القهوة ومرض باركنسون – العلاقة بينهما، ما الجرعة المناسبة يومياً؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
يعتقد الباحثون أن القهوة تحمي الدماغ من الإصابة بمرض الشلل الرعاشي (مرض باركنسون)، وقد أُجريت دراساتٌ وأبحاثٌ كثيرة لمعرفة العلاقة بين القهوة ومرض باركنسون، والعلاجات الحديثة يمكن أن تساعد في الحدّ من الأعراض فقط، حيث لم يستطع الأطباء إلى الآن تحديد السبب وراء الإصابة بهذا المرض دون غيرهم، لذلك فإن علاجاً تاماً غير متوافرٍ حتى الآن.
ما هو مرض الباركنسون؟
هو مرضٌ تنكُّسيّ متعلّقٌ بالأعصاب، ويؤثر بشكلٍ كبيرٍ على مفاصل الجسم وحركتها، وينشأ عندما تموت بعض الخلايا العصبية في الدماغ، وبالأخص تلك المسؤولة عن إنتاج الدوبامين، والذي بدوره يلعب دوراً حيوياً هاماً في التحكُّم بحركة الجسم، ولعل أن أبرز أعراض المرض تتوضّح فيما يلي: [1]
1- حدوث الرعاش
في الغالب يبدأ بارتجافٍ نظامي لإحدى الأطراف، وغالباً ما يكون في اليد أو أصابع اليدين فقط، ومن ثم قد يبدأ الفرد بالتدليك على طول الإبهام، وتسمّى هذه الحالة بلفّ الأقراص، وقد ترتجف اليد عندما تكون في حالة راحة، وقد يقلُّ الارتجاف عند أداء مهام أو أعمال.
2- تباطُؤ الحركة
قد يؤدي المرض إلى بطءٍ في حركة الجسم، مما يجعل المهام السهلة والخفيفة صعبةً، وتستغرق وقتاً طويلاً لإنجازها، وربما تصبح خطوات السير لديه قصيرة، وقد يكون النهوض من على الكرسي صعب، بل وقد يصل إلى مرحلة أن يجرّ قدميه محاولاً المشي.
3- تشنُّجٌ في العضلات
قد يحدث تيبُّسٌ في عضلات أي جزءٍ من الجسم، ويمكن أن يشعر المصاب بألمٍ في العضلة، مما قد يحدُّ من نطاق الحركة.
4- ضعفٌ في التوازن واختلالٌ في وضعية الجسم
من الممكن أن يتخذ الجسم وضعيةً منحنيةً، أو ربما يتعرض الفرد للسقوط، أو يواجه مشكلةً في الثبات والاتزان، ويرجع ذلك نتيجةً للإصابة بمرض الباركنسون.
5- فقدان الحركات العفوية التلقائية
قد تضعف القدرة على أداء الحركات اللاإرادية بما في ذلك الابتسامة، أو رمشة العين، أو الغمزة، أو أرجحة وتحريك الذراعين عند المشي.
6- تغيُّر نبرة الكلام
قد يتحدث المصاب بنبرةٍ هادئة أو سريعة متلعثمة ومتوترة، وربما يتحدث بنبرة صوتٍ منتظمة، ولا تتبع لأنماط الكلام غير المُتناسق.
7- تغيُّرات في الكتابة
قد يصبح إمساك القلم صعباً بالنسبة للمصاب، وكذلك تصبح الكتابة بطيئةً، ويبدو الخط صغيراً.
ما هي آلية تأثير القهوة وما مكوناتها؟
القهوة تعدُّ من أكثر المشروبات المشهورة والمُستهلكَة بين دول العالم، وتتعدّد تأثيراتها على اللياقة والصحة العامة للجسد غير أنها تحتوي على مجموعةٍ من المكونات التي ترفع من معدل الاستجابة للجسم، وتزيد من نشاطه وحيويته، وفيما يلي أهمُّ التأثيرات: [2] [3]
1- تحفيز إفراز الدوبامين
وذلك بسبب وجود مادة الكافيين التي تُعتبر من المكونات الرئيسية في عالم صناعة القهوة لاحتوائها على مواد مُنبّهة تعمل على تحسين اليقظة والإدراك، مما يُعزّز الدوبامين، وهو ناقلٌ عصبيٌّ مهمٌّ يساعد في تنظيم الحركة، ويُعتقد أنه يؤثر على الجهاز العصبي بشكلٍ إيجابي من خلال دوره في تقليل أخطار الإصابة ببعض الأمراض العصبية المركزية، إضافةً إلى أنه يخفّف من الأعراض الحركية المرتبطة بمرض باركنسون.
2- التقليل من التوتر التأكسُدي
إن مضادات الأكسدة الموجودة في القهوة، كحمض الكلوروجيك تلعب دوراً في محاربة الجذور الحرة، والتقليل من التوتر، مما يساعد في حماية الخلايا العصبية من التلف، وبالتالي المساعدة في الوقاية من المرض.
3- أثر مضادات الالتهاب
تحتوي القهوة على مركباتٍ ذات خصائص فريدةٍ مضادةٍ للالتهاب المزمن، والذي يُعتبر عاملاً مساهماً في تطورٍ إيجابيّ للعديد من أعراض مرض باركنسون.
4- تحسين الوظائف العصبية للجسم
الكافيين يحرض النشاط الكهربائي في الدماغ، ويساعد على تحسين التواصل بين الخلايا العصبية الأمر الذي يساهم في تعزيز النواقل والمراكز العصبية في الجسد، إضافةً إلى احتواء القهوة على مواد فينولية تساهم في حماية الدماغ.
5- تنظيم النشاط العصبي
الكافيين يعمل كمثبّطٍ لمُستقبلات الأدينوزين، وهو نوعٌ من الناقلات العصبية الذي يمكن أن يخفّف النشاط العصبي، ويقلّل من تأثير الأدينوزين، مما قد يُعزّز من نشاط خلايا الدماغ، وهذا يُعتبر مفيداً لمرضى الباركنسون.
6- تأثيرات الإشارة العصبية
توجد أبحاثٌ تشير إلى أن القهوة تعدل من مسار التأشيرات العصبية في الدماغ، مما قد يساهم في تحسين التوازن الحركي.
العلاقة بين استهلاك القهوة ومرض باركنسون
هنالك مجموعةٌ من الدراسات العلمية حاولت اكتشاف العلاقة بين استهلاك القهوة ومرض باركنسون، ومنها: [4]
1- الدراسات الوبائية
أظهر البعض من هذه الدراسات معلوماتٍ مهمة، وهي أن استهلاك القهوة من الممكن أن يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض الباركنسون، على سبيل المثال: وجود دراساتٍ قائمةٍ على الملاحظة بأن الأشخاص الذين يستهلكون كمياتٍ أكبر من القهوة لديهم خطر أقل للإصابة بالمرض مقارنةً بالذين يتناولونها بكمياتٍ قليلة.
2- دراسة الحالة ومراقبتها بوجود شواهد
بعض الدراسات استخدمت تصاميم محددة للحالة، وشواهد أيضاً لتحديد العلاقة بين استهلاك القهوة، وظهور أعراض مرض الباركنسون، والنتائج غالباً ما تدعم الفرضية القائلة بأن الكافيين قد يكون له دور في حماية الدماغ.
3- النتائج مختلطة
بالرغم من النتائج الإيجابية هنالك أيضاً دراسات لم توضح العلاقة القوية بين استهلاك القهوة ومرض الباركنسون الأمر الذي يدل على ضرورةٍ مستمرةٍ للبحث عن الفهم تجاه العوامل المعقدة، والتي تؤثر بشكلٍ مباشرٍ على هذه العلاقة.
كل ما ذكرناه في هذا السياق يؤكد على أهمية مشروب القهوة كمادةٍ فعّالةٍ ومثيرة الأمر الذي يدفع للبحث أكثر في سياق مرض باركنسون، ولا شك بأن ذلك يتطلب المزيد من التحقيقات لفهم هذه الآليات ودوافعها بشكلٍ أفضل.
الجرعات المناسبة من القهوة يومياً
1- الجرعة المُثلى
تشير الدراسات إلى أن استهلاك القهوة بكمياتٍ تتراوح ما بين 2 إلى 4 أكواب يومياً من الممكن أن يكون مرتبطاً بتقليل خطر الإصابة بمرض باركنسون، وهذه الكمية تُعتبر معتدلة، وتحتوي على مستوياتٍ كافيةٍ من الكافيين.
2- تأثير الجرعة الزائدة
على الرغم من الفوائد المحتملة، غير أن استهلاك كمياتٍ كبيرةٍ من القهوة، أي أكثر من 4 أكواب يومياً يؤدي إلى أعراض جانبية خطيرة، كالقلق، وارتفاع ضغط الدم، وزيادة ضربات القلب، والأرق، وعدم القدرة على النوم الأمر الذي يزيد من تفاقم أعراض مرض باركنسون.
3- الاختلاف في الاستجابة الفردية
يجب مراعاة استجابة الفرد للقهوة، فهي متفاوتةٌ من شخصٍ لآخر، وذلك بناءً على عوامل مختلفة، كالجينات الوراثية، والعمر، والوزن، ومستوى النشاط الجسمي، لذلك يجب أن يكون الاستهلاك مراقباً وذاتياً.
4- التفاعل مع الأدوية
يجب على مريض الباركنسون استشارة الطبيب حول معدل استهلاك القهوة، وما يناسبه، وبالأخص إذا كان يتناول أدويةً تتفاعل مع الكافيين لأن بعض الأدوية تزيد من حساسية الجسم للكافيين.
5- أهمية التوازن
يُفضَّل تناول القهوة بمعدّلٍ يومي خفيفٍ لضمان نمط حياةٍ صحيةٍ غذائية متوازنة، وللحصول على نشاطٍ بدني منتظم نحقّق من خلاله التوازن الذي يُعزّز من الفوائد المحتملة للقهوة، ويجب أن يجري الفرد مشاورةً مع طبيبٍ مختصٍّ ليُقيِّم وضعه الصحي، ومدى مناسبة القهوة لروتين حياته اليومي. [5]
المراجع البحثية
1- Parkinson’s disease – Symptoms and causes. (n.d.). Mayo Clinic. Retrieved October 13, 2024
2- WebMD Editorial Contributor. (2023d, May 2). How does caffeine affect your body? WebMD. Retrieved October 13, 2024
3- Myhrvold, N. (2024b, October 15). Coffee | Origin, Types, Uses, History, & Facts. Encyclopedia Britannica. Retrieved October 13, 2024
4- Zhao, Y., Lai, Y., Konijnenberg, H., Huerta, J. M., Vinagre-Aragon, A., Sabin, J. A., Hansen, J., Petrova, D., Sacerdote, C., Zamora-Ros, R., Pala, V., Heath, A. K., Panico, S., Guevara, M., Masala, G., Lill, C. M., Miller, G. W., Peters, S., & Vermeulen, R. (2024b). Association of coffee consumption and prediagnostic caffeine metabolites with incident Parkinson disease in a Population-Based cohort. Neurology, 102(8). Retrieved October 13, 2024
5- Parkinson’s Disease. (2024b, August 30). Cleveland Clinic. Retrieved October 13, 2024