Skip links
رسم توضيحي لتفاعل الغالاكتوزيميا

الغالاكتوزيميا عند الأطفال

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » الغالاكتوزيميا عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ الغالاكتوزيميا (Galactosemia) مرضاً استقلابياً وراثياً نادراً عند الأطفال حيث تؤثر على طفلٍ واحدٍ من أصل كل 40 إلى 60 ألف طفل حديثي الولادة حول العالم، وهي واحدةٌ من الأمراض العديدة التي يمكن تشخيصها من خلال اختبار المسح الوليدي الذي يتمُّ إجراؤه بشكلٍ روتيني في بعض البلدان، مثل: الولايات المتحدة الأمريكية.

من المهمِّ اكتشاف إصابة الطفل بالغالاكتوزيميا قبل حدوث مضاعفات المرض، والتي قد تكون خطيرةً ومُهددة للحياة، مثل: قصور الكبد، القصور الكلوي، الساد العيني، إنتان الدم، ويجب اتباع نظام غذائي خالٍ من الغالاكتوز ليتمكن الطفل من عيش حياةٍ طبيعيةٍ نسبياً. [1]

ما هو الغالاكتوز؟

الغالاكتوز هو أحد أنواع السكاكر البسيطة الأحادية، ويوجد في الطبيعة متحداً مع سكرياتٍ أخرى حيث يتحدُّ مع الغلوكوز مُشكلاً سكر اللاكتوز (سكر الحليب)، كما يتواجد في الكربوهيدرات المُعقّدة (عديدات السكاريد)، وفي الدهون الحاوية على الكربوهيدرات، والتي تُسمّى غليكوليبيدات (الشحوم السكرية)، كما يقوم الجسم بصنع قسم من الغالاكتوز، والذي يُعرف باسم الغالاكتوز ذاتي أو داخلي المنشأ.

يدخل الغالاكتوز في العمليات الاستقلابية اللازمة للحصول على الطاقة بشكلٍ أقلّ من الغلوكوز، ولكن عند عدم توفُّر الغلوكوز بكمياتٍ كافيةٍ يقوم الجسم بتحويل الغالاكتوز إلى غلوكوز عبر سلسلةٍ من التفاعلات، ولكي تتمّ هذه التفاعلات فهي تحتاج إلى عدد من الأنزيمات، وفي حال عوز أحد هذه الأنزيمات سوف يتراكم الغالاكتوز في الخلايا مما يُسبّب العديد من المضاعفات. [2] [3]

ما هي الغالاكتوزيميا عند الأطفال؟

الغالاكتوزيميا هي اضطرابٌ استقلابيٌّ وراثيٌّ مُتنحٍ نادرٌ يؤثر على قدرة الجسم على تحويل الغالاكتوز إلى غلوكوز مما يؤدي إلى تراكم الغالاكتوز، والذي يُسبّب العديد من التأثيرات السامّة على مختلف خلايا الجسم، وللغالاكتوزيميا عدة أنواع، وهي: [3]

1- النوع الأول (الكلاسيكي)

هو النوع الأكثر شيوعاً من أنواع الغالاكتوزيميا والأكثر شدةً، وهو ناتج عن طفرةٍ في جين (GALT) المسؤول عن إنتاج أنزيم غالاكتوز -1- فوسفات يوريديل ترانس فيراز (Galactose-1-phosphate Uridylyl Transferase)، وهو الأنزيم الأساسي الذي يعمل على استقلاب الغالاكتوز إلى غلوكوز وجزيئات أخرى يستخدمها الجسم كمصدرٍ للطاقة، والطفرة في هذا الجين تؤدي إلى عوز الأنزيم مما يُسبّب اضطراباً في استقلاب الغالاكتوز.

تبدأ ظهور الأعراض في النوع الكلاسيكي بعد عدة أيامٍ من بدء التغذية الحاوية على الغالاكتوز حيث يحدث إقياءٌ، نقص شهية، نقص سكر الدم، يرقان، نقص وزن، ومن ثم تحدث المضاعفات مثل: الساد العيني، الاضطرابات الكبدية، الكلوية، العصبية.

2- النوع الثاني عوز الغالاكتوكيناز (Galactokinase deficiency)

يحدث بسبب طفرةٍ في جين (GALK1) المسؤول عن صنع الأنزيمات التي تلعب دوراً في دعم استقلاب الغالاكتوز، وتكون شدة الإصابة والأعراض السريرية أخفّ من النوع الأول، والخطر الأساسي المرافق لهذا النمط هو الساد العيني (إعتام عدسة العين).

3- النوع الثالث عوز إيبيميراز الغالاكتوز (Galactose epimerase deficiency)

ينتج عن طفرةٍ في جين (GALE)، وهو مسؤولٌ أيضاً عن صنع الأنزيمات التي تلعب دوراً في دعم استقلاب الغالاكتوز، ويُسبّب أعراضاً تتراوح بين الخفيفة إلى الشديدة، والشكل الشديد منه يُسبّب أعراضاً ومضاعفاتٍ مشابهةً للنوع الأول.

4- دوارتي غالاكتوزيميا (Duarte galactosemia)

 هو ناتجٌ عن طفرةٍ في جين (GALT)، وهو نفس الجين المسؤول عن النمط الكلاسيكي، ولكن هنا يحدث فقط نقصٌ جزئيٌّ وليس كاملاً في وظيفة الأنزيم الأساسي المسؤول عن استقلاب الغالاكتوز، وقد يعاني الأطفال المصابون به من بعض الاضطرابات الهضمية عند تناول الأطعمة الحاوية على الغالاكتوز، ولكن لا تحدث لديهم المضاعفات الأخرى عادةً، وليس عليهم تجنُّب الغالاكتوز بشكلٍ تام في نظامهم الغذائي.

ما هي أعراض الإصابة بالغالاكتوزيميا عند الأطفال؟

يبدو الطفل طبيعياً عند الولادة ثم تبدأ أعراض تراكم الغالاكتوز في الدم بعد عدة أيام من بدء الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي الحاوي على الغالاكتوز، ويمكن أن تكون الأعراض خفيفةً أو شديدةً، وتشمل: [3] [4]

1- نقص شهية وضعف رضاعة عند الطفل مع إقياءات وإسهال.

2- ارتفاع في مستوى بيلروبين الدم مما يؤدي إلى حدوث اليرقان.

3- كما يحدث نقصٌ شديدٌ في الوزن، وفشل نموّ، وتأخُّر تطوُّر الطفل.

4- يُصاب الطفل بضخامةٍ في الكبد.

5- كما يحصل نقص في سكر الدم.

6- وقد يحدث اختلاجات وهياج عند الطفل.

7- يمكن أن يحدث إنتان دم بجرثومة العصية الكولونية.

8- كما يمكن أن يحصل تراكم سوائل في البطن (حبن).

9- قد تحدث وذمةٌ دماغية.

ما هي مضاعفات الإصابة بالغالاكتوزيميا عند الأطفال؟

يمكن أن تُسبّب الغالاكتوزيميا العديد من المضاعفات عند الأطفال، ومنها: [1] [3] [4]

1- صعوبات التعلم

حيث يحدث عند الطفل تأخّرٌ في اكتساب اللغة، واضطراب النطق، وصعوبةٌ في اكتساب المهارات الحركية الدقيقة، وصعوبةٌ في تعلُّم الرياضيات والقراءة.

2- المضاعفات العصبية

تتظاهر باضطرابٍ في المشي، والتوازن، وحسّ الاهتزاز، وعدم القدرة على تنسيق الحركات الإرادية (رنح)، كما يحدث تقلصات عضلية لا إرادية (رجفانات)، بالإضافة إلى عدم القدرة على تقدير المسافات بشكلٍ دقيقٍ أثناء القيام بالأنشطة العضلية، كما قد يحدث تخلُّفٌ عقلي.

3- قصور المبيض

يتظاهر على شكل انقطاع طمثٍ بدئي أو ثانوي، ومعظم الفتيات المصابات بالغالاكتوزيميا يحدث لديهن عقم.

4- قصور الكبد

يتظاهر بيرقان، ووذمات، وضخامة كبدية، واضطراب في عملية التخثُّر، وغثيان، ونزفٍ هضمي (يظهر بشكل إقياء أو براز مُدمّى)، واضطرابٍ في الإدراك، وتدهور الحالة العقلية في المراحل المتقدمة.

5 -قصورٌ كلوي

يتظاهر بوذماتٍ في اليدين، القدمين، الكاحلين، الأجفان، وفقدان شهية، غثيان، إقياء، حكة جلدية، اضطرابات في عملية التبوُّل، تسرُّع تنفُّس، اضطرابٌ في التركيز، تشنجاتٌ عضلية، ارتفاعٌ في الضغط الشرياني.

6- الساد العيني

أي تتشكل طبقةٌ داكنةٌ معتمةٌ في عدسة العين خلف القزحية، ففي الحالة الطبيعية تكون عدسة العين شفافةً، وتسمح بمرور الضوء مما يسمح بتركيز صور الأجسام بشكلٍ واضحٍ على الشبكية، ولكن عند حدوث الساد يحدث تشتتٌ لأشعة الضوء الواردة إلى الشبكية، فتظهر الصورة على الشبكية مشوَّهةً مما يُسبّب رؤيةً ضبابيةً غير واضحة.

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بالغالاكتوزيميا عند الأطفال؟

1- يتمُّ إجراء اختبار المسح عند حديثي الولادة في بعض البلدان، حيث يتمُّ أخذ عينةٍ من كعب قدم الطفل، ويتمُّ من خلالها تشخيص مجموعةٍ من الاضطرابات، ومن ضمنها الغالاكتوزيميا.

2- يُجرى فحص بولٍ للطفل حيث يتمُّ إطراح الغالاكتوز في البول في حال الإصابة بالغالاكتوزيميا.

3- يتمُّ تأكيد تشخيص الإصابة بإثبات العوز الأنزيمي في الكريات الحمراء. [3] [4]

كيف يتمُّ علاج الإصابة بالغالاكتوزيميا عند الأطفال؟

الإصابة بالغالاكتوزيميا تكون دائمةً، ولا يوجد علاج شافٍ، وإنما يعتمد التدبير على الحمية الخالية من الغالاكتوز واللاكتوز (لاحتوائه على الغالاكتوز)، وعلى العلاج النفسي السلوكي، وتقوية مهارات التواصل. إن التشخيص والالتزام بالحمية بشكلٍ باكرٍ يمكن أن يساهم في تحسين نموُّ الطفل، ويُقلّل من إمكانية حدوث المضاعفات الكبدية والكلوية لديه.

قد يؤدي إلى تراجع الساد العيني، ولكن قد تبقى اضطرابات النطق واللغة، وصعوبات التعلم، واضطراب الوظيفة الحركية، والتوازن، كما قد يبقى قصور المبيض عند معظم الفتيات، وذلك لأنه حتى في حال اتباع نظامٍ غذائي خالٍ من الغالاكتوز، فلن يتمكن الجسم من التخلص من كل الغالاكتوز لأن هناك قسمٌ منه ذاتيُّ المنشأ، وتشمل خطوات التدبير: [1] [3] [4]

1- الحمية الغذائية

1- يجب إيقاف حليب الثدي (الرضاعة الطبيعية)، وجميع تراكيب الحليب الصناعي التي يدخل في تركيبها الغالاكتوز واللاكتوز، ويُستبدل بالحليب المصنوع من فول الصويا أو بالحليب منزوع اللاكتوز.

2- يجب الحمية عن جميع الأطعمة التي تحتوي على الحليب ومشتقاته، ومن الأمثلة على ذلك: الجبن، اللبن الزبادي، الآيس كريم، الكريمة.

3- كما يجب إعطاء الطفل المُكمّلات الغذائية الحاوية على الكالسيوم وفيتامين D لأن مستواها في الدم ينقص كثيراً عند الأطفال الموضوعين على الحمية.

2- العلاج السلوكي وتقوية مهارات التواصل

1- يحتاج الأطفال المصابين باضطرابات النطق واللغة إلى المتابعة مع أخصائي نطقٍ لاحقاً لتحسين مهارات التواصل والكلام.

2- كما يحتاج الطفل إلى العلاج الفيزيائي للتدريب على الحركة وتقوية العضلات.

3-كما قد يحتاج الطفل إلى علاجٍ نفسيّ سلوكيّ، وذلك للتخلص من اضطرابات القلق، والتوتر، والاكتئاب التي قد تصيبه بسبب معاناته مع المرض، واتباعه للحمية الغذائية، والتي قد يعتبرها صارمةً ومقيدةً لحياته.

المراجع البحثية

1- Boston Children’s Hospital. (n.d). Galactosemia.  Boston Children’s Hospital. Retrieved June 1, 2023

2- Encyclopædia Britannica. (March 19 ,2019). Galactose. Encyclopædia Britannica. Retrieved June 1, 2023

3- Cleveland Clinic. (2022, August 25). Galactosemia: Definition, symptoms & treatment. Cleveland Clinic. Retrieved June 1, 2023

4- Alli, R. A. (Ed.). (2021, May 31). Galactosemia: Symptoms, causes, diagnosis, treatment. WebMD. Retrieved June 1, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.