Published in: طب الأطفال

الداء الزلاقي عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 13 يونيو، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعتبر الداء الزلاقي (Celiac Disease) من أشيع أسباب سوءِ الامتصاص عند الأطفال، وتبلغ نسبة انتشاره 1 بالمئة بين مختلف سكان العالم، ويختلف انتشاره باختلاف الأعراق والبلدان. على الرغم من ازدياد الكشف عن حالات الداء الزلاقي مع ازدياد التطور في المجال الطبي، وتطور حساسية، ونوعية التحاليل إلا أن الكثير من الحالات قد تمرُّ دون تشخيص أو يحدث تأخر في الكشف عنها مما يترتب عليه الكثير من الاختلاطات الخطرة على الطفل، كفشل النمو، وقصر القامة، وتأخر البلوغ، ولمفوما الأمعاء، وبالتالي من المهم معرفة الأعراض الباكرة، والتشخيص، والبدء بالحمية بأسرع ما يمكن للوقاية من المضاعفات بعيدة المدى، وتحسين نوعية حياة الطفل. ^[1]

ما هو الداء الزلاقي عند الأطفال؟

مرضٌ مناعيٌّ ذاتيٌّ يصيب الأطفال المهيئين وراثياً، ويستمر معهم مدى الحياة. حيث يحدث فيه ضمورٌ في الزغابات المعوية بعد تناول بروتين الغلوتين الموجود في القمح والشعير، وهو يُعتبر أشيع أسباب سوء الامتصاص، وله تظاهراتٌ هضميةٌ، وأخرى غير هضمية، ويصيب الإناث أكثر من الذكور.

يمكن أن يتطور في أي عمر بعد البدء بتناول الغلوتين، وله ذروتان عمريتان تتظاهر فيهما الأعراض السريرية، وهي خلال أول سنتين من الحياة، وفي العقدين الثاني والثالث من الحياة. ^[2]

ما هي الآلية الإمراضية للداء الزلاقي عند الأطفال؟

عند تناول الأشخاص للغلوتين (بروتين موجود في القمح)، فإن الجسم سيقوم بردّ فعلٍ مناعيّ، ويهاجم الأمعاء مما يؤدي إلى تُخرُّب الزغابات المعوية (نتوءات صغيرة تبطن الأمعاء، وتقوم بعملية الامتصاص)، وبالتالي عند تخريب الزغابات المعوية لا يحدث امتصاصٌ للعناصر الغذائية بشكلٍ سليم، وتحدث الأعراض السريرية. ^[2]

ما هي أسباب الداء الزلاقي عند الأطفال؟

الأسباب غير معروفة بشكل واضح، ولكن تلعب العوامل التالية دوراً هاماً في حدوث الداء الزلاقي عند الأطفال: ^{[3] [4]}

1- العامل الوراثي: حيث إن إصابة قريب في العائلة من الدرجة الأولى، كالوالدين تزيد نسبة احتمال إصابة الطفل 10 بالمئة.

2- عوامل بيئية: يزداد انتشاره في أوروبا، وأمريكا الشمالية.

3- وجود طفراتٍ جينية.

4- عوامل غذائية: الإدخال الباكر للقمح، والمشتقات الحاوية على الغلوتين خلال السنة الأولى من العمر.

5- عوامل إنتانية: كالإصابة بفيروس الروتا.

6- كما يكون الأطفال الأكثر عرضةً للإصابة بالداء الزلاقي في حال إصابتهم بأمراض المناعة الذاتية والمتلازمات التالية:

المتلازمات وأمراض المناعة المسببة بالإصابة بداء الزلاقي

• السكري النمط الأول (Type 1 diabetes).

• أمراض الدرق المناعية الذاتية (Autoimmune thyroid disease).

• التهاب الجلد الحلئي الشكل (Dermatitis herpetiformis).

• متلازمة داون (Down syndrome).

• متلازمة تورنر (Turner syndrome).

• متلازمة ويليام (Williams syndrome).

ما هي التظاهرات السريرية للداء الزلاقي عند الأطفال؟

1- خلال السنة الأولى والثانية من العمر

تكون التظاهرات هضمية بشكل أساسي، وتشمل:

1- إسهال مزمن، وقد يكون مُدمَّى.

2- ألم وتطبل بطن (تمدد بطن) مع غازات معوية.

3- نقص شهية وإقياء وسوء تغذيةٍ شديد مع هياج.

4- فشل كسب وزن، وتأخر نمو عند الطفل.

5- في بعض الحالات قد يحدث إمساك مع هبوط شرج.

2- عند الأطفال الأكبر سناً

تكون التظاهرات خارج هضمية بشكل أساسي، وتشمل:

1- التظاهرات الدموية: فقر دم بعوز الحديد، وما يرافقه من شحوب، وبرودة أطراف، وأظافر هشّة مقعرة، وتقرحات فموية.

2- التظاهرات الغدية: قصر قامة، تأخر بلوغ، اضطراب أو انقطاع طمث لاحقاً.

3- التظاهرات الجلدية: التهاب الجلد الحلئي الشكل (طفحٌ حاكٌّ يتوضَّع على المرفقين، والركبة، وفروة الرأس)، القلاع الفموي.

4- التظاهرات العظمية والمفصلية: الكساح، تخلخل العظام، نقص تصنع ميناء الأسنان، آلام مفصلية، التهاب مفاصل.

5- التظاهرات العصبية والعضلية :صداع، اعتلال الأعصاب المحيطية، اختلاجات، ترنُّح وعدم توازن، تكلسات دماغية، ضعف أو ضمور عضلي، تغيرات في الحالة المزاجية للطفل . ^{[1] [4] [5]}

كيف يتمُّ تشخيص الداء الزلاقي عند الأطفال؟

يعتمد على الربط بين الأعراض السريرية، والموجودات المخبرية، وخزعة العفج (الاثني عشر).

1- التشخيص المخبري

الواسمات (الأضداد): يتمُّ معايرة الأضداد في الدم، ويُعتبر الاستقصاء الأول وتضمُّ كل من:

1- أضداد الإندوميسيوم EMA (anti-endomysial antibodies) -IgA.

2- أضداد الغليادين IgG -AGA (antigliadin antibodies) -IgA.

3-أضداد الترانس غلوتاميناز TTG (anti-tissue transglutaminase) -IgA.

4- كما تتمُّ معايرة IgA الكلي IgA) Total serum).

تنظير الجهاز الهضمي مع الخزعة: يتمُّ إدخال منظارٍ داخلي (Endoscope) من خلال الفم، ويصل إلى المريء، والمعدة، والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة، ويسمح المنظار بأخذ خزعة، وفحصها تحت المجهر حيث تبين الأذيّة التي حدثت للزغابات المعوية. ^[6]

ما هي الحمية الغذائية التي يجب أن يتبعها الطفل المصاب بالداء الزلاقي؟

1- يجب إيقاف جميع مشتقات القمح، وجميع الأغذية التي تحوي في تركيبها على القمح (الخبز، المعكرونة، النشاء، البرغل، الكيك، أغذية الأطفال الحاوية على القمح (سيريلاك)، الحلويات، والمعجنات التي تحوي على القمح، الكعك).

2- يجب إيقاف جميع الأطعمة التي قد تحتوي على الغلوتين: البوظة، والسكاكر الطرية، أصابع البطاطا المقلية، اللحوم، والمأكولات البحرية المصنعة، والدجاج المقلي، والنقانق، وأصناف من الشوكولا التي تحتوي القمح.

3- مشتقات الشعير ممنوعة أيضاً.

4- لا يجوز وضع الأطعمة التي يتناولها الطفل المصاب بالداء الزلاقي في نفس الصحون التي توضع فيها الأطعمة التي تحوي مشتقات القمح، حتى لو تمَّ تنظيفها.

5- لا يجوز استعمال نفس أدوات التنظيف للصحون المخصصة للطفل مع أدوات التنظيف للصحون التي تحوي على القمح، كالليفة مثلاً.

مع الانتباه أن حمية الداء الزلاقي عند الأطفال تستمر مدى الحياة. ^[7]

ما هي الأطعمة المسموح تناولها للطفل المصاب بالداء الزلاقي؟

1- الأطعمة الخالية من الغلوتين مثل: الفواكه الطازجة، الخضار، الحليب، الجبنة، الزبادي، البيض، اللحوم غير المصنَّعة، الدواجن، الأسماك، المكسرات، الفاصولياء، الزيوت، السكر.

2- الحبوب والنشويات الخالية من الغلوتين: الأرز، الذرة، البطاطا، دقيق الذرة.

3- عند شراء الأطعمة والمنتجات ينبغي قراءة محتواها بدقة، والتأكد من خلوها من الغلوتين، والانتباه أن كونها خالية من القمح لا يعني أنها خالية من الغلوتين.

4- الشوفان لا يحتوي على الغلوتين، ولكنه قد يتلوث بالقمح عند زراعتهما معاً. ^[8]

هل يمكن أن يتواجد الغلوتين في أشياء أخرى غير الطعام؟

يمكن أن يتواجد في العديد من الأشياء الأخرى، مثل: ^[9]

1- مستحضرات التجميل، كأحمر الشفاه ومرطب الشفاه.

2- الكريم الواقي من الشمس.

3- بعض الأدوية، والفيتامينات، والمعادن، والمستحضرات العشبية.

4- الصابون، والشامبو، والبلسم.

ما هي أسباب عدم تحسُّن الطفل بعد اتّباع النظام الغذائي الخاص بالداء الزلاقي؟

1- عدم التزام الطفل بالنظام الغذائي بشكلٍ جيد.

2- يوجد مرضٌ آخر مرافق يؤثر على الأمعاء.

3- الطفل يتناول الغلوتين بشكلٍ غير مقصود.

4- في بعض الحالات قد يحتاج الطفل إلى علاج ٍ كابتٍ للمناعة بشكل مرافق للحمية الغذائية. ^[9]

ما هي مضاعفات الداء الزلاقي في حال عدم الالتزام بالحمية؟

1- قصر قامة، ونقص وزن، وفشل نمو.

2- تأخُّر بلوغ، وعدم انتظام الطمث لاحقاً، وقد يحدث عقم.

3- لين العظام عند الأطفال (الكساح).

4- عدم تحمُّل اللاكتوز (ألام بطنية شديدة مع إسهال عند تناول الحليب أو مشتقاته).

5- لمفوما الأمعاء (Intestinal lymphoma).

6- اعتلال أعصاب محيطية. ^[10]