التهاب العصب البصري – الأسباب، الأعراض وكيف يتمُّ علاجه؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو العصب البصري؟
العصب البصري هو العصب القحفي الثاني، ويضمُّ أليافاً عصبيةً (حسية) وظيفتها نقل الإشارات العصبية البصرية الواردة من المحيط عن طريق العين إلى الجهاز العصبي المركزي (الدماغ). ويتألف العصب البصري من أكثر من مليون محورٍ عصبي لخلايا شبكية العين (الطبقة المُبطِّنة للعين) التي تجتمع ضمن القرص البصري، وتتجه نحو الدماغ.
يدخل العصب البصري الجمجمة العظمية عبر الثقبة البصرية ضمن الحجاج ليشكل بعد ذلك التصالب البصري الذي يحتوي على ألياف عصبية بصرية من كلا العصبين البصريين، وبعدها يصل إلى القشرة الدماغية، ويصاب بالكثير من الأمراض سواءً في سياق أمراض جهازية، كالتصلب اللويحي المتعدّد أو في سياق إصابةٍ خاصةٍ به، كالتهاب العصب البصري. [1]
ما هو التهاب العصب البصري؟
يضمُّ مصطلح التهاب العصب البصري مجموعةً مختلفةً من الحالات المرضية التي تؤثر على هذا العصب ووظيفته، لكن اليوم موضوع حديثنا هو التهاب العصب البصري بشكلٍ خاص، وهي حالةٌ التهابيةٌ تزيل غمد النخاعين المحيط بالعصب، وتؤدي إلى اضطراب الرؤية أحادي أو ثنائي الجانب، ويصيب مختلف الأعمار مع ذروة إصابةٍ بين 20 إلى 40 سنة بنسبة 2 لكل 100 ألف شخص تقريباً مع تفضيل الجنس الأنثوي بنحو الضعف مقارنةً بالذكور.
وحتى الآن لم نستطع تحديد السبب المباشر المسؤول عن هذه الحالة الالتهابية، ولكن هناك عدة دراسات تشير إلى دور المناعة الذاتية في تخريب غمد النخاعين الذي يضمّ الخلايا العصبية داخل العصب البصري، حيث إن المرضى المصابون بأمراض المناعة الذاتية المختلفة أكثر قابليةً لحدوث التهاب العصب البصري من غيرهم، وكما أظهرت بعض الإحصائيات ترافقه مع بعض الفيروسات. [2]
الأسباب والأمراض المُرافقة لالتهاب العصب البصري
من أهمّها نذكر ما يلي: [2]
1- التصلّب اللويحي المتعدّد.
2- التهاب النخاع المستعرض.
3- العصبي البصري الوعائي.
4- الذئبة الحمامية الجهازية.
5- التهاب الشرايين ذو الخلايا العملاقة.
6- ساركويد.
7- داء بهجت.
8- إصابة فيروسية مرافقة، مثل: إصابة بالهربس، أو الفيروس المُضخِّم للخلايا، أو نقص المناعة المُكتسَب وغيرها.
9- جرثومية مرافقة، مثل: الزهري، والإصابة بالسل، وغيرها.
10- بعض الأدوية قد تسبّب التهاب العصب البصري، مثل: إيزونيازيد، والسلفون أميد، وهيدروكسي الكلوركين، والتاموكسفين.
11- يسبّب نقص فيتامين B 12 الشديد التهاب العصب البصري.
12- التدخين والكحول.
الآلية المرضية لالتهاب العصب البصري
هو حالة التهابية ناجمة عن أذية الألياف العصبية بآليةٍ معقدة سنحاول شرحها بإيجاز: [3]
تبدأ المشكلة غالباً باستجابةٍ غير طبيعية للجهاز المناعي، حيث تبدأ الكريات البيض بمهاجمة خلايا العصب البصري كجسمٍ أجنبي وعامل مُمْرض، وتتطور الحالة بتشكيل الأضداد من قبل الخلايا المناعية البائية التي تبدأ بمهاجمة غمد النخاعين (الذي يشكل العصب البصري)، بالإضافة إلى إفراز السيتوكينات التي هي عبارة عن المواد المُفعِّلة للالتهاب بصورةٍ عامة. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تخريب غمد النخاعين، وتشكل الوذمة، وبالتالي تخريب طريق الإشارات العصبية البصرية الواردة نحو الدماغ، وبالنتيجة اضطراب عملية الرؤية.
ما هي الأعراض الناجمة عن التهاب العصب البصري؟
أهمّ الأعراض: [4]
1- الألم الحاد في العين، وقد يكون ثنائي الجانب، وأحياناً يزداد الألم مع حركة العين.
2- نقص في الرؤية، وقد تصل إلى درجة فقدانٍ كاملٍ للرؤية في عينٍ واحدة أو كلا العينين.
3- تبدُّل رؤية الألوان، حيث تبدو الألوان خافتةً غير لامعة وغير مُشعّة.
4- من أهمّ العلامات المرافقة له خلال فحص قعر العين وجود وذمةٍ في حليمة العصب البصري، وفي أغلب الحالات وجود هذه الوذمة كافٍ لتشخيص الإصابة.
تشخيص التهاب العصب البصري
بعد بدء الأعراض يجب التوجه مباشرةً إلى الطبيب الذي يقوم بدوره بالاستفسار عن تاريخك المرضي، وعن بدء الأعراض وحدتها، وكذلك الاستفسار عن وجود قصةٍ عائليةٍ مماثلة، بعدها يقوم بالفحص السريري ويشمل: [5]
– فحص العين الروتيني وقياس حدة البصر.
– تحديد المجال البصري، وتشمل الرؤية المركزية والرؤية المحيطية.
– اختبار رؤية الألوان.
– فحص قعر العين بعد توسيع الحدقة لفحص الشبكية، وذلك لتحديد وجود وذمة العصب البصري، وهو علامة أساسية في حال التهابه.
– فحص المُنعكَس الحدقي.
– التصوير المقطعي لطبقة الألياف العصبية الشبكية(RNFL).
– التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) للدماغ لتحديد وجود آفةٍ مزيلةٍ للنخاعين مرافقة، مثل: التصلب اللويحي، وكذلك لنفي وجود آفةٍ شاغلة لحيّزٍ في الدماغ (ورم).
– إجراء الفحوص الدموية لنفي وجود إصابةٍ فيروسيةٍ أو مناعيةٍ مرافقة.
– قياس الاستجابة للمنبهات البصرية، حيث يحدث تأخير في نقل الإشارة البصرية عند الإصابة بالتهاب العصب البصري.
علاج التهاب العصب البصري
مبدئياً هناك بعضٌ من المرضى الذين يعانون من التهاب عصبٍ بصري بدئي يستعيدون وظيفة العصب البصري بصورةٍ عفويةٍ مع مرور الوقت، وقد يستمر طور الشفاء إلى أشهر. يعتمد العلاج بصورة أساسيةٍ على جرعاتٍ عالية من الستروئيدات لفتراتٍ تختلف حسب الشدة والحالة المرضية المرافقة، وقد نحتاج إلى إضافة أدوية مشاركة مُعدّلةٍ لسير المرض.
عادةً ما يزول الألم في غضون أسابيع، وتتحسن الرؤية، وإدراك الألوان على مدى أشهر، ويعود حوالي 90 بالمئة من المرضى إلى رؤيةٍ أشبه بالطبيعية بحلول ستة أشهر. في حوالي 15 إلى 20 بالمئة من المرضى يطورون التصلب اللويحي المتعدّد، حيث إن ما يقارب 50 بالمئة من المرضى الذين يعانون من مرض التصلب العصبي المتعدّد قد تعرضوا لالتهاب عصبٍ بصري سابق خلال السنوات الـ 15 الماضية، أي أن التهاب العصب البصري قد يكون علامةً تُنبئ بالإصابة بالتصلب اللويحي. [6]
يُعتبر التهاب العصب البصري حالةً طبيةً تتطلب الكثير من الانتباه، والتشخيص المبكر، والعلاج المبكر أيضاً، لذلك من الضروري التوجه إلى المختصين عند الشعور بأيٍّ من الأعراض المذكورة سابقاً.
المراجع البحثية
1- Bedinghaus, T., OD. (2023, May 28). The anatomy of the optic nerve. Verywell Health. Retrieved October 17، 2024
2- Optic neuritis – Symptoms & causes. (2021, September 29). Mayo Clinic. Retrieved October 17، 2024
3- Chen, J. J. (2024, June 4). Optic Neuritis. MSD Manual Consumer Version. Retrieved October 17، 2024
4- Optic neuritis: MedlinePlus Medical Encyclopedia. (n.d.). Retrieved October 17، 2024
5- Optic Neuritis. (2024, March 22). Johns Hopkins Medicine. Retrieved October 17، 2024
6- Optic neuritis. (2024, June 23). Radiologica. Retrieved October 17، 2024