Skip links
رسمة توضيحية لشخص ينظر الى الصحون الطائرة في الفضاء

مفارقة فيرمي – ماهي وماعلاقتها بمعادلة دريك

الرئيسية » المقالات » الفضاء » مفارقة فيرمي – ماهي وماعلاقتها بمعادلة دريك

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

بينما تتسارع جهود البشرية لتحقيق حلم بناء مستوطناتٍ على كواكب أخرى غير كوكبنا الأرضي، قد يتبادر للأذهان سؤالٌ آخر، هل تواجدت حضاراتٌ أخرى في هذه الكواكب، وهذه المجرّة، أو حتى في هذا الكون؟ غالباً ما تكون الإجابة المُعتادة هي أن الجنس البشري هو الحضارة الوحيدة القادرة على التفكير، والتي تسكن في هذا الكون الفسيح، ولكن هل يوجد دليلٌ قاطعٌ ينفي وجود أي حضارةٍ أخرى في الكون عبر مليارات السنين الضوئية؟

ما هي مفارقة فيرمي؟

مفارقة فيرمي (Fermi paradox) هي مفارقةٌ ولدت في عام 1950 عندما سأل العالم الفيزيائي إنريكو فيرمي Enrico Fermi مجموعةً من زملائه على طاولة الغداء بكل بساطة: أين الجميع؟ في تلك اللحظة ساد الصمت بين زملائه لأن الإجابة ليست معروفة، فافتراض أنه لا يوجد أحد في الكون سوى البشر يعدُّ من الافتراضات غير المُثبتة.

وبالنظر إلى أن هذا الكون الضخم يحتوي على مليارات الكواكب والمجموعات النجمية، فهل من المؤكد أنه لا يوجد أي كوكبٍ في أي مجموعةٍ نجميةٍ يمتلك مقومات الحياة الكافية، حتى لو كان كوكباً واحداً فقط غير الأرض. مفارقة فيرمي في ذلك الوقت كان الهدف منها أيضاً مناقشة جدوى السفر بين النجوم إذا أصبح ذلك ممكناً للبشر في يومٍ ما، فهل يوجد في الكون أي حضارةٍ أخرى كي نسافر إليها ونستكشفها؟

من أحد المعوقات التي يجب التنويه إليها هي أن مجموعتنا الشمسية وحضارتنا البشرية لا تزال فتيةً جداً (عمر المجموعة الشمسية يقدَّر بحوالي 4.5 مليار سنة ضوئية مقارنةً بالعمر التقديري للكون بحوالي 13.8 مليار سنة ضوئية)، مما قد يفتح المجال لإمكانية وجود حضاراتٍ أخرى سكنت هذه المجرة قبل أن تولد حضارتنا أصلاً. توفي العالم فيرمي في عام 1954 إلا أن مفارقته كانت الحجر الأساس في إنشاء النظريات الأساسية، والتي تناقش وجود حياة الفضائيين، وذلك من خلال معادلة دريك ومقياس كارداشيف. [1]

ما هي معادلة دريك Drake equation؟

بعد عدة سنواتٍ من ظهور نظرية فيرمي استمر البحث عن السؤال الذي طرحته، ليتمّ طرح الافتراض الحسابي من قبل مجموعة علماء أمريكان على رأسهم العالم الأمريكي فرانك Frank Drake، حيث نصَّ افتراضهم على المعادلة الحسابية الآتية:

N = R × fp × ne × fl × fi × fc × L

وهذه المعادلة يمكن من خلالها حساب عدد الحضارات التي قد يتمُّ إنشاؤها ضمن مجرةٍ ما، حيث:

(N) تمثل عدد الحضارات التي تمَّ إنشاؤها من قبل كائناتٍ قادرةٍ على التفكير ضمن مجموعةٍ كوكبيةٍ مترابطة، مثل: مجرّة درب التبانة.

(R) معدل تطور النجوم التي قد تكون قادرةً على توفير مقومات الحياة ضمن الكواكب المحيطة بها.

(Fp) نسبة النجوم المتطورة، والتي تقع ضمن مجموعةٍ نجميةٍ خاصةٍ بها.

(Ne) عدد الكواكب ضمن هذه المجموعات، والتي تمتلك خواص مناسبةً كي تصبح كواكب مأهولة.

(Fl) نسبة الكواكب التي توجد على سطحها كائنات حية.

 (Fi) نسبة الكواكب التي تعيش على سطحها كائناتٌ حية ذكية قادرة على التفكير، وتكوين حضارات.

 (Fc) نسبة الحضارات الذكية التي استطاعت الصمود، والبقاء بما يكفي كي تطور سبل تواصلٍ مع الحضارات الأخرى، وإرسال إشاراتٍ تؤكد وجودها إلى الفضاء.

(L) المدة الزمنية التي كان يمكن أثنائها التقاط تلك الإشارات.

عادةً ما يتمُّ اعتماد مجموعةٍ من القيم المُبسطة لهذه المعادلة لتصبح: N = 10 × 0.5 × 2 × 1 × 0.1 × 0.1 L     

أي N = L/10 علماً أن البشرية بدأت بإرسال إشارات تواجدها إلى الفضاء الخارجي منذ عام 1974، وبافتراض أن الحضارة انتهت في عام 2074، فمن المفترض (حسب قانون دريك) وجود 10 حضارات كائناتٍ حيةٍ ذكية في مجرة درب التبانة وحدها. [1] [3]

ما هو مقياس كارداشيف؟

يمكن بالاعتماد على مقياس كارداشيف (Kardashev scale)، وتقسيم الحضارات الذكية إلى ثلاث مجموعاتٍ بالاعتماد على ما تمتلكه الحضارة من مصادر طاقة:

1- النمط الأول: حضاراتٌ استهلكت كامل موارد الطاقة الموجودة على سطح الكوكب التي تعيش عليه (تُصنّف الحضارة البشرية ضمن هذا النمط).

2- النمط الثاني: حضاراتٌ تستطيع التحكم بالطاقة الصادرة عن النجم الرئيسي في مجموعتها النجمية.

3- النمط الثالث: حضاراتٌ تستطيع الوصول إلى مصادر طاقةٍ مساويةٍ لتلك التي تصدر عن كامل المجرة التي تسكن ضمنها.

بالاعتماد على معادلة دريك ومقياس كارداشيف يمكن ملاحظة الافتراض بوجود حضاراتٍ مشابهةٍ للحضارة البشرية، لكننا لم نستطع فقط التواصل معها، إلا أن السؤال الأدق يصبح لماذا لم تحاول أي حضارةٍ أخرى أقدم من الحضارة البشرية التواصل معنا إن وجدت. [2]

الأبحاث التي تلت مفارقة فيرمي

مفارقة فيرمي لم تكن سوى البداية التي ناقشت وجود حياة كائناتٍ عبقريةٍ أخرى غير البشر، فقد كتب العالم مايكل هارت Michael Hart ورقةً بحثيةً في عام 1975 ناقش فيها الأسباب التي قد تكون وراء عدم تواصلنا مع أي حضارةٍ فضائية:

1- قد تكون بعض الحضارات بالفعل قد نشأت قبل الحضارة البشرية إلا أن إمكانية السفر، والتواصل مع الحضارة البشرية كانت مستحيلةً بينها وبين الأرض.

2- قد تكون هذه الحضارات الفضائية لا تريد التواصل مع الحضارات الأخرى.

3- قد تكون الحضارات الأخرى التي نشأت هي أيضاً حضارةٌ فتيةٌ لم تمتلك القدرات الكافية بعد للتواصل مع الحضارات الأخرى (كما هو الحال في الحضارة البشرية).

4- من الممكن أن بعض الكائنات الفضائية قد زارت الأرض بالفعل إلا أننا لم نلاحظ ذلك.

تبع عمل مايكل هارت العالم فرانك تبلر Frank Tipler، والذي ناقش إمكانية السفر عبر النجوم للحضارات المتطورة، والتي سبقت الحضارات البشرية. كل عام يصدر عددٌ كبيرٌ من الأوراق البحثية تناقش الفرضيات الممكنة لوجود كائناتٍ فضائية، وكل هذه الافتراضات، وهذه الأوراق تولدت من سؤالٍ بسيط على طاولة العشاء بين مجموعة من العلماء. [3]

المراجع البحثية

1- Lohnes, K. (n.d.). The Fermi paradox: Where are all the aliens? Encyclopedia Britannica. Retrieved October 22, 2023

2- Howell, E. (2023). Fermi Paradox: Where are the aliens? Space.com. Retrieved October 22, 2023

3- The Editors of Encyclopaedia Britannica. (1998, July 20). Drake equation | Searching for ET, SETI, Habitable Planets. Encyclopedia Britannica. Retrieved October 22, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.