Skip links

المجهر الإلكتروني – مبدأ عمله، وأنواعه

يُمكن للمجهر الضوئي أن يُميز أبعاداً تصل إلى نحو 200nm، إلَّا أنَّ هذهِ المسافات تُعتبر كبيرةً في سلم الأبعاد الذرية والجزيئية، إذ أنَّ البعد بين ذرتين في الحالة الطبيعية لا يتجاوز 0.2nm، لذا تُعتبر المجاهر الضوئية غير فعّالة ضمن هذهِ الأبعاد. وللحصول على مقدرة فصلٍ أفضل، يُمكن استبدال الضوء المرئي في هذهِ المجاهر بضوءٍ فوق بنفسجي، حيثُ تَستخدم هذهِ المجاهر أطوالاً موجيةً أقصر من 200nm، كما يُمكن استخدام أطوال موجية أقصر، إلَّا أنَّه من الصعب جداً تصنيع عدسات مناسبة. [1]

أجزاء المجهر الإلكتروني

مبدأ عمل المجهر الإلكتروني

يُعتبر مبدأ لويس دي براولي في المثنوية (جسيم / موجة) من أهمّ المبادئ في الفيزياء الكمومية، والذي يعتبر بأنَّ كل جسيمٍ يرافقه موجة والعكس بالعكس. انطلاقاً من هذا المبدأ، يُمكن جعل الطول الموجي للإلكترونات المُسرَّعة بفرق كمون (من مرتبة 40 فولط) إلى نحو 0.2nm، واعتماداً على هذا المبدأ يُمكن قياس الأبعاد الذرية، حيثُ تمَّ اختراع أول مجهرٍ إلكتروني في عام 1940، ويتركب المجهر الإلكتروني بشكلٍ عام، من الوحدات الخمس الأساسية التالية:

1- وحدة الإضاءة (Illumination system).

2- وحدة تكوين الصورة (Imaging system).

3- غرفة العينات (Specimen stage).

4- وحدة تفريغ الهواء (Vacuum pump system).

5- وحدة تسجيل الصور (Image recording system).

أنواع المجهر الإلكتروني

يمتاز المجهر الإلكتروني عن المجهر الضوئي بقصر الطول الموجي للإلكترونات، مما يجعل تشكُّل الأخيلة بالإلكترونات يشمل الأجسام الأصغر بكثير، غير أن عيبهُ يتطلب إجراء تخليةٍ من الهواء. يُمكن تصميم المجهر الإلكتروني بأشكال وأنواع مختلفة، نذكر منها:

1- المجهر الإلكتروني بالنفوذ (Transmission Electron Microscope (TEM))

يُعتبر المجهر الإلكتروني بالنفوذ أقرب المجاهر إلى المجهر الضوئي، ويعتمد مبدأ عمله على توجيه حزمة إلكتروناتٍ عالية الطاقة (عادةً من 60 إلى 300 كيلو فولت) مباشرةً إلى العينة فتنفذ من خلالها، ونتيجةً لانتثار الإلكترونات عن نقطة في العينة يُعاد تجميعها في نقطة على الشاشة بعدسةٍ مغناطيسية مشكلةً خيالاً حقيقياً للعينة على الشاشة، ويجب على الإلكترونات ألّا تتباطأ عندما تجتاز العينة، ولهذا لا يصلح هذا المجهر إلّا في حالة العينات الرقيقة التي لا تزيد ثخانتها على 100nm.

تحتوي الصور عموماً على تباينٍ قد يكون بسببه الاختلافات في البلورة، أو الكتلة الذرية، أو اختلافات السُمك داخل العينة، ويُمكن أيضاً الحصول على المعلومات البلورية من أنماط الحيود، كما يُمكننا أيضاً جمع خرائط الحالة العنصرية والكيميائية من خلال تحليل الأشعة السينية المنبعثة (التحليل الطيفي المشتت للطاقة – EDS) أو من خلال فقدان طاقة الإلكترونات التي مرَّت عبر العينة (التحليل الطيفي لفقد الطاقة الإلكترونية – EELS).

يُمكن أن يظهر هذا المجهر تفصيلاتٍ بمقدرة فصل تصل إلى 0.2nm أي أفضل بـ 500 مرة من المجهر الذي يعمل بالأشعة فوق البنفسجية، لذا تعدُّ المجاهر الإلكترونية النافذة أكثر المجاهر الإلكترونية دقة، كما ويُمثل المجهر الإلكتروني النافذ وسيلة تحليلٍ أساسية في العديد من فروع العلوم الطبيعية، مثل: الفيزياء، والعلوم الحيوية الأخرى، كعلم الفيروسات، وأبحاث السرطان.

2- المجهر الإلكتروني الماسح (Scanning Electron Microscope (SEM))

يعتمد مبدأ عمل هذا المجهر على طلاء العينة بطبقةٍ رقيقةٍ من معدن مُعين، ثم يتمُّ تجميع حزمة الإلكترونات في نقطةٍ على العينة في كل مرة باستخدام عدسة مغناطيسية يُمكن تخفيض قطرها بإمرارها في فتحة مناسبة، ويتمُّ حرف حزمة الإلكترونات الأولية على سطح العينة بحارف للحزمة، ليقوم بإجراء مسح العينة، حيثُ تقوم هذهِ الإلكترونات الأولية بتوليد إلكترونات ثانوية من العينة، وبعدها يتمُّ تجميع هذهِ الإلكترونات باستخدام مجمع للإلكترونات الذي يقوم بكشف وعدّ الإلكترونات الثانوية المتولدة.

تُجمَّع هذهِ المعلومات إلى جهاز كومبيوتر ليتمُّ بناء صورة للعينة، والمقدرة الفاصلة لهذا المجهر تُقدَّر بنحو 10nm، لذا يمتلك المجهر الإلكتروني بالنفوذ قدرة فصلٍ أفصل من هذا المجهر، إلّا أنَّ هذا المجهر ُيعتبر أفضل في تصوير العينات ثلاثية الأبعاد، إذ يُعطي صورةً مجسمةً للعينة المراد فحصها، وتصل قوة تكبير هذا المجهر إلى (300000x). عادةً، يتمُّ وضع ثلاثة أجهزة كشف بزوايا معينة في غرفة العينة، وهي كاشف الأشعة السينية، وكاشف الإلكترونات المتناثرة، وكاشف الإلكترون الثانوي.

لا يعتمد أي من هذهِ العناصر على الإرسال، مما يعني أنَّ سمك العينة ليس مشكلةً كبيرة، ويؤدي هذا إلى انخفاضٍ نسبي في الدقة، لذا يوفِّر تصوير المجهر الإلكتروني الماسح رسم خرائط سطحية ثلاثية الأبعاد، بينما يوفر تصوير المجهر الإلكتروني بالنفوذ صوراً داخلية ثنائية الأبعاد.

3- مجهر الماسح النفقي (The Scanning Tunneling Microscpe (STEM))

يَعتمد هذا المجهر في عملهِ على ظاهر النفق المعروفة في علم ميكانيك الكم، فعندما يصطدم جسيم ميكروسكوبي بحاجز كموني فإنَّ هذا الجسيم لا يرتد عنهُ كما في الفيزياء الكلاسيكية، وإنَّما هنالك احتمال لعبور هذا الجسيم من الحاجز إذا كانت أبعاد الحاجز صغيرةً إلى حدٍ كافٍ، ويعتمد احتمال عبور الجسيم من الحاجز على سماكة الحاجز، حيثُ تعتبر المسافة بين الرأس المدببة للمجهر وسطح العينة هو الحاجز الكموني، والذي يجب ألّا يزيد عن بضع نانومترات، وتقع النهاية المدببة والعينة في حجرة مخلاة، كما يجب أن تكون سماكة الرأس المدببة من مرتبة الأبعاد الذرية، ويجب أيضاً أثناء العمل عل المجهر أن يكون معزولاً عن الاهتزازات الخارجية.

عندَ تطبيق فرق كمون من مرتبة 100mv بين النهاية المدببة والعينة، تجتاز الإلكترونات الحاجز الكموني بين النهاية المدببة والعينة، ويتمُّ التحكم بالنهاية المدببة باستعمال مواد كهروضغطية تتغير أبعادها بتطبيق كمون عليها، ومن ثمَّ فإنَّ التغيرات في النهاية المدببة تعكس بدقة ما تحت السطح، لذا يمكن للمجهر النفقي أن يصوِّر بسهولة ذراتٍ أحاديةٍ على السطح. [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8]

ما هي استخدامات المجهر الإلكتروني؟

المجاهر الإلكترونية أدوات تحليلية فعّالة تُمكّن العلماء والمهندسين من تصوير الأجسام بتكبيرات عالية جداً، غالباً على مقياس النانومتر. وتنتشر تطبيقاتها في العديد من التخصُصات نظراً لقدرتها على الكشف عن تفاصيل لا تُرى باستخدام المجاهر الضوئية التقليدية. وفيما يلي بعض الاستخدامات الرئيسية:

1- البحوث البيولوجية والطبية كالتصوير الخلوي ودون الخلوي لدراسة الهياكل الداخلية للخلايا، بما في ذلك النوى وبدقة عالية. وهذا يُساعد في فهم وظائف الخلايا وعلم الأمراض. كما يُمكن للمجاهر الإلكترونية تصوير الفيروسات والبكتيريا، وحتى مُركّبات البروتين، مما يُساعد في أبحاث الأمراض، وتطوير اللقاحات، والتشخيص.

2- علوم وهندسة المواد كتوصيف البنية الدقيقة للمادة، حيثُ تُستخدم كلٌّ من المجاهر الإلكترونية النافذة والمجاهر الإلكترونية الماسحة لتحليل البنية البلورية، وحدود الحُبيبات، وتركيب الطور للمعادن والسيراميك والبوليمرات. وهذا ضروري لمراقبة الجودة وتطوير المواد. كما تُعدّ هذه المجاهر أساسيةً في تحديد العيوب والاختلالات والشوائب في المواد، وهو أمرٌ حيويٌّ لتحسين موثوقية المنتج وأدائه.

3- صناعة أشباه الموصلات، حيثُ تُستخدم المجاهر الإلكترونية الماسحة بشكلٍ روتيني لفحص الدوائر المُتكاملة والرقائق الدقيقة أثناء التصنيع، مما يُساعد في تشخيص العيوب وتحسين عمليات التصنيع، ويُساعد التصوير المُفصّل لمكونات أشباه الموصلات في فهم آليات الأعطال وتطوير تصميم الإلكترونيات الدقيقة.

4- علوم الطب الشرعي وتحليل الأدلة الأثرية، حيثُ تستطيع فحص تفاصيل دقيقة، مثل الألياف والغبار والبقايا، وهي أمور بالغة الأهمية في التحقيقات الجنائية والبحث الأثري. وتُساعد أيضاً في تحليل تركيب وبنية مختلف المواد الموجودة في مسارح الجريمة.

شعر الإنسان تحت المجهر الإلكتروني

5- الدراسات البيئية والجيولوجية كتحليل المعادن والأحفوريات فقد يستخدمه الباحثون لدراسة البنية الدقيقة للصخور والمعادن، وحتى الأحافير، مما يُتيح فهماً أعمق للعمليات الجيولوجية وتاريخ الأرض. كما يُستخدم أيضاً للتحقيق في توزيع الجسيمات والملوثات في العينات البيئية.

6- تقنية النانو والبحوث المتقدمة، حيثُ تُمكّن من تصوير الأجهزة والأنظمة النانوية، مما يُسهم في تعزيز دورها في مجال تقنية النانو وعلوم المواد. كما دراسات حيود الإلكترونات التي تُمكّن العُلماء من تحديد البنية البلورية للمواد من خلال تقنيات مثل حيود الإلكترونات، مما يُسهم في تطوير مواد جديدة ذات خصائص مُصممة خصيصا.

بفضل توفيرها دقةً فائقة ومعلومات هيكليةً مُفصلة، ​​أصبحت المجاهر الإلكترونية لا غنى عنها في كلٍّ من البحث العلمي والتطبيقات الصناعية. وهي تُواصل دفع عجلة التقدم في العديد من المجالات من خلال الكشف عن البُنية الأساسية للمادة.

المراجع البحثية

1- الطرابٌش. (1437, March). Modern physics principles. السنة التحضٌيرٌية للكيلٌات الطبٌية- ًوزارة التعلٌم العال (pp. 1–23). Retrieved July 25, 2024

2- Rüdenberg, R. (1943). The early history of the electron microscope. Journal of Applied Physics, 14(8), 434–436. Retrieved July 25, 2024

3- Courtenay, B. (2024a, January 31). Electron Microscopy: components, types, working principle, limitations, advantages and applications -. Rubicon Science. Retrieved July 25, 2024

4- Transmission Electron Microscopy | Materials Research Institute. (n.d.). Retrieved July 25, 2024

5- Wikipedia contributors. (2024, July 9). Transmission electron microscopy. Wikipedia. Retrieved July 25, 2024

6- SEM Analysis | Laboratory Testing Inc. (n.d.). Blueprint-Bricks. Retrieved July 25, 2024

7- Transmission Electron Microscopy | Materials Research Institute. (n.d.). Retrieved July 25, 2024

8- Scanning Tunneling Microscopy. (n.d.). Nanoscience Instruments. Retrieved July 25, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.