Skip links
مجموعة من رجال الشرطة تمسك دروع بيدها بوجه مجموعة من الشباب

العنف السياسي – أنواعه، أسبابه وكيف تطوَّر في العصر الحديث؟

الرئيسية » الصحة النفسية » العلاقات » العنف السياسي – أنواعه، أسبابه وكيف تطوَّر في العصر الحديث؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو العنف السياسي؟

يقُصد به ميل الأحزاب، والمجموعات، والجهات السياسية إلى استخدام أشكال مختلفة من القوة والتهديد سواءً باستخدام الأسلحة أو بدونها، ويرجع ذلك لوجود أهدافٍ سياسيةٍ معينة غير مُحققّة، وقد يكون ما ذُكر موجّه ضدَّ دولةٍ معينة أو من قبلها إلى مجموعاتٍ داخل المجتمع.

ويتضمّن منحى العنف السياسي عمليات الاضطهاد، والقمع، والضرب، وسياسة التمييز التي تقوم الحكومة باستخدامها ضدّ المعارضة، والمجموعات التي تسعى لتغيير النظام القائم بالقوة، وما يميز هذا النمط عن أشكال العنف الأخرى هو ارتباطه الوثيق بالناحية السياسية.

كالسيطرة على الحكم أو المطالبة بالحصول على ميزاتٍ اقتصاديةٍ أكثر، ولعلّ الدوافع الكامنة وراء العنف السياسي في الأغلب تكون مرتبطةً بالصراع على نيل السلطة أو الرغبة في تحقيق تغييراتٍ شاملةٍ بهيكلية النظام الاجتماعي والفكري السائد، ومن الأمثلة على العنف السياسي: [1]

1- العنف الحكومي

ويُعنى باستخدام السلطة للقمع والتحريض السياسي ضدّ المعارضين لها، وأصحاب الاحتجاجات السلمية، كالاعتقالات التعسُّفية أو مظاهر القتل خارج حدود القانون.

2- العنف ضدّ الحكومات

كالهجمات التي يقوم بها المُسلحون ضدّ السلطة أو التمرُّدات التي تنظمها جماعات عدوانية سياسية أو منشقّون يسعون إلى تغيير الحكم السياسي.

3- الإرهاب

نوعٌ من أنواع العنف السياسي، والذي يتمُّ اللجوء إليه لنشر الرعب والخوف بين الآخرين، وذلك لوجود أهداف إيديولوجية وسياسية محددة.

ويجب التنويه هنا لوجود عنفٍ سياسي وعنف غير سياسي، فالعنف السياسي يتطلب في جميع الأحوال وجود هدفٍ محدّدٍ ضمن الإطار السياسي، أو نظرة مستقبلية لتغيير الوضع الراهن في الحكم حالياً على عكس أشكال العنف الأخرى، والتي من الممكن أن تكون اقتصاديةً، اجتماعيةً أو شخصيةً دون وجود أي أهدافٍ سياسية.

ما هي أنواع العنف السياسي؟

يمكن تقسيم العنف السياسي إلى عدة أنواعٍ قائمةٍ على المُتفاعلين والأهداف، بالإضافة للمصالح المشتركة والأساليب المستخدمة، وهذه الأنواع تساعد في تحليل هذه الظاهرة بشكلٍ عميق، وتحديد الأدوات والتقنيات المناسبة لمواجهتها، ومن هذه الأنواع ما يلي: [2]

1- العنف الحكومي ضدَّ المواطنين

ومن أشكاله ما يلي:

سياسة القمع

حيث تقوم الحكومة باستخدام القوة ضدّ مواطنيها أو معارضيها السياسيين، وذلك يكون بهدف كبح أي حركة سياسية، أو اقتصادية، أو اجتماعية يمكن أن تهدّد أمن الدولة والنظام، على سبيل المثال: وجود الأنظمة الاستبدادية التي تستخدم قوات الأمن لتجنُّب الاحتجاجات.

الاستبداد

في هذا المحور من العنف، تستخدم الدولة كامل قواها السياسية والعسكرية للسيطرة على الآخرين، وغالباً يتمُّ ممارسته من قبل الأنظمة الديكتاتورية أو الشمولية.

2- العنف الثوري

ويتضمن التالي:

الانقلابات العسكرية

عندما تقوم جماعاتٌ من داخل الجيش أو القوات المسلحة بمحاولات الإطاحة بالحكومة الشرعية، واستبدالها بحكمٍ عسكري آخر، وتحدث مثل هذه الانقلابات في مجتمعاتٍ غير مستقرةٍ أمنياً وسياسياً.

الثورات المُسلّحة

حيث تقوم مجموعاتٌ من المقاومة والأحزاب السياسية بتنظيم عملياتٍ عسكرية ضدّ الدولة بهدف إنجاز التغيير.

التمرُّدات

في بعض الأوقات تكون هنالك حركات تمرُّدٍ واستغلال تسعى للتغيير والاستقلال السياسي في منطقةٍ معينةٍ من الدولة، كما هو الحال في حركات الانفصال.

3- الإرهاب

ويصنّف لقسمين:

الإرهاب الداخلي

تستخدم المجموعات السياسية العنف ضدّ المدنيين والأطفال بهدف بثّ الخوف والرعب في قلوبهم، وتحقيق مصالحهم الشخصية، فالإرهاب الداخلي يمكن أن يكون دافعه أسباب دينية، أو عنصرية، أو مالية واقتصادية.

الإرهاب الدولي

الهدف منه التأثير على العلاقات السياسية بين الدول، ويتّسم هذا النوع بأنه يساعد على توسيع نطاق العمليات الإرهابية خارج حدود الدولة، وأحياناً يكون ذلك عبر القيام بهجماتٍ على الناس والمؤسسات الدولية، كإنشاء قاعدةٍ إرهابية بهدف تنفيذ الهجمات العدوانية الدولية.

4- العنف الانتقالي

يشمل نوعين، وهما:

النزاعات بعد انتهاء الحرب

في كثيرٍ من الأوقات قد تستمر أعمال العنف والتخريب والتدمير حتى بعد انتهاء الثورة، وذلك عندما تحاول الأطراف المتعارضة فرض سيطرتها، وتحقيق نفوذها، وقد يظهر هذا العنف في شكل اغتيالاتٍ لشخصيات مهمة أو تصفية حساباتٍ معينة.

التحوُّلات السياسية

وينشأ العنف في حال تمّ الانتقال والتغيير من الأنظمة الاستبدادية إلى الديمقراطية، وقد ينشأ بين الأفراد الذين يخشون خسارة وفقدان السلطة، وبين الذين يسعون للحصول عليها.

ما أسباب العنف السياسي؟

في البداية ينشأ بسبب تفاعل مجموعات معقّدة من العوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والدينية مع بعضها البعض، وصعوبة فهمها تؤدي إلى تصاعد الهجمات والعنف، ومن أبرز الأسباب ما يلي: [3]

1- الفقر وانعدام المساواة

العجز الاقتصادي

الفقر هو أحد أهمّ الأسباب التي تدفع الناس إلى اللجوء لأعمال الإرهاب والعنف، وذلك كوسيلةٍ منهم لتحقيق العدالة أو لتحسين أوضاعهم المادية والمعيشية، فعندما يشعر الناس بأنهم عاجزون وغير قادرين اقتصادياً على شراء الطعام، أو تأمين مأوى مناسب، أو أنهم يعيشون التمييز والتوزيع غير العادل للثروات والموارد، سيولد ذلك إحباطاً يدفعهم للجوء إلى ظاهرة العنف السياسي.

عدم المساواة الاجتماعية

الفروقات الكبيرة بين الطبقات الاجتماعية تؤدي إلى توتراتٍ سياسية، والفئات المُهمّشة أحياناً قد تلجأ إلى التحريض على المظاهرات والعنف بهدف التعبير عن الرأي، والمطالبة بالحقوق، ورغبةً منهم بتغيير النظام الذي يعتبرونه مستبداً وظالماً.

2- غياب مبادئ العدالة السياسية

والتي من أشكالها ما يلي:

التهميش السياسي

وذلك يحصل عندما تُستبعد مجموعات كبيرة من السكان، وتمنع من المشاركة في الحياة السياسية سواءً في عملية الانتخابات أو من خلال غياب التمثيل العادل بالمؤسسات السياسية، مما سيولد شعور بالظلم والتطرف بين الفئات، وسيساهم حصراً في تصاعد العنف.

غياب سيادة القانون

إذا كانت الدولة تمارس قمعاً سياسياً على مواطنيها أو تغضُّ النظر عن تجاوزات حقوق الإنسان، فهذا كله من الممكن أن يؤدي لفقدان ثقة الشعب بالسلطة، مما سيدفع حتماً بعض الفئات إلى اللجوء للعنف للتعبير عن الغضب، وعدم الرضا عما يحصل.

3- الضعف المؤسساتي وضعف الدولة

عندما تكون المؤسسات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية للدولة ضعيفةً، وغير قادرة على إيجاد حلٍّ للمشكلات أو النزاعات بطرقٍ سلميةٍ لتحقق العدالة، فمن المؤكد أن ذلك سيؤدي لانتشار العنف السياسي، فالدولة الضعيفة ليس لديها القدرة على فرض سياسة القانون أو تقديم خدماتٍ رئيسية، مما سيشكل فراغاً سوف تستغلّه الجماعات الإرهابية والفصائل المسلحة.

4- الصراعات الإيديولوجية

المنافسة بين الإيديولوجيات المختلفة، كالرأسمالية والاشتراكية يخلق صراعاتٍ عنيفة سياسياً، كما كان يحصل بالحرب الباردة أو الأهلية في بعض الدول.

5- التدخُّلات الخارجية بسياسة الدولة وحدوث النزاعات الإقليمية

ففي بعض الحالات يمكن أن ينتج عن التدخُّلات العسكرية الخارجية أو السياسية تفاقماً في سوء الأوضاع الداخلية بالدول، بالتالي توليد عنفٍ سياسي، على سبيل المثال: التدخُّلات الأجنبية التي تدعم طرفاً على حساب الطرف الآخر، فذلك بالتأكيد سيزيد من التوتُّرات الداخلية، ويؤدي إلى نزاعاتٍ مسلّحة.

كيف تطوّر العنف السياسي في العصر الحديث؟

لقد شهد العالم في القرن الحديث تقدماً وتطوُّراً رهيباً في تقنيات ووسائل العنف السياسي نتيجة العولمة والتطور التكنولوجي، بالإضافة لتصاعد الحركات المتطرفة، وهنا سنركز على أشكال العنف السياسي الذي بدأ في ظل هذه الفترة، وتأثيرات ذلك على الدولة والمجتمعات عديدة، ومنها: [4]

1- تصاعد الحركات السياسية المُتطرّفة

ومنها ما يلي:

التطرُّف الديني

شهد العالم في العقود الأخيرة صعوداً ملحوظاً في الحركات المتطرّفة التي تقوم على العنف لتحقيق أهدافها السياسية، على سبيل المثال: الجماعات والقواعد الإرهابية، وما تستخدمه من أساليب للدمار، والقتل، ونشر العنف بداعي إقامة نظمٍ دينيةٍ وأفكار إيديولوجية معينة.

التطرُّف الوطني

ظهور حركاتٍ قومية إلى جانب التطرُّف الديني في العديد من الدول، والتي تعتمد على العنف لتحقيق أجنداتٍ قومية، على سبيل المثال: بعض الجماعات الانفصالية المُتشدّدة تلجأ لسياسة العنف ضدّ الدولة والأقليات لتحقيق مطالبها.

الإيديولوجيات السياسية المُعارضة

بعض الحركات اليسارية أو اليمينية الراديكالية استخدمت العنف كأداةٍ للتمرُّد، والقضاء على الأنظمة السياسية، ويمكن أن تشمل هذه الحركات المجموعات المسلحة التي تعمل وتروج للقضاء على النظام الدولي السائد.

2- الإرهاب الدولي كوسيلةٍ أساسية للعنف السياسي

عولمة الإرهاب

في الجيل الجديد أصبح الإرهاب لا يقتصر على حدود دولةٍ معينة، بل يمتدُّ إلى الساحة الدولية، وبالأخص مع ظهور التنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، وأصبح الإرهاب وسيلةً لاستخدام الضغط على الدول، وتغيير سياستها سواءً من خلال الهجوم على المواطنين أو المنشآت والبُنى التحتية.

الهجمات العشوائية

الإرهاب أصبح يستخدم طرقاً وأساليب عشوائية لتنفيذ اعتداءاته على الشعب، والأماكن السكنية والعامة، مما يزيد من انتشار مشاعر الخوف والذعر لدى الجميع.

أهداف الإرهاب الدولي

تسعى الجماعات الإرهابية الحديثة إلى تحقيق أهدافٍ كبرى على الصعيد السياسي، كإقامة دولٍ جديدة أو فرض قوانين مختلفة وأفكار دينية وسياسية محددّةٍ على نطاقٍ عالمي.

3- التكنولوجيا الحديثة والعنف السياسي

الأسلحة السيبرانية، وظهور الهجمات الإلكترونية في ظلّ ما نشهده من تقدُّمٍ تكنولوجي، واستخدامه كتقنيةٍ للعنف السياسي، حيث إن الدول المعارضة أو الجماعات المسلحة قد تستخدم هذه الهجمات لتعطيل البُنى التحتية النشيطة أو التأثير على الانتخابات السياسية.

4- الطائرات المُسيّرة (بدون طيار)

مع آخر التطورات تمّ اختراع الطائرات بدون طيار، وبشكلٍ متزايدٍ يتمُّ استخدامها من قبل الأطراف المعادية، وحتى أثناء تنفيذ الهجمات العسكرية الأمر الذي أدى إلى تحوّلٍ كبيرٍ في طبيعة الصراعات الدولية.

5- الانتشار السريع للأفكار المُتطرّفة

بفضل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لم يعد هنالك شيء صعب، فالبعض منهم يستغل ذلك للترويج، ونشر ثقافات ومعتقدات إيديولوجية تصل لمختلف أنحاء العالم الأمر الذي يؤدي لتصاعد ظواهر العنف، والغزو الفكري لعقول الأجيال الجديدة.

المراجع البحثية

1- Meadow, R. G. (n.d.). Political violence and the media. Marquette Law Scholarly Commons. Retrieved September 15, 2024

2- Types of gender-based violence. (2022, December 2). Gender Matters. Retrieved September 15, 2024

3- Huecker, M. R., King, K. C., Jordan, G. A., & Smock, W. (2023, April 9). Domestic violence. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved September 15, 2024

4- Political violence. (n.d.). Utrecht University. Retrieved September 15, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.