ضعف التركيز لدى الطفل – هل هو حالة مُكتسَبة أم وراثية؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ضعف التركيز عند الأطفال هو حالةٌ تتميز بصعوبةٍ في الانتباه والتركيز على مهمةٍ معينةٍ لفترةٍ طويلةٍ من الزمن، حيث يعتبر التركيز أحد العوامل الأساسية التي تساعد الأطفال على تحقيق النجاح في الدراسة، والحياة بشكلٍ عام، وقد يصبح ضعف التركيز عائقاً يؤثر على تعلم الأطفال وأدائهم العام، لذلك سنناقش هذه المشكلة وأبعادها في المقال التالي.
كيف يمكن للأهل تمييز ما إذا كان طفلهم ضعيف التركيز أم لا؟
يمكن للأهل ملاحظة بعض العلامات التي قد تشير إلى ضعف التركيز لدى الطفل، ومن هذه العلامات: [1]
1- لا يستطيع المحافظة على انتباهه لفتراتٍ طويلة
إذا كان يصعب على الطفل البقاء مركزاً لفتراتٍ طويلة، وينشغل بسهولةٍ بأشياء أخرى، فقد يكون ذلك إشارة إلى ضعف التركيز.
2- الصعوبة في استيعاب المعلومات والتعلم
إذا وجد الطفل صعوبةً في استيعاب المعلومات، والتركيز أثناء الدروس أو الأنشطة التعليمية، فقد يكون هذا دليلاً على ضعف التركيز.
3- عدم القدرة على إكمال المهام
إذا واجه الطفل صعوبةً في إكمال المهام المطلوبة منه، ويبدو أنه يتشتّت، ولا يستطيع التركيز لفترةٍ كافية لإتمامها، فهذا يمكن أن يدل على ضعف التركيز.
4- النسيان المتكرر
إذا كان الطفل ينسى المهام المطلوبة منه أو ينسى التعليمات بسرعة، فقد يشير ذلك إلى ضعف التركيز.
5- الاندفاع والانشغال بالأنشطة غير المهمة
إذا كان الطفل ينجذب بسرعةٍ إلى أنشطةٍ أخرى ليست ذات صلة بالمهمة التي يقوم بها، ويصعب عليه التركيز على المهام الأساسية، فقد يكون ذلك علامة على ضعف التركيز.
هل ضعف التركيز عند الطفل حالة مُكتسبة أم وراثية؟
إن ضعف التركيز لدى الأطفال يمكن أن يكون بسبب عوامل متعددة ومعقدة، ومن الممكن أن يكون له جوانب وراثية ومُكتسبة أي هناك تأثيرات وراثية محتملة على قدرة الطفل على التركيز والانتباه، ويُعتقد أن هناك عوامل وراثية قد تسهم في ظهور اضطراب فرط النشاط، وتشتّت الانتباه (ADHD)، والذي يشتهر بصعوبة التركيز والانتباه. ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن العوامل المكتسبة والبيئية يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تطور ضعف التركيز عند الأطفال. [1]
ما هي العوامل المُكتسبة المُسبّبة لضعف التركيز لدى الطفل؟
هناك عدة أسباب مُكتسبة يمكن أن تؤدي إلى ضعف التركيز لدى الأطفال، وفيما يلي بعض الأسباب المُكتسبة الشائعة: [1]
1- البيئة المحيطة
البيئة المُشتّتة أو الضوضاء العالية في المنزل أو المدرسة يمكن أن يشتّت انتباه الطفل، ويؤثر على تركيزه، على سبيل المثال: التلفاز الذي يعمل بصوتٍ عالٍ أو الأجواء المزدحمة، والتي يمكن أن تسبّب مشاكل في التركيز.
2- نمط الحياة
عوامل نمط الحياة غير الصحية، مثل: التغذية غير المتوازنة، ونقص النشاط البدني، يمكن أن تؤثر على تركيز الطفل، فالنظام الغذائي الفقير بالعناصر الغذائية الأساسية، مثل: الفيتامينات، والمعادن يمكن أن يؤثر سلباً على وظائف الدماغ والتركيز. كما إن عدم ممارسة النشاط البدني بشكلٍ منتظم يمكن أن يؤثر في القدرة على التركيز والانتباه.
3- نقص النوم
قد يكون نقص النوم أحد الأسباب المهمّة لضعف التركيز لدى الأطفال، لأن عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم الجيد يمكن أن يؤثر سلباً على وظائف الدماغ، والانتباه، والتركيز.
4- التوتر والضغوط العاطفية
التوتر والضغوط العاطفية المستمرة سواءً في البيئة المنزلية أو المدرسية هي عوامل يمكن أن تؤثر على قدرة الطفل على التركيز والانتباه، فالمشاكل العائلية أو الصدمات النفسية يمكن أن يكون لها تأثير كبير على الطفل، وتسبّب له صعوبةً في التركيز.
5- وسائل التكنولوجيا
استخدام الشاشات والأجهزة الإلكترونية بشكلٍ مفرط يمكن أن يؤثر على التركيز لدى الأطفال، أي أن إدمان الشاشة، والتعرُّض المطول لها يمكن أن يشتّت الانتباه، ويؤدي إلى ضعف التركيز.
هل يعدُّ ضعف التركيز لدى الطفل حالةً طبيعيةً أم مشكلةً جدية؟
إن ضعف التركيز لدى الطفل ليس بالضرورة أن يشكل مشكلة جدية، وقد يكون في بعض الحالات طبيعياً، ففي مراحل التطور العمرية المبكرة يمكن أن يكون لدى الأطفال صعوبة في الانتباه والتركيز لفتراتٍ طويلة، وتتحسن قدراتهم مع مرور الوقت، لكن مع ذلك يجب أن يكون هناك توازن بين الانتباه والتركيز لدى الطفل أي إذا كان ضعف التركيز يؤثر سلباً على حياته اليومية، وقدرته على التعلم، والتفاعل مع الآخرين، فقد يصبح من الضروري التدخل والتعامل معه. [2]
كيف يمكن للأهل حلُّ هذه المشكلة؟
سنقدم بعض الإجراءات التي يمكن للأهل اتخاذها للتعامل مع ضعف التركيز لدى الطفل: [2]
1- توفير بيئةٍ مناسبة
على الأهل القيام بتوفير بيئةٍ هادئةٍ وخاليةٍ من التشتّت، ومحاولة تقليل المؤثرات الخارجية المزعجة التي يمكن أن تؤثر على قدرة الطفل على التركيز.
2- تنظيم الجدول الزمني
عن طريق القيام بتنظيم جدول النشاطات والمهام للطفل، ووضع جدولٍ يحدّد وقتاً محدّداً للدراسة، واللعب، والراحة، قد يساعد هذا النوع من التنظيم في زيادة التركيز والتنظيم لدى الطفل.
3- تقديم التعليمات بوضوح
ويعني ذلك القيام بإعطاء التعليمات بشكلٍ واضحٍ ومبسط، وقد يكون من المفيد استخدام صور أو رسومات لتوضيح التعليمات، وجعلها أكثر وضوحاً وسهولة ليتمكن الطفل من فهمها بشكلٍ أفضل.
4- استخدام تقنيات التقسيم والتنظيم
عن طريق القيام بتقسيم المهام الكبيرة إلى مهام أصغر قابلة للإدارة، وتقديم المهام بشكلٍ منهجي ومنظم، ومنح الطفل وقتاً كافياً لإتمام كل مهمة قبل الانتقال إلى المهمة التالية.
5- تشجيع التحفيز والثناء
على الأبوين تشجيع الطفل على التركيز والانتباه من خلال الإشادة بجهوده، وتقديم المكافآت والثناء عندما يتمكن الطفل من الانتباه، وإكمال المهام بنجاح.
6- ممارسة النشاط البدني
قد تساعد ممارسة النشاط البدني المنتظم في تحسين التركيز، وتنشيط الدماغ، لذا على الأهل تخصيص بعض الوقت لممارسة الرياضة أو الألعاب الحركية مع الطفل.
7- التعاون مع المدرسة
وذلك بالتواصل مع المدرسة والمعلمين للحصول على نصائح واستراتيجيات يمكن تطبيقها في الصف لمساعدة الطفل على التركيز، والتفاعل بشكلٍ أفضل.
إذا استمر ضعف التركيز وتأثيره سلباً على حياة الطفل، قد يكون من الضروري التشاور مع متخصصين في صحة الطفل لتقييم الحالة، والتوجيه نحو العلاج المناسب إن لزم الأمر. قد يستغرق الأمر وقتاً وجهداً، ولكن بالتوجيه الصحيح، والاستراتيجيات الملائمة يمكن للأهل أن يساعدوا الطفل على تحقيق تقدُّمٍ كبير باستخدام الحب، والتشجيع، والثقة في قدرات الطفل لتعزيز ثقته، ورغبته في التعلم والتحسُّن.
في النهاية، يجب أن يتذكر الأهل أن ضعف التركيز لدى الطفل ليس نهاية العالم، بل إنه تحدٍّ قابلٌ للتغيير والتحسين بالصبر، والتفهُّم، والدعم المناسب،
المراجع البحثية
1- Dawson, P., & Guare, R. (2009). Smart but scattered: The revolutionary “executive skills” approach to helping kids reach their potential (First Edition). Guilford Press. Retrieved March 12, 2024
2- Cooper-Kahn, J., & Dietzel, L. C. (2008). Late, Lost and Unprepared: A parents’ guide to helping children with executive functioning (1st ed.). Woodbine House. Retrieved March 12, 2024