Skip links
حرف الضاد باللغة العربية مرسوم بشكل كبير وفوقه مكتوب جملة اللغة العربية

نشأة اللغة – ما هي اللغة التي تكلم بها آدم؟

الرئيسية » المقالات » اللغة العربية » نشأة اللغة – ما هي اللغة التي تكلم بها آدم؟

ما هو تعريف اللغة؟

تُعرّف اللغة بأنها وسيلة التواصل والتفاهم بين البشر، فمنذ أن خلق الله عزّ وجل سيدنا آدم عليه السلام زوّده بهذه الأداة المعرفية حتى يتمكن من معرفة ووعي كل ما يدور حوله في الحياة، والتواصل مع غيره لتكوين حياته الاجتماعية، وجعله متميزاً عن سائر المخلوقات، قال تعالى: “وعلَّم آدم الأسماء كلَّها ثم عرضهم على الملائكة، فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين” {البقرة 31}.  

يُعرِّف ابن جني اللغة قائلاً: “حدُّ اللغة أصواتٌ يُعبِّر بها كل قومٍ عن أغراضهم”، وهذا تعريفٌ دقيقٌ يذكر كثيراً من الجوانب المميزة للغة، حيث أكَّد ابن جني أولاً الطبيعة الصوتية للغة، كما ذكر وظيفتها الاجتماعية في التعبير، ونقل الفكر، وذكر أيضاً أنها تُستخدم في مجتمع، فلكل قومٍ لغتهم. [1]

ما هي آراء المستشرقين في بدايات اللغة وتطورها؟

لقد بحث المستشرقون في هذا الموضوع، ولا يزالون يبحثون فيه؛ فمنهم من وجد أن العبرانية أقدم اللغات السامية، وأقربها عهداً باللغة الأم، ومنهم من رأى أن العربية على حداثة عهدها جديرةٌ بالدراسة والعناية، لأنها تحمل جرثومة السامية، ومنهم من رأى القِدَم للآشورية أو البابلية.

وفي المجمل لم يدّعٍ أحدٌ من المستشرقين أنه توصل إلى تشخيص لغة سام، وتمكن من معرفة اللغة التي تحدث بها مع أبيه نوح أو مع أبنائه الذين نسلوا هذه السلالات السامية، وكان من جملة العوامل التي ألهبت نار الحماسة في نفوس علماء التوراة والساميات للبحث عن اللغة السامية الأولى أو أقرب لغة سامية إليها في القصص الوارد في التوراة عن سام وعن لغات البشر، وبابل ولغاتها، والطوفان، وما شاكل ذلك.

وقد وجد المستشرقون المعاصرون أن البحث في هذا الموضوع ضربٌ من العبث، لأن هذه اللغات السامية الباقية حتى الآن هي محصول سلسلةٍ من تطورات وتقلّبات لا تُحْصَى مرّت بها حتى وصلت إلى مرحلتها الحاضرة، كما أنها حاصل لغاتٍ ولهجاتٍ منقرضة.

ما هي اللغة السامية القديمة؟

اللغة السامية القديمة لم تكن إلا لغةً محكيةً زالت من الوجود، دون أن تترك أثراً، ومن الجائر أن يهتدي العلماء في المستقبل إلى لغاتٍ أخرى، كانت عقداً بين اللغات السامية القديمة التي لا نعرف من أمرها شيئاً، وبين اللغات السامية المعروفة، والأفضل دراسة اللغات السامية والموازنة بينها لمعرفة المشتركات والأصول.

ما هي أنسب اللغات لدراسة بدايات اللغة ونشأتها؟

إن هنالك جماعةٌ من المستشرقين ترى أن اللغة العربية على حداثة عهدها بالنسبة إلى اللغات السامية الأخرى، هي أنسب اللغات السامية الباقية للدراسة وأكثرها ملاءمةً للبحث، لأنها لغة لم تختلط كثيراً باللغات الأخرى، ولم تتصل باللغات الأعجمية قبل الإسلام، فبقيت في مواطنها المعزولة صافيةً، أو أصفى من غيرها في أقل الأحوال، ثم إنها حافظت على خواص السامية القديمة، مثل: المحافظة على الإعراب على حين فقدت هذه الخاصة المهمة أكثر تلك اللغات. هذه الأسباب وغيرها تجعل دراسة اللغة العربية تفيد كثيراً في الوقوف على خصائص السامية القديمة ومزاياها.

ما هي اللغة التي تكلم بها آدم عليه السلام؟

شغل العلماء أنفسهم بموضوع نشأة اللغة، وما هي اللغة الأولى التي تكلم بها سيدنا آدم أبو البشر، والتي تفرعت منها كل اللغات حتى يومنا هذا، وقد سبق لليهود والنصارى أن بحثوا في هذا الموضوع أيضاً، وقد ذهب علماء العرب إلى أن اللغة العربية هي اللسان الأول، أي لسان آدم عليه السلام، وحتى لغة أهل الجنة، إلا أنها حُرِّفت بتطاول الزمن عليها.

حيث قالوا: “كان اللسان الأول الذي نزل به آدم من الجنة عربياً، إلى أن بَعُد العهد وطال، فحُرِّف وصار سريانياً، وهو يُشاكل اللسان العربي إلا أنه محرَّف”، وقد أدركوا ما أدركه غيرهم من وجود قرابةٍ بين العربية والسريانية، فقال المسعودي: “وإنما تختلف لغات هذه الشعوب اختلافاً يسيراً”، أي شعوب جزيرة العرب. [2]

ما الفرق بين اللغة التوقيفية والاصطلاحية؟

اللغة التوقيفية هي الوحي والإلهام الذي لا يد للإنسان في نشأته، فقد أوحى الله عزّ وجل بهذه اللغة لسيدنا آدم عليه السلام، أما اللغة الاصطلاحية، فهي المصطلحات التي اتفق عليها الناس لتسمية الأشياء بأسماء محددة يضعونها، ويتناقلونها فيما بينهم.

ما هي آراء بعض علماء العرب في كون اللغة توقيفية أم اصطلاحية؟

● ابن فارس

يرى ابن فارس في كتابه (الصاحبي) أن اللغة توقيفية من عند الله علمها لآدم عن طريق الوحي أو الإلهام بأن علمه الله عزَّ وجلّ ما شاء أن يعلمه إياه مما احتاج إلى علمه في زمانه، ثم علم بعد آدم من الأنبياء صلوات الله عليهم نبياً نبياً ما شاء الله أن يعلموا حتى انتهى الأمر إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فآتاه الله من ذلك ما لم يؤته لأحد قبله زيادةً على ما أحسنه من اللغة المتقدمة وتكملةً له، ثم قرَّ الأمر قراره، فلم نعلم لغةً وُجِدَت بعد ذلك. [3]

● ابن جني

وهو من علماء المعتزلة الذين كانوا ينادون باصطلاحية اللغة اعتماداً على الحجج المنطقية، وقد ظهر تردّده واضحاً ما بين اصطلاحية اللغة وتوقيفها، حيث يقول في كتابه (الخصائص): “وقد تقدّم في أول الكتاب القول على اللغة أتواضعٌ هي أم إلهام؟ وحكينا وجوّزنا في الأمرين جميعاً، وكيف تصرفت الحال، وعلى الأمرين كان ابتداؤها، فإنها لابدّ أن يكون وقع في أول الأمر بعضها ثم احتيج بعد إلى الزيادة عليه لحضور الداعي إليه، فزيد فيه شيئاً فشيئاً..”

● أهل التحقيق

قال أَهلُ التحقيق من أَصحابنا: “لابدَّ من التوقيف في أَصل اللغة الواحدة، لاستحالة وقوع الاصطلاح على أَوّل اللغات، من غير معرفةٍ من المُصطلِحين بِعَيْن ما اصطلحوا عليه، وإِذا حصل التوقيف على لغةٍ واحدة، جاز أَن يكون ما بعدها من اللغات اصطلاحاً، وأَن يكون توقيفاً، ولا يُقْطَع بأَحدهما إِلا بدلالة”. [3] [5]

● الزبيدي

عالج الزبيدي اختلافات علماء العرب حول كون اللغة توقيفية أو اصطلاحية، أو توقيفية في بعض، واصطلاحية في بعضها الآخر، أو في بعض مراحل نشأتها. وقد رجَّح الزبيدي بعد مناقشة الآراء النظرية التوقيفية بلغةٍ واحدةٍ بدائية، فمثلاً في ضوء ما قاله الصحابة: “إن أول لغة للعالم هي العربية، تكلم بها آدم عليه السلام في الجنة، ثمَّ السريانية.

وبعد طوفان نوح عليه السلام بقيت اللغة العربية عند بعض من تبقى في السفينة، وهو جُرْهُم، ثم تناقل أولاده العربية إلى أن اتخذها إسماعيل عليه السلام لغةً له، وهذه هي لغة قريش التي نزل بها القرآن الكريم، فالعربية في بادئ الأمر كانت توقيفاً وإلهاماً من الله تعالى على آدم عليه السلام، ولكن اللغات التي نشأت فيما بعد هي اصطلاحية وتناقلية من واحدٍ إلى آخر، ومن جيلٍ إلى جيل، ومن بلادٍ إلى بلاد أخرى، مع بعض الخلافات المتواجدة في اللهجات والأصوات، والمخارج لاختلاف البيئة والمجتمع. [3] [4] [5]

المراجع البحثية

1- الحجازي محمود فهمي. (n.d.). اللغة والحياة اللغويةVersion. المكتبة الشاملة). In علم اللغة العربية (p. 9). دار غريب. Retrieved April 8, 2023

2- علي جواد. (1422). صلات العرب بالساميين اللغة السامية الأم Version.. المكتبة الشاملة). In المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام (pp. 265 -جزء.1 دار الساقي للطباعة. Retrieved April 7, 2023

3- الزبيدي المرتضى. (n.d.). المقصد الأَول في بيان أَن اللغة هل هي توقيفية أَو اصطلاحية Version. مكتبة مدرسة الفقاهة). In تاج العروس من جواهر القاموس (pp. 53–54 جزء1. Retrieved April 8, 2023

4- الزبيدي مرتضى. (2022). المقصد الأول في بيان اللغة توقيفية أم اصطلاحية. Version دار الكتب العلمية-بيروت). In الندوي د. قمر شعبان (Ed.), مرتضى الزبيدي معجمياً (p. 132). دار الكتب العلمية-بيروت. Retrieved April 8, 2023

5- عادل مصطفى. (n.d.). نشأة اللغة توقيف أم اصطلاحVersion (2021). In مغالطات لغوية (pp. 56–57). Hindawi Foundation. Retrieved 2024

This website uses cookies to improve your web experience.