إدمان السكر عند الأطفال – كيف يحدث، وما تأثيره؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
في عالم الأطفال يرتبط السكر بالبهجة، والمكافأة، والاحتفالات من كعكة عيد الميلاد المزينة بالكريمة إلى الحلوى الملونة في المناسبات السعيدة، ومن الآيس كريم المنعش في أيام الصيف الحارة إلى الشوكولاتة الدافئة في ليالي الشتاء الباردة.
كلها تجارب حسية غنية ترتبط بذاكرة الطفل في لحظات السعادة والفرح. مع ذلك، فإن هذه العلاقة الحلوة بين الأطفال والسكر تحمل معها تحديات كبيرة، فالإفراط في تناول السكر يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية عديدة وهذا الإفراط يمكن أن يتطور إلى إدمان.
لماذا يحب الأطفال السكر؟
يحب الأطفال السكر لعدة أسباب تجمع بين العوامل البيولوجية، والنفسية، والاجتماعية، وسنقدم شرحاً مفصلاً لهذه الأسباب: [1]
1- العوامل البيولوجية
– الاستجابة الدماغية: حيث يحفز السكر إفراز الدوبامين، وهو ناقل عصبي يرتبط بالشعور بالسعادة.
– الطاقة السريعة: يوفر السكر مصدراً سريعاً للطاقة، مما يجعله جذاباً للأطفال النشيطين.
2- العوامل النفسية
– ارتباط السكر بالمكافآت: غالباً ما يستخدم السكر كمكافأة، مما يعزز الارتباط الإيجابي به.
– الراحة العاطفية: قد يرتبط تناول الحلويات بالشعور بالراحة والأمان، خاصةً إذا استخدم لتهدئة الطفل في مواقف التوتر.
3- العوامل الاجتماعية والثقافية
– الاحتفالات: إن ارتباط الحلويات بالمناسبات السعيدة والاحتفالات يعزز جاذبيتها عند الطفل.
– التسويق: ويعني استهداف الأطفال بإعلاناتٍ جذابة للحلويات والأطعمة السكرية.
– تأثير الأقران: أي رغبة الأطفال في تناول ما يتناوله أصدقاؤهم.
4- العوامل الغذائية
– الطعم القوي للسكر: يتمتع السكر بطعمٍ قوي يطغى على النكهات الأخرى، مما يجعله أكثر جاذبيةً للأطفال.
– نقص التنوع الغذائي: قد يفضل الأطفال السكر في حال عدم حصولهم على مجموعةٍ متنوعةٍ من خيارات الأطعمة والنكهات.
5- العوامل التطورية
– مرحلة النمو: خلال فترات النمو السريع قد يميل الأطفال إلى الأطعمة عالية السعرات الحرارية، مثل: السكريات.
– حاسة التذوق عند الصغار: إن براعم التذوق لدى الأطفال أكثر حساسيةً من براعم التذوق عند الكبار، مما يجعل المذاق الحلو أكثر جاذبيةً بالنسبة لهم.
كيف يمكن أن يتحول حب السكر عند الأطفال إلى إدمان؟
1- تأثير الدوبامين
مع الوقت واستهلاك الكثير من السكر يمكن أن يتكيف الدماغ مع المستويات العالية من الدوبامين الناتجة عن استهلاكه، هذا التكيف يؤدي إلى تقليل حساسية مستقبلات الدوبامين، مما يعني أن الطفل يحتاج إلى كمياتٍ أكبر من السكر للحصول على نفس الشعور بالمتعة والسعادة.
2- الارتباط العاطفي
إذا اعتاد الأطفال على استخدام السكر كوسيلةٍ للتعامل مع التوتر، أو الملل، أو الحزن، فقد يتطور هذا إلى اعتمادٍ عاطفي وإدمان.
3- توافر السكر
إن سهولة الوصول إلى الأطعمة السكرية في المنزل والمدرسة، والأماكن التي يرتادها الطفل تزيد من فرص الاستهلاك المفرط، وبالتالي الإدمان.
4- عدم التوازن الغذائي
إن الاعتماد المفرط على الأطعمة السكرية قد يؤدي إلى نقصٍ في العناصر الغذائية الأساسية، مما قد يزيد من الرغبة في تناول المزيد من السكر وصولاً إلى الإدمان. [1]
ما تأثير إدمان السكر على الأطفال؟
إن إدمان السكر يمكن أن يكون له تأثيرات واسعة النطاق على صحة الأطفال ونموهم وسلوكهم، وهنا نظرة شاملة على تأثيرات إدمان السكر على الأطفال: [1]
1- زيادة الوزن والسُّمنة
الاستهلاك المفرط للسكر يزيد من خطر زيادة الوزن والسُّمنة.
2- مشاكل الأسنان
زيادة خطر تسوس الأسنان وأمراض اللثة.
3- مقاومة الأنسولين
قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
4- ارتفاع ضغط الدم
يمكن أن يسهم إدمان السكر في ارتفاع ضغط الدم حتى عند الأطفال.
5- مشاكل في الكبد
قد يؤدي إلى تراكم الدهون في الكبد، وضعف جهاز المناعة، مما يجعل الأطفال أكثر عرضةً للأمراض.
6- نقص العناصر الغذائية في الجسم
قد يحل السكر محل الأطعمة الغنية بالقيم الغذائية، مما يؤدي إلى نقص في الفيتامينات والمعادن الضرورية للنمو.
7- تأخر النمو
في بعض الحالات قد يؤثر سوء التغذية الناتج عن الإفراط في تناول السكر على النمو الجسدي عند الطفل.
8- تقلبات المزاج
إن ارتفاع وانخفاض مستويات السكر في الدم يمكن أن يسبّب تقلباتٍ حادة في المزاج، وصعوباتٍ في التركيز والانتباه، مما قد يؤثر على الأداء الأكاديمي عند الطفل.
9- فرط النشاط
بعض الأطفال قد يظهرون فرطاً عالياً في النشاط والحركة بعد استهلاك كمياتٍ كبيرةٍ من السكر.
10- الاكتئاب والقلق
على المدى الطويل قد يزيد إدمان السكر من خطر الإصابة بالاكتئاب، والقلق، واضطرابات النوم.
11- زيادة خطر الأمراض المزمنة
يمكن أن يزيد إدمان السكر من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.
12- تأسيس عادات غذائية سيئة
قد يؤدي إلى تطوير عاداتٍ غذائية غير صحية تستمر حتى مرحلة البلوغ.
13- التأثير على الصحة العقلية
من المحتمل أن يزيد إدمان السكر من خطر الإصابة باضطرابات الأكل، وغيرها من مشاكل الصحة النفسية والعقلية في المستقبل.
كيف يمكن وقاية الأطفال من إدمان السكر؟
ذلك يتطلب جهداً متكاملاً من خلال المتابعة والدعم المستمر، وسنقدم بعض الاستراتيجيات الفعالة للوقاية من إدمان السكر لدى الأطفال: [2]
1- التثقيف والتوعية
وذلك بتعليم الأطفال آثار تناول السكر على الصحة بطريقةٍ مبسطة ومناسبة لأعمارهم، وشرح الفرق بين السكريات الطبيعية والصناعية، بالإضافة إلى توضيح كيفية قراءة الملصقات الغذائية للتعرف على محتواها، وكمية السكر في هذه الأطعمة.
2- تأسيس عادات غذائية صحية
عن طريق تقديم وجباتٍ متوازنة تحتوي على البروتينات، والألياف، والدهون الصحية، وتشجيع تناول الفواكه الطازجة كبديلٍ صحي عن الحلويات، وبالطبع الحدّ من توافر الأطعمة والمشروبات عالية السكر في المنزل.
3- التحكم في البيئة الغذائية
أي يجب تقليل شراء المنتجات عالية السكر والوجبات الخفيفة غير الصحية، ووضع الخيارات الصحية في أماكن يسهل الوصول إليها في المطبخ، بالإضافة إلى تحضير وجباتٍ خفيفة صحية مسبقاً لتكون جاهزةً عند الحاجة.
4- تشجيع النشاط البدني
يتوجب تخصيص وقتٍ يومي للنشاط البدني والألعاب الحركية عند الطفل، وتشجيع المشاركة في الأنشطة الرياضية المنظمة. ومن المهمّ جداً الحدّ من وقت شاشة التلفاز الذي غالباً ما يرتبط بتناول الوجبات الخفيفة غير الصحية.
5- تعزيز العادات الصحية في العائلة
وذلك بأن يكون الوالدان قدوةً في اتباع نظامٍ غذائي صحي، وتناول الوجبات العائلية معاً بانتظام، وإشراك الأطفال في التسوق، وإعداد الوجبات الصحية مع الأهل.
6- تعليم مهارات التعامل مع المشاعر
تعليم الأطفال طرق صحية للتعامل مع التوتر والملل بدلاً من اللجوء إلى الطعام.
7- تنظيم المناسبات والاحتفالات
من الضروري تقديم بدائل صحية في الحفلات والمناسبات، والاحتفال بطرقٍ لا تركز على الطعام فقط.
8- التعاون مع المدرسة
أي تشجيع المدرسة في دعم السياسات المدرسية التي تحدُّ من المشروبات السكرية والوجبات الخفيفة غير الصحية.
9- التدرج في التغيير
أي تقليل استهلاك السكر تدريجياً لتجنب المقاومة الشديدة من قبل الطفل، وإدخال بدائل صحية بشكلٍ تدريجي لتعويده على النكهات المختلفة، كما يجب تعليم الأطفال المضغ ببطء، والتركيز على النكهات أثناء تناولهم الطعام.
10- طلب المساعدة من المختصين عند الحاجة
وذلك باستشارة أخصائي تغذية أو طبيب الأطفال إذا كانت هناك مخاوف جدية بشأن النظام الغذائي للطفل.
في نهاية المطاف يمكننا القول: إن حماية أطفالنا من إدمان السكر ليست مجرد مسألة تتعلق بالطعام فحسب، بل هي رحلة نحو تأسيس نمط حياةٍ صحي ومتوازن، وفرصة لغرس قيم الاعتناء بالذات، والوعي الصحي في نفوس أجيال المستقبل.
المراجع البحثية
1- DesMaisons, K. (2004). Little Sugar Addicts: End the mood swings, meltdowns, tantrums, and low self-esteem in your child today (9116th ed.). Harmony. Retrieved August 20, 2024
2- Emmerich, M. (2021). Sugar-Free Kids. Simon and Schuster. Retrieved August 20, 2024