التأمُّل – دوره في خفض التوتر وفوائده النفسية والجسدية
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو التأمُّل وأنواعه؟
هو عمليةٌ عقليةٌ تهدف إلى تعزيز الانتباه، والتركيز، والوعي، وفي بعض الأوقات يُستخدم كطريقةٍ لتهدئة العقل، وخفض مستويات التوتر، ويشمل التأمل مجموعةً متنوعةً من التقنيات منها: [1]
1- التأمُّل الهادف
كالاستماع إلى توجيهاتٍ نصيّةٍ أو صوتيةٍ تساعد على إرشاد الشخص خلال جلسة المُعالجة.
2- تأمُّل التنفُّس
التركيز على التنفُّس العميق كوسيلةٍ لضبط الذات، والتخفيف من شدة الانفعالات.
3- تأمل الحركة
كاليوغا، حيث يتمُّ دمج الحركة الجسدية مع التركيز الذهني.
4- التأمُّل الذهني
كالتركيز على اللحظات الحالية، وتقبُّل المشاعر والأحاسيس دون التسرُّع في الحكم عليها.
ما هو تاريخ التأمُّل وما علاقته بالتوتر؟
يمتدُّ تاريخه لآلاف السنين، فقد نشأ في تقاليد دينية وروحية متعدّدة، كالهندوسية، والبوذية، وبهذه الثقافات كان التأمُّل يُعتبر وسيلةً لتحقيق السكون الداخلي، ورفع المعنويات، وخلق تواصلٍ فعّال مع الذات، ومع مرور الوقت انتقل التأمل إلى مجالات الصّحة النفسية، وعلاج الاضطرابات.
فقد أظهرت الدراسات الحديثة فوائد كبيرة له، وبالأخص في زيادة الوعي الذاتي، وتفريغ الطاقة السلبية، وفي يومنا هذا أصبح للتأمل ممارسات شائعة في جميع أنحاء العالم وعلاقة وثيقة في خفض التوتر، حيث إنه يُقلّل من مشاعر القلق، ويُمكّن الشخص من تطوير قدرات الهدوء العقلي والتركيز، ويُقلّل من إفراز هرمونات التوتر (الكورتيزول)، ويتمُّ تدريسه في المدارس، ومراكز العلاج، حتى في أماكن العمل، وذلك كجزءٍ من برنامج إدارة الانفعالات، وتحسين المزاج الأمر الذي يساهم في تحسين جودة الحياة بشكلٍ عام. [1]
ما هو التوتر؟
هو ردُّ فعلٍ طبيعي للجسم تجاه ما يحدث مع الإنسان من أحداث ومواقف صعبة، والتي من الممكن أن تكون ناتجةً عن عوامل متعددة، كالجهد في العمل، وسوء العلاقات الشخصية أو الأحداث الحياتية الكبرى التي تحصل بشكلٍ مفاجئٍ مع الفرد، كموت أحد عزيز أو الإصابة بمرضٍ عقيم.
حيث تختلف الاستجابة من شخصٍ لآخر تبعاً لدرجة التّحمُّل لديه، ومستوى صبره، ويُعرف التّوتر أنه حالةٌ من الكبت النفسي أو الجسمي يحدث عندما يشعر الفرد بأنه غير قادرٍ على مواجهة ظروف الحياة، ويمكن أن يكون هذا التوتر حاداً بمعنى أنه يحدث بشكلٍ مفاجئٍ أو مزمنٍ يستمرُّ لفترةٍ طويلة، ومن الأسباب الشائعة للتوتر: [2]
1- المشكلات المهنية
المواعيد الدقيقة، وضغوطات العمل، وانعدام التوازن بين الحياة العملية والشخصية.
2- المشكلات العائلية
كفقدان أحد الأحبة، وضغوطات التربية، وحدوث نزاعاتٍ في البيئة المحيطة.
3- التغيرات الحياتية
كالتغيير في مكان السكن والانتقال إلى مكانٍ جديد، أو بدء وظيفةٍ جديدة، أو الانفصال عن الحبيب وإنهاء علاقة.
4- المشكلات الصحيّة والنفسية
– ارتفاع ضغط الدم.
– ضعف في المناعة.
– مشكلات في الجهاز العصبي والهضمي.
– الإصابة بأمراض نفسية، كالفصام، أو اضطرابات كالقلق، أو الاكتئاب.
ما هي آلية عمل التأمُّل في خفض التوتر؟
1- أثر التّأمُّل على الدّماغ
يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على عمل وبنية الدّماغ، فبعض الأبحاث أظهرت أن ممارسته وبشكلٍ منتظمٍ يمكن أن تؤدي إلى تغييراتٍ إيجابيةٍ في أجزاء محدّدةٍ من المخ مثال:
1- القشرة الجبهية: فهي المسؤولة عن تنظيم الأحاسيس، واتخاذ القرارات، وتساعد في التحكُّم بمستويات التوتر عندما تصل للذروة.
2- الحُصين: والذي يلعب دوراً أساسياً في الذاكرة والتذكر، والعاطفة، ويُظهر تزايداً في حجم هذا الجزء لدى المتأمِّل المُنتظم.
3-تغيرات في النشاط الكهربائي: بعض من الأبحاث الحديثة أوضحت أن هواية التأمل تؤثر على النشاط الكهربائي في الدماغ، فعند القيام به تزداد موجات ألفا وثيتا، والتي بدروها ترتبط بالاسترخاء والانسجام العميق، مما يساعد على تقليل موجات الضيق، والتعب، وتعزيز الشعور بالهدوء والسكينة. [3]
2- تقنيات التنفُّس وتأثيراتها على الاستجابة الجسدية للتوتر
في الأغلب يتضمن التأمل تقنيات تنفُّس معينة على سبيل المثال:
التنفُّس العميق
يساعد على تهدئة الجهاز العصبي الأمر الذي يؤدي إلى التقليل من إفرازات هرمون التوتر والقلق، كالكورتيزول.
التنفُّس بانتظام
يعمل على تنظيم معدل ضربات القلب، ويزيد من مستويات الأوكسجين في الجسم، مما يُحسّن من الحالة العامة للفرد.
3- استجابة الجسم للتوتر
عند القيام بالتأمُّل ينخفض مستوى النشاط في أنظمة الاستجابة للضغط الأمر الذي يُقلّل من مشاعر الضغط النفسي والقلق، وهذا التأثير يساهم في تحفيز عملية الاسترخاء، مما يُعزّز من شعور الأمان والطمأنينة.
ما هي الفوائد النفسية للتأمُّل؟
1- التحسين من عمليتي التّركيز والوعي
لعل أبرز فوائده هي تحسين القدرة على الانتباه، والإنصات، وتحليل المواقف، خاصةً أن هنالك أنواع، كالتأملُّ الذهني الذي يقوم على تدريب العقل أن يكون أكثر وعياً لما يحدث من حوله، ويمنع هذا التدريب الأفكار المُشتّتة من غزو العقل، حيث يعمل على تصفيته، مما يؤدي إلى زيادة الفعالية والإنتاجية في المهام اليومية.
2- التخفيف من حدّة مشاعر الخوف والتردد
الفرد عندما يمارس التأمُّل بانتظام يكتسب استراتيجيات وطرق أفضل للتعامل مع المشاعر السلبية، فهو يُعزّز من معدلات الطاقة الإيجابية، ويساعد على خفض نسبة التشاؤم وفقدان الأمل من الحياة.
3- التعزيز من القيم الذاتية
يُعزّز وعي الفرد بنفسه، حيث يساعده على فهم مشاعره وأفكاره بطريقةٍ منظمةٍ أكثر، ويعلمه كيفية مراقبة سلوكياته، ومعرفة أخطائه، وتجنُّب تكرارها، وتحفيزه على القيام بالأعمال الحسنة التي ترفع من درجات استحقاقه الروحي بين الآخرين، مما يتيح له التعرُّف على أنماط التفكير السلبية واستبدالها.
4- الرّقي بالعلاقات الاجتماعية وتحسينها
تؤدي الفوائد النفسية للتأمل إلى تحسين نمط العلاقات، وذلك من خلال تعزيز الوعي، والمحبة، والتعاون بين الجميع، وبالشكل الذي يصبح فيه الفرد أكثر قدرةً على التواصل الفعّال، وفهم سلوكيات ومشاعر من حوله، مما يُقلّل من التوتر في العلاقات، ويخلق روابط اجتماعية قوية.
5- تحقيق الرفاهية والسعادة
يرتبط التأمل بزيادة مستويات الفرح والشغف، لأنه يُعزّز من مشاعر الامتنان والحماس، ويُحسّن نوعية الحياة في نظر المُتأمِل بالشكل الذي يجعله يشعر أنه قادر على تحقيق كل أحلامه، ولا يوجد شيء سيجعله يتراجع عن ذلك. [4]
ما هي الفوائد الجسدية للتأمُّل؟
1- التقليل من ضغط الدم
يُقلّل من مستويات هرمون التوتر، ويساعد على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية، وهذا التأثير يُعتبر مفيداً للأشخاص الذين يعانون من ارتفاعٍ في ضغط الدم.
2- يُحسّن عملية النوم
يُقلّل من الأرق، فالأشخاص الذين يمارسونه بانتظام يميلون للنوم بشكلٍ أسرع، ولا تصيبهم لحظات من النوم المُتقطّع الذي يؤثر على مزاجهم، ويجعلهم في حالة قلقٍ دائم.
3- تعزيز صحة الجهاز المناعي
لأنه يرفع من مستوى نشاط الخلايا المناعية، مما يزيد من قدرة الجسم على مواجهة الأمراض، وهذا التأثير يدل على العلاقة القوية بين الصحة الجسمية والنفسية، فتقليل التوتر يُعزّز المناعة.
4- التخفيف من الآلام الجسدية
هنالك أدلة على أن التأمل يمكن أن يساعد في تخفيف الآلام المزمنة، لأنه يُعزّز من مشاعر الاسترخاء، ويغير من استجابة الجسم للألم، وبالأخص للذين يعانون من صداعٍ نفسي أو آلام الظهر، فهو يساعد في تغيير طريقة معالجة الدماغ للإشارات المؤلمة. [5]
المراجع البحثية
1- What are the different types of meditation? (2024, February 20). WebMD. Retrieved October 27, 2024
2- Stress. (2024, May 20). Cleveland Clinic. Retrieved October 27, 2024
3- News-Medical. (2023, January 18). Meditation history. Retrieved October 27, 2024
4- A beginner’s guide to meditation. (n.d). Mayo Clinic. Retrieved October 27, 2024
5- Calm Editorial Team. (2024, November 1). 12 ways meditation can benefit your mental and physical health. Calm Blog. Retrieved October 27, 2024