Skip links
رسم ثلاثي الأبعاد لجهاز الهضم عند الإنسان

التهاب المعدة المُحرّض بالشدة – الآلية، الأعراض وكيف يتمُّ علاجه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

من النصائح المُتعارف عليها طبياً واجتماعياً: الابتعاد عن التوتر والضغوط،  والسعي المستمر للوصول لحياةٍ هادئة بعيدةٍ عن الإرهاق والجهد المستمر، وذلك لأسباب لا تعدُّ ولا تحصى، فمنها ما يتعلق بالصحة النفسية، ومنها ما يتعلق بصحة الجهاز العصبي بشكلٍ خاص وغيرها، إلا أن الضغوط النفسية تعنى بالعديد من الأمراض والاضطرابات الهضمية، وخاصةً المعدة.

وحيث إن المعدة تتأثر بالتقلُّبات النفسية المزاجية، وتتسبّب بالعديد من الأعراض التي تحاكي أشكال مختلفة من التهاب المعدة والأمعاء، الأمر الذي قد يسبّب اتباع تدابير علاجية غير مناسبة لحالة المريض، وتفاقم الأعراض التي يعاني منها المريض، لذا فإن دراسة الحالة النفسية للمريض هو الأساس قبل وضع التشخيص النهائي لأي اضطرابٍ هضمي.

من الاعتلالات الهضمية المعدية ذات الأهمية نذكر التهاب المعدة المُحرّض بالشدة (Stress-Induced Gastritis)، وهو من الاضطرابات المعدية الشائعة، والذي يسبّب اضطراباتٍ وتغيراتٍ مهمة في بيئة المعدة الداخلية، كما أنه واسع الانتشار حول العالم.

ما هو التهاب المعدة المُحرّض بالشدة؟

هو التهاب المعدة الناجم عن الإجهاد، والذي يُعرف أيضًا باسم متلازمة التآكل المرتبط بالإجهاد، ومتلازمة قرحة الإجهاد، وأمراض الغشاء المخاطي المرتبط بالإجهاد، وهو اعتلالٌ هضميّ يسبّب تآكل الغشاء المخاطي، ونزيفاً سطحياً في المرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة أو عند الذين يعانون من الإجهاد الفيزيولوجي الشديد، مما يؤدي إلى فقدان الدم المعدي المعوي (GI) البسيط أو الشديد، وقد يؤدي إلى الحاجة لنقل الدم إذا لم يتمّ علاجه في الوقت المناسب. [1]

الآلية المرضية لالتهاب المعدة المُحرّض بالشدة

في الحالة الطبيعية، تحتفظ المعدة بسائلٍ عالي الحموضة يساعد على هضم الأطعمة، مصدر هذا السائل الحامضي هو الخلايا الجدارية المُبطِّنة للمعدة، وجود توازنٍ في درجة هذه الحموضة ضروريٌّ لحماية المعدة، بالإضافة إلى تفكيك الأغذية والهضم، لأن الحموضة المعدية لها قدرة على قتل العديد من البكتيريا والعوامل الخارجية الممرضة.

إلا أن الحموضة الزائدة قادرة على تخريب جدران المعدة، توازن الإفراز الحامضي يخضع لتنظيمٍ عصبي ذاتي، وعند اختلال هذا التوازن تصبح الطبقة المُبطّنة للمعدة (مخاطية المعدة) عرضةً للإصابة بالتقرًّحات، والنزف، والانثقاب. من العوامل المُسبّبة باضطراب التنظيم العصبي تقلُّبات الحالة المزاجية، والتوتر، والقلق المستمر، أي إن الاضطرابات النفسية والتوتر يُسبّبان اعتلالاً في التنظيم الحامضي المعدي.

الأمر الذي يسبّب اعتلالاً في مخاطية المعدة، والإصابة بالقرحات المعدية ضمن ما يسمّى التهاب المعدة المُحرّض بالشدة. تجدر الإشارة إلى أن العوامل المُحفزّة لالتهاب المعدة المحرضة بالشدة تتضمن أي شكلٍ من أشكال الشدة، وليس العوامل والضغوط النفسية فقط، فمثلاً الرضوض، والصدمات، والعمليات الجراحية والإنتانات، والأخماج الدموية، والقصور متعدّد الأجهزة. [1] [2]

أعراض التهاب المعدة المُحرّض بالشدة

العلامة أو العرض الأكثر شيوعًا لالتهاب المعدة الناجم عن الإجهاد هو النزيف (قيء الدم، التغوط الدموي الزفت) لدى مريضٍ يعاني من مرضٍ خطيرٍ أو شدةٍ نفسيةٍ شديدة لفتراتٍ طويلة. المرضى الذين قد يكون لديهم خطر متزايد للإصابة بالتهاب المعدة الإجهادي هم أولئك الذين يعانون من الأخماج الشديدة، أو عملية جراحية كبرى، أو إصابة حروق شديدة، أو الأذية القحفية المرتبطة بارتفاع الضغط داخل الجمجمة، أو الإنتان الدموي، أو الصدمات المتعددة الشديدة، أو فشل الأجهزة المتعددة، أو التعرّض لصدمةٍ نفسيةٍ شديدة أو حادثة فقدان شخصٍ مهم لدى المريض.

يجب مراقبة العلامات الحيوية لدى هؤلاء المرضى، ومتابعة الحالة الصحية للسبيل الهضمي لديهم، ومن المعروف أنه من النتائج المتوقّعة للاضطرابات السابقة ملاحظة أضرارٍ في المخاطية المعدية على شكل تقرُّحاتٍ ونزوف. تتنوع الأعراض السريرية لدى المرضى الذين يعانون من التهاب المعدة الناجم عن الإجهاد، لكن العلامات السريرية التالية يجب أن ترفع مستوى الشك السريري بهذا المرض: [3]

– القيء الدموي (أو قيء طحل القهوة).

– التغوط الدموي الزفتي.

– قيء الدم في الحالات الشديدة والخطيرة.

تشخيص التهاب المعدة المُحرّضة بالشدة

العلامات السريرية هي الأساس في تشخيص التهاب المعدة المُحرّضة بالشدة، يجب ملاحظة تاريخ الحوادث التي تعرّض لها المريض لنفي احتمال الإصابة بهذا المرض، خصوصاً أن الأعراض المُشاهدة في هذا الداء مشابهة للعديد من الأعراض الهضمية المُشاهدة في الكثير من الأمراض الهضمية العضوية الأخرى.

لذا غالباً ما يتمّ وضع التشخيص النهائي لالتهاب المعدة المُحرّض بالشدة بعد استبعاد الأمراض الأخرى المحتملة والمشابهة بالأعراض، بالإضافة إلى معرفة الشكاية والقصة السريرية المفصلة للمريض. تشمل الأدوات التشخيصية المفيدة ما يلي: [1] [4]

اختبارات التخثُّر.

– مستوى الهيماتوكريت (نسبة الكريات الحمراء في الدم).

– التحرّي عن الملتوية البوابية، على سبيل المثال: اختبار التنفُّس لليوريا، واختبار مستضد البراز، والتي قد تسبّب القرحات الهضمية.

التنظير مفيد في تأكيد تشخيص التهاب المعدة الناجم عن الإجهاد. أما بالنسبة للمرضى الذين يعانون من الحروق، فإن وجود ألم شرسوفي وحروق كبيرة تغطي أكثر من 20 بالمئة من إجمالي مساحة سطح الجسم يرتبط بشكلٍ كبيرٍ بتطور قرحة الشدة، والتي يمكن تأكيدها بالتنظير الهضمي.

تدبير التهاب المعدة المُحرّض بالشدة

الهدف المرجو من تدبير التهاب المعدة الناجم عن الإجهاد هو العلاج الوقائي، ومنع حدوث أذيةٍ شديدةٍ في مخاطية المعدة، والذي ثبت أنه يقلّل من حدوث الاختلاطات بنسبة 50 بالمئة عند بدء العلاج لحظة التشخيص، ومن المهمّ مراقبة حموضة محتويات المعدة، حيث يجب أن تكون قيمة الرقم الهيدروجيني المستهدف أكبر من 4.0، وأي قيمةٍ أقلّ من ذلك يجب على الطبيب مضاعفة جرعة العامل المُستخدم لتقليل مستويات حمض المعدة إذا كان المريض يخضع سابقًا للعلاج الوقائي.

سوكرالفات (Sucralfate) هو العامل الرئيسي للوقاية من التهاب المعدة الإجهادي، وقد تمّ استخدامه منذ فترةٍ طويلةٍ كوسيلةٍ لتقليل حدوث التهاب المعدة. كما تمّ استخدام حاصرات مستقبلات الهيستامين 2 (H2) مثل: رانيتيدين، فاموتيدين للوقاية، حيث تُثبط حاصرات مستقبلات الهيستامين 2 بشكلٍ انتقائي مستقبلات H2 على الخلايا الجدارية.

على الرغم من أن دور مُثبطات مضخة البروتون (PPIs) في العلاج الوقائي لم يتمُّ دراسته بشكلٍ كامل، إلا أنها تستعمل كعوامل الخط الأول للوقاية. بشكلٍ عام، يتمُّ اللجوء للتدخُّلات الجراحية لتدابير الحالات الشديدة، والتي تتطلب تدخُّلات عاجلة منقذة للحياة، مثل: النزيف المُعنّد على العلاج أو لدى الأفراد غير المستقرين والمعرضين للنزوف، وفقدان السوائل الشديدة،

وقد يتطلب الأمر أيضًا التدخُّل الجراحي في حالة حدوث تقرُّحاتٍ عميقة تؤدي إلى ثقب جدار المعدة، مما يؤدي إلى التهاب الصفاق الحاد الذي يتطلب فتح البطن بشكلٍ عاجل. [5]

المراجع البحثية

1- Megha،  R.،  Farooq،  U.،  & Lopez،  P. P. (2023،  April 16). Stress-Induced gastritis. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved September 25،  2024

2- Clarke،  R. C.،  MD. (n.d.). Stress-Induced Gastritis: practice essentials،  background،  pathophysiology. Retrieved September 25،  2024

3- Clarke،  R. C.،  MD. (n.d.). Stress-Induced Gastritis Clinical Presentation: History. Retrieved September 25،  2024

4- Clarke،  R. C.،  MD. (n.d.). Stress-Induced Gastritis WorkUp: laboratory studies،  procedures. Retrieved September 25،  2024

5- Clarke،  R. C.،  MD. (n.d.). Stress-Induced gastritis Treatment & Management: medical care،  surgical care. Retrieved September 25،  2024

This website uses cookies to improve your web experience.