تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي الغلوكوما؟

الغلوكوما أو الزرق (Glaucoma) مصطلحٌ عام يستخدم لوصف مجموعةٍ من الاضطرابات العينية التي تلحق الضرر بالعصب البصري الذي ينقل معلومات الرؤية من العين إلى الدماغ، ينتج التلف عادةً عن ارتفاع ضغط العين. ومع ذلك يمكن أن يحدث حتى مع ضغط العين الطبيعي، ويمكن للغلوكوما أن تظهر في أي عمر، ولكنها أكثر شيوعاً بين البالغين الأكبر سناً، وتعتبر ثاني أكبر سببٍ لحدوث العمى بعد مرض إعتام عدسة العين.

كما تعتبر الغلوكوما الشكل الأكثر شيوعاً لتلف العصب البصري الذي يؤدي لفقدان البصر، ففي معظم الحالات يتلف العصب البصري بشكلٍ تدريجي، وقد تسبّب الغلوكوما غير المعالجة أو التي لم تتمّ معالجتها بشكلٍ سليم إلى فقدان البصر الدائم أو العمى. ^{[1] [2]}

ما هي آلية حدوث الغلوكوما؟

يتمثل حدوث الغلوكوما بالآلية التالية، حيث يمتلئ الجزء الأمامي من العين عادةً بسائلٍ شفاف يدعى الخلط المائي، يوفر التغذية للأجزاء الموجودة بالجزء الأمامي من العين، حيث يتمُّ إنتاج هذا السائل باستمرار عبر الجسم الهدبي الذي يحيط بعدسة العين ثم يتدفق عبر الحدقة ليغادر العين عبر قنوات تصريفٍ صغيرة تسمّى الشبكة التربيقية، والتي تقع في زاوية تصريف العين، وتصل ما بين القرنية والقزحية.

عادةً ما تكون زوايا التصريف مفتوحةً على مصراعيها عند معظم الأشخاص، ولكن قد تكون ضيقةً عند بعضهم الآخر مسببةً ارتفاع الضغط داخل العين، أو قد يتمُّ إنتاج سائل الخلط المائي بكميةٍ كبيرة يصعب تصريفها، فيسبّب أيضاً ارتفاع الضغط داخل العين، والإصابة بأحد أنواع الغلوكوما. ^[3]

ما هي أنواع الغلوكوما؟

 تقسم الغلوكوما إلى سبعة أنواع مختلفة الأسباب والأعراض: ^{[1] [2] [3] [4]}

– الغلوكوما مفتوحة الزاوية.

– الغلوكوما مغلقة الزاوية.

– الغلوكوما مع ضغط عينٍ طبيعي.

– الغلوكوما عند الأطفال.

– الغلوكوما الصباغية.

– الغلوكوما التقشرية.

– الغلوكوما الثانوية.

ما هي أسباب حدوث الغلوكوما حسب أنواعها؟

أسباب حدوث الغلوكوما حسب أنواعها هي: ^{[1] [2] [3] [4]}

1- الغلوكوما مفتوحة الزاوية

وهي النوع الأكثر شيوعاً يحدث عندما يتراكم سائل الخلط المائي في قنوات تصريف العين، حيث تبدو القنوات مفتوحةً، وتعمل بشكلٍ طبيعي، ولكن على مدى أشهر أو عدة سنوات يمكن أن يتراكم السائل في العين، ويضغط على العصب البصري، مما يسبّب ارتفاعاً بطيئاً وتدريجياً في ضغط العين.

2- الغلوكوما مغلقة الزاوية

يظهر هذا النوع بشكلٍ مفاجئ وحاد، ويحدث عندما تكون الزاوية بين القرنية والقزحية ضيقةً جداً أو قد يحدث أيضاً عندما تتغير حدقة العين، وتصبح القزحية بارزة، مما يؤدي إلى سدّ قنوات التصريف بشكلٍ جزئي أو كلي، فيمنع سائل الخلط المائي من مغادرة العين، مما يؤدي لارتفاع الضغط داخل العين.

3- الغلوكوما مع ضغط عين طبيعي

يحدث في هذا النوع تلفٌ للعصب البصري مع وجود ضغطٍ طبيعي داخل العين، وتعتبر ذات سببٍ مجهول، حيث إنها قد تحدث نتيجة كون العصب البصري حساساً أو يعاني انخفاضاً في كمية الدم المتدفقة إليه لأسباب عديدة تضرُّ بالدورة الدموية، كالإصابة بمرض التصلب الشرياني.

4- الغلوكوما عند الأطفال

أو تدعى الغلوكوما الخلقية، حيث يولد بعض الأطفال بقنوات تصريفٍ في العين لا تتشكل بشكلٍ سليمٍ وصحيح داخل الرحم أو قد يصاب بها الطفل خلال سنوات حياته الأولى، ويمكن لانسداد قنوات التصريف أو التعرض للجروح أن يسبّب تلف العصب البصري، وارتفاع ضغط العين.

5- الغلوكوما الصباغية

تحدث نتيجة انسداد قنوات التصريف بواسطة حبيبات الصباغ الصغيرة، فتبطئ خروج سوائل الخلط المائي أو تمنعه تماماً من الخروج من العين، تعمل بعض الأنشطة مثل الركض في بعض الأحيان على تحريك حبيبات الصباغ، مما يؤدي إلى ترسُّبها على الأنسجة الموجودة في الزاوية التي تلتقي فيها القزحية والقرنية، فيسبّب ارتفاع ضغط العين.

6- الغلوكوما التقشرية

نوعٌ من أنواع الغلوكوما الذي يمكن أن يحدث بزاويةٍ مغلقةٍ أو مفتوحة، تتميز بوجود رواسب من المواد القشرية على السطح الأمامي للعدسة وفي زاوية العين، ويعتقد أن تراكم هذه المادة في الزاوية يسدُّ نظام تصريف العين، ويرفع الضغط أيضاً.

7- الغلوكوما الثانوية

تحدث عندما تسبُّب حالةً مرضيةً أخرى حدوث ارتفاع في ضغط العين، كإعتام عدسة العين أو مرض السكري، كما قد تحدث بسبب الالتهابات ضمن القزحية، والتي تسبّب رؤية الهالات.

ما هي أعراض الغلوكوما حسب أنواعها؟

أعراض الغلوكوما حسب كل نوع من أنواعها هي: ^{[1] [2] [4]}

1- الغلوكوما مفتوحة الزاوية

لا تظهر الأعراض بشكلٍ مبكر، والعلامة الرئيسية لحدوثها هي فقدان الرؤية الجانبية أو المحيطية بشكلٍ تدريجي، كما قد تحدث صعوبةٌ في رؤية الأشياء الواقعة في مجال الرؤية المركزية في المراحل التالية من المرض.

2- الغلوكوما مغلقة الزاوية

صداعٌ شديد، ألم شديد في العين، غثيان وتقيؤ، تشوش الرؤية، احمرار العين، رؤية هالات سوداء أو حلقات ملونة حول الأضواء، ضبابية العين.

3- الغلوكوما مع ضغط عين طبيعي

لا تظهر أعراض في المراحل المبكرة، يظهر تشوّشٌ تدريجيٌّ بالرؤية، وقد يحدث فقدان الرؤية الجانبية في المراحل التالية أو المتأخرة من المرض.

4- الغلوكوما عند الأطفال

خمول العين أو تغيّمها، زيادة الرَّمش في العين، دموع دون بكاء، تشوش الرؤية، صداع، قصر نظر يتفاقم مع مرور الوقت، حساسية الضوء، تشنُّج الجفن، التحديق أو إبقاء العين مغلقة معظم الوقت.

5- الغلوكوما الصباغية

هالات حول الأضواء، عدم وضوح الرؤية خاصةً عند ممارسة الرياضة، فقدان تدريجي للرؤية الجانبية.

ما هي العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض الغلوكوما؟

العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض الغلوكوما تشمل ما يلي: ^{[1] [3] [4]}

– ارتفاع الضغط داخل العين.

– تجاوز 55 من العمر.

– وجود إصابةٍ سابقة للغلوكوما في العائلة باعتبار أنه يمكن أن يصنّف كمرضٍ وراثي.

– الإصابة بأمراض معينة، كالسكري، والشقيقة، وارتفاع ضغط الدم، وفقر الدم المنجلي.

– ترقُّق القرنية من المنتصف.

– الإصابة بقصر أو طول النظر الشديدين.

– الإصابة بجرحٍ ما في العين أو التعرض لبعض أنواع عمليات العيون.

– تناول أدوية الكورتيكوستيروذات، وخاصةً قطرات العين لفتراتٍ طويلة.

– وجود زوايا تصريف ضيقة.

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بمرض الغلوكوما؟

يوجد عدد من الاختبارات التي يمكن استخدامها من أجل تشخيص الإصابة بمرض الغلوكوما منها: ^{[2] [3] [4] [5]}

1- قياس ضغط العين أو ما يدعى بقياس توتر العين.

2- فحص مناطق فقدان البصر أو ما يطلق عليه باختبار مجال الرؤية.

3- فحص قياس سماكه القرنية.

4- فحص العين الموسعة، وهو توسُّع حدقة العين، ورؤية العصب البصري في الجزء الخلفي من العين.

5- تنظير الزوايا، حيث يتمُّ فحص الزاوية التي تلتقي فيها القزحية والقرنية.

6- فحص المصباح الشقي، ويستخدم لفحص الجزء الداخلي من العين، وهو عبارةٌ عن مجهرٍ خاص.

7- اختبار حدة البصر عبر إجراء مخططاتٍ للعين للتحقُّق من حدوث فقدان للبصر.

8- قياس المحيط للتحقُّق من التغيرات في الرؤية المحيطية.

9- أنظمة المسح بالليزر متحد البؤر، والتصوير المقطعي التوافقي البصري، وهي أنظمة تصويرٍ غير جراحية تقوم بإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد للعصب البصري وشبكية العين لتقييم درجة الحجامة، وسماكة طبقة الألياف العصبية الشبكية، وطبقة الخلايا العقدية لتقييم حجم العين بشكلٍ أفضل، وتحديد وجود تلفٍ في العين في جميع أنواع الغلوكوما.

كيف يتمُّ علاج مرض الغلوكوما؟

يعتمد علاج مرض الغلوكوما على خفض ضغط العين، والذي يشمل خياراتٍ عديدة، منها: استخدام قطرات العين الموصوفة طبياً، أو الأدوية الفموية، أو العلاج بالليزر، أو الجراحة، أو مزيج من الوسائل السابقة. ^{[3] [4] [5]}

1- استخدام قطرات العين الموصوفة طبياً

يوجد عدد من القطرات العينية المستخدمة في علاج مرض الغلوكوما، تعمل على تقليل تكوين سائل الخلط المائي أو تزيد تدفقه، وتحسن تصريفه، مما يخفض ضغط العين، وغالباً ما يتمّ بدء العلاج بها، ومن هذه القطرات:

البروستاغلاندينات

التي تزيد من تدفُّق سائل الخلط المائي إلى خارج العين، مما يساعد على تقليل ضغط العين، ومنها لاتانوبروست (Latanoprost)، ترافوبروست (Travoprost)، تافلوبروست (Tafluprost)، لاتانوبروستين بونود (Latanoprostene Bunod).

حاصرات مستقبلات البيتا

تعمل هذه الأدوية على تقليل إفراز سائل الخلط المائي من العين، مما يقلل ضغط العين، ومنها: بيتاكسولول (Betaxolol)، وتيمولول (Timolol).

منبهات الأدرينالين

تعمل على تقليل إنتاج سائل الخلط المائي في العين عبر زيادة تدفقه إلى خارج العين، ومنها الابركلونيدين (Apraclonidine)، والبريمونيدين (Brimonidine).

مثبطات الانهيدراز الكربونيك

تعمل عن طريق تقليل إنتاج سائل الخلط المائي في العين، ومنها: دروزولاميد (Drozolamide)، وبرينزولاميد (Brinzolamide).

القطرات العينية الحاوية على مركباتٍ مقبّضةٍ لحدقة العين

والتي تزيد من تدفُّق سائل الخلط المائي لخارج العين، ومنها: البيلوكاربين (Pilocarpin).

2- الأدوية الفموية

قد لا تؤدي القطرات العينية بمفردها لخفض ضغط العين إلى المستوى المطلوب، لذا يمكن للطبيب أن يضيف دواءً آخر يتمُّ تناوله عن طريق الفم، مثل: الأسيت زولاميد (Acetazolamide)، والميتازولاميد (Methazolamide).

3- العلاج بالليزر

يساهم العلاج بالليزر في زيادة تدفُّق سائل الخلط المائي من العين في حال كانت الغلوكوما مفتوحة الزاوية أو إيقاف انسداد قنوات التصريف بالسوائل إذا كانت الغلوكوما مغلقة الزاوية، ويضمُّ العلاج بالليزر ثلاث خيارات هي:

● رأب التربيق بالليزر: هو أحد الخيارات المتاحة في حال عدم تحمل قطرات العين أو عدم نجاح الدواء في إبطاء تقدم المرض، ويمكن للطبيب أن يلجأ له قبل قطرات العين أيضاً، يتمُّ عبر استخدام شعاع ليزرٍ صغيرٍ لتحسين تصريف السائل الموجود في الزاوية التي تلتقي فيها القزحية بالقرنية (زوايا التصريف)، قد يستغرق الأمر عدة أسابيع قبل أن يظهر التأثير الكامل للعملية.

● بضع القزحية: إجراء ثقبٍ صغيرٍ في القرنية للسماح لسائل الخلط المائي بالتدفُّق بحرية أكبر.

● التخثير الوريدي: علاج يستخدم في المناطق الوسطى من العين لتقليل إنتاج سائل الخلط المائي فيها.

4- استخدام الجراحة لعلاج الغلوكوما

وتشمل خيارات الجراحة:

● جراحة الترشيح أو الجراحة المجهرية: إجراءٌ جراحيٌّ يطلق عليه استئصال التربيق، حيث يقوم الطبيب بصناعة فتحةٍ في صلبة العين، فتشكل مخرجاً آخر لسائل الخلط المائي لكي يغادر العين، وقد تسبّب هذه الجراحة حدوث العدوى، أو النزيف، أو فقدان البصر بشكلٍ مؤقتٍ أو دائم.

● أنابيب التصريف: يُدخل جراح العيون أنبوباً صغيراً في العين لتصريف سائل الخلط المائي الزائد من أجل تخفيف الضغط عن العين.

● جراحة الغلوكوما طفيفة التوغل: مخاطرها أقل من الجراحات السابقة، وتساعد في خفض ضغط العين، وغالباً ما تجرى بالتزامن مع جراحة الساد، وهي جراحة إزالة المياه البيضاء من العين.