Skip links

المشي في الطبيعة – أهميته، فوائده وتأثيره على العقل والجسد

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي أهمية المشي في الطبيعة؟

يُعدُّ نشاط المشي في الطبيعة من أقدم الأنشطة التي كان يمارسها الإنسان، فهو ليس مجرد وسيلةٍ للتحرك، بل يُعدُّ أيضاً تجربةً حسيةً وروحية، فعندما يتحرك الإنسان على قدميه ملامساً لنسمات الهواء الطلق، وهو يخطو بين الأشجار والجبال، وبجانب الأنهار، ويجد نفسه محاطاً بالكثير من عناصر الطبيعية.

فهذا يلعب دوراً في تجديد وإنعاش طاقة الجسم، والتخفيف من هموم الحياة وضغوطاتها اليومية، وفي ظلّ التقدُّم التكنولوجي الذي نشهده أصبح الإنسان يبحث عن أي منفذٍ ليبتعد عن زحمة الحياة من حوله، فلا يجد أفضل من خيار اللجوء للطبيعة، وربط تواصله البصري، والجسدي، والعقلي معها.

وبالأخص أن نشاط المشي لا يتطلب جهداً كبيراً أو أجهزةً محددة، بل هو نشاط بسيط يمكن للجميع القيام به بسهولة، وتأثيراته تنعكس بشكلٍ مفيدٍ جداً على النفس لأن الطبيعة تحرّر العقل من التشتّت والضياع، فهي توفر أجواءً هادئةً وجميلةً جداً للتأمل، وتفريغ الطاقات السلبية. [1]

ما هي فوائد المشي في الطبيعة؟

1- التخفيف من حدة التوتر والقلق

توفر الطّبيعة أجواءً هادئةً ونقيّة، فلا وجود لمصادر الضجيج والفوضى، وينعكس ذلك بشكلٍ إيجابي على الفرد من حيث جوانب الصحة النفسية والعقلية لديه، لأن ذلك يساعده على القيام بأنشطة الاسترخاء أو التأمل، والمشي في راحةٍ تامة، حيث لا يوجد ما يعكر مزاجه أو يؤدي لتوتره.

2- التحسين من المزاج العام والرفاهية

يُفضّل الفرد وبشكلٍ دائم أو عندما يتعرّض لمواقف مزعجة أن يغادر ويبقى وحيداً لفترةٍ من الزمن، وبالأخص أن التعرّض للهواء والشمس يعزّز من إفراز هرمون السعادة السيروتونين، والذي بدوره يحسّن من الحالة المزاجية والنفسية، ويقضي على موجات الحزن والاكتئاب المفاجئة.

3- يعزّز من الإبداع الإيجابي والتفكير التطوري

فالطبيعة تحفّز عقل الإنسان على الإنتاج والتقدُّم المستمر كونها تعطي الإحساس بالإلهام، فالتأمل في الطبيعة يساعد في تهدئة الأفكار المضطربة والمُشتّتة، ويفتح المجال أمام حلولٍ وقراراتٍ جديدة.

4- زيادة الانتباه لدى الفرد والتركيز

الطبيعة تعيد الصفاء للعقل، وتحسّن من استيعابه للأحداث، وكل ما يجري من حوله لأنها تساهم في التخلص من التشتّت والقلق الناتج عن استخدام الأجهزة المحمولة والتكنولوجيا، وقد يكون التنزُّه في الطبيعة وسيلةً لإعادة شحن الذهن، مما يحسّن من الأداء العقلي. [2]

ما هي العلاقة بين الطبيعة والصحة الجسمية؟

إلى جانب الفوائد الروحية والنفسية لآثار المشي في الطبيعة، هنالك أيضاً تأثيراتٌ إيجابيةٌ ملموسة للجانب الجسدي، وسنذكر منها ما يلي: [3]

1- تحسين صحة الأوعية الدموية والقلب

المشي في الطبيعة ينشّط عضلات القلب، ويساهم في تحفيز الدورة الدموية الأمر الذي يؤدي للتخفيف من الإصابة بأمراض القلب، والغدد، والأوعية الدموية، لأن الجهد البدني الذي يبذله الفرد أثناء المشي يساعد على تنظيم مستويات الكوليسترول في الجسم، بالإضافة لخفض معدل ضغط الدم.

2- تقوية البنية الجسدية وزيادة اللياقة

ممارسة تمارين المشي في الجبال والتلال أو الغابات تساعد على تحسين المظهر والبنية العامة للجسم، مما يزيد من قوة العضلات والمفاصل.

3- التحسين من أداء الجهاز التنفُّسي

لأن الهواء النقي في الطبيعة يساعد على تعزيز مناعة الجهاز التنفُّسي، وخاصةً عند الابتعاد عن أجواء التلوث والغبار، فالهواء النقي ينظف الرئتين وينعشهم، ويحسّن من عملية التنفُّس، واستنشاق الأوكسجين بشكلٍ جيد.

4- حرق السعرات الحرارية والتخفيف من وزن الجسم

تُعتبر ممارسة الفرد لتمارين المشي والجري بانتظامٍ طريقةً فعّالة لحرق الدهون وفقدان الوزن، فعدد السعرات التي يقوم الجسم بحرقها تختلف تبعاً لعدد ساعات المشي ونوع التضاريس التي يمارس عليها هذه الرياضة.

5- تقوية الجهاز المناعي

فالتعرض للهواء الطلق وأشعة الشمس أيضاً يساهم في زيادة معدلات فيتامين D الأمر الذي يلعب دوراً مهماً في تقوية صحة العظام والجهاز المناعي.

6- ضمان حصول الفرد على ساعات نومٍ كافية

ممارسة التمارين الرياضية، كالمشي في الطبيعة يساعد على التحسين من جودة النوم لأنه عندما يمارس الفرد نشاطاً محدّداً يشعر بالتعب والإرهاق الأمر الذي يؤدي إلى النوم بشكلٍ أعمق وأكثر راحةً وسعادة، كما أن قضاء الوقت في الطبيعة ولساعاتٍ طويلة يقلّل من حدوث الأرق، ويحسّن من دورة النوم الطبيعية للإنسان.

كيف يتمُّ التواصل مع الذات من خلال المشي في الطبيعة؟

سلوك المشي في الطبيعة يحسّن من عملية التواصل مع الذات، وإدراك مشاعرها، وبالأخص أن ذلك يتمّ بشكلٍ بعيدٍ جداً عن الضغوطات اليومية، إضافةً إلى أنه يوفر للفرد فرصة التعمُّق في أفكاره، والتعرُّف عليها، وهذا يؤدي إلى إعادة التوازن الداخلي، والوصول لدرجاتٍ عميقةٍ من الفهم الذاتي، ومن الطرق التي يحفّز بها المشي هذا التواصل الداخلي: [4]

1- التحليل المنطقي للحياة وإعادة التفكير

يمنح المشي في الطبيعة فرصةً للإنسان لكي يتوقف عن التفكير الزائد في أعباء الحياة اليومية، ويعطي وقتاً للانغماس في التأمل في الحياة بشكلٍ واقعي أكثر، وفي تلك اللحظات الهادئة يصبح الفرد أكثر قدرةً على تقييم مشاعره، وخطواته المستقبلية، وأهدافه، وما فيها من اتخاذ قراراتٍ مهمةٍ بعيداً عن النتائج الخارجية.

2- التحرُّر من الضغوط النفسية

يخفّف المشي من مشاعر التوتر، والقلق، والوحدة التي تشتّت الذهن، فهذا الانسجام والتأقلم مع الطبيعة يساعد في الوصول لحالة من الصفاء الذهني، وبالتالي إدراك الفرد لقيمة نفسه، وإعادة اكتشافها بوضوحٍ أكثر.

3- التحقُّق من وجود أهداف ورغبات جديدة

عندما يكون الإنسان محاطاً بأجواء الطبيعة وهوائها العذب يجد نفسه قادراً على التأمل وبعمق في كل ما يجري في حياته من أحداث، مما يساعد على اكتشاف ميولٍ مخفيةٍ ورغباتٍ لم يستطع التعبير عنها سابقاً، فالطبيعة تُلهم الإنسان للبحث عن معنى آخر للحياة.

4- الربط والتواصل مع مشاعر السلام والرضا

الطبيعة بكل ما فيها من تفاصيل الهدوء، والبساطة، والجمال، فإنها بالتأكيد ستساعد على استدعاء مشاعر الرضا الداخلي والسلام، ولعل هذه الأمور الصغيرة التي يقوم بها الفرد من مشي وتأمل تجعله يشعر بالامتنان للأشياء الصغيرة الموجود في حياته، ويقوّي أيضاً الارتباط الذاتي.

5- تنظيم الأفكار والمشاعر

ويتمُّ ذلك من خلال عملية المشي، وما ينجم عنه من حالات تناغمٍ بين الحركة الجسدية والهدوء العقلي الأمر الذي يعزّز من الشعور بالانسجام، وخلق فرصةٍ للتخطيط والتفكير بهدوء، وسيصل الفرد إلى استنتاجاتٍ علمية قد تكون صعبةً في ظل ما يتعرّض له من ضغوطٍ يومية، لكنها ستفيده في تحليل شخصيته بهدوء.

المراجع البحثية

1- Nature: How connecting with nature benefits our mental health. (n.d.). Mental Health Foundation. Retrieved September 19, 2024

2- Noticing nature walk: activity for children 3-8 years. (2023, May 9). Raising Children Network. Retrieved September 19, 2024

3- How does nature impact our wellbeing?. (n.d.). Taking Charge of Your Wellbeing. Retrieved September 19, 2024

4- 7 ways to connect with nature. (n.d.). Kew. Retrieved September 19, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.