Skip links
مجرة ملتفة الشكل لونها بنفسجي وفي منتصفها بقعة مضيئة

الكوازرات – ماهي وما أحدث الكوازرات المكتشفة؟

الرئيسية » المقالات » الفضاء » الكوازرات – ماهي وما أحدث الكوازرات المكتشفة؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كيف اكتشفت الكوازرات؟

جاءت أولى التلميحات عن الكوازارات (النجوم الزائفة) (Quasars) في عام 1958 عندما تمّ إصدار كتالوج كامبريدج الثالث Third Cambridge (3C) Catalog للمصادر الراديوية، والذي يضمُّ العديد من الأجسام الغريبة في ذلك الوقت، وكان أغربها باعث راديوي غامض يشبه النجوم إلى حدٍّ كبيرٍ لكنه ليس نجم.

حيث أطلق عليه اسم مصدر الراديو شبه النجمية (Quasi-stellar radio sources) أطلق عليه في الكتالوج اسم C 273، هذا الباعث شكل لغزاً كبيراً لعلماء الفلك، وكان هدفاً لعالم الفلك الأمريكي مارتن شميدت (Maarten Schmidt) الذي كان يعمل في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، حيث استفاد من حجب القمر لهذا الجرم عدة مراتٍ في عام 1962، وقام بتحديد موقعه بدقة.

اكتشف تلسكوب هيل الطيف الاستثنائي لهذا الجرم، حيث ظهرت سلسلةٌ من خطوط الانبعاث القوية التي لا يبدو أنها تتوافق مع أي عنصرٍ معروف في تلك الفترة، لكن هذه الخطوط الطيفية بدت تميل إلى الجزء الأحمر من الطيف الكهرطيسي، ويشير هذا الانزياح نحو الأحمر إلى أن الجرم C 273 كان يتراجع عن الأرض بسرعةٍ تقارب 16 بالمئة من سرعة الضوء، والحقيقة أنه لا يوجد نجمٌ يتصرف بهذه الطريقة.

سرعان ما أدرك شميدت أن الانزياح نحو الأحمر لطيف C 273 ناتجٌ عن توسع الكون، مما يضع الجسم على بعد حوالي 2 مليار سنة ضوئية من الأرض. كما أظهر C 273 سطوعاً قوياً لدرجة أنه يمكن أن يظهر في تلسكوباتٍ متواضعةٍ للهواة، حيث بدا بلمعانٍ أكبر بــ 40 مرة من ألمع المجرات المعروفة في ذلك الوقت.

وفي ذات الحقبة الزمنية أدرك شميدت وزميله جيسي جرينشتاين (Jesse Greenstein) في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا أن مصدراً راديوياً شبه نجمي آخر سمّي 333C 48،  كان لديه انزياحٌ نحو الأحمر، ويقع أبعد بكثير من C 273 ليصبح هذان الجرمان هما أوائل النجوم الزائفة (الكوازرات) اكتشافاً.

وبعد مرور عام، اختصر عالم الفيزياء الفلكية التايواني الأمريكي هونغ يي تشيو (Hong-Yee Chiu) عبارة “مصدر الراديو شبه النجمي” (Quasi-stellar radio source) المصدر إلى “الكوازار” (Quasar)، ليصبح هذا الاسم معتمَداً إلى يومنا هذا. وفي السنوات الستين التي تلت ذلك، قام الباحثون بفهرسة أكثر من مليون كوازار، ومن الغريب أن حوالي 10 بالمئة فقط منها تبعث موجات راديو. [1]

ما هي الكوازرات؟

الكوازارات هي الأجرام الساطعة بشكلٍ ملحوظ في المجرات النشطة في الكون البعيد، وهي شكلٌ من أشكال ما يسمّيه علماء الفلك “النوى المجرية النشطة” (Active galactic nuclei)  أو اختصاراً AGN. علماً أن المجرة النشطة هي تلك التي يستهلك فيها الثقب الأسود المركزي كمياتٍ كبيرةً من المادة، فهي تظهر كقرصٍ حلزوني ضخم.

وتسقط المادة في هذه المجرات على شكل سحبٍ ضخمة في قلب المجرة، حيث تدور الأجزاء الداخلية من السحابة الأقرب إلى الثقب الأسود بشكلٍ أسرع من الأجزاء الخارجية (تماماً مثل الكواكب الأقرب إلى الشمس التي تدور بشكل أسرع من تلك البعيدة عنها).

وهذا يُنتِج قوةً تؤدي إلى ثني (Twists) السحب، مما يجعلها تصطدم بجيرانها أثناء تحركها حول الثقب الأسود بسرعاتٍ تتراوح من 10 بالمئة من سرعة الضوء إلى أكثر من 80 بالمئة منها، يؤدي هذا الاصطدام إلى توليد حرارةٍ عالية، ويصبح القرص المجري ساخناً للغاية حوالي ملايين الدرجات ليصبح هذا القرص لامعاً بشكل ساطع (Highly luminous).

ويتمُّ أيضاً توجيه بعض المواد الموجودة في القرص بعيداً عن الثقب الأسود في نفاثة (Jet) شديدة الإضاءة وموجهةٍ بشكل متوازٍ، وعندما يتحد القرص المتراكم الساخن والنفث، فيجعلان نواة المجرة النشطة تتألق بشكلٍ مشرقٍ للغاية بحيث يمكن رؤيتها بعيداً عبر الكون، وندعوها عندها بالكوازار.

بالتالي نستطيع القول إن الكوازار هو مجرد ثقبٍ أسود (Black hole)، لكنه ليس أي ثقب أسود، فهو ثقبٌ أسود هائل ينمو بسرعةٍ عن طريق التهام كمياتٍ هائلةٍ من الغاز، وهذا الغاز، على شكل “قرص تراكمي” حلزوني حول الثقب الأسود.

هل تمّت رؤية الكوازار من قبل وما مدى سطوعها؟

الكوازارات ساطعة جداً لدرجة أنه يمكن رؤيتها على مسافاتٍ شاسعة عبر الكون، ويعتقد أن أبعد كوازار معروفٍ حالياً يبعد حوالي 13.13 مليار سنة ضوئية، بينما أقرب وألمع كوازار هو الكوازار 3C 27  الذي يمكن رؤيته بسهولة حتى لعلماء الفلك الهواة أو باستخدام أجهزة التصوير الفلكية التقليدية، حيث يظهر مضيئاً بشكلٍ كبيرٍ في كوكبة العذراء (Virgo)، ويعادل سطوعه 25 تريليون مرةً من سطوع شمسنا، ووصف بعض العلماء أنه يمكن للكوازارات أن تتألق بما يتراوح بين 10 إلى 100 ألف مرة أكثر سطوعاً من مجرتنا درب التبانة بأكملها.

ما هو حجم الكوازارات؟

على الرغم من لمعان الكوازرات المذهل، إلا أن مصدر طاقة الكوازار صغيرٌ نسبياً مقارنةً بالمجرة المضيفة التي يتواجد فيها، فبالنسبة لأصغر الكوازرات، قد يبلغ قطره بضعة أيام ضوئية فقط، وهذا يعادل أقل من 1000 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي المسافة بين الأرض والشمس، والتي تبلغ 150 مليون كيلومتر)، بالمقارنة مع حجم المجرة (مجرتنا درب التبانة تبلغ حوالي 100 ألف سنة ضوئية)، فإن قطر الكوازار صغيرٌ جداً. ومع ذلك، فإنه ينتج كمياتٍ هائلة جداً من الطاقة. [2]

ما هو أحدث الكوازرات المكتشفة؟

ألمع كوازار اكتشف حتى اليوم في عام 2024، وهو كوازار مدعومٌ بثقبٍ أسود يلتهم العديد من النجوم مثل شمسنا يومياً، ويسمّى هذا الكوازار J059-4351. هذا الكوازار يبلغ قطره سبع سنوات ضوئية، وهو أكثر سطوعاً من شمسنا بمقدار 500 تريليون مرة، ويبعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئية عنا، وتبلغ كتلته حوالي 17 مليار مرة كتلة الشمس.

اكتشفه علماء الجامعة الوطنية الأسترالية لأول مرة باستخدام تلسكوب بطول 2.3 متر في مرصد NSW Siding Spring ثم أكدوا هذا الاكتشاف باستخدام التلسكوب الكبير جداً التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (European Southern Observatory’s) أو (ESO)، والذي يحتوي على مرآة يبلغ طولها 8 أمتار. [3]

ومن اللافت للنظر أن هذا الكوازار الذي حطم الأرقام القياسية كان مختبئاً على مرأى من الجميع، فهذا الجسم ظهر في صورٍ من مسح (ESO Schmidt Southern Sky Survey) يعود تاريخها إلى عام 1980، ولكن لم يتمّ التعرف عليه ككوازار إلا بعد عقود. [4]

المراجع البحثية

1- Talcott, R. (2023, November 1). What we’ve learned in 60 years of studying quasars. Astronomy Magazine. Retrieved March 11, 2024

2- Cooper, K. (2018, February 24). Quasars: Everything you need to know about the brightest objects in the universe. Retrieved March 11, 2024

3- Shepherd, T. (2024, February 20). Astronomers discover universe’s brightest object – a quasar powered by a black hole that eats a sun a day. The Guardian. Retrieved March 11, 2024

4- O’Neill, M. (2024, February 20). Brightest object in the universe discovered – powered by supermassive black hole eating a Sun a day. SciTechDaily. Retrieved March 11, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.