Published in: أمراض

مضاعفات الداء السكري عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 9 يونيو، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كان يُعتبر الداء السكري (Diabetes Mellitus) مرضاً قاتلاً لسنوات طويلة، وبشكل خاص عند الأطفال حيث كانت تحدث لديهم الوفاة إما بسبب مضاعفات المرض أو بسبب اتباع نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية وخالٍ من الغلوكوز. استمرَّ ذلك حتى بدايات القرن العشرين حيث تمكن فريق من الباحثين من بينهم فريدريك بانتنغ (Frederick Banting) من اكتشاف آلية مرض السكري، واكتشاف العلاج بالأنسولين، وخافضات السكر الفموية، مما ساهم في زيادة متوسط العمر المتوقَّع للكثير من الأطفال، وساهم في تحسين نوعية حياتهم. ^[1]

ينتج الداء السكري عند الأطفال إما عن نقص في إفراز الأنسولين، أو وجود مقاومة لعمل الأنسولين، أو الاثنين معاً، وقد يكون الداء السكري من النمط الأول أو الثاني، وفي حال عدم العلاج المناسب يحدث العديد من المضاعفات منها ما هو حاد ومنها ما هو مزمن. ^[2]

ما هي المضاعفات الحادة للإصابة بالداء السكري عند الأطفال؟

تشمل كل من الحماض الكيتوني السكري ونقص سكر الدم، ومن المهمّ معرفة أعراض كل منهما، فهما حالتان خطيرتان مهددتان للحياة.

1- الحماض الكيتوني السكري (Diabetic ketoacidosis (DKA))

وأكثر ما يترافق حدوثه عند الأطفال مع الداء السكري من النمط الأول، ونادراً ما يحدث مع السكري من النمط الثاني، وتشمل العوامل المُحرّضة لحدوثه: الإيقاف المفاجئ للعلاج بالأنسولين، الإنتانات الشديدة، التعرض للضغوط والتوتر النفسي، العمليات الجراحية. ^{[3] [4] [5]}

الآلية الإمراضية للحماض الكيتوني السكري

يؤدي الغياب المطلق لإفراز الأنسولين إلى ارتفاع سكر الدم، حيث يتراكم الغلوكوز في الدم، ولا يستطيع الدخول إلى الخلايا، فيقوم الكبد بإنتاج المزيد من الغلوكوز مما يزيد من ارتفاع سكر الدم. وارتفاع سكر الدم بدوره يؤدي إلى زيادة الرشح الكبي في الكلية، مما يُسبّب بوالاً غزيراً، وفقدان السوائل، ومن ثم التجفاف.

كما أن غياب إفراز الأنسولين يزيد من تحلل الشحوم، وينتج عن تحللها أحماضاً دسمةً يقوم الجسم بتحويلها إلى أجسام كيتونية، وتراكمها يؤدي إلى حدوث حماض استقلابي، والحماض الاستقلابي بدوره يؤثر على مختلف الخلايا في الجسم، ولاسيما الخلايا الدماغية.

الأعراض السريرية للحماض الكيتوني السكري

1- ألم في البطن مع غثيان وإقياء.

2- زيادة عدد مرات التبول وعطش شديد.

3- نحول، فقدان وزن، وتجفاف.

4- حدوث وهط دوراني، وقصور كلوي.

5- يصبح التنفس سريعاً وعميقاً (يُسمّى تنفس كوسماول) مع رائحة نفس تشبه رائحة الأسيتون (الخلون).

6- حدوث تخليط ذهني وسُبات.

7- وفي حال عدم العلاج قد تحدث الوذمة الدماغية والوفاة.

المعايير المخبرية لتشخيص الحماض الكيتوني السكري

1- ارتفاع سكر الدم أكثر من 11 ميلي مول/ل.

2- انخفاض PH الدم أقل من 7.3 أو انخفاض مستوى البيكربونات أقل من 15 ميلي مول/ل.

3- ارتفاع الأجسام الكيتونية في الدم أكثر من 3 ميلي مول/ل، أو ارتفاعها في البول بشكل متوسط أو شديد في البول.

تدبير الحماض الكيتوني السكري

 يُعتبر الحماض الكيتوني السكري حالةً إسعافيةً مهددةً للحياة تحتاج إلى العلاج في المستشفى حيث:

1- يتمُّ وضع الطفل على حمية مطلقة مع الإماهة لإصلاح التجفاف.

2- وضع الطفل على محقنة الأنسولين النظامي (Regular insulin).

3- يتمُّ الإصلاح ببطء خلال 48 ساعة خوفاً من حدوث الوذمة الدماغية.

4- يتمُّ مراقبة مستوى سكر الدم، وغازات الدم الشريانية، والشوارد، ووظائف الكلية، وتخطيط القلب الكهربائي، وفحص البول.

5- بعض الحالات تكون خطيرةً جداً، وقد تحتاج إلى الإنعاش القلبي الرئوي.

 2- نقص سكر الدم

قد يحدث نقص سكر الدم عند الطفل المصاب بالداء السكري عند التأخر في تناول وجبة الطعام، أو القيام بالتمارين المجهدة، أو تناول جرعة زائدة من الأنسولين. ^[5]

أعراض نقص سكر الدم

1- الشعور بالوهن الشديد، والدوار، وعدم القدرة على التركيز.

2- قد يحدث اضطراب في الرؤية.

3- قد يحدث تعرق وقشعريرة.

4- كما قد يحدث نوبات اختلاجية (حركات عضلية لا إرادية مع اضطراب في الوعي).

5- تسرع القلب.

6- الإحساس بالغثيان والجوع الشديد.

7- قد يحدث اضطراب في المزاج مع هياج أو هلوسة.

8– في حال استمرار نقص الغلوكوز في الدم سيصاب الطفل بالسُّبات.

تدبير نقص سكر الدم

1- يتمُّ تدبير الطفل في حال نقص السكر بإعطاء 15 إلى 20 غرام من الكربوهيدرات حيث يمكن إعطاء ملعقتين كبيرتين من الزبيب، أو نصف كوب من العصير، أو قطعةً من الحلوى.

2- في حال عدم الاستجابة أو السُّبات يتمُّ نقله إلى المستشفى حيث يتمُّ إعطاء سيروم سكري وريدياً، أو إعطاء حقنة من الغلوكاغون (Glucagon)، وهو هرمون رافع لسكر الدم.

ما هي المضاعفات المزمنة للإصابة بالداء السكري عند الأطفال؟

يمكن أن تؤدي الإصابة بالداء السكري عند الأطفال إلى أذيّة الأعضاء الرئيسية في الجسم، ويمكن أن يُقلّل الضبط الجيد لسكر الدم من حدوثها. تشمل المضاعفات كل مما يلي: ^{[5] [6]}

1- أمراض القلب والأوعية الدموية

يؤثر على الأوعية الدموية مؤدياً إلى تضيُّقها، ويُسبّب التصلب الصعيدي في سنّ مبكرة، كما يؤهّب للإصابة بارتفاع الضغط الشرياني، باحتشاء العضلة القلبية، والسكتة الدماغية.

2- اعتلال الأعصاب السكري

تحدث بسبب إصابة الأوعية الدموية التي تغذي الأعصاب مما يُسبّب إحساساً بالوخز، أو الحرق، أو الخدر، أو الألم عند الطفل وخاصةً في القدمين والساقين، وأكثر ما تشتدُّ الأعراض ليلاً، وتحدث أذيّة الأعصاب بشكل تدريجي خلال فترة طويلة من الزمن.

3- اعتلال الكلية السكري

تحدث أذيّة في الأوعية الدموية الدقيقة الموجودة في الكلية مما يؤثر على عملية الرشح الكبي، وتنقية الدم من الشوائب، ومع الوقت قد يحدث قصور كلوي مزمن.

4- اعتلال الشبكية السكري

تحدث أذيّة في الأوعية الدموية المغذية للشبكية، مما يؤهّب لاضطرابات في الرؤية، وقد يحدث في المراحل المتقدمة انفصال شبكية.

5- هشاشة العظام

يُقلّل الداء السكري من كثافة وتمعدن العظام، مما يؤهب للإصابة بهشاشة العظام.

6- الأعراض الجلدية

الإصابة بالداء السكري قد تؤدي إلى إنتانات جلدية جرثومية وفطرية متكررة.

7- أمراض الفم والأسنان

الإصابة بالداء السكري يؤدي إلى حدوث نخور سنّية عند الطفل، والتهاب، ونزوف من اللثة، إضافة إلى رائحة الفم الكريهة.