Skip links
رجل يقوم بتخطيط الخطوط العربية على ورقة

الخطُّ العربي (مكانته- شروطه- أعلامه)

الرئيسية » اللغة العربية » الخطُّ العربي (مكانته- شروطه- أعلامه)

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

مكانة الخطّ العربي بين الفنون العربية

يُعتبر الخط العربي فناً تشكيلياً أصيلاً، فهو الفنُّ الأول الذي ارتبط بالتراث القديم، لارتباطه باللغة العربية، والتي تُعتبر لغةً مقدّسةً بسبب نزول القرآن الكريم باللسان العربي، والاعتماد على الخط العربي في تدوينه ونسخه، وقد استطاع الخط العربي الحفاظ على مكانته بين الفنون العربية الأخرى التي أصابها التقليد للغرب، مثل: (العمارة، الزخرفة الإسلامية، والتصوير، والرسم، والموسيقى العربية الأصيلة التي أصبحت حكراً على المناسبات، والأفراح الشعبية) كلُّ هذه الفنون تأثرت بالفن الغربي المعاصر، واصطبغت بصبغته، أما الخط العربي، فقد حافظ على عراقته كفنٍّ إسلامي أصيلٍ خالٍ من التأثيرات الغربية. [1]

ما هي المُقوّمات الجمالية للخطّ العربي؟

الخط العربي ليس رسماً وكتابةً، بل هو فنٌّ وعلم، وقد استخدم الخط العربي، في الزخرفة العربية الإسلامية، وخاصةً أن الدين الإسلامي يُحرّم التماثيل والصور، فكان الخط العربي على جدران المعالم العمرانية والمساجد فناً يَرقى بالإنسان إلى التأمُّل، والحدس، والتفكير، وقد أبدع الخطاطون العرب لوحاتٍ فنيةٍ رائعة، وساعدهم على ذلك امتلاكه للمقومات الجمالية الآتية: (المرونة، والطواعية، وقابليته للمدّ، والرجع، والاستدارة، والتزوية، والتشابك، والتداخل، والتركيب)، إضافةً إلى (الخطوط، والألوان، والأشكال، والظلال)، ولا ننسَ معاني ودلالات الكلمات، وإيحاءاتها الروحية.

وكلُّ هذه الأمور جعلت من الخطّ العربي فناً راقياً، كما أنها رفعت من مكانة الخطاطين العرب الذين مارسوا هذا الفن، وقد وجدوا فيه هندسةً صعبةً تحتاج إلى دربةٍ ومران، بالإضافة إلى الموهبة التي لا توجد عند كل إنسان. [1] [2]

بعض أقوال العلماء والفلاسفة في الخطّ العربي

– يقول ياقوت المعصومي: “إن الخطَّ هندسةٌ روحانيةٌ بأداةٍ جسمانية”.

– أما ابن حيان التوحيدي، فيقول: “إن للخط وشياً وتلويناً كالتصوير، وله التماعٌ كحركة الراقصين، وله حلاوةٌ كحلاوة الكتلة المعمارية”.

– يقول المرزباني: “في الخطّ هندسةٌ صعبةٌ وصناعةٌ شاقة”.

– كما أطلق عليه الفيلسوف الإسكندري Euclid (الفنُّ الروحي). [1] [2]

ما هي الشروط الجمالية للخطّ العربي؟

تتعلق شروط الخط الجميل بالحروف، وهي:

1- التحقيق

هو إظهار الحروف كلها، سواءً أكانت منثورةً أو منظومةً، منفصلةً أو متصلةً، بمدّاتها وقصرها حتى تظهر وكأنها ثغورٌ ضاحكة،  وهو وصفٌ عامٌّ يشمل كل الحروف.

2- التحديق

حيث تكون الحروف فيها كالأحداق (السواد المُستدير وسط العين)، مثل: كتابة حروف (ح، خ، ج)، وما يشبهها، والتي تقوم على تبييض أوساطها مع المحافظة على طرفها العلوي والسفلي سواءً عند اتصالها مع الحروف الأخرى أو انفصالها عنها، حتى تشبه الأحداق المُفتّحة.

3- التحويق

وهو جعل الحروف مُصدّرةً، ومذنّبة، وموسّطة كما في حروف (و، ف، ق)، وما يشبهها، فتصبح أكثر جمالاً.

4- التخريق

أي فتح وجوه الحروف، مثل: (ه، ع، غ)، والحروف التي تُشبهها، سواءً أكُتبت أفراداً أو أزواجاً، مما يؤدي إلى انفتاحها ووضوحها.

5- التعريق

أي إظهار حرفي (ن، ي)، وما يشبهها، عندما تقع في آخر الكلمة، مثل: (من، في، متى)، فتصبح على شكلٍ واحد.

6- التشقيق

حيث تُحاط الحروف، مثل: (ص، ض، ك، ط، ظ)، وما يشبهها حتى تتناسب، وتتساوى، ويصبح شكلها هندسياً.

7- التنسيق

يُراد به ترتيب الحروف كلها موصولةً أو مفصولة، وحمايتها من الاختلاف، والاهتمام بتسويتها.

8- التوفيق

أن تُحفظ استقامة الحروف على السطور من أولها، وأوسطها، وأواخرها، أسفلها، وأعلاها، فتكون متوافقةً غير مختلفة.

9- التدقيق

تحديد نهايات الحروف بإرسال اليد، وسنِّ القلم، تارةً بصدره، وتارةً بسنّيه، أو الارتكاز عليه، أو إرخائه، بما يزيد الحروف جمالاً ورونقاً.

10- التفريق

أن تكون الحروف متباعدةً غير متزاحمةٍ أو متداخلةٍ مع بعضها البعض بحيث يكون كل حرفٍ مفارقاً للحرف الآخر، ولكن يجمعهما الشكل الجميل.

لا يمكن أن يصبح الخط جميلاً فقط بتطبيق الشروط السابقة، بل يجب أن تترافق تلك الشروط أيضاً مع الموهبة الفنيّة للخطاط، فالخط الجميل هو علمٌ، وفنٌّ، وإبداع. [1] [3]

من هم أشهر الخطاطين العرب قديماً وحديثاً؟

اشتهر الكثير من الخطاطين منذ القدم وحتى العصر الحالي، ومن أشهرهم:

 قديماً  

1- ابن مقلة: وهو إمام الخطاطين، ويُعتبر أول من هَنْدس الحروف، وضبطها، وقدّر مقاييسها، وأبعادها بالنقط، فأبدع خطاً جميلاً سُمّي (الخط المنسوب)، وأجاد خطاً آخر سمّي (خط الدرج).

2- ابن البواب: برع في خطوط  (الثلث، والرقاع، والريحاني)، ونسخ القرآن أربع وستون مرةً إحداها بالريحاني، وهذب طريقة ابن مقلة وزادها جمالاً، وقد لقّب بقبلة الخطاطين.

3- ياقوت المُستعصمي: اشتهر بحسن خطه، وكان يكتب على طريقة ابن البواب، وهو آخر من انتهى إليه رئاسة الخط المنسوب.

حديثاً

1- بدوي الديراني: يُعتبر سيد الخطاطين في بلاد الشام، وقد أتقن معظم أنواع الخط العربي، ولكنه أبدع في الخط الفارسي، وقد نال وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الأولى في الخط العربي.

2- هاشم البغدادي: وهو من خطاطي العراق، وقد أُجيز من كبار الخطاطين، وأجاد في خط الثلث بشكلٍ خاص.

3- حامد الآمدي: يُعتبر من أشهر الخطاطين الأتراك في القرن العشرين، وقد مارس الخط لمدة خمسةٍ وسبعين عاماً، ومن أشهر كتاباته: كتابته للمصحف الشريف، وكتابته على جامع أبي أيوب الأنصاري. [4]

المراجع البحثية

1- حسين الصديق. (2006). فن الخط العربي . مقدمة في نظرية الأدب العربي الإسلامي (pp. 387–297). essay, مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية. Retrieved October 19, 2023

2- عمرو إسماعيل محمد . (2021a). مميزات الخط العربي. الخط العربي فن- تاريخ- أعلام (pp. 19–22). essay, وكالة الصحافة العربية. Retrieved October 19, 2023

3- ابن حيان التوحيدي . (2016).ثلاث رسائل  (pp. 44–45). essay, المعهد الفرنسي بدمشق للدراسات العربية. Retrieved October 19, 2023

4- أحمد سيد حامد آل برجل . (2013b). أشهر الخطاطين. ألف معلومة عن اللغة العربية وآدابها  (pp. 19–21). essay, دار الفضيلة للنشر والتوزيع. Retrieved October 19, 2023

Comments are closed.

This website uses cookies to improve your web experience.