Skip links

النجوم النيوترونية، النهاية المذهلة للعديد من النجوم

عند مشاهدة السماء في ليلةٍ مُعتمة سنجد الكثير من النجوم المضيئة التي قد تكون دورة حياتها انتهت بالفعل، إلا أن ما نراه ليس سوى ضوءاً للانفجار الذي حدث عند موت هذه النجوم، ليتشكل بعدها ما يُسمى بالنجوم النيوترونية.

ما هي النجوم النيوترونية؟

النجوم النيوترونية هي النجوم المُتشكلة بعد انتهاء حياة النجوم الصغيرة نسبياً أي أكبر من حجم الشمس ب 3 إلى 5 أضعاف، حيث إنه بسبب موت نجمٍ ما فإن الطاقة التي تدفع المادة المكونة لهذا النجم تنعدم، وعليه فإن المادة تتعرض للسحق الشديد تحت تأثير القوة الجاذبة للنجم نفسه، وتندمج مكونات المادة مع بعضها لتعطي مادة الحديد، وتستمر عملية السحق والتكدس للمادة حتى نحصل على نواةٍ جديدةٍ صغيرة أصغر بكثير مما كان عليه النجم الأصلي بل أصغر حتى من معظم الكواكب التي نعرفها (يُقدر وسطياً قطر النجم النيوتروني بين 10 و 20 كيلومتر فقط)، ويكون ذا كثافةٍ عاليةٍ جداً، وتُسمى هذه النواة بالنجم النيوتروني.

إلا أن السبب وراء هذا الاسم يعود لما يحدث بين الذرات المكونة للنجم، فكما نعلم كل ذرة تتكون من بروتونات موجبة، وإلكترونات سالبة، ونيوترونات معتدلة الشحنة، فبسبب القوة الجاذبة الهائلة الحاصلة حتى مكونات الذرة يحصل فيها اندماج، فتندمج البروتونات والإلكترونات وتشكل المزيد من النيوترونات المعتدلة. أي أنه يحصل بعد نهاية حياة النجم الصغير على كتلةٍ معدنيةٍ صغيرةٍ جداً ذات ذرات لا تحتوي إلا على نيوترونات، فيما يُسمى بالنجم النيوتروني.

فرضيات اكتشاف أول نجم نيوتروني

افتراض وجود نجوم نيوترونية لم يكن حديثاً على الإطلاق، فقد وضعت أولى الفرضيات في عام 1933 التي اعتقدت بوجود نجومٍ صغيرةٍ جداً ذات كثافة وقوة جاذبة هائلة ناجمة عن انفجار وفناء النجوم الأصلية في الفضاء إلا أن إثبات وجود مثل هكذا نجوم لم يتمّ قبل عام 1965، حيث استطاع العالم “أنتوني هيوش” التقاط الإصدارات الكهرومغناطيسية التي تصدر عن الانفجار المُسمى “نديم السلطعون (Crab nebula)، والتي كانت بمثابة إثباتٍ فعليّ على وجود النجوم النيوترونية كنتيجة لانفجار النجوم الأصلية.

النجوم النابضة

بعد عامين فقط من إثبات وجود النجوم النيوترونية، التقط العالم أنتوني  والعالمة جوسلين بيل  إصداراتٍ شعاعيةٍ ذات تردد ثابت وبانتظامٍ كبيرٍ جداً دون فهم المصدر وراء هذه الإصدارات، مما دفع الكثير للاعتقاد أن هذه الإشارات هي محاولةٌ للتواصل من قبل حضاراتٍ غير بشرية أطلق على هذه الإصدارات LGM-1 (اختصاراً Little green men) بسبب الاعتقاد أن كائنات فضائية هي من كان يصدرها، تبين فيما بعد أن المصدر وراء هذه الإشارات هي نجومٌ نيوترونيةٌ تدور بسرعةٍ كبيرةٍ جداً تُصدر تذبذباتٍ شعاعية بترددٍ شبه ثابتٍ تماماً، أطلق عليها اسم النجوم الساطعة.

على الرغم أن هذه الإشارات لم تكن من الكائنات الفضائية إلا أن هذه الإصدارات الثابتة استخدمت كنقاطٍ مرجعيةٍ لرسم خريطة لتحديد مكان الأرض من الكون، ووضعت هذه الخريطة على متن الرحلة Voyager 2 ضمن ما يُسمى بالسجل الذهبي (بالإنكليزية Golden record) على أمل أن تلتقطها أي حضارة غير بشرية لمعرفة موقع كوكبنا، وإنشاء تواصلٍ مع الكائنات الفضائية، [4] إلا أن هذه الفكرة فيما بعد تبين عدم فائدتها لوجود عدد كبير جداً من النجوم الساطعة والنجوم النيوترونية بشكل عام، حيث قدّر حديثاً عدد النجوم النيوترونية بحوالي مليار نجم نيوتروني مع وجود أكثر من 3300 نجمٍ ساطع ذي إصداراتٍ شعاعيةٍ ثابتة.

النجوم المغناطيسية Magnetars

عندما نتكلم عن نجومٍ صغيرةٍ ذات كثافةٍ عاليةٍ جداً تصل لما يُقارب 10¹⁷kg/m³ (للمقارنة الكثافة في كوكب الأرض تصل فقط إلى 10³×5)، فإنه من الطبيعي الاعتقاد أن يكون لها جاذبيةً هائلة، إلا أنه عندما نتكلم عن النجوم النيوترونية فإننا نتحدث عن أضخم قوةٍ جاذبةٍ ممكنة لأي نجم أو كوكب في هذا الكون، خصوصاً عندما تكون النجوم النيوترونية صغيرةً وحديثة التشكل، عندها فإننا نتحدث عن قوةٍ جاذبةٍ تفوق جاذبية الأرض بمليارات المرات، هذا النوع من النجوم النيوترونية يشكل جزءاً أساسياً في شرح ما قد يحدث للنجوم النيوترونية بعد فترةٍ طويلةٍ جداً من الزمن.

مصير النجوم النيوترونية

 طريقة زوال أو موت النجوم النيوترونية يعتمد بشكل رئيسي على ما يوجد حول هذه النجوم، وكونها نتيجةً لفناء النجوم لا يعني أنها ستظل موجودةً للأبد. أحد الاحتمالات هو أن تتحول هذه النجوم ل (أقزام بيضاء White dwarfs)، وذلك بعد زمنٍ طويلٍ من الدوران السريع جداً والإصدار المستمر للإشعاعات، حيث ينتهي بها الحال كأجسام معدنية قليلة الدوران دون إصداراتٍ إشعاعيةٍ تذكر، وذلك في حال بقي هذا النجم لفترةٍ طويلةٍ جداً دون أن ينجذب (أو يجذب) نحو نجم نيوتروني آخر.

ففي حال انجذاب هذه النجوم عند اقترابها من بعضها البعض، فإن مجال جاذبيتها سيتداخل سوياً ليحدث موجةً جاذبةً Gravitational wave قويةً جداً، وعندها قد يتشكل نجم نيوتروني جديد أكثر كثافةٍ وذو قوةٍ جاذبةٍ أضخم أو حتى يمكن بحالاتٍ معينةٍ يمكن أن يُشكل ثقباً أسود بسبب اجتماع قوة جاذبة هائلة جداً.

كما يمكن أن يستمر النجم النيتروني بالكبر وذلك عند جذبه لكويكباتٍ صغيرةٍ مثلاً، لتخيل القوة الجاذبة للنجوم النيوترونية. لنفترض أن نجماً نترونياً اقترب من كوكب الأرض ليصبح ببعد القمر عن الأرض، حينها فإن الأرض ببساطة بما فيها من مادة سوف تتفكك وكل أشكال المادة ستنجذب بسرعة هائلة نحو هذا النجم لينتهي الأمر باندماج كوكب الأرض بهذا النجم بشكل تام. فهي قد تمثل ظاهرةً مدمرةً جداً، ولكنها بكل تأكيد تمثل أيضاً نهايةً مذهلةً لحياة النجوم، والتي قد تكون نهايةً محتملةً لنجمنا في مجموعتنا الشمسية.

هل توجد ملاحظة علمية أو شيء آخر تودّ مشاركته؟ راسلنا عبر صفحة اتصل بنا.