تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

انثقاب غشاء الطبل أو الطبلة المثقوبة (Eardrum ruptured) هو حالةٌ حادة تصيب غشاء الطبل (Membrana

tympani) في الأذن، وقد يصيب الصغار أو البالغين لأسباب رضّية أو التهابية، ويمكن أن يشفى عفوياً أو جراحياً.

ما هو غشاء الطبل؟

هو غشاءٌ مرنٌ يصل بين الأذن الوسطى والخارجية، وله دورٌ حماية ونقل الأصوات للمساهمة في عملية السمع، وتتمُّ هذه المساهمة بوصول الأمواج الصوتية من الأذن الخارجية لتصطدم بغشاء الطبل الذي يهتزُّ وينقل هذه الاهتزازات على شكل إشاراتٍ إلى الأذن الوسطى، وبعدها تكتمل عملية السمع باهتزاز العظيمات السمعية الثلاث، وتدخل الخلايا العصبية السمعية بإيصال السيالة العصبية إلى الدماغ.

كما يفيد هذا الغشاء بمنع وصول الجراثيم والمواد الضارة الكيميائية للأذن الوسطى والداخلية، فهي بمثابة حاجز حمايةٍ من العوامل الممرضة. إن غشاء الطبل الطبيعي يظهر بواسطة منظار الأذن بشكلٍ مسطحٍ وشفاف، ويكون مركزه أقل سماكةً من المحيط، ويتميز بوجود مثلثٍ يدعى المثلث المنير الذي يتوجه به الأطباء لسلامة غشاء الطبل. ^[1]

ما هي أسباب انثقاب غشاء الطبل؟

ينثقب غشاء الطبل في سياق الالتهابات، وخاصةً التهاب الأذن الوسطى لدى الأطفال، والرضوض على الرأس، والعوامل المُسبّبة لاختلاف الضغط على الأذن، ويُذكر من هذه العوامل: ^{[2] [3]}

1- الرياضات التي يتغير فيها الضغط الجوي، مثل: الغوص، والقيادة في المرتفعات، والطيران أو ركوب الطيارة، والتزلج بوجود أمواج البحر العالية.

2- أما الرضوض، فتأتي من الصدمات المباشرة على الأذن أو السقوط من مكانٍ شاهق مع صدمةٍ على الرأس.

3- ينثقب غشاء الطبل جرّاء نكش الأذن المستمر والجائر سواءً أكان بنكاشة الأذن أو أدواتٍ غير مخصصة، مثل: مشبك الشعر، والإبر، وغيرها.

4- الأصوات العالية، مثل: القنابل، والقذائف، والأسلحة الثقيلة، ويمكن أن يُثقب غشاء الطبل بسبب فرق الضغط العالي على طرفي الغشاء.

5- إن أكثر الأسباب احتمالاً لانثقاب غشاء الطبل لدى الأطفال هو التهاب الأذن الوسطى المصلي أو المزمن الذي تتجمع فيه السوائل خلف غشاء الطبل مما يؤهب لانثقابه.

6- تعمل بعض الأورام النادرة التي تنمو على حساب الأذن الوسطى على دفع غشاء الطبل، وتطبيق ضغطٍ عليه مما يؤدي لانثقابه.

ما هي الأعراض التي تظهر على مريض انثقاب غشاء الطبل؟

تتراوح الأعراض بين حالاتٍ لا عرضية وخفيفة إلى شديدة تستدعي التدخل الجراحي تبعاً لمساحة فتحة انثقاب غشاء الطبل، ففي الحالات التي تكون فيه الفتحة صغيرةً لا يشكو المريض من أي عرض، ويكتشف الانثقاب صدفةً خلال فحص الأذن.

أما إذا كانت الفتحة كبيرة، فتظهر على المريض بعض الأعراض والعلامات، مثل: الألم المفاجئ أثناء وبعد الضربة، ونقصٍ في السمع، وتكون قصة النقص مفاجئةً لم يشكُ منها المريض سابقاً، ويمكن أن يتعرض المريض لحالات اختلال التوازن بسبب التأثير على أعضاء التوازن في الأذن الداخلية.

بالإضافة إلى ذلك، قد يلاحظ المريض خروج سائلٍ من الأذن، ويكون السائل إما قيحياً أو مدمّىً (يترافق الدم مع القيح أو دم فقط)، ويشكو المريض في بعض الأحيان من صوتٍ مزعج يشبه صوت الصفارة منذ التعرض للضربة التي أدت لانثقاب، ويدعى الطنين (Tinnitus). ^{[3] [6]}

كيف يُستقصى عن انثقاب غشاء الطبل؟

يتوجه المريض إلى اختصاصي (أذن، أنف، حنجرة) TNE (Throat – Nose- Ear) لتشخيص انثقاب غشاء الطبل، وذلك بالخضوع لبعض الاستقصاءات والفحوص البسيطة، مثل: اختبارات الشوكة الرنانة لفحص السمع (Hearing tests)، وهما اختبارا ويبر (Weber)، ورينييه (Rinne) اللذان يفحصان جودة السمع بالطريقين العظمي والهوائي  على الشكل التالي: ^[6]

1- ويبر

توضع الشوكة الرنانة بعد ضربها لسطحٍ خشن، مثل: ركبة الطبيب على جبهة المريض، ويسأل الطبيب عن جهة سماع الاهتزازات، فإذا كان سمع المريض نفسه في الأذن اليمنى واليسرى معناه أن الاختبار سلبي أي طبيعي، أما في حال نقص السمع، فيتمّ السماع في جهة الإصابة بشكلٍ أقوى.

2- رينييه

توضع الشوكة الرنانة نفسها بعد ضربها بالركبة مجدداً على عظم الخشاء الموجود خلف صيوان الأذن، وبعدها توضع أمام الصيوان للمقارنة بين نقص السمع التوصيلي (الهوائي) أو المركزي (العصبي)، وفي حالة انثقاب غشاء الطبل يكون نقص السمع توصيلياً، وتُسمع الاهتزازات بشكلٍ أخفّ بالطريق الهوائي في الأذن المصابة.

3- اختبارات التوازن (Balance tests)

لا يستعملها اختصاصي الأذنية كثيراً إلا في حال قدوم المريض بشكايةٍ رئيسية تخصّ التوازن والمشي.

4- تنظير الأذن (Otoscope)

هو أنبوبٌ مرنٌ موصولٌ بكاميرا صغيرة توضع في الأذن عبر الصيوان لفحص شكل غشاء الطبل، وهو إجراءٌ هامٌّ، ولكنه مزعجٌ للمريض.

5- تخطيط السمع (Audiometry)

إجراءٌ مطلوبٌ لكل المرضى الخاضعين للجراحة، ويقوم به الطبيب باستخدام جهازٍ خاص في حال الشك بنتيجة اختبارات السمع السابقة.

كيف يُعالج انثقاب غشاء الطبل؟

إن أغلب الحالات تشفى عفوياً، ولا تحتاج لمعالجة، أما الأخرى التي تتطلب دعماً ومعالجة، فهي الثقوب كبيرة القطر نسبياً، والتي لم تشفَ تلقائياً بعد المراقبة لمدة شهرين، وتكون المعالجة دوائيةً أو جراحيةً مع التغطية بالصادات لتجنُّب الاختلاطات، مثل: التهاب الأذن الوسطى، وتكون خطوط المعالجة كالتالي: ^{[4] [5]}

– تعالج الحالات المتوسطة في العيادة الطبية بوضع شريحةٍ رقيقةٍ صنعية.

– أما الحالات الشديدة، فتعالج جراحياً في غرفة العمليات، وتكون بأخذ طعمٍ من المريض نفسه، وترقيع غشاء الطبل به، وتدعى العملية (Tympanoplasty) أي رأب الطبلة.

وينصح جميع المصابين بانثقاب غشاء الطبل تجنُّب النفخ، مثل: نفخ البالون، ومضغ اللبان، ووضع السماعات الأذنية، والابتعاد عن الأصوات العالية، ووضع طبقةٍ واقية، مثل: وضع سدادات الأذن المؤلفة من القطن والفازلين قبل الاستحمام لمنع تسرب المياه إلى الأذن الوسطى، كما ينصح بوضع كماداتٍ دافئة لتخفيف الألم، ويمكن تناول بعض مسكنات الألم، مثل: الباراسيتامول (Paracetamol)، والبانادول (Panadol).

في الحالات المهملة تكون المضاعفات خطيرة، مثل: التهاب الأذن الوسطى القيحي نتيجة وصول الجراثيم من الوسط الخارجي عبر الثقبة إلى الأذن الوسطى أو تطور نقصان السمع الذي يكون عادةً مؤقتاً إلى نقصان سمعٍ دائم، مما يؤثر سلباً على حياة المريض الاجتماعية، والعملية أو الدراسية.