، وفيروس الحماق النطاقي (Varicella-zoster virus)، وداء شاغاس (Chagas disease)، والفيروس المعوي (Enterovirus)، وفيروس نقص المناعة البشرية، وأحدث فيروس تمّ إضافته هو فيروس زيكا (Zika virus).

ولا تزال الإنتانات الخلقية تمثل مشكلةً صحيةً عامة رئيسية على مستوى العالم، وخاصةً في البلدان النامية، ويمكن أن تؤدي هذه العدوى إلى عواقب وخيمة، مثل: الإعاقات الشديدة أو حتى وفاة الأجنة، ولكن يمكن الوقاية من معظمها عن طريق منع العدوى الأولية للأمهات أثناء الحمل، ولذلك فإن الوعي العام يعدّ أمراً بالغ الأهمية، وقد اقترحت منظمة الصحة العالمية استراتيجياتٍ للقضاء على انتقال فيروس نقص المناعة البشرية، والزهري، والتهاب الكبد الوبائي B من الأم إلى الطفل. [1]

ما هو داء المقوسات الخلقي؟

داء المقوسات (Toxoplasmosis) هو عدوى طفيلية تصيب البشر والحيوانات، تنجم عن الإصابة بأحد الأوالي، وهو طفيلي المقوسات القندية (Toxoplasma gondii)، والإصابة عند البالغين الأصحاء ذوي المناعة الجيدة تكون بدون أعراض في حوالي 50 بالمئة من الحالات.

وقد تسبّب أعراضاً خفيفةً، مثل: الحمّى، والشعور بالضيق، والطفح الجلدي البقعي الحطاطي، والصداع، والتعب، وضخامة العقد اللمفية. أما عند البالغين الذين يعانون من ضعف المناعة والأطفال حديثي الولادة، فيسبّب عدوى شديدة مع مضاعفاتٍ خطيرة.

يحدث داء المقوسات الخلقي (Congenital toxoplasmosis) نتيجة الانتقال العمودي من الأمهات المصابات، ويعتبر سبباً مهماً للمرض والوفيات عند الأجنة، والولدان، والأطفال مع تقدمهم في مرحلة البلوغ، ويتميز داء المقوسات الخلقي بالثلاثي الكلاسيكي، وهو استسقاء الرأس الانسدادي، والتهاب المشيمية وشبكية العين، وتكلسات داخل القحف، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفاتٍ شديدة، وتشمل العمى أو الإعاقة البصرية الشديدة، وفقدان السمع، والإعاقة الذهنية الشديدة أو مشاكل عصبية أخرى. [2]

ما هي دورة حياة المقوسات القندية؟

المقوسات القندية عبارةً عن طفيلي أولي يصيب معظم أنواع الكائنات ذوات الدم الحار، بما في ذلك البشر، وأفراد فصيلة القطط السنوريات هم المضيفون الوحيدون المعروفون للمراحل الجنسية لطفيلي المقوسات القندية، لذلك يسمّى أيضاً بداء القطط.

وبالتالي هم المستودعات الرئيسية للعدوى، والمراحل الثلاث لهذا الطفيلي داخل الخلايا هي كما يلي: المتسارعة أو تاكيزوئيت (Tachyzoites)، والتي تتكاثر بسرعة، وتدمر الخلايا المصابة أثناء العدوى الحادة، والمتباطئة أو برادي زوئيت (Bradyzoite)، والتي تتكاثر ببطء في الأكياس النسيجية، والبويضات (Oocysts) أو الحيوان البوغي (Sporozoites).

وتحدث المراحل المتسارعة والمتباطئة في أنسجة الجسم، بينما تفرز البويضات في براز القطط، وتصاب القطط بطفيلي المقوسات القندية عن طريق أكل اللحوم الحاوية على الأكياس النسيجية أو عن طريق تناول البويضات. القطط التي يُسمح لها بالتجول في الخارج تكون أكثر عرضةً للإصابة بالعدوى من القطط المنزلية المحصورة في البيئة الداخلية.

بعد ابتلاع القطة الكيسات النسيجية أو البويضات، يتمُّ إطلاق الحيوانات البوغية، وتغزو الخلايا الظهارية في الأمعاء الدقيقة، حيث تمر بدورةٍ لا جنسية تليها دورة جنسية ثم تشكل البويضات، والتي يتمُّ إفرازها بعد ذلك، وتستغرق البويضة غير المبوغة (أي غير المعدية) من 1 إلى 5 أيام بعد الإفراز لتصبح مبوغة (معدية).

وعلى الرغم من أن القطط تطرح البويضات لمدة أسبوعٍ إلى أسبوعين فقط، إلا أنه قد يتمُّ التخلص من أعداد كبيرة، وغالباً ما تتجاوز 100000 بويضة لكل غرام من البراز، ويمكن للبويضات البقاء على قيد الحياة في البيئة لعدة أشهر إلى أكثر من سنة، وهي مقاومةٌ بشكلٍ ملحوظ للمطهرات، والتجميد، والتجفيف، لكنها تُقتل بالتسخين إلى 70 درجة مئوية لمدة 10 دقائق.

يكتسب المضيفون الوسيطون، مثل: البشر، والأغنام، والماشية، والخنازير، والطيور، والفئران العدوى في هذه المرحلة، وبعد ابتلاع البويضات تتمايز إلى تاكيزوئيت أو المتسارعة التي تغزو ظهارة الأمعاء، وتنتشر في جميع أنحاء الجسم، وتتكاثر داخل الخلايا، وتموت الخلية المضيفة، وتطلق المتسارعات التي تغزو الخلايا المجاورة، وتستمر العملية.

ويتمُّ التأثير على المتسارعات من خلال الاستجابة المناعية للمضيف لتتحول إلى متباطئات، والتي تترسب في الأنسجة على شكل كيسات، وأكثر أماكن توضُّعها شيوعاً هي العضلات الهيكلية، وعضلة القلب، والدماغ. قد تبقى هذه الأكياس طوال حياة المضيف، وقد تحدث عودة المرض السريري إذا أصبح المضيف يعاني من كبت المناعة، وتمزقت الأكياس، وأدت إلى إطلاق الطفيليات. [2] [3]

كيف تحدث الإصابة بداء المقوسات الخلقي؟

تصاب النساء الحوامل بداء المقوسات عبر طريقين: [2] [3] [4]

1- العدوى الأولية

 تحدث من خلال:

– تناول اللحوم غير المطبوخة جيداً والملوثة، وخاصةً لحم الخنزير، والضأن والغزال، أو المأكولات البحرية، مثل: المحار، والرخويات، وبلح البحر، أو التعامل معها دون غسل اليدين جيداً.

– عن طريق أدوات المطبخ الملوثة، كاستخدام السكاكين، أو الأواني، أو ألواح التقطيع، أو غيرها التي تلامست مع اللحوم النيئة، أو المأكولات البحرية، أو الخضراوات والأطعمة الملوثة.

– الابتلاع العرضي للبويضات بعد تنظيف صندوق فضلات القطة، أو بعد لمس أو تناول أي شيء يتلامس مع براز قطة يحتوي على بويضات المقوسات القندية.

– ابتلاع البويضات الموجودة في التربة الملوثة، على سبيل المثال: عدم غسل اليدين بعد أعمال البستنة، أو تناول الخضار والفواكه غير المغسولة بشكلٍ جيد.

– شرب الماء الملوث بطفيلي المقوسات القندية.

– شرب حليب الماعز غير المبستر.

2- إعادة تنشيط العدوى الكامنة

ذلك في حالات نقص المناعة الشديدة، مثل: العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (الإيدز). وينتقل الطفيلي من الأم إلى الجنين عن طريق المشيمة، ويختلف حدوث داء المقوسات الخلقي باختلاف الأشهر التي تمّ خلالها اكتساب العدوى الأمومية. بالنسبة للنساء غير المعالجات، يبلغ معدل إصابة الجنين حوالي 25 بالمئة في الأشهر الثلاثة الأولى، و54 بالمئة في الثلث الثاني للحمل، و65 بالمئة في الثلث الأخير من الحمل.

ما هي أعراض الإصابة بداء المقوسات الخلقي؟

لداء المقوسات الخلقي مظاهر سريرية واسعة النطاق بدءاً من عدم ظهور أعراض تماماً عند الولادة، وحتى الإصابة بأمراض عصبية وعينية حادة، وغالبية الأطفال الرضع (حوالي 75 بالمئة) المصابين بداء المقوسات الخلقي ليس لديهم أي مظاهر سريرية واضحة عند الولادة.

وفي عددٍ من الحالات يمكن أن تؤدي الإصابة إلى الإجهاض التلقائي، أو الولادة المبكرة، أو ولادة جنينٍ ميت، وتكون الأعراض حادةً بشكلٍ عام، وتظهر سريرياً عندما تصاب الأم بالعدوى في الأشهر الثلاثة الأولى، ولا تتلقى أي علاج، وتكون أكثر شدةً عند الخدج، وتشمل أعراض وعلامات العدوى الشديدة: [2] [5]

1- المظاهر العصبية، مثل: صغر أو ضخامة الرأس، النوبات الاختلاجية، الرأرأة، استسقاء الرأس (تراكم السوائل داخل التجاويف الداخلية للدماغ أي في البطينات الدماغية)، التكلسات الدماغية (عبارة عن المناطق التي تخربت بسبب الطفيلي)، التهاب السحايا والدماغ.

2- المظاهر العينية، مثل: التهاب المشيمية والشبكية، صغر العين، الحول.

3- ضخامة الكبد الطحال، واعتلال عقد لمفية معمم.

4- اليرقان، وهو تغير لون الجلد والأغشية المخاطية والصلبة (بياض العين) إلى اللون الأصفر.

5- نقص الصفيحات، وفقر الدم، والنمشات.

6- انخفاض الوزن عند الولادة، وتأخر النمو داخل الرحم.

7- طفح جلدي (بقع حمراء صغيرة أو كدمات) عند الولادة.

أما بالنسبة للرضع الذين يعانون من عدوى خفيفة أو تحت سريرية، فهم معرضون لخطر العواقب المتأخرة، مثل:

1- التهاب المشيمية والشبكية المتكرر، مما يؤدي إلى فقدان البصر.

2- تأخر التطور الروحي والحركي.

3- اضطرابات التعلم.

4- الإعاقة الذهنية.

5- فقدان السمع.

6- اضطرابات الغدد الصماء نتيجةً لخللٍ في منطقة ما تحت المهاد والغدة النخامية.

المراجع البحثية

1- HKMJ. (2020, April 17). Congenital infections in Hong Kong: an overview of TORCH. Retrieved April 19, 2024

2- Kota, A, S. Shabbir, N. (2023, June 26). Congenital Toxoplasmosis. StatPearls . Retrieved April 19, 2024

‌3- McAuley, J, B. (2014, September 1). Congenital Toxoplasmosis. Journal of the Pediatric Infectious Diseases Society. Retrieved April 19, 2024

‌4- Centers for Disease Control and Prevention. (2018, September 4). CDC – Toxoplasmosis – Epidemiology & Risk Factors. Retrieved April 19, 2024

‌5- MedlinePlus. (n.d).  Congenital toxoplasmosis. Retrieved April 19, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.