تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعتبر الاختلاج الحروري (Febrile Convulsion) حالةً شائعةً جداً عند الأطفال حيث يعاني طفلٌ من أصل كل 20 طفل من اختلاجٍ حروريٍّ لمرّةٍ واحدة على الأقلّ، ويُصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر إلى 5 سنوات، ولا يُعتبر الاختلاج الحروري صرعاً، ولا يُسبّب أذيّةً دماغيةً، أو اضطراباتٍ تعليمية، أو فكرية، أو سلوكية في معظم الحالات، لكن حوالي 2,5 إلى 5 بالمئة من الأطفال الذين أصيبوا باختلاجاتٍ حروريةٍ معقّدة سوف يصابون بالصرع لاحقاً.

وحوالي 30 بالمئة من الرضع وصغار الأطفال الذين تعرضوا لنوبةٍ واحدةٍ من الاختلاج الحروريّ سوف يتعرضون لنوبةٍ أخرى في وقتٍ لاحق. ^{[1] [2]}

ما الفرق بين النوبة، والاختلاج، والصرع؟

1- النوبة (Seizure)

ظاهرةٌ اشتداديةٌ (انتيابيةٌ) مفاجئةٌ بسبب انفراغاتٍ كهربائيةٍ غير طبيعية في قشرة الدماغ، قد تكون مترافقةً مع فقدان الوعي، ويمكن أن تؤثر على المهارات الحركية، وأنماط الكلام، وحتى على وظائف الجسم الأساسية.

2- الصرع (Epilepsy)

مرضٌ عصبيٌّ مزمنٌ يتميز بتكرر حدوث النوب بشكلٍ عفويٍّ من دون وجود محرّضٍ (أكثر من نوبتين بفارق أكبر من 24 ساعة)، ويمكن أن يترافق مع تغيراتٍ في الحركة، أو السلوك، أو الإحساس، أو الإدراك.

3- الاختلاج (Convulsion)

تقلُّصاتٌ عضليةٌ لا إرادية يمكن أن تستمر لبضع ثوانٍ أو عدّة دقائق، ويمكن أن تحدث التشنُّجات في جزءٍ معينٍ من الجسم أو تؤثر على كامل الجسم، قد يترافق مع اضطراب في الوعي، وقد يكون الاختلاج أحد أعراض مرض الصرع، لكن قد يحدث اختلاج عند الطفل دون أن يكون مصاباً بالصرع، فقد يكون عرضاً لحالاتٍ مرضيةٍ أخرى، مثل: ارتفاع درجة الحرارة، أو نقص سكر الدم الحاد، أو التهاب السحايا والدماغ، أو اضطراب شوارد الدم. ^{[2] [4]}

ما هو الاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

الاختلاج الحروريُّ هو اختلاجٌ مترافقٌ مع ارتفاع درجة حرارة الطفل إلى أعلى من 38 درجة مئوية، وذلك بشرط ألا يكون سبب الحرارة هو إنتانٌ في الجملة العصبية المركزية، ومن دون وجود سوابق حدوث نوبٍ اختلاجيةٍ غير حرورية عند الطفل، ويُصيب الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر إلى 5 سنوات مع وجود خطرٍ كبيرٍ للإصابة بين عمر 12 و18 شهر، وقد يكون الاختلاج الحروريُّ بسيطاً أو معقداً. ^{[5] [6]}

1- الاختلاجُ الحروريُّ البسيط

هو الأشيع حيث إن ثمانية من أصل كل 10 حالات اختلاجٍ حروريٍّ تكون من النوع البسيط، ويستمر أقلّ من 15 دقيقة، ويكون الاختلاج مُعمّماً (يشمل كامل الجسم)، ويحدث مرةً واحدةً في اليوم، ولا يوجد علامات عصبية عند الطفل بعد النوبة.

2- الاختلاجُ الحروريُّ المُعقّد

يكون أقل شيوعاً، وتستمر النوبة أكثر من 15 دقيقة أو يحدث تكرار عدة نوب خلال أقل من 24 ساعة، ويكون الاختلاج جزئياً (أي يحدث في جزءٍ من الجسم)، ويوجد علامات عصبية عابرة تالية للنوبة.

ما أعراض الاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

تحدث نوبة الاختلاج الحروريّ عندما تكون درجة الحرارة 38 درجة مئوية أو أكثر، وخلال النوبة يحدث تقلُّصات عضلية لا إرادية قد تكون مُعمّمة أو جزئية، وتترافق مع شخوصٍ في العينين (تدوير لا إرادي لمُقلة العين نحو الأعلى)، وقد يحدث خروج زبدٍ من الفم، كما قد يحدث غيابٌ عن الوعي، وقد تترافق النوبة مع زرقةٍ أو شحوبٍ، وقد يحدث توقُّف تنفس، كما قد يحدث تبوّل أو تبرّز لا إراديّ أثناء النوبة بسبب فقدان السيطرة على المثانة والأمعاء. ^{[1] [7]}

ما هي أسباب الإصابة بالاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

إن أسباب حدوث نوب الاختلاج الحروريّ غير معروفةٍ بشكلٍ واضح، وقد يلعب العامل الوراثي والاستعداد الجيني عند الطفل دوراً في زيادة احتمال حدوث الاختلاج الحروريّ لديه، ويحدث الاختلاج الحروريّ عند ارتفاع درجة الحرارة إلى درجةٍ أعلى من درجة حرارة الجسم، وليس بالضرورة أن تكون درجة الحرارة عاليةً جداً لكي يحدث الاختلاج الحروريّ، وتترافق الحرارة إما مع العدوى (من منشأ خارج الجهاز العصبي المركزي) أو مع اللقاح: ^[7]

1- العدوى:

غالباً ما يترافق الاختلاج الحروريّ مع الإنتانات الفيروسية، مثل: (فيروس الإنفلونزا، أو فيروس جدري الماء، أو الفيروس المسبب للطفح الوردي)، وبشكل أقل تحدث نوبات الاختلاج مع العدوى الجرثومية.

2- اللقاح:

اللقاح بحدّ ذاته لا يُسبّب الاختلاج الحروريّ، وإنما تُسبّبه الحمّى التالية لإعطاء اللقاح مثل: (لقاح الكُزاز، أو الحصبة، والحصبة الألمانية، والنكاف، أو لقاح السعال الديكي).

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بالاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

1- يتمُّ تشخيص الإصابة بالاختلاج الحروريّ عند الأطفال بعد استبعاد الأسباب المرضية المُحتملة الأخرى للاختلاج.

2- الاختلاج الحروريّ البسيط لا يحتاج إلى فحوصٍ إضافيةٍ عادة، وإنما فقط تحاليل مخبرية وشعاعية لتحديد مصدر الحمّى مثل: (تحاليل دموية، فحص بول، صورة صدر).

3 – يتمُّ إجراء الاختبارات التشخيصية في حال وجود اختلاجٍ حروريّ مُعقّد، أو عجزٍ عصبي، أو شكٍّ بوجود التهاب سحايا.

 ما هي الإجراءات التشخيصية؟

1- بزل السائل الدماغي الشوكي: يتمُّ عند الأطفال الرضع لاستبعاد التهاب السحايا والدماغ، وعند الأطفال الأكبر سناً الذين لديهم علامات سحائية تدلُّ على وجود تثبيطٍ على مستوى الجهاز العصبي المركزي أو في حال حدوث الاختلاج بعد عدة أيام من بدء الحرارة، كما يتمُّ إجراؤه للأطفال الذين لم يتلقوا كامل لقاحاتهم أو كانوا يأخذون صادّات حيوية.

يتمُّ إجراء التحاليل التالية لاستبعاد الاضطرابات الاستقلابية في حال وجود إقياء، أو إسهال، أو نقص الوارد من السوائل، أو علامات تجفاف، أو وجود وذمات، وتشمل تحليل سكر الدم، الصوديوم، الكالسيوم، المغنيزيوم، الفوسفور، وظائف الكبد، الكلية.

2- تخطيط الدماغ الكهربائي: لا يتمُّ إجراؤه في حال الاختلاج الحروريّ البسيط، وإنما يتمُّ في حال وجود نوبٍ اختلاجيةٍ جزئية أو متكررة.

3- التصوير بالرنين المغناطيسي: ذلك في حال وجود اضطراباتٍ عصبيةٍ بؤرية أثناء الفحص، أو وجود نوبٍ اختلاجية جزئية، أو وجود عجزٍ عصبيّ تالٍ للنوبة، أو وجود تأخُّر تطوُّر روحي حركي عند الطفل. ^{[5] [8]}

كيف يتمُّ علاج نوب الاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

1- الاختلاج الحروريّ البسيط

1- عادةً لا تحتاج نوب الاختلاج الحروريّ البسيطة إلى علاج، وعادةً تستمر دقائق قليلة، ويشفى الأطفال منها بسرعة.

2- إعطاء الأدوية الخافضة للحرارة أثناء الحمّى، مثل: الباراسيتامول (Paracetamol)، والإيبوبروفن (Ibuprofen)، لكن هذه الأدوية لا تمنع حدوث النوبة.

2- الاختلاجُ الحروريُّ المُعقّد

1- غالباً ما تحتاج نوب الاختلاج الحروريّ المُعقّد إلى علاجٍ دوائيّ لإيقاف النوبة، كما يتمُّ وصف ديازيبام (Diazepam) للاستخدام المنزلي، ويُعطى عن طريق الشرج مع تعليم الوالدين كيفية إعطائه، وذلك في حال استمرار النوبة أكثر من 5 دقائق أو حدوث أكثر من نوبة خلال 24 ساعة. ^[8]

2- نادراً ما تستخدم الأدوية المضادة للاختلاج بشكلٍ يومي للطفل، ففي معظم الحالات يكون ذلك غير ضروري. ^{[2] [7]}

كيف يجب التعامل مع الطفل أثناء نوبة الاختلاج الحروريّ؟

من المهمّ أن يبقى الأبوان هادئان، ولا يشعران بالخوف والذعر، ومن المفيد اتباع النصائح التالية: ^{[6] [7] [8]}

1- التأكُّد من أن الطفل بأمان، وذلك بوضعه على الأرض، وإبعاد الأشياء التي قد يصطدم بها، كالأثاث مثلاً.

2- عدم هزّ الطفل، أو صفعه، أو تقييده.

3- عدم إعطاء أي شيء للطفل عن طريق الفم أثناء نوبة الاختلاج.

4- وضع الطفل بوضعية الاضطجاع الجانبي، فذلك سوف يُخفّف من فرصة حدوث الإقياء، ويبقى مجرى الهواء مفتوحاً.

5- مراجعة الطبيب أو المستشفى مباشرةً بعد انتهاء النوبة.

6- الاتصال بالإسعاف في حال استمرار النوبة أكثر من ٥ دقائق لأنه غالباً سيحتاج لأدوية لإيقاف النوبة، أو في حال كانت النوبة تحدث لأول مرة، أو في حال وجود صعوبةٍ في التنفس أثناء النوبة، أو في حال وجود صلابةٍ في العنق أو حدوث إقياء.

ما هي عوامل الخطر لتكرار الإصابة بنوب الاختلاج الحروريّ عند الأطفال؟

حوالي 1من أصل كل 3 أطفال أصيبوا بنوبة اختلاجٍ حروريّ سوف يصابون بنوبةٍ أخرى لاحقاً، وغالباً سيحدث ذلك خلال سنة من الإصابة بالنوبة الأولى. وتشمل عوامل الخطر لتكرار النوب: ^{[7] [8]}

1- حدوث النوبة الأولى من الاختلاج الحروريّ قبل أن يبلغ الطفل 18 شهر من العمر.

2- يوجد تاريخ عائلي للإصابة بالاختلاجات أو الصرع.

3- حدوث الاختلاج الحروري مع درجة حرارةٍ منخفضة.

4- في حال كانت مدة المرض المُسبّب للحمّى قصيرةً قبل حدوث النوبة الأولى أو حال كان الاختلاج الحروري هو أول التظاهرات السريرية للمرض المُرافق.