Skip links

جنون العظمة – الأعراض، تأثيراته وطرق علاجه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو جنون العظمة؟

هو اضطرابٌ نفسيّ يتمثل في إحساس الفرد بالتّفوق، والغرور، والتّعالي على الآخرين بطرقٍ غير مقبولة، حيث يشعر المصاب بأنه قادر على فعل كل شيء، ولا يوجد ما يقف بوجهه أويمنعه من القيام بما يريد، كما يعتقد أنه يستحق الأفضل دوماً نظراً لما لديه من ميزاتٍ استثنائية، وقدراتٍ في التّأثير على الأشخاص من حوله.

وفي بعض الحالات قد يصل الشخص لتوهُّمٍ مفاده أنه لا يوجد من يجاريه أو أن يصل لمستواه، ويستخدم مصطلح جنون العظمة لوصف حالة شخصٍ تجاوز غروره حدود الواقع، مما يؤدي إلى عزلةٍ شديدة، وانقطاعٍ في العلاقات الاجتماعية بسبب انعدام التوازن الذاتي. [1]

ما هي أسباب جنون العظمة؟

1- العوامل النفسية

الشعور بالنقص وانعدام الثقة بالنفس

لابدّ أن يكون الفرد المصاب بهذا الاضطراب قد مرّ وعانى من تجارب نفسية وسلبية متعبة جعلته يدخل في حالة ضعف، وبالتالي قد يسعى لتعويض ذلك بطريقته الخاصة عن طريق بناء صورةٍ مُبالغٍ فيها عن ذاته.

القلق الداخلي

بعض الأشخاص الذين يعانون من توتر وخوف تتطور لديهم مشاعر جنون العظمة، وذلك كآليةٍ دفاعيةٍ لمواجهة الآخرين، فبدلاً من مواجهة مشاعر الضعف، وعدم السماح لها بالتأثير على الشخصية قد يلجؤون إلى التفكير بأنهم أفضل من الآخرين، وأن الجميع أقل منهم شأناً.

2- العوامل البيئية

التربية والتنشئة الاجتماعية

من الممكن أن تؤدي نشأة الشخص في بيئةٍ محفّزةٍ للمواهب والإبداعات إلى تطور عقد التباهي والفخر بنفسه، على سبيل المثال: إذا نشأ الشخص في عائلةٍ تعطي قيمةً كبيرةً للنجاح الذاتي والتفوق على الآخرين، فلا بدّ أن يشكّل ذلك شخصيةً متعالية، ولا يرضيها إلا أن تكون الأفضل.

الضغط الاجتماعي

قد يُسهم المجتمع أيضاً في تعزيز هذا الاضطراب من خلال وسائل التواصل والإعلانات التي تعمل على ترويج مواضيع مبالغٍ فيها عن النجاح الشخصي ومشاريع العمل الخاصة بكل شخص، مما يدفع الفرد للاعتقاد بأنه يجب أن يكون مثلهم، بل وأعلى منهم لكي يشعر بالقبول.

3- العوامل التكوينية والوراثية

في بعض الحالات قد يكون هناك استعدادٌ وراثيّ يجعل الأفراد أكثر عرضةً للإصابة بجنون العظمة، وبالأخص عندما يرتبط ذلك بمستوياتٍ عاليةٍ من الاندفاع، وصعوبةٍ في التعامل مع الإحباط.

إن جنون العظمة ليس مجرد شعور عابر، بل هو حالة نفسية يمكن أن يكون ناتج عن تداخل مجموعةٍ من العوامل الثقافية والاجتماعية. [2]

ما هي أعراض جنون العظمة؟

تتعدّد أعراض جنون العظمة، وتتنوع بحسب شدتها، وتداخلها مع اضطراباتٍ نفسية أخرى، ولكن بشكلٍ عام الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب تظهر عليهم الآثار التالية: [3]

1- مشاعر من التفوُّق والنجاح العظيم

إن الشخص المصاب بهذا الجنون يعتقد دوماً أنه على حق، وكل ما يقوله صحيح لا مجال للجدال فيه، وأنه يستحق معاملةً خاصة، ويعتقد بشكلٍ دائمٍ أنه وبسبب ذكاءه وعبقريته لا يتمُّ فهمه بشكلٍ جيدٍ من قبل المحيطين.

2- الاستعلاء والتّفاخر

يميل المصاب إلى التّفاخر بإنجازاته وما وصل وحقّق من أهداف، ومكاسب مادية، ومناصب، ولو كانت هذه الإنجازات قابلةً للتحقيق أو استثنائية، فهذا التفاخر يمكن أن يتسبّب في تجاهل مشاعر الآخرين أو التقليل من قيمتهم ومكانتهم الفكرية والوظيفية.

3- التوقُّعات غير الواقعية

الشخص الذي يعاني من جنون العظمة في نظره يجب أن يكون لديه حدود واضحة جداً، وبالتالي يمنع أن يتمّ اختراقها من قبل أحد، ولو كان مجرد سؤال عفوي لأنه يتوقّع بأن يكون لديه تقديرٌ مبالغٌ فيه من قبل الناس، واعتراف دائم بنجاحاته مهما كانت الظروف من حوله.

4- التعامل مع الآخرين بطريقةٍ قاسيةٍ أو سيئة

في كثيرٍ من الأوقات قد يتعامل المصاب مع الآخرين بطريقةٍ جارحة دون مراعاة مشاعرهم وأحاسيسهم، وعدم احترام مكانتهم، لأنه يعتبر نفسه أعلى شأناً، ويظهر ذلك واضحاً عند التقليل من أهمية غيره وبكل جرأة.

5- الاعتقاد بأن الآخرين يسعون للتآمر ضدّه

في بعض الحالات قد يشعر الشخص المصاب بأن الناس من حوله يتآمرون ضدّه أو يحاولون إفساد خططه بسبب الغيرة منه، وهو ما يعزّز من شعور العدوانية والعزلة لديه.

ما هي التأثيرات المختلفة لجنون العظمة؟

1- التأثيرات النفسية

التوتر والقلق

المصابون بهذا الاضطراب يعانون من مستويات قلقٍ عالية بسبب خوفهم من فقدان منصب الاهتمام أو أن يفشلوا في مشاريعهم الخاصة، فالقلق يخلق عند الحاجة الماسة والمستمرة لتحقيق هدفٍ ما مع التأكد المستمر أن النجاح حليفٌ ومرافقٌ لهم.

الاكتئاب

يعاني المصاب بجنون العظمة من الاكتئاب بسبب التناقض والاختلاف ما بين الصورة المثالية التي يظهرها للآخرين، وتلك التي يحتفظ بها لنفسه، ولا يطلع عليها أحد كي يحافظ على مركزه مع أنه يشعر بالإحباط الكبير عندما لا يتمكن من تحقيق تطلعاته أو عندما يتعرّض لخيبة أملٍ وانتقاداتٍ سلبية.

العزلة النفسية

عندما يُظهر الشخص مشاعر مبالغة جداً من العظمة، فقد يجد نفسه يبتعد عن الجميع دون سببٍ واضحٍ أو لأنهم لا يقدرون مدى أهميته، فيبدأ حينها بالانسحاب التدريجي.

2- التأثيرات الاجتماعية

خسارة العلاقات الشخصية

لا أحد يحتمل أن يتمّ التعامل معه بكبرياء وتعالٍ، وعدم تقدير، فكل شخصٍ مدركٍ لقيمته وأهميته في المجتمع، وذلك يمكن أن يكون سبباً في الابتعاد وتجنُّب الدخول في علاقات صداقة أو حب أو شراكة عمل مع شخصٍ يعاني من هذا الاضطراب، فالجميع يميل للأشخاص الإيجابيين المتواضعين الذين يزرعون التفاؤل والابتسامة أينما كانوا.

الصراعات الاجتماعية

في الحياة اليومية أو بالعمل قد يؤدي الشعور بالعظمة إلى نشوب صراعات، فالشخص الذي يعتقد أنه أفضل من الجميع قد يتورط في مشكلاتٍ مع أصدقائه في العمل أو مع مدرائه، وذلك بسبب تصرفاته المُبالغ فيها أو إحساسه بالاستحقاق العالي.

الانعزال الاجتماعي

الفرد الذي يظن أنه في مرتبةٍ أعلى من الجميع، وأنه يستحقّ أن يكون بالمراتب العالية دوماً يبتعد وبرغبته الكاملة عن الآخرين، ويعتقد أن ذلك هو الفعل الصحيح، لكن في الحقيقة سيزيد ذلك لديه من مشاعر الانفصال عن الواقع والوحدة. [3]

ما هو علاج جنون العظمة؟

1- العلاج المعرفي السلوكي

يعدُّ أحد العلاجات السلوكية الفعّالة في علاج هذا النوع من الاضطرابات، ويتضمن الخطوات التالية:

إعادة ترتيب الأفكار

العلاج المعرفي يساعد المصابين على التّعرف على أفكارهم المُبالغ فيها، كالاعتقاد بأنهم فوق الآخرين ولا أحد مثلهم، أو أنهم يستحقون الأفضل والثمين دوماً، فمن خلال التفاعل مع المُعالج يمكن للمصاب أن يعيد تشكيل أولوياته وأفكاره بشكلٍ واقعي لتصبح أكثر توازناً مع نفسه.

العمل على تغيير السلوكيات السلبية

العلاج يساعد على تعديل السلوكيات التفاعلية مع الآخرين، كالتفاخر أو التقليل من قيمة الآخرين، حيث ومن خلال الحديث مع الأخصائي يدرك أنه كان على خطأ، وأن لا أحد لديه نوايا سيئة تجاهه، وأنه ليس في سباقٍ مع أحد كي يتصرّف معهم بغرور، ويحطم معنوياتهم، فعندما يتعرّف على أنماط الشخصيات السويّة سيعدل من أفعاله لتناسب من حوله.

التدريب على مهارات التفاعل الاجتماعي

يضمُّ العلاج السلوكي مجموعةً من الأساليب والنشاطات التي تُعلّم الفرد كيف يكون أكثر تفاعلاً مع محيطه، وبشكل أكثر تواضع واحترام دون التصرُّف بتكبر، الأمر الذي يخفّف من الآثار السلبية للمشاعر التي يتمّ المبالغة في التعبير عنها.

2- العلاج الدوائي

 يوجد نوعان، وهما:

مضادات القلق والاكتئاب

تساعد هذه الأدوية في التخفيف من مشاعر التوتر، والاكتئاب المرتبطة بجنون العظمة، فبعض الأشخاص قد يكونون عرضةً للإصابة بهذا الاضطراب كوسيلةٍ للهروب من الواقع الصعب.

مضادات الذهان

تستخدم عندما تكون حالات الاضطراب شديدة، وبالأخص الحالات الأكثر تعقيداً وصعوبةً نظراً لارتباطها باضطراباتٍ نفسية أخرى، كالفصام أو الاضطراب الوهامي، وقد يتطلب الأمر استخدام هذه المضادات لمساعدة الفرد على التحكُّم في أفكاره المُبالغ فيها. [4]

المراجع البحثية

1- Paranoid Personality Disorder. (2024, May 1). Cleveland Clinic. Retrieved November 22, 2024

2- Frysh, P. (2024, September 5). What is paranoia? WebMD. Retrieved November 22, 2024

3- Paranoia. (n.d.). Healthdirect. Retrieved November 22, 2024

4- Nyembwe, A., PhD RN. (2023b, September 18). What is paranoia? Health. Retrieved November 22, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.