Skip links
طفل رضيع موصول بأجهزة وأسلاك طبية وهو نائم بسرير المستشفى

متلازمة استنشاق العقي – الأعراض، التشخيص وما هي مضاعفاتها؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

متلازمة استنشاق العقي ((MAS) Meconium Aspiration Syndrome) هي واحدةٌ من الأمراض التنفُّسية التي تحدث بشكلٍ رئيسي عند حديثي الولادة المولودين في موعدهم المحدّد أو بعده، وعلى الرغم من ندرتها عند الخدج إلا أنها يمكن أن تحدث لديهم أيضاً، والعقي (Meconium) هو المادة الأولى التي تمرُّ عبر الأمعاء الجنينية، وهو يتكون من خلايا الأمعاء، والجلد، والشعر، والطبقة الدهنية للجنين مع السائل الأمنيوسي.

ويؤدي وجوده في الطرق التنفُّسية إلى انسدادها ميكانيكياً بشكلٍ جزئي أو كلي، وإتلاف ظهارة مجرى الهواء والأسناخ الرئوية كيميائياً، بالإضافة إلى إبطال مفعول المادة الخافضة للتوتر السطحي أو السورفكتانت (Surfactant)، ويمكن أن تؤدي متلازمة استنشاق العقي إلى مضاعفاتٍ خطيرةٍ شديدة بما في ذلك متلازمة الضائقة التنفُّسية، وارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر، والشلل الدماغي، وعدم استقرار القلب والأوعية الدموية، وحتى الوفاة في بعض الحالات. [1] [2]

ما هي أعراض متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

1- الأعراض العامة

– وجود سائلٍ أمنيوسي مُلطّخٍ بالعقي (MSAF)، أو وجود واضح لبقعٍ من العقي عند فحص الرضيع، وقد يكون الطلاء الدهني والحبل السري والأظافر ملطّخين بالعقي، وذلك اعتماداً على المدة التي تعرّض فيها الرضيع للسائل الملوث في الرحم، وبشكلٍ عام تصبح الأظافر ملطخةً بعد ست ساعات، والطلاء الدهني بعد 12 إلى 14 ساعة من التعرّض.

– تأخر النمو داخل الرحم، وعلامات ما بعد النضج: غالباً ما يكون الرضع المصابون صغاراً بالنسبة لعمر الحمل، ويولدون بعد الأوان، وتشمل العلامات المميزة للرضع المولودين بعد الموعد كلاً من جفاف وتقشُّر الجلد، والأظافر الطويلة، وانخفاض الطبقة الدهنية، ونقص الوزن، وشعر فروة الرأس الوفير، ووجود تجاعيد ظاهرة على راحة اليد وباطن القدمين.

– الاختناق أثناء الولادة: يحدث في حوالي 20 إلى 33 بالمئة من الرضع المولودين من خلال سائل أمنيوسي ملطّخ بالعقي، ويعاني هؤلاء الأطفال من تثبيطٍ عصبي أو تنفُّسي عند الولادة عادةً بسبب نقص الأوكسجين أو الصدمة.

– يبدو الطفل ضعيفاً مع رخاوةٍ ونقصٍ في مقوية الجسم، وتكون درجة مشعر أبغار (Apgar score) منخفضة، ومشعر أبغار هو اختبار سريع يتمُّ إجراؤه على الطفل بعد مرور دقيقة وخمس دقائق من الولادة، وتحدّد النتيجة التي تمّ الحصول عليها في الدقيقة الأولى مدى تحمُّل الطفل لعملية الولادة.

بينما تدل النتيجة التي تمّ الحصول عليها في الدقيقة الخامسة على مدى تلاؤم الوليد مع الحياة خارج رحم الأم، كما تساعد في قياس مدى استجابة الطفل إذا كان الإنعاش ضرورياً بعد الولادة مباشرة، وتشمل العلامات السريرية التي يتضمنها مشعر أبغار كلاً من التنفُّس، ومعدل ضربات القلب، والمقوية العضلية، والمنعكسات، ولون البشرة.

2- الأعراض الرئوية

تظهر الأعراض والعلامات السريرية الرئوية عادةً بعد الولادة مباشرةً، ومع ذلك قد لا تظهر أعراض على بعض المرضى عند الولادة، وتتطور لديهم علامات متفاقمة عندما تصبح الرئة غير قادرةٍ على العمل بشكلٍ كافٍ، وذلك مع انتقال العقي من الممرات الهوائية الكبيرة إلى الشجرة القصبية الهوائية السفلية، وتشمل هذه الأعراض:

– يعاني الأطفال المصابون بمتلازمة استنشاق العقي عادةً من ضائقةٍ تنفُّسيةٍ مع تسرُّع التنفُّس (معدل تنفُّس يزيد عن 60 نفساً في الدقيقة)، وزرقة في لون الجلد والأغشية المخاطية نتيجة نقص مستويات الأوكسجين في الدم، بالإضافة إلى استخدام عضلات الجهاز التنفُّسي الإضافية للتنفُّس، والتي تتجلى في السحب الوربي، وتحت القصبة الهوائية، وتحت الأضلاع، وغالباً تترافق مع الطحة الزفيرية، واتساع فتحتي الأنف.

– عادةً ما يكون لدى الأطفال المصابين صدر على شكل برميل (Barrel shaped) بسبب الهواء المحبوس مع زيادةٍ في القطر الأمامي الخلفي للصدر، وبإصغاء الصدر يتمُّ سماع صوت خراخر رطبة منتشرة في الساحتين الرئويتين مع خشونةٍ في الأصوات التنفُّسية.

– قد يحدث استرواح الصدر (تجمُّع الهواء بشكلٍ غير طبيعي بين طبقتي غشاء الجنب الفاصل بين الرئة وجدار الصدر)، أو استرواح المنصف (تجمُّع الهواء في تجويف الصدر) عند تعرُّض الطرق الهوائية لانسدادٍ جزئي فيها.

– القصور التنفُّسي: المرضى الذين يعانون من مرضٍ شديدٍ معرضون لخطر القصور التنفُّسي الذي يتطلب التهوية الميكانيكية، وغالباً ما يرتبط المرض التنفُّسي الشديد بارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر عند حديثي الولادة (PPHN). [3] [4] [5]

كيف يتمُّ تشخيص متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

1- القصة المرضية

وتشمل العلامات التي قد تشير إلى هذه المتلازمة:

– المولود بتمام الحمل أي أكمل 37 أسبوع حملي، ولم يتجاوز الأسبوع 42 من الحمل، أو المولود بعد موعده أي تجاوز الأسبوع 42 من الحمل. 

– وجود ضائقةٍ تنفُّسيةٍ عند الطفل حديث الولادة لم يتمّ تفسيرها بطريقةٍ أخرى.

– وجود بقعٍ بنية أو خضراء داكنة في السائل الأمنيوسي.

2- الفحص السريري

وتشمل الأعراض التي قد تكون موجودةً في متلازمة استنشاق العقي:

– علامات ما بعد النضج: مثل: تقشُّر الجلد، والأظافر الطويلة.

– علامات ضيق التنفُّس عند الولادة: نقص الأوكسجين، زرقة الجلد، وسرعة التنفُّس.

– علامات الخمول بعد الولادة: وجود وهن أو نقص في نشاط الطفل.

– وجود بقع العقي عند الفحص البدني.

3- تصوير الصدر بالأشعة السينية (CXR)

تكون النتائج المبكرة في تصوير الصدر بالأشعة السينية غير محددة أو نوعية لمتلازمة استنشاق العقي، وقد تشمل وجود ارتشاحاتٍ بقعية أو كثافات مخططة ثنائية الجانب وغير متناظرة، وتشمل النتائج اللاحقة في التصوير الشعاعي زيادة القطر الأمامي الخلفي للصدر، وتسطُّح الحجاب الحاجز، والانخماص الرئوي، ويمكن أيضاً رؤية استرواح الصدر، أو استرواح المنصف، أو انصباب الجنب.

4- غازات الدم الشرياني (ABG)

هي أداة لتقييم درجة القصور التنفُّسي، والمساعدة في التوجيه نحو التدبير المناسب، مثل: التنبيب الرغامي، والتهوية الميكانيكية، وفي الحالات الشديدة، سيُظهر تحليل غازات الدم الشرياني نقص الأوكسجين، وفرط ثاني أكسيد الكربون، والحماض التنفُّسي.

5- قياس التأكسُج النبضي (Pulse Oximetry)

يجب قياس تشبُّع الأوكسجين في الطرف العلوي الأيمن، وفي كل من الطرفين السفليين (قبل القناة الشريانية وبعدها) لتحديد نقص الأوكسجين، وتقييم أي تحويلاتٍ محتملةٍ في تدفُّق دم القلب من اليمين إلى اليسار، وإن وجود اختلافٍ بنسبة 5-10 بالمئة بين الطرفين له أهمية سريرية في أمراض حديثي الولادة.

6- تخطيط صدى القلب (تصوير القلب بالأمواج فوق الصوتية)

يعدُّ أداةً مهمةً لتقييم وظائف القلب، والمساعدة في فحص علامات عدم انتظام ضربات القلب بعد الولادة، وتشخيص ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر (PPHN)، كما يساعد في تحديد تشريح القلب، واستبعاد أي تشوُّهات قلبية، مثل: القناة الشريانية السالكة (PDA)، والثقبة البيضاوية (PFO)، وقصور الصمام ثلاثي الشرف، وتقييم أي تحويلةٍ قلبيةٍ من اليمين إلى اليسار.

7- زرع الدم، وزرع مفرزات القصبات الهوائية

يعدُّ التقييم للكشف عن الإنتان والالتهاب الرئوي أمراً بالغ الأهمية في سياق الضائقة التي يعاني منها حديثو الولادة، وغالباً ما يتمُّ البدء في إعطاء الصادات الحيوية (Antibiotics) التجريبية.

8- التحاليل المخبرية

– الشوارد: يجب قياس مستويات شوارد المصل عند الأطفال المصابين بمتلازمة استنشاق العقي، وذلك لأن الإجهاد أثناء الولادة يمكن أن يؤدي إلى متلازمة إفراز الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH) غير المناسب، وإصابة الكلى الحادة.

– تعداد الدم الكامل: وقد يكون مفيداً في استبعاد العدوى، أو الحالات التي قد تسبّب الضائقة التنفُّسية في الفترة المحيطة بالولادة.

– قياس مستوى البروتين الارتكاسي C التفاعلي، والكرياتينين، واليوريا، وخمائر الكبد.

– قد يلزم تقييم مستوى الغلوكوز والكالسيوم في الدم، وتصحيحها إذا لزم الأمر. [6] [7] [8]

ما هي المضاعفات المرتبطة بمتلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة؟

يتعافى معظم الأطفال المصابين بمتلازمة استنشاق العقي بشكلٍ جيد، ويتمتعون بنتائج جيدة على المدى الطويل، ومع ذلك هناك مضاعفات كبيرة يمكن أن تحدث، وخاصةً عندما لا يتلقون العلاج المناسب. ومن المهمّ جداً أن يعرف الطاقم الطبي كيفية اكتشاف متلازمة استنشاق العقي، وأن يكونوا مجهزين ومستعدين للتعامل مع هذا النوع من الطوارئ، وذلك لمحاولة استعادة التنفُّس الطبيعي، ومنع أو تقليل المضاعفات، ويمكن أن يؤدي الفشل في تدبير استنشاق العقي بشكلٍ صحيح إلى إصابة الطفل بما يلي: [8] [9]

1- التهاب الرئة الكيميائي

يزيد تلوث السائل الأمنيوسي بالعقي من احتمالية إصابة رئة الطفل بالعدوى، ويمكن أن يسبّب التهاباً كيميائياً في الرئة (على الرغم من أن كلاً من السائل الأمنيوسي والعقي يُعتبران معقمين عادةً، فقد ثبت أن العقي هو وسطٌ جيدٌ لنمو الكائنات الحية الدقيقة مقارنةً بالسائل الأمنيوسي الشفاف).

2- ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر (PPHN)

ينتج عن إعادة تشكيل سرير الأوعية الدموية الرئوية استجابةً لنقص الأوكسجين، والمواد الفعالة المؤثرة على الأوعية الدموية الموجودة في العقي، وعدم تطابق نسبة التهوية إلى التروية، ويعدُّ ارتفاع ضغط الدم الرئوي المستمر أحد الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة في متلازمة استنشاق العقي عند حديثي الولادة.

3- تسرُّب الهواء (Air leak)

نتيجة وجود العقي السميك الذي يسبّب أحياناً تأثير الصمام الكروي، يمكن أن يحدث تسرُّب الهواء نتيجة فرط تمدُّد الحويصلات الهوائية، مما يؤدي إلى استرواح الصدر (Pneumothorax)، أو استرواح المنصف (Pneumomediastinum)، وتزداد احتمالية تسرب الهواء عند استخدام التهوية الميكانيكية. وفي حال الشك بوجود تسرّب الهواء من خلال وجود ضعفٍ في وظائف الرئة أو القلب، فيجب إجراء فحصٍ وعلاجٍ سريع، مثل: الشفط بالإبرة، أو التصريف المستمر، وذلك من أجل وقف المزيد من نقص الأوكسجين وانسداد مجرى الهواء.

4- مرض الرئة المزمن (CLD)

وهو اضطرابٌ تنفُّسي يتمُّ تشخيصه عادةً عند الأطفال الخدج الذين يحتاجون إلى مساعدةٍ ودعمٍ مستمرين فيما يتعلق بتنفُّسهم بعد 36 أسبوعاً من العمر المصحح (التاريخ الذي كان من المفترض أن يولد فيه الطفل في حال لم يولد مبكراً)، أو الأطفال المولودين بتمام الحمل الذين يحتاجون إلى مساعدة ودعم مستمرين فيما يتعلق بالتنفُّس لمدة 28 يوماً بعد الولادة، ويمكن أن يتطور مرض الرئة المزمن نتيجةً لصدمة الضغط أو الرضح الضغطي (حالة طبية تحدث عندما يتعرض الجسم لتحولٍ مفاجئٍ أو كبيرٍ في ضغط الماء أو الهواء).

كما قد يحدث نتيجة الانسمام بالأوكسجين، وبالتالي فإن الأطفال حديثي الولادة المصابين بمتلازمة استنشاق العقي، والذين يحتاجون إلى التهوية الميكانيكية مع زيادة الضغوط والتعرّض للأوكسجين لفتراتٍ طويلة معرضون لخطر كبير للإصابة بمرض الرئة المزمن، ويمكن أن تساعد المراقبة الدقيقة لتشبُّع الأوكسجين، وإعادة تقييم الحاجة إلى الأوكسجين، وتقليل تدابير التهوية إن أمكن ذلك في تقليل احتمالية الإصابة بمرض الرئة المزمن.

5- الشلل الدماغي والحالات العصبية الأخرى

يمكن للأطفال المحرومين من الأوكسجين لفترةٍ طويلة أن يصابوا بتلفٍ في الدماغ، مما قد يؤدي إلى الشلل الدماغي، والنوبات الاختلاجية، واعتلال الدماغ الناجم عن نقص الأوكسجين والإقفار (HIE)، وحتى السكتة الدماغية، ويجب إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ في هذه الحالات. كما يمكن أن تظهر المضاعفات التنفُّسية طويلة الأمد الناجمة عن استنشاق العقي في صورة احتياج للأوكسجين، وأعراض شبيهة بأعراض الربو، وضعف النمو، وحالات متكررة من الالتهاب الرئوي الفيروسي، أو البكتيري.

المراجع البحثية

1- Luo, S. Han, J. Yin, H. Qian, L. (2023, February 28). The risk factors of meconium aspiration syndrome In newborns: a meta-analysis and systematic review. Pediatric Medicine. Retrieved October 2, 2024

2- Zaininger, P. (2024, September 18). Meconium aspiration syndrome. Geeky Medics. Retrieved October 2, 2024

‌3- Prats, J, A, G. (2023, April 21). Meconium aspiration syndrome: Pathophysiology, clinical manifestations, and diagnosis. Medilib .ir. Retrieved October 2, 2024

‌4- medlineplus. (2022, October 22). Apgar score.  MedlinePlus. Retrieved October 2, 2024

5- Olicker, A, L. Raffay, T, M. Ryan, R, M. (2021, March 23). Neonatal Respiratory Distress Secondary to Meconium Aspiration Syndrome. Children, 8(3), 246. Retrieved October 2, 2024

6- Willacy, H. (2023, May 23). Meconium aspiration syndrome. Patient. Info. Retrieved October 2, 2024

7- Sayad, E. Carmona, M, S. (2023, April 12). Meconium Aspiration. PubMed; StatPearls Publishing. Retrieved October 2, 2024

‌8- Piaggio, U. Mapp, S. (2018, December 6). Meconium Aspiration Syndrome. TeachMe Paediatrics. Retrieved October 2, 2024

9- ABC Law Centers: Birth Injury Lawyers. (2023, November 29). Meconium Aspiration (MAS) and Birth Injury. Retrieved October 2, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.