Skip links
فتاة تجلس على السرير وتمسك ركبتها بيدها

 الحمّى الرثوية عند الأطفال – أعراضها، كيفية علاجها والوقاية منها

الرئيسية » الطب » طب الأطفال »  الحمّى الرثوية عند الأطفال – أعراضها، كيفية علاجها والوقاية منها

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ الحمّى الرثوية (Rheumatic Fever)، وتُسمّى أيضاً الحمّى الروماتيزمية من الاضطرابات المرضية النادرة، وتتراوح نسبة الإصابة بها من 8 إلى 51 حالة لكل 100 ألف شخص في جميع أنحاء العالم، ويؤثر هذا المرض بشكلٍ شائع على الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 15 عاماً.

وتنتشر بشكلٍ أوسع في المناطق المزدحمة ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المتدنّي، وفي البلدان النامية التي يصعب وصول الخدمات الصحية إليها، كما تزداد فرصة حدوثها في حال وجود ضعفٍ في الجهاز المناعي عند الطفل أو وجود سوابق عائلية للإصابة بالحمّى الرثوية. [1] [2]

ما هي الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

أحد أمراض النسيج الضام النادرة، وتحدث بآليةٍ مناعيةٍ ذاتية، وعادةً ما تتطور بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من الإصابة غير المُعالجة بالتهاب الحلق العقدي أو الحمّى القرمزية، وهما من الأمراض الالتهابية الناتجة عن الإصابة بجراثيم المكورات العقدية المجموعة A.

حيث يقوم الجسم بإنتاج أجسامٍ مضادة (أضداد) لمحاربة هذه الجراثيم، ولكن بدلاً من ذلك تقوم هذه الأضداد بمهاجمة خلايا وأنسجة الجسم نفسه، وأول ما تبدأ الإصابة في المفاصل، وغالباً تنتقل إلى القلب والأنسجة المحيطة به، وإلى الأوعية الدموية، والجهاز العصبي والجلد.

وتختلف الأعراض بشكلٍ كبير تبعاً للعضو المصاب، والحمّى الرثوية ليست معدية، ولا تنتقل من طفلٍ لآخر ،ولكن الإصابة بالتهاب الحلق والحمّى القرمزية معدية، وتنتشر هذه العدوى عبر الرذاذ التنفُّسي (عن طريق السُّعال أو العطاس). [2]

ما هي أعراض الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

1- التهاب المفاصل (Arthritis)

وهو العرض الأكثر شيوعاً، إذ يحدث عند 60 إلى 80 بالمئة من الأطفال المصابين، ويؤثر عادةً على المفاصل الكبيرة الطرفية، ونادراً ما تصاب المفاصل الصغيرة، والهيكل العظمي المحوري، وتُعتبر كل من الركبتين، والكاحلين، والمرفقين، والمعصمين أكثر المفاصل تأثراً، وتتميز الإصابة المفصلية في سياق الحمّى الرثوية بأنها غير متناظرة، ومتنقلة، ومؤلمة للغاية، بالإضافة إلى الألم المفصلي تكون المفاصل حمراء ودافئة ومتورمة.

وتستجيب الإصابة المفصلية بشكلٍ كبير وممتاز للساليسيلات (Salicylates)، وتُعتبر هذه الاستجابة من العلامات المميزة للحمّى الرثوية، وحتى من دون علاج، فيُمكن أن يحدث شفاءٌ تلقائيّ خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، ولا يترك مضاعفات (لا يُسبّب تشوهاتٍ مفصلية).

2- التهاب القلب (Carditis)

يحدث التهاب القلب الحاد عند 50 بالمئة من الأطفال المصابين، وقد يكون شاملاً لكل القلب أي يصيب كل من الشغاف، والتامور، والعضلة القلبية، أو يصيب كل منها لوحده، وقد يكون الالتهاب خفيفاً، ويشفى خلال عدة أسابيع، أو قد يكون شديداً، ويستمر عدة أشهر.

ويؤدي إلى حدوث مضاعفات، ومن ضمنها أذيةٌ قلبيةٌ دائمة، وتتميز الإصابة القلبية المرافقة للحمّى الرثوية بوجود أجسام آشوف (Aschoff body)، وهي عبارة عن عقيداتٍ صغيرة تتكون من كولاجين، وخلايا، وألياف، وتكون موجودةً في 30 إلى 40 بالمئة من خزعات المرحلة الحادة، ويمكن رؤيتها في النسيج الضام الخلالي لعضلة القلب، وخاصةً حول الأوعية الدموية.

وتُعتبر إصابة الشغاف أكثر الإصابات القلبية المرافقة للحمّى الرثوية حدوثاً، وتؤدي إلى قصور الصمامات في المرحلة الحادة، وذلك إما بسبب توسُّع حلقة الصمّام، أو تمزُّق الحبال الوترية، أو وجود خللٍ في العضلات الحليمية، أو بسبب الوذمة، وارتشاح الخلايا وحيدة النواة إلى الأنسجة الصمامية.

كما قد تؤدي إصابة الشغاف إلى تضيُّق الصمامات في المرحلة المزمنة بسبب التليُّف المرافق لاستمرار العملية الالتهابية، وتُعتبر إصابة الصمّام التاجي هي الأكثر شيوعاً تليها إصابة الصمّام الأبهري، ونادراً ما تتأثر صمامات القلب اليمنى.

ويُسبّب التهاب التامور ألماً حاداً في الصدر مع ترفُّعٍ حروريّ خفيف، وعادةً يتراجع مع العلاج، ونادراً ما يُسبّب التهاب تامورٍ عاصر، أما التهاب العضلة القلبية المعزول المرافق للحمّى الرثوية، فيعتبر نادراً عند الأطفال بعمر فوق 5 سنوات، وقد يؤدي إلى ضعفٍ في العضلة القلبية.

ما هي أعراض التهاب القلب؟

تشمل الأعراض والعلامات السريرية والشعاعية لالتهاب القلب واحدةً أو أكثر مما يلي:

1- زيادة معدل ضربات القلب، وعدم انتظامها.

2- خفوت أصوات القلب.

3- الاحتكاكات التامورية.

4- قصور القلب الاحتقاني (يشعر الطفل بالتعب وضيق التنفس، مع الغثيان والإقياء، وتمدُّد البطن، والسُّعال غير المنتج، مع وجود وذماتٍ في الساقين، أو القدمين، أو الكاحلين).

5- ظهور نفخةٍ انقباضيةٍ ناتجة عن قصور الصمّام التاجي أو نفخةٍ انبساطيةٍ ناتجة عن قصور الصمام الأبهري، وقد يظهر على الصورة الشعاعية ضخامة قلبية أو انصباب تامور.

3- داء الرقص لسيدنهام (Sydenham’s chorea)

اضطرابٌ عصبيٌّ نفسيّ ناتجٌ عن أذية النوى القاعدية الموجودة في الدماغ، يتميز بحركاتٍ لا إرادية، وخاصةً في الوجه والأطراف مع ضعفٍ في العضلات، واضطراباتٍ في الكلام والمشي، كما يحدث عند الأطفال مشاكل نفسية سلوكية مترافقة مع تبدلاتٍ في الشخصية.

مثل: اضطراب الوسواس القهري، وفرط النشاط، والهياج، ونقص الانتباه، وعادةً ما يكون من الأعراض السريرية المتأخرة للحمّى الرثوية، وغالباً ما يكون معزولاً، ولكن في بعض الحالات قد يحدث الرقص بالاشتراك مع المظاهر الرئيسية الأخرى لمرض الحمّى الرثوية.

وخاصةً في الهجمة الأولى، وتستمر الأعراض عدة أشهر ثم تبدأ بالتراجع، ولكن يمكن أن يحدث تكرار للأعراض يصل إلى 32 بالمئة على الرغم من الاستخدام المنتظم للعلاج الوقائي الثانوي.

4- الحمامى الهامشية (Erythema marginatum)

عبارةٌ عن طفحٍ جلدي سريع الزوال، حلقي الشكل، وغير حاك، مع مركز شاحب، وهوامش مستديرة أو متعرجة، وتحدث الآفات بشكلٍ رئيسي على الجذع، والقسم الداخلي الأطراف، ويمكن أن تحدث عن طريق التدفئة، وتزول بالبرودة.

5- العقيدات تحت الجلد (Subcutaneous nodules)

نادراً ما تظهر، وعندما تكون موجودة، فإنها عادةً ما تكون مترافقةً مع التهاب العضلة القلبية الحاد، وتُعتبر ذات إنذارٍ سيء، وهي غير مؤلمة، ومتحركة، ويبلغ حجمها حوالي 0.5 إلى 2 سنتيمتر، وتقع عادةً على الأسطح الباسطة للمفاصل، وخاصةً الركبتين، والمعصمين، والمرفقين. [3]

كيف يتمُّ تشخيص الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

لا يوجد اختبارٌ واحد يستخدم لتشخيص الحمّى الرثوية عند الأطفال، وبدلاً من ذلك يتمُّ أخذ قصةٍ مرضيةٍ مفصّلة مع الفحص السريري، للبحث عن علامات المرض، ويتمُّ التحقق من التاريخ الطبي للطفل، واستخدام العديد من الفحوص المخبرية والشعاعية، بما في ذلك: [2] [4]

1- يتمُّ أخذ مسحةٍ من الحلق للبحث عن عدوى بكتيرية من المجموعة A، وذلك عبر إجراء اختبار البكتيريا العقدية السريع (Rapid strep test)، وزرع مسحة الحلق (Throat culture).

2- تحليل أضداد ستربتوليزين O أو يُسمّى اختصاراً تحليل (ASLO)، وهو عبارةٌ عن تحليل دمٍ للبحث عن الأجسام المضادة العقدية لمعرفة ما إذا كان الطفل قد أصيب مؤخراً بعدوى بالمكورات العقدية من المجموعة A.

3- تخطيط القلب الكهربائي: يتمُّ وضع أقطابٍ كهربائيةٍ مؤقتة على الصدر والأطراف لمراقبة النشاط الكهربائي للقلب، ويعدُّ طريقةً سهلةً للحصول على المعلومات اللازمة لتشخيص الاضطرابات القلبية، ولا يستغرق إجراؤه وقتاً طويلاً، ولا يُسبّب الألم.

4- مخطط صدى القلب: هو اختبارٌ بالموجات فوق الصوتية يتمُّ بواسطته فحص بنية القلب ووظيفته، ويمكن من خلاله تشخيص مجموعةٍ واسعة من الحالات بما في ذلك اعتلال عضلة القلب، وأمراض الصمامات.

ما هي معايير جونز لتشخيص الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

يجب أن يكون لدى الطفل معيارين كبيرين، أو معيار كبير، ومعيارين صغيرين من معايير جونز (Jones criteria)، بالإضافة إلى وجود دليلٍ مخبري على وجود عدوى سابقة بالعقديات من المجموعة A  لتشخيص الحمّى الرثوية عند الأطفال، وهذه المعايير هي: [2] [4]

1- المعايير الكبرى

وتشمل ما يلي:

1- التهاب المفاصل (متعدّد ومتنقل).

2- التهاب القلب.

3- داء الرقص لسيدنهام.

4- الحمامى الهامشية.

5- عقيدات تحت الجلد.

2- المعايير الصغرى

 وتشمل ما يلي:

1- الحمّى.

2- ارتفاع معدل سرعة تثفُّل كريات الدم الحمراء (ESR) أو مستويات بروتين سي التفاعلي (CRP).

3- آلام المفاصل.

4- تغيرات على تخطيط القلب الكهربائي (ECG)، تطاول PR.

5- وجود إصابةٍ سابقة بالحمّى الرثوية أو أمراض القلب الرثوية.

كيف يتمُّ علاج الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

1- الراحة

من المهمّ الالتزام بالراحة في السرير تبعاً لشدة الإصابة، ويوجد جداول زمنية لتحديد المدة.

2- الصادات الحيوية

يهدف إعطاء الصادات الحيوية إلى القضاء على المستعمرات الجرثومية المتبقية في البلعوم، والتي قد تؤدي إلى حدوث نكسٍ للإصابة، وهي:

1- بنزاثين البنسلين (Benzathine Penicillin): ويُعطى كحقنةٍ عضليةٍ وحيدة بجرعة 600 ألف وحدةٍ دولية للأطفال بوزن أقل من 27 كيلوغرام، وبجرعة 1,200,000 وحدة دولية للأطفال بوزنٍ أعلى من 27 كيلوغرام.

2- أو يمكن إعطاء البنسلين V فموياً لمدة 10 أيام، وبجرعة 250 ميلي غرام مرتين يومياً.

3- وفي حال وجود حساسية على البنسلين، فيتمُّ إعطاء أحد الماكروليدات، مثل: الإريثرومايسين (Erythromycin).

3- علاج المضاعفات

التهاب المفاصل

1- تُعتبر الساليسيلات (Salicylates) أدوية الخط الأول في علاج التهاب المفاصل المرافق للحمّى الرثوية، وتكون الاستجابة عادةً ممتازة، ويجب أن يبدأ العلاج بجرعة (80 إلى 100) ميلي غرام / كيلوغرام / يوم ( أي 80 إلى 100 ميلي غرام لكل كيلو غرام من وزن الطفل خلال اليوم) لمدة 3 إلى 4 أسابيع.

2- ويمكن إعطاء النابروكسين (Naproxen) بجرعة (10 إلى 15) ميلي غرام/ كيلو غرام/ يوم، وهو دواءٌ بديلٌ ذو استجابةٍ جيدة جداً.

التهاب القلب

1- يتمُّ استخدام السيتروئيدات القشرية (Corticosteroids) في الحالات المتوسطة إلى الشديدة على الرغم من عدم إثبات فعاليتها في تقليل العواقب حتى الآن، حيث يعطى بريدنيزون (Prednisone) بجرعة 2 ميلي غرام/ كيلو غرام/ يوم (الحدّ الأقصى 60 ميلي غرام/ يوم) لمدة أسبوعين، وبعد ذلك يتمُّ تخفيض الجرعة تدريجياً، وذلك بخفض (20 إلى 25) بالمئة من الجرعة السابقة كل أسبوع.

2- ويمكن استخدام مدرات البول (Diuretics) وموسعات الأوعية الدموية (Vasodilators) في حال وجود علامات على قصور القلب.

3- وينبغي النظر في العلاج الجراحي في المرحلة الحادة عندما يكون العلاج السريري غير فعّال للسيطرة على قصور القلب.

داء الرقص

ويتمُّ العلاج بأحد الأدوية التالية، ويستمر لمدة 8 إلى 12 أسبوع:

1- الهالوبيريدول (Haloperidol): وتكون الجرعة الأولية من (0.5 إلى 1) ميلي غرام/ كيلو غرام/ يوم، والحدّ الأقصى 5 ميلي غرام/ يوم.

2- حمض الفالبرويك (Valproic acid) بجرعة (15- 20) ميلي غرام/كيلو غرام/ يوم، ويفيد في تقليل شدة الحركات اللاإرادية، ولكنه قد لا يساعد تحسين الأعراض السلوكية.

3- ويمكن أيضاً استخدام الفينوباربيتال (Phenobarbital) بجرعة (5-7) ميلي غرام/ كيلو غرام/ يوم، مرتين يومياً. [3]

كيف يتمُّ الوقاية من الحمّى الرثوية عند الأطفال؟

1- يُعتبر العلاج المناسب بالصادات الحيوية للإصابة بالتهاب البلعوم العقدي، والحمّى القرمزية الناتجة عن المكورات العقدية من المجموعة A هو الوسيلة الأساسية للوقاية من الحمّى الرثوية.

2- ويمكن الحدّ من انتشار عدوى المكورات العقدية من المجموعة A عن طريق نظافة اليدين جيداً، خاصةً قبل إعداد الأطعمة أو تناولها، وتغطية الفم والأنف أثناء السُّعال أو العطاس، وعدم إرسال الأطفال الذين يعانون من ترفُّعٍ حروريّ إلى المدرسة، والانتظار ما لا يقل عن 12 إلى 24 ساعة بعد بدء العلاج بالصادات الحيوية المناسبة.

3- وتتطلب الوقاية الثانوية من الحمّى الرثوية العلاج الوقائي بالصادات الحيوية لتقليل احتمالية حدوث هجماتٍ متكررة لدى الأطفال الذين لديهم تاريخ من الإصابة بالحمّى الرثوية، ويتمُّ تحديد مدة العلاج الوقائي طويل الأمد بشكلٍ مختلف بين طفلٍ وآخر، ولكن يجب الاستمرار حتى سن 21 عاماً على الأقل، ويتضمن العلاج الوقائي عادةً حقنةً عضليةً من بنزاثين البنسلين (Benzathine Penicillin) كل 4 أسابيع أو إعطاء (V Penicillin) عن طريق الفم مرتين يومياً، ويمكن إعطاء السلفاديازين (Sulfadiazine)، أو الماكروليدات (Macrolides) عن طريق الفم يومياً للأطفال الذين لديهم حساسية للبنسلين. [4]

المراجع البحثية

1- Lahiri S,  Sanyahumbi A. (2021, May). Acute Rheumatic Fever. U.S. National Library of Medicine. Retrieved December 10, 2023

2- Cleveland Clinic. (2023, June 14). Rheumatic fever. Cleveland Clinic. Retrieved December 10, 2023

3- Binotto, M. Guilherme, L. Tanaka, A. (2002, April). Rheumatic fever. Images in paediatric cardiology. Retrieved December 10, 2023

4- Centers for Disease Control and Prevention. (2022, June 27). Rheumatic fever. Retrieved December 10, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.