متلازمة رينو – مراحل حدوثها، كيف يتمُّ تشخيصها وعلاجها؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
متلازمة رينو أو راينود (Raynaud’s Syndrome) هي اضطرابٌ يصيب الأوعية الصغيرة في الجسم، وبشكل أساسي أوعية أصابع اليدين والقدمين، تتجلى الأعراض من تغير لون الجلد وحرارته على حسب تقبض الأوعية واسترخائها، فيمر الجلد بمراحل لونية مختلفة سنذكرها بالتفصيل لاحقاً. اكتشفت هذه الظاهرة للمرة الأولى على يد طالبٍ من كلية الطب يدعى موريس راينود Maurice Raynaud عام ألف وثمانمئة واثنان وستين.
إن الفرق الأساسي بين متلازمة (داء رينو الثانوي) وظاهرة رينو (داء رينو البدئي) هي الاضطرابات المرافقة، فمصطلح متلازمة (Syndrome) يشير إلى ظهور عدة أعراضٍ متفرقة في نفس الوقت. أما الظاهرة (Phenomenon)، فهي مقتصرة على الشكل النموذجي لداء رينو. [1]
ما هي مراحل حدوث متلازمة رينو؟
تبدأ المشكلة من التقبُّض الزائد (Vasoconstriction) في أوعية الأطراف الصغيرة، مما يؤدي لنقص كمية الدم الوارد إلى الجلد، فيظهر عليه الشحوب بعدها تقل أكسجة الطرف، فتظهر الزرقة المحيطية (Cyanosis) على الأصابع، وهي المرحلة الثانية.
أما المرحلة الثالثة، تكون بتوسع الأوعية الدموية، واستعادة اللون الأحمر للجلد، وتستغرق كامل هذه المراحل حوالي ربع ساعة، الجدير بالذكر أن الألوان هذه تترافق مع تغير درجة حرارة الأصابع إذ تكون باردةً في البداية، لا تلبث أن تعود لحرارتها الطبيعية في المرحلة الأخيرة.
تعزى الاضطرابات الوعائية المؤدية إلى التقبُّض الشاذ في أوعية الأصابع في داء رينو الثانوي أو متلازمة رينو إلى نقصٍ في العوامل الموسعة للأوعية، مثل: أوكسيد الآزوت، وزيادة العوامل المقبّضة للأوعية، كالإندوثيلين (1) والأنجيوتنسين (Angiotensin)، والفازوبيرسين (Vasopressin)، وعامل النمو المحول بيتا Transforming Growth) Factor-beta)، بالإضافة إلى العوامل الوعائية التي تتهم بعض العوامل العصبية الناتجة عن أوامر في جذع الدماغ في إحداث هذه الظاهرة.
أما في داء رينو البدئي أو ظاهرة رينو يزيد إنتاج مواد مقبّضةٍ للأوعية من الصفيحات تدعى الثرومبوكسان (Thromboxane A2)، وبعض الحالات اكتشف لدى المرضى زيادة في إفراز الإندوثيلين أيضاً. [1] [4]
ما هي معايير تشخيص ظاهرة رينو؟
يتطلب تشخيص ظاهرة رينو وجود بعض النقاط في القصة المرضية، وغياب بعض الموجودات، وبناءً على ذلك يسأل الطبيب الأسئلة التالية: [2] [3]
1- “متى تظهر الحالة أو متى تشتدّ؟”، وغالباً يكون الجواب متعلقاً بالطقس البارد أو حالات الانفعال والتوتر.
2- “هل الحالة تظهر في اليدين والقدمين أم فقط في طرفٍ واحد؟”، والجواب في الغالب أن الإصابة متناظرة أي في نفس الأصابع من كلتا اليدين والقدمين.
3- “هل تشعر بالخدر والبرودة في الأصابع المصابة أم تقتصر الأعراض على الألم وتغير اللون؟”.
أما الفحوص المخبرية التي يجريها الطبيب من تعداد دم وأضداد ومشعرات التهابية تكون ضمن المجال الطبيعي، وتصوير الأوعية الدموية بالدوبلر يكون طبيعياً أيضاً، ونستنتج من ذلك أن ظاهرة رينو أو داء رينو البدئي يحدث دون سببٍ كامن، وهي حالة مرضية بسيطة عكس متلازمة رينو الناتجة عن سببٍ كامنٍ مناعي غالباً.
ما هي الأمراض المترافقة مع متلازمة رينو والعوامل المؤهبة لها؟
كما ذكرنا سابقاً أن متلازمة رينو أو داء رينو الثانوي يترافق مع أمراض مناعةٍ ذاتية، إذاً سنلاحظ فيها اختلاف عن ظاهرة رينو في القصة والفحص السريريين، والفحوصات المخبرية والتصويرية، ومن أشيع الأمراض هي الذئبة الحمامية الجهازية، والتصلب الجهازي (Scleroderma)، الذي يتظاهر بصلابة الجلد وبعض الأعضاء الأخرى.
ويحدث في هذا المرض زيادة تفعيل الصفيحات الدموية، مما ينتج عنه مشاكل وعائية دموية، وأمراض النسيج الضام الأخرى، مثل: التهاب المفاصل الرثياني (Rheumatoid arthritis)، ومتلازمة جوغرن (Sjogren’s Syndrome)، والأمراض التي تصيب الأوعية، وخاصةً الأوعية الصغيرة، مثل: التهاب الأوعية، وبشكلٍ نادرٍ يصاب مرضى متلازمة النفق الرسغي، وهي انضغاط على العصب الناصف، مما يؤدي إلى تأذي الأوعية المحيطة.
بالإضافة إلى ما ذكر توجد بعض العادات السيئة التي تسهم في الإمراضية، وعلى رأسها التدخين، والتدخين السلبي، والرضوض على الأطراف التي تؤدي للكسور، واعتلال الأوعية والتروية، كما لوحظ مساهمة بعض الأدوية، مثل: حاصرات بيتا كالبروبانولول، وبعض الأدوية المعالجة للشقيقة، واضطراب فرط النشاط والمستخدمة في تدبير مرضى السرطان.
أما العوامل المؤهبة لمتلازمة رينو هي الجنس المؤنث، فقد أكدت الدراسات أن داء رينو أشيع لدى الإناث بسبب نمط الحياة والأعمال المنزلية، وأن داء رينو البدئي يظهر في أعمار المراهقة حتى العشرينات، وخاصةً في حال وجود المرض لدى الأهل وأقارب الدرجة الأولى والثانية، أي أن العامل الوراثي مؤهب لحدوث داء رينو. [1] [2] [3] [4]
كيف يتمّ علاج متلازمة وظاهرة رينو؟
تتمّ معالجة المرضى المصابين بظاهرة أو متلازمة رينو بعلاج الأعراض التي يأتي بها المريض، وتدبير الحالات الخفيفة والمتوسطة منها بتدفئة الأطراف بمنشفةٍ دافئة دون استخدام الماء المغلي، وغيرها من الإشاعات المحيطة. أما في الحالات المعندة على الشفاء نستخدم الأدوية.
مثل: حاصرات ألفا (Alpha blockers) مثال عنها: دوكسازوسين (Doxazosin) أو برازوسين (Prazosin)، التي تعمل على تثبيط عمل النورأدرينالين، أو النورابنفرين المقبض للأوعية، أو حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel blockers) التي تعمل على إرخاء العضلات الملساء في جدران الأوعية الدموية، وبالتالي توسعها، ومثال عنها: الأميلودبين (Amlodipine)، والنيفيدبين (Nifedipine)، وهذه الأصناف السابقة تعطى على شكل أقراصٍ دوائية.
توجد بعض العلاجات الموضعية، مثل: المراهم الحاوية على النتروغليسرين، وأنواع أخرى تعمل على توسيع الأوردة، مثل: سيدنافيل (Sildenafil) المعروف بالفياجرا أو لوسارتان (Losartan)، البروستاغلاندين (Prostaglandin)، لكن استخدامها غير شائع حالياً بسبب الآثار الجانبية لها.
أما النصائح التي تعطى لمرضى داء رينو هي المحافظة على بيئة المنزل دافئة، ولاسيما خلال فصل الشتاء وأيام الصقيع، والابتعاد قدر الإمكان عن التوتر والانفعال، وتجنب التدخين والمنظفات التي تسيء من الحالة حسب ملاحظة المريض. وأخيراً إن داء رينو مرض غير خطير، لكنه مزعج، ومن المهمّ التحري عن سببه للتفريق بين ظاهرة ومتلازمة رينو لإمكانية المعالجة الفعالة، وتحسين جودة حياة المريض. [5] [6]
المراجع البحثية
1- Raynaud phenomenon. (2022، August 4). Medscape. Retrieved August 12، 2024
2- Raynaud’s Phenomenon. (2024b، May 15). Johns Hopkins Medicine. Retrieved August 12، 2024
3- Raynaud’s disease – Symptoms and causes. (2022، November 23). Mayo Clinic. Retrieved August 12، 2024
4- Branch، N. S. C. a. O. (2024، July 19). Raynaud’s Phenomenon. National Institute of Arthritis and Musculoskeletal and Skin Diseases. Retrieved August 12، 2024
5- Raynaud’s disease – Diagnosis and treatment. Mayo Clinic. (2022، November 23). Retrieved August 12، 2024
6- Blake، M. (2024b، May 10). What to know about Raynaud’s disease. Retrieved August 12، 2024