داء منيير -أسبابه، أعراضه وطرق علاجه
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو داء منيير؟
هو خللٌ يصيب الأذن الداخلية غالباً أحادي الجانب يسبّب الدوار والدوخة، وأحياناً يترافق مع نقص السمع، والألم، والطنين، ويكون على شكل نوباتٍ متكررة من الدوار تستمر حتى 6 ساعات، وفي حالاتٍ نادرة قد تصل إلى 24 ساعة تترافق مع الغثيان، والإقياء، والتعب العام.
يمكن لداء منيير أن يصيب أي عمر، لكنه يبدأ غالباً بين عمر 40 و60 عامًا، ويشخص حوالي 45000 شخص سنوياً بداء منيير وفق المعهد الأمريكي الوطني للصمم، وتعتبر حالةً مرضيةً مزمنة قد تستمر مدى الحياة بصورةٍ نوبية بينها فترات خالية من الأعراض قد تستمر لمدة قد تصل إلى عام، كما يعتبر داء منيير مجهول السبب في أغلب الأحيان. [1]
وقبل الدخول في تفاصيل هذا الداء سنتطرق إلى نقطتين رئيسيتين للتعرف أكثر على التوازن لدى الإنسان، والأذن الداخلية، ودورها.
التوازن عند الإنسان
يعتبر التوازن قدرة الإنسان على المشي والتحرك دون السقوط أو الميلان؛ فالتوازن هو قدرة الحفاظ على مركز ثقل الجسم بوضعٍ ثابتٍ دون الشعور بالدوار والدوخة. في بعض الحالات المرضية قد يختل هذا النظام، وبالتالي يشعر الإنسان بالدوار عند الحركة، وقد يسبّب السقوط.
يعتمد التوازن في جسم الإنسان على نظامٍ شديد التنسيق والتعقيد، حيث توجد مستقبلاتٌ في جلد الإنسان تدعى مستقبلات الحس العميق التي تعطي إشاراتٍ مستمرة عن وضعية الجسم والعضلات، إضافةً إلى الإشارات التي تقدمها العين؛ كل هذه الإشارات ترتبط مع الأذن الداخلية والمخيخ الذي يمثل مركز الاتزان في الجسم، وأي اضطرابٍ في إحدى هذه النقاط يؤدي إلى خلل التوازن.
الأذن الداخلية
تقوم الأذن بدورٍ أساسي في التوازن إضافةً إلى دورها المعلوم في السمع، وتتكون الأذن من 3 أقسام: الأذن الخارجية، والأذن الوسطى، والأذن الداخلية صاحبة الدور الأساسي في عملية توازن الجسم. تتوضع الأذن الداخلية داخل العظم الصدغي، وهي عبارة عن بنية معقدة عظمية رقيقة مجوفة مملوءة بالسائل، وتتألف من القوقعة، والأقنية النصف الدائرية، والدهليز المبطنة بالتيه الغشائي.
تعتبر القوقعة المسؤولة عن حاسة السمع، وسمّيت القوقعة بسبب شكلها، وتقسم إلى قسمين مليئين بالسوائل، ويبطنها غشاء ذو شعيراتٍ دقيقة تنقل الموجات الصوتية الواصلة إليها لتهتز السوائل الموجودة في الأذن الداخلية، وتحول إلى إرسال إشاراتٍ كهربائية عبر العصب السمعي الدهليزي إلى الدماغ، وبالتالي سماع الأصوات.
بينما تعدُّ القنوات نصف الدائرية الجزء المسؤول عن الاتزان، وتتكون من ثلاث أقنية متعامدة مليئة بالسائل. تحتوي بطانة الأقنية على بلورات كلسية دقيقة الحجم، بالإضافة إلى بعض الشعيرات، وتعدُّ مساعدة الدماغ على معرفة وضعية والرأس وجهته هي الوظيفة الأساسية لهذه الأقنية، وبالتالي التوازن. يمثل الدهليز الجزء المركزي، ويحتوي على مستقبلات التوازن، ويتصل من الأمام بالقوقعة، ومن الخلف بالقنوات نصف الدائرية. [2] [3]
أسباب داء منيير
كما أسلفنا سابقاً أن داء منيير مجهول السبب في أغلب الأحيان، إلا أن هناك بعض الفرضيات التي قد تكون مسببة، إفرادية أو مجتمعة أهمها: [4]
– الأسباب الوراثية.
– زيادة السوائل داخل الأذن الداخلية بسببٍ تشريحي أو سوء تصريفٍ انسدادي.
– أسباب فيروسية.
– أسباب مناعية ذاتية.
– رضوض الرأس الشديدة.
أعراض داء منيير
1- الدوار والدوخة: يبدأ بصورة فجائية قد يستمر من نصف ساعة حتى نصف يوم، وفي حالاتٍ نادرة تصل إلى 24 ساعة يكون الدوار نوبي الشكل متراوح الشدة من خفيف إلى شديد قد يؤدي إلى السقوط؛ وقد ينتهي الدوار فجأة دون استخدام أي علاج.
2- الغثيان والإقياء.
3- الصداع.
4- الطنين، ويترافق داء منيير يالطنين الذي قد يستمر حتى بغياب الدوار.
5- نقص السمع الذي يتراجع بعد انتهاء النوبة.
6- الشعور بانسداد الأذن.
قد يتظاهر داء منيير بعرض واحد مما سبق، ولكن في أغلب الحالات يتشارك من (2-3) أعراض سوية، وتكون هذه الأعراض نوبيةً أي تنفصل عن بعضها بفتراتٍ خالية من الأعراض تماماً قد تصل إلى أكثر من عام. [5]
تشخيص داء منيير
يعتمد تشخيص داء منيير على القصة المرضية والفحص السريري بصورة أساسية، حيث يقوم الطبيب بالاستفسار عن طبيعة الدوار ومدته، وصفاته، ومرافقته، كما تشمل القصة المرضية وجود إصابة مماثلة عند أحد أفراد العائلة، وكذلك استخدام أدوية معينة قد تسبّب الدوار، كالأدوية العصبية، بالإضافة إلى الاستفسار عن وجود رضٍّ أو جراحة سابقة في الأذن أو الرأس، ويتطلب تشخيص داء منيير ما يلي:
1- وجود نوبتين ذات بدءٍ فجائي من الدوار تستمر كل منهما حوالي 20 دقيقة أو أكثر.
2- فقدان السمع المؤكد باختبار سمع لمرةٍ واحدة على الأقل مرافقٍ للدوار.
3- وجود طنينٍ في الأذن.
4- استبعاد كافة التشخيصات الأخرى التي قد تسبّب أعراض مشابهة.
ويشمل الفحص السريري كل من اختبارات السمع واختبارات التوازن؛ تحدد اختبارات السمع وجود نقص في السمع، وتحديد درجته في حال وجوده ومعرفة سبب نقص السمع توصيلي أو عصبي. يعود الشعور بالتوازن إلى الطبيعي عند المرضى بين نوبات الدوار إلا أن اختبارات الاتزان المساعدة تعطي صورةً دقيقة عن وظيفة الأذن الداخلية، وقد تظهر المشكلة حتى في غياب النوبة، وتشمل:
1- تخطيط وضعية الجسم الحركي (CDP)
2- تخطيط الرأرأة بالفيديو (ENG أو VNG)
تقيس درجة الاتزان من خلال فحص حركة العين أثناء متابعة نقطة أو هدف معين، بالإضافة إلى فحص حركة العين أثناء تثبيت الرأس في وضعيات مختلفة.
3- الاختبار الحراري
متابعة حركة العين الناجمة عن التغيير في درجة الحرارة باستخدام حقن الماء الدافئ والبارد في الأذن.
4- اختبار الكرسي الدوار
تراقب حركة العين أثناء جلوس المريض على كرسي يتحرك باتجاهاتٍ مختلفة.
5- اختبار الجهد عضلي المنشأ بالتحريض الدهليزي (VEMP)
ويستخدم الصوت في هذا الاختبار.
6- معايرة نبض الرأس بالفيديو (vHIT)
يقيس مدى تناسق حركة العينين مع الأذن الداخلية.
7- تخطيط كهربائية القوقعة (ECoG)
بالإضافة إلى ما سبق قد ينصح باستخدام التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي لنفي الأسباب الأخرى للدوار. [6] [7]
علاج داء منيير
للأسف لا يوجد دواء شافٍ لداء منيير، ولكن تعتمد العلاجات المستخدمة على الإنقاص من شدة نوبات الدوار ومدتها، وكذلك الأمر بالنسبة لعلاج نقص السمع المرافق. تشمل الأدوية التي تستخدم لتقليل الدُوار الأدوية المضادة للهيستامين، وبعض الأدوية العصبية، وكذلك مضادات الإقياء، وأحياناً بعض أنواع المدرات.
كما يعتبر التأهيل وتمارين التوازن، والمساعدات السمعية والراحة، وتجنب الحركات المفاجئة، وتعديل نمط الحياة بتقليل الملح في الطعام، وكذلك تقليل الكافيين، والامتناع عن الكحول الذي له دور أساسي في العلاج والوقاية. بالإضافة إلى ما سبق هناك ما يسمّى الإجراءات غير الجراحية التي تشمل حقن الجينتامايسنن أو الستروئيدات في الأذن لتخريب الجزء المريض، إلا إن ذلك قد يؤدي إلى فقدان السمع على المدى الطويل.
يتمُّ تحويل الحالات المعندة إلى الجراحة التي تشمل إما تصريف السائل الزائد أو استئصال التيه في الأذن المصابة، وقطع العصب الدهليزي. [8]
المراجع البحثية
1- Professional, C. C. M. (n.d.). Ménière’s Disease. Cleveland Clinic. Retrieved May 10, 2024
2- Bsn, R. Z., RN. (2023, August 16). The anatomy of the inner ear. Verywell Health. Retrieved May 10, 2024
3- Balance problems – Symptoms and causes. (2020, June 18). Mayo Clinic. Retrieved May 10, 2024
4- Koenen, L., & Andaloro, C. (2023, August 21). Meniere disease. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved May 10, 2024
5- Meniere disease. (2024, April 26). Johns Hopkins Medicine. Retrieved May 10, 2024
6- What is Ménière’s disease? — diagnosis and treatment. (2017, February 13). NIDCD. Retrieved May 10, 2024
7- Meniere’s disease – Symptoms, diagnosis and treatment | BMJ Best Practice. (n.d.). Retrieved May 10, 2024
8- Hamiter, M. (2023, May 10). Meniere disease. Merck Manual Professional Edition. Retrieved May 10, 2024