Skip links
ممرضة ترتدي لباس أزرق تحقن طفل رضيع بلقاح بكتفه

شلل الأطفال – تشخيص الإصابة، الأنواع والعلاج

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » شلل الأطفال – تشخيص الإصابة، الأنواع والعلاج

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

شلل الأطفال (Poliomyelitis) هو مرضٌ فيروسيٌّ معدٍ وخطير، ومهدّدٌ للحياة، ويؤثر على الأطفال بعمر أقل من 5 سنوات بشكلٍ أساسي، ولكن يمكن لأي شخص في أي عمر لم يتمّ تطعيمه أن يصاب بالمرض، وتوجد ثلاثة أنماطٍ مصليةٍ معروفة لفيروس شلل الأطفال، ومعظم الإصابات تكون لا عرضية، وتترك مناعةً دائمةً ضدّ النمط المصلي.

ولكن بالنسبة للحالات الأخرى قد يسبّب فيروس شلل الأطفال شللاً مؤقتاً أو دائماً، وقد يؤدي في النهاية إلى الوفاة عن طريق شلّ حركة عضلات التنفس لدى المريض، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فقد انخفضت الحالات الناجمة عن فيروس شلل الأطفال بنسبةٍ تزيد على 99 بالمئة منذ عام 1988.

فبعد أن كان عدد الحالات يقدر بنحو 350 ألف حالة في أكثر من 125 دولة ينتشر فيها المرض، أصبح المرض يستوطن بلدين فقط، وهما: أفغانستان، وباكستان، وذلك اعتباراً من عام 2023، ولكن طالما بقي طفل واحد مصاب، فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بشلل الأطفال، لذلك لا تزال الجهود العالمية تهدف إلى توسيع القدرات اللازمة للحماية من الأمراض المعدية من خلال بناء أنظمة مراقبة وتحصين فعالة.

ولا يوجد علاج لشلل الأطفال، بل يمكن الوقاية منه فقط، وذلك من خلال إعطاء اللقاح، وهناك نوعان من اللقاحات المتاحة، وكلاهما فعالٌ وآمن، ويستخدمان اعتماداً على الظروف الوبائية والمحلية، لضمان توفير أفضل حمايةٍ ممكنة للسكان. [1] [2]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بشلل الأطفال؟

يتمُّ من خلال التاريخ الطبي، والفحص البدني، والتحاليل المخبرية: [3] [4]

1- التاريخ الطبي

يتضمن السؤال عن الأعراض، مثل: الحمّى، والتعب، وتيبُّس العضلات، وعن السفر إلى المناطق التي يتوطن فيها مرض شلل الأطفال، وعن وجود مخالطةٍ أو تماسٍّ مباشر مع شخصٍ مصاب أو مفرزاته الأنفية والبلعومية، كما يجب السؤال عن التلقيح ضدّ شلل الأطفال أيضاً، فعادةً ما يكون الأفراد الذين تمّ تطعيمهم محميين من العدوى.

2- الفحص البدني

يتمّ إجراء فحصٍ شامل للطفل لكافة أجهزة الجسم بما في ذلك فحص عضلات الجهاز التنفسي لمعرفة وظيفتها، حيث إن شلل الأطفال الذي يؤثر على الحبل الشوكي وجذع الدماغ قد يؤثر على عضلات الجهاز التنفسي، ويتمُّ فحص المنعكسات الوترية والبطنية السطحية، وذلك لاكتشاف أي ردود فعلٍ غير طبيعية، كما يتمّ فحص وجود أي تصلبٍ في الرقبة أو وجود صعوبةٍ في ثنيها، أو تيبّسٍ في عضلات الظهر، أو صعوبةٍ في رفع الرأس أو الساقين عند الاستلقاء على الظهر.

3- التحاليل المخبرية

عزل الفيروسات والكشف عنها

يعدُّ عزل الفيروس هو الطريقة الأكثر حساسيةً لتشخيص الإصابة بفيروس شلل الأطفال، وغالباً يتمُّ عزله من عينات البراز، ويمكن أيضاً عزله من مسحات البلعوم، وبشكلٍ أقل من الدم أو السائل الدماغي الشوكي، ولزيادة احتمالية عزل فيروس شلل الأطفال، يتمُّ جمع عينتين من البراز على الأقل بفاصل 24 ساعة، وينبغي جمعها في أقرب وقتٍ ممكن من مسار المرض (من الأفضل خلال 14 يوماً بعد ظهور المرض).

وبمجرد عزل الفيروس يتمُّ استخدام تحليل تفاعل البولميراز المتسلسل (Polymerase Chain Reaction (PCR))، أو التسلسل الجينومي (Genomic sequencing)، وذلك لمعرفة ما إذا كان أصل الفيروس من النوع البري (Wild type) أي أن الفيروس هو ذاته الموجود في الطبيعة، أو الشبيه باللقاح (Vaccine like) أي مشتقٌّ من سلالات فيروس شلل الأطفال المستخدمة في إنتاج اللقاح بعد حدوث طفرةٍ تلقائيةٍ عليها.

التحاليل الدموية

تكون هذه التحاليل مفيدةً في دعم تشخيص شلل الأطفال، خاصةً في حال الاشتباه أن المريض لم يتلق اللقاح سابقاً، حيث يتمّ فحص الدم بحثاً عن الأجسام المضادة لفيروس شلل الأطفال، والأجسام المضادة هي جزيئات ينتجها الجسم ضدّ فيروس أو بكتيريا غازية، ويجب أخذ عينةٍ دمويةٍ في أقرب وقتٍ ممكنٍ من مسار المرض، ويجب الحصول على عينةٍ أخرى في مرحلة النقاهة بعد 3 أسابيع على الأقل.

تحليل السائل الدماغي الشوكي

إن اكتشاف وجود فيروس شلل الأطفال في السائل الدماغي الشوكي يعتبر أمراً غير شائع، ويحتوي هذا السائل في حال وجود إصابة بشلل الأطفال على عددٍ متزايدٍ من الكريات البيض من 10 إلى 200 خلية/ ميلي متر المكعب، وتكون على حساب الخلايا الليمفاوية في الدرجة الأولى، كما يحدث ارتفاع البروتين بشكلٍ طفيف، ويتراوح من 40 إلى 50 ميليغرام/ديسيلتر، ولكن هذه النتائج غير نوعية لمرض شلل الأطفال، فيمكن أن تترافق مع العديد من الحالات المرضية الأخرى.

من يجب أن يحصل على لقاح شلل الأطفال؟

1- الرضع والأطفال

يجب أن يأخذ الأطفال لقاح شلل الأطفال كجزءٍ من التحصين الروتيني في مرحلة الطفولة، ويجب أن يحصلوا على أربع جرعات إجمالاً، بمعدل جرعةٍ واحدة في كل من الأعمار التالية: الأولى بعمر شهرين، والثانية بعمر 4 أشهر، والثالثة بين عمر 6 إلى 18 شهر، والجرعة الرابعة بين عمر 4 إلى 6 سنوات.

ويجب على الأطفال الذين لم يأخذوا سلسلة لقاح شلل الأطفال أو الذين تأخروا في الحصول على جميع الجرعات الموصى بها، البدء في أقرب وقتٍ ممكن أو إنهاء الجرعات باتباع جدول اللحاق الموصى به. وعلى الأشخاص الذين يخططون للسفر دولياً التأكد من حصولهم وأطفالهم على التطعيم الكامل ضدّ شلل الأطفال قبل المغادرة.

2- البالغون

من المحتمل أن يكون معظم البالغين قد تمّ تطعيمهم بالفعل ضدّ فيروس شلل الأطفال أثناء الطفولة، ومع ذلك في حال كان الشخص لا يعرف إذا كان أخذ اللقاح أو لا، أو تم تطعيمه بشكل غير كامل، فيجب عليك الحصول على التطعيم ضدّ شلل الأطفال، وذلك وفق ما يلي:

● إذا لم يتمّ تطعيمه مطلقاً ضدّ- شلل الأطفال، فيجب أن يحصل على ثلاث جرعات من اللقاح: الجرعة الأولى في أي وقت، الجرعة الثانية بعد شهر إلى شهرين، الجرعة الثالثة بعد 6 إلى 12 شهر من الجرعة الثانية.

● في حال كان قد أخذ جرعة أو جرعتين من لقاح شلل الأطفال في الماضي، فيجب أن يحصل على الجرعة أو الجرعتين المتبقيتين.

● في حال تمّ تطعيمه بالكامل، وكان معرضاً لخطرٍ متزايدٍ للإصابة بفيروس شلل الأطفال، بما في ذلك التخطيط للسفر إلى البلدان التي يوجد فيها خطر متزايد، أو العمل في أحد المختبرات، أو مراكز الرعاية الصحية التي يتمُّ فيها التعامل مع العينات التي قد تحتوي على فيروسات شلل الأطفال، فيتمّ تلقي جرعةٍ واحدة معززة من اللقاح. [5]

ما هي أنواع لقاح شلل الأطفال؟

هناك نوعان من اللقاحات المتاحة: لقاح شلل الأطفال المعطل، ولقاح شلل الأطفال الفموي:  [5] [6] [7] [8]

1- لقاح فيروس شلل الأطفال المعطل 

تمّ تطوير لقاح شلل الأطفال المعطل ((IPV) Inactivated poliovirus vaccine) في عام 1955 من قبل الدكتور جوناس سالك (Jonas Salk)، ويسمّى أيضاً لقاح سالك، ويتكون من سلالات فيروس شلل الأطفال المعطلة (المقتولة) باستخدام مادة كيميائية، وهي الفورمالدهيد (Formaldehyde).

ويتمّ إعطاؤه عن طريق الحقن العضلي أو داخل الأدمة، ويُنتج IPV أجساماً مضادةً في الدم لجميع أنواع فيروس شلل الأطفال الثلاثة، وفي حالة الإصابة بالعدوى تمنع هذه الأجسام المضادة انتشار الفيروس إلى الجهاز العصبي المركزي، وتحمي من الشلل، ولأن اللقاح يحفّز الأجسام المضادة في مجرى الدم، وليس في الأمعاء، فهو يحفّز الخط الثاني للدفاع ضدّ العدوى.

ونظراً لأن IPV ليس لقاحاً حياً، فهو لا يحمل أي خطرٍ للإصابة بشلل الأطفال المرتبط باللقاحات، ويؤدي إلى استجابةٍ مناعيةٍ وقائيةٍ ممتازة لدى معظم الناس. أما بالنسبة للسلبيات، فإن اللقاح المعطل يحفّز مستوياتٍ منخفضةٍ جداً من المناعة في الأمعاء، ونتيجةً لذلك عند التعرض لفيروس شلل الأطفال يمكن أن يتكاثر الفيروس داخل الأمعاء، ويُطرح في البراز، مما يؤدي إلى احتمال استمرار انتشار المرض إلى الآخرين، كما أن اللقاح المعطل أغلى بخمس مرات من لقاح شلل الأطفال الفموي، ويتطلب إعطاؤه عاملين صحيين مدربين، بالإضافة إلى معدات وإجراءات الحقن المعقمة.

2- لقاح فيروس شلل الأطفال الفموي

يعتبر لقاح شلل الأطفال الفموي ((OPV) Oral poliovirus vaccine) آمناً وفعالاً للغاية، وهو النوع الأكثر شيوعاً من اللقاحات المستخدمة للقضاء على شلل الأطفال، ويتمُّ تصنيعه عن طريق إضعاف سلالات الفيروس، وهناك أنواع مختلفة منه، إما تحمي ضدّ نوعٍ واحد، أو نوعين، أو ضدّ جميع الأنماط المصلية الثلاثة المختلفة لشلل الأطفال.

من ميزات لقاح شلل الأطفال الفموي بأنه غير مكلف، ويوفر حمايةً طويلة الأمد للأفراد ضدّ النمط المصلي الذي يستهدفه، ويتمّ إعطاؤه عن طريق الفم، ويتكاثر الفيروس المضعف لعدة أسابيع بعد التطعيم في الأمعاء، ويحفّز الاستجابة المناعية في الأمعاء، وبالتالي يوفر خط الدفاع الأول ضدّ شلل الأطفال،

ويخرج مع البراز، ويمكن أن ينتشر إلى الآخرين الذين هم على اتصالٍ وثيق، وهذا يعني أن التلقيح بـ OPV يمكن أن يؤدي إلى تحصينٍ سلبي للأشخاص الذين لم يتمّ تطعيمهم، ولا يتطلب وجود أخصائيين صحيين أو محاقن ذات إبر معقمة أو نظام سلسلة تبريد معقد، وبالتالي من السهل إعطاؤه في حملات التطعيم واسعة النطاق، ونقله إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، وتشمل أنواعه:

لقاح شلل الأطفال الفموي ثنائي التكافؤ

يستخدم لقاح شلل الأطفال الفموي ثنائي التكافؤ (Bivalent oral polio vaccine (Bopv)) من قبل العديد من البلدان حول العالم في جداول التحصين الروتينية الخاصة بها، وللاستجابة لتفشي المرض، ويوفر الحماية ضدّ فيروس شلل الأطفال من النمط الأول والثالث فقط، ولا يحمي من مرض شلل الأطفال من النمط الثاني.

لقاح فيروس شلل الأطفال الفموي الثلاثي

كان لقاح فيروس شلل الأطفال الفموي ثلاثي التكافؤ (Trivalent oral poliovirus vaccine (tOPV)) في السابق هو اللقاح الأكثر شيوعاً المستخدم للتحصين الروتيني ضدّ شلل الأطفال، ويحمي ضدّ جميع الأنماط المصلية الثلاثة، وتمّ سحبه في عام 2016.

واستبداله بلقاح شلل الأطفال الفموي ثنائي التكافؤ (bOPV)، وذلك بعد القضاء على فيروس شلل الأطفال من النمط الثاني لمدةٍ تقرب من عقدين من الزمن، ويظل tOPV متاحاً لاستخدامه في العديد من البلدان، وذلك في حال انتشار أكثر من نوعٍ واحدٍ من فيروس شلل الأطفال، أي النوع الثاني بالإضافة إلى النوع الأول أو الثالث.

لقاح شلل الأطفال الفموي الأحادي التكافؤ

تحمي لقاحات شلل الأطفال الفموية أحادية التكافؤ (Monovalent oral polio vaccine (mOPV)) من نمطٍ مصليٍّ واحدٍ من شلل الأطفال، وهي مخصصةٌ للاستجابة للفاشيات المحددة فقط، وتوجد تركيبات مختلفة أحادية التكافؤ ضدّ فيروس شلل الأطفال من النمط الأول، وهو mOPV1، وضدّ الفيروس من النمط الثاني، وهو mOPV2، وضدّ الفيروس من النمط الثالث، وهو mOPV3. ونادراً ما يتمُّ استخدام لقاح شلل الأطفال الفموي أحادي التكافؤ من النمط الأول والثالث، ويتمُّ التوصية بدلاً من ذلك باستخدام لقاح شلل الأطفال الفموي ثنائي التكافؤ.

لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط الثاني

يستخدم لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النمط الثاني (Novel oral polio vaccine type 2 (nOPV2)) في الوقت الحاضر للاستجابة للفاشيات الناتجة عن فيروس شلل الأطفال المتغير المشتق من اللقاح من النمط الثاني، وهو عبارةٌ عن صيغةٍ معدلةٍ من لقاح شلل الأطفال الفموي الأحادي التكافؤ النمط الثاني، ويوفر حمايةً فرديةً مماثلةً ضدّ شلل الأطفال في حين إنه أكثر استقراراً وراثياً، وبالتالي أقل احتماليةً أن يرتبط بتفشي شلل الأطفال المرتبط باللقاح.

هل يوجد علاج لشلل الأطفال؟

لا يوجد علاجٌ لشلل الأطفال، وتهدف الإجراءات العلاجية الداعمة المُتّبعة إلى تدبير تأثيرات ومضاعفات المرض، وتشمل ما يلي: [9] [10]

1- الراحة في السرير، وتناول السوائل، وتجنُّب الإرهاق الجسدي أو التوتر، وتعديل الأنشطة اليومية للحفاظ على الطاقة.

2- مسكنات الألم، مثل: الإيبوبروفين (Ibuprofen).  

3- البقاء في الأجواء الدافئة المريحة، وتجنُّب التعرض لدرجات الحرارة الباردة.

4- الصادات الحيوية (Antibiotics) لعلاج الإنتانات الثانوية المرافقة، ومن ضمنها الإنتانات البولية.

5- أجهزة التنفس المحمولة للمساعدة على التنفس.

6- إعطاء الأدوية المضادة للتشنُّج (Antispasmodic)، وذلك لإرخاء العضلات.

7- العلاج الطبيعي، والتدليك، والتمارين المعتدلة للمساعدة في الحفاظ على عمل العضلات.

8- إعادة التأهيل الرئوي للمساعدة في علاج المضاعفات الرئوية.

9- استخدام أداةٍ مساعدةٍ على التنقل، مثل: العصا، أو الكرسي المتحرك، أو السكوتر الكهربائي.

10- اتباع نظامٍ غذائي مغذي.

المراجع البحثية

1- World Health Organization. (2023, October 24). Poliomyelitis. Retrieved April 4, 2024

2- HSE.ie. (2021, March 23). Polio. Retrieved April 4, 2024

3- Centers for Disease Control and Prevention. (2021, September 28). Poliovirus diagnostic methods. Retrieved April 4, 2024

4- Mandal, A. (2023, May 27). Diagnosis of polio. News. Retrieved April 4, 2024

5- Centers for Disease Control and Prevention. (2022, October 12). Polio vaccination: What everyone should know. Retrieved April 4, 2024

6- Global Polio Eradication Initiative. (n.d). Inactivated poliovirus vaccine. Retrieved April 4, 2024

7- Global Polio Eradication Initiative. (n.d). Oral polio vaccIne. Retrieved April 4, 2024

8- Children’s Hospital of Philadelphia. (2014, August 21). Polio vaccine. Children’s Hospital of Philadelphia. Retrieved April 4, 2024

9- Booth, S. Vanbuskirk, S . (2024, March 22). Polio. WebMD. Retrieved April 4, 2024-

10- Better Health Channel. (2021, March 26). Polio and the late effects of polio. Retrieved April 4, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.